رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

حسين صدقي .. واعظ السينما المصرية

أطلق عليه سيد قطب “الداعية السينمائي الإسلامي

بقلم : سامي فريد

الفنان الملتزم حسين صدقي كما تسميه الناقدة ناهد صلاح في كتابها المطروح ضمن منشورات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 2014، والذي ترصد فيه أبعادا مختلفة من حياته وشخصيته فتقول إنه “شاء أو لم يشأ” فهو خطيب السينما المصرية الذي دعا إلى أهمية وجود السينما الإسلامية لتكون السينما في خدمة المجتمع ولو عن طريق التعبير المباشر والحث الصريح على الكفاح والتمسك بالدين والأخلاق، فكانت أفلامه كلها والتي بلغت 32 فيلما تقدم جواب على هذه النظرية التي لاقت رواجاً كبيرا من جانب الجماهير..

السينما سلاح تستطيع أن تستخدمه الدولة المصرية

وفي جريدة الأخبار مثلا وفي مقال كتبه فيها عقب قيام ثورة يوليو 1952 يبين فيه أهمية دور السينما في بناء المجتمع بعنوان “السينما أقوى سلاح للدولة بعد الجيش” قال فيه:

“إن السينما سلاح تستطيع أن تستخدمه الدولة المصرية الجديدة الحرة، أسوة بما اتبعته قبلها الأمم الكبرى التي سخرت هذا الفن في خدمة الدعوة الإيجايبة لشتى الأغراض السياسية والروحية والخلقية والوطنية”.

هذا الفنان المتدين الخجول من صنع النساء

ثم يمضي في مقاله فيقول مؤكدا على رأيه:

“إن السينما أداة للتربية والتعليم والتوجيه والإرشاد، وهو الدور الذي استغلت الشعوب الناصفة قوته ومضاءه في تثقيف الكبار ومحو الأمية الفكرية بينهم وجعلهم مواطنين صالحين”..

والعجيب أن هذا الداعية السينما الإسلامي وخطيب السينما كما أطلق عليه “سيد قطب” مرشد الإخوان في مجلة “الإخوان المسلمين”، والذي اعتبره أبا للسينما النظيفة التي يتطلع الإخوان المسلمون إلى وجودها القوي في المجتمع لتدعم دعوتهم وتعزز انتشارهم ليكون حسين صدقي هو خطيب هذه الجماعة فيعدل عن قرار اعتزاله الفن تلبيه لنصيحة سيد قطب بعد زيارته له في السجن، فيواصل تقديم أفلامه التي عالجت العديد من مشكلات المجتمع..

دعا إلى أهمية وجود السينما الإسلامية

من العجيب أن يكون هذا الفنان المتدين الخجول من صنع النساء بداية بوالدته التركية المتدينة المتزمنة والتي لا تعرف إلا عددا قليلا من الكلمات العربية فتدفع ابنها الذي توفى والده وله من العمر 5 سنوات إلى الصلاة في المساجد والالتزام بصلاة الجماعة ومتابعة دروس الخطباء وقصص الأنبياء..

ثم تكون المرأة الثانية في مشوار حسين صدقي هى فاطمة رشدي التي فتحت له طريق العمل المسرحي في فرقة زوجها الفنان عزيز عيد لتلتقطه بعد ذلك الفنانة أمينة محمد ليقوم بدور البطولة أمامها عام 1937 في فيلم “تيتا وونج” لما رأته في وجهه الهادئ الوسيم من قدرة على إنجاح الفيلم وجذب الجماهير..

أما المرأة الثالثة في حياة الفنان حسين صدقي فكانت زوجته التي أحبها واخلص لها السيدة “سميرة المغربي”، والتي أحثته على أن يبتعد أبناؤه (خمسة ذكور وثلاث فتيات) عن العمل بالفن والسينما فآمن برأيها فلم يشتغل أحد من أبنائه بالفن مطلقا..

أفيش فيلم “العزيمة”

ويقول الدكتور نادر الرفاعي مدرس النقد بأكاديمية الفنون أن أفلام حسين صدقي في مجملها تتسم بصفة الميلودراما الشعرية فكرة الصراع بين الخير والشر، وهي جميعا تنتهي بفكرة العدالة الشعرية، حيث لابد أن ينتصر الإنسان الطيب ليلقى الإنسان الشرير جزاءه العادل، وهى فكرة يتضح طابعها الأخلاقي الذي أخلص له حسين صدقي حتى في عرضه قضية مصر الوطنية التي اكتسب ذلك المنحى الأخلاقي الديني في فيلم “يسقط الاستعمار”..

وقد اتهمت بعض الأفلام حسين صدقي بانتمائه إلى جماعة الإخوان المسلمين الذين كانوا قد اتخذوا من الحلمية الجديدة حيث كان مولد حسين صدقي عام 1917 مقرا لهم ثم نصحية مرشد الإخوان سيد قطب له عندما زاره في السجن ليعلن له قراره بالتنحي، فيقول قطب إن الحركة الإسلامية تحتاج إلى فن إسلامي، وانه قد كتب عشرات المقالات والقى عشرات الخطب لكنك يا حسين تستطيع بفيلم واحد أن تجهز على ما فعلته أنا وتنهيه أو أن تبعث فيه الحياة وتقويه، لذلك أنصحك بان تستمر.. ولكن بأفلام هادفة..

أفيش فيلم “قلبي يهواك”

ثم يدخل حسين صدقي البرلمان مدفوعا برغبة جيرانه وأهل حيه ومحبيه لكنه لم يكرر التجربة بعد أن لم تستجيب الدول لما دعا إليه من تحريم الخمور فيقرر الاعتزال نهائيا بعد “25 سنة سينما”، وبعد علاقة مؤدبة جمعته ببعض من صادقهم من مشايخ الأزهر مثل الشيخ محمد شلتوت والشيخ عبدالحليم علي الذي لقنه الشهادتين قبل وفاته.. وتكون آخر وصاياه إلى أبنائه أن يحرقوا كل أفلامه إلا فيلما واحداً هو “خالد بن الوليد.. سيف الله المسلول”..

أما فيلمه “الشيخ حسن” فكان علاقة فارقة في تاريخ السينما المصرية، حيث يعرض الفيلم قصة الشيخ حسن الأزهري والذي أحب لويزا المسيحية ودعاها إلى الإسلام ثم يتزوجها، ولكنها تموت فجأة وتترك له ولداً ليتبناه جده المسيحي الذي يقرر إعادته إلى والده المسلم لتكون إشارة منه إلى التسامح الديني بين المسيحيين والمسلمين، لكن الرقابة على الأفلام تخشى أن يكون الفيلم بداية لصب الزيت على نيران الفتنة فتمنعه من العرض عام 1952 ليعود إلى العرض مرة أخرى بقرار مباشر من الرئيس عبدالناصر عام 1954..

 

……………………………………………………………………………………………………………………..

درس حسين صدقي التمثيل في الفترة المسائية بقاعة المحاضرات بمدرسة الإبراهيمية الثانوية، وكان من زملائه فيها جورج أبيض وعزيز عيد وزكي طليمات.

ومن أفلامه “العامل والأبرياء وليلى في الظلام والمصري أفندي وشاطئ الغرام والعزيمة وطريق الشوكة والحبيب المجهول والشيخ حسن” وكلها هادفة تدعو إلى الفضيلة وخدمة المجتمع، وكان يتمنى أن يغزو بها السينما العالمية بأحدث التقنيات الفنية كاستخدام الألوان والسينما سكوب من خلال شركيته للإنتاج.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.