رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

مجدى صادق يكتب: (نورة).. فيلم سعودى يعلن عن (الوجه السينمائى) الجديد للمملكة!

مجدي صادق

بقلم: مجدى صادق

ماسر اختيار اسم (نورة) ليتصدرعناوين الكثير من الأفلام العربية؟!، فهناك فيلم (نورة تحلم) التونسى، بطولة (هند صبرى)، إخراج التونسية (هند بوجمعة)، يتناول العنف المادى والمعنوى المنزلى الذى تتعرض له النساء فى شخصية (نورة).

والفيلم المصرى التسجيلى كارتون (نورة)، وكذلك الفيلم المغربى (نورة) من إنتاج قناة (تو إم) عام 2003 للمخرج (حكيم النورى)، بطولة (حنان الإبراهيمى، عزيز الحطاب، هشام الإبراهيم، وماريا صادق) حول معاناة شابة فى مقتبل العمر وقعت ضحية لاعتداء جنسى.

وأخيرا الفيلم السعودى (نورة) – 2023، وهو أول فيلم سعودى يتم اختياره ضمن مسابقة بمهرجان كان السينمائى فى دورته القادمة 77 فى 14 – 25 مايو المقبل، وكان قد فاز بجائزة أفضل فيلم سعودى من مهرجان البحر الاحمر السينمائى 2023؟

يبدو أن اسم (نورة) جاذب لصناع وكتاب السينما، حيث الرمزية فى اختيار الاسم الذى يعنى الضياء والتوهج والتفاؤل والتنوير، وهو اسم عربى يبعث الدفء والجمال والحلم، حتى أن الفيلم الكرتونى التسجيلى المصرى أطلق تحت اسم برنامج (نورة ابنة الجمهورية الجديدة، حتتحقق أحلامنا فى بكرة!).

وتتساءل – أيضا – لماذا اختار المخرج السعودى (توفيق الزايدي) منطقة (العلا) الأثرية لتصوير أحداث فيلمه (نورة) لتكون انطلاقة أول أفلامه الروائية، وهى أيضا البطولة الأولى فى أول أعمالها السينمائية (ماريا بحراوى)!، وأول قطرة فى الغيث السينمائى السعودى؟!

(العلا) تحمل الكثير من الرسائل لصناع الفيلم فهى موقع قصة (هلاك ثمود)، التى وردت بالقرآن الكريم، وهى التى مر بها الرسول عليه السلام وصلى بها، وهى التى أقام موسى بن نصير قلعته فى أعلى جبل وسط القلا.

ليس غريبا أن يخرج فيلم (نورة) من منطقة (العلا)

ليس غريبا أن يخرج من (العلا)

ولاننسى الساعة الشمسية واسمها (الطنطورة)، وهى جنوب البلدة القديمة، والتى تأخذ الشكل الهرمى وتستخدم لمعرفة الفصول الأربعة، وتحديدا فصل الشتاء.

وهناك (مهرجان شتاء طنطورة)، يقام حتى اليوم وهى المنطقة التى جذبت أنظار العالم كوجهة سياحية تاريخية، وقد أصبحت اليوم (عروس الجبال)، وجهة لصناع السينما فى العالم.

حيث شهدت تصوير الفيلم العالمى (قندهار)، إخراج (ريك رومان ووه)، وهو من أفلام (مانش ميكر)، حيث الإثارة والحركة، من بطولة (جيرارد باتلر) فى تحمل رمزية دينية وتاريخية.

ألا ليس غريبا أن يخرج من (العلا) هذين الفيلمين اللذين يحملان رسائل مهمة للعالم، حيث التنوير ونبذ العنف وقبول الآخر، فى حين أن مدينة مثل (نيوم) الحلم الواعد للمملكة تستقبل وحدها تصوير نحو 30 فيلما.

ومنها أفلام عالمية مثل الملحمة التاريخية (محارب الصحراء) لروبرت وايت، بطولة (أنتونى ماكى)، وفيلم (دونكي) أى (الحمار)، وهو فيلم كوميدى من إخراج (راجكومارهيرانى)، بطولة النجم العالمى الهندى (شاروخان)!، بكل تأكيد نجحت المملكة أن تنتزع مكانا مرموقا فى  تاريخ صناعة الفيلم العالمى الحديث.

فى قرية بتلك المنطقة التى تدخل سجلات اليونسكو ضمن المواقع الأثرية والتاريخية المهمة فى العالم، جاءت أحداث فيلم (نورة) ابان فترة التسعينات، وهى فترة خرجت فى كتاب الكترونى عنوانه (# تويت – كأنك – فى – التسعينات)، رصدا لتلك الفترة بشكل ساخر حيث دعوات التحريم والانغلاق والمنع!

فنادر المدرس السعودى الذى أداه السعودى (يعقوب الفرحان) الذى شارك فى فيلم (سيدة البحر) إخراج (شهد أمين) عام 2019، وهو فيلم سعودى عراقى إماراتى فاز بجائزة مهرجان فينيسيا بجائزة نادى فيرونا.

لاننسى (يعقوب الفرحان) ودوره فى مسلسل (رشاش)

لاننسى (يعقوب الفرحان)

وأيضا فيلم (المسافة صفر)، إخراج (عبد العزيز الشلاحي)، وحاز أيضا على السعفة الذهبية كافضل فيلم روائى سعودى، ولاننسى (يعقوب الفرحان) ودوره فى مسلسل (رشاش)، وكذلك الممثل النجم (عبد الله السدحان) ودوره فى مساسل (طاش ماطاش).

ويكشف الفيلم عن السرالذى يتخلى  فيه (نادر) عن حبه للفن لينتقل لتعليم أطفال قريته، حيث يلتقى بملهمته (نورة/ ماريا  بحراوى)، التى تعيش مع شقيقها الصغير (نايف) حياة مستقلة منعزلة بعد أن توفى والداها فى حادث سيرعندما كانت صغيرة.

وتبدأ علاقة اكتشاف فنى بين (نادر) و(نورة)، حيث شغف (نورة) بالفن القوة الناعمة  بهدف حياة رومانسية ناعمة أفضل بعيداعن القرية، لتصبح ملهمته وتوقظ فيه موهبته وعشقه لفن الرسم وحلمه فى حياة أفضل.

يقول (نادر): الكثير يخفوا مشاعرهم وراء (الخوف) ووراء (أنفسهم)، وأنت تخفى مشاعرك  وفنك وراء (النقاب)!

(نورة) عمل يمتلك عناصر سينمائية مبدعة تجذب الجمهور العالمى، فهو يسلك طريقا على الحدود الحرجة بين الانتباه للمواضيع الحساسة فى السعودية، مثلما قال (سكرين ديلى)!

يرصد الفيلم الذى نتمنى له حظا سعيدا فى (مهرجان كان) المتغيرات السياسية والحضارية والمجتمعية للمملكة فى ظل رؤية ولى العهد الأمير (محمد) إقليمية (بن سلمان 2030)، والتى نقلت المملكة لقوة إقليمية تنافس عالميا على كافة الأصعدة وإزالة الصورة النمطية للمملكة وجعلها (قبلة) العالم اليوم!

(نورة) تمثل هذه (النقلة)، حيث لغة الفن التشكيلى – أحد أهم المحرمات فى تلك الفترة – وهو من منطلق إيمان المخرج مثلما صرح: (الفن هو الوحيد  القادر على مخاطبة عقل الانسان من دون اى تدخل خارجي).

نعم فمن خلال الفن بأنواعه المختلفة يحدث (حالة التوحد مع هذا العمل، وقد اعتبر فن السينما هى (كبسولة الحياة)، أو هو الترياق الحقيقى لضغوط هذه الحياة!

وكانت معامل البحر الأحمر التابعة لـ (مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائى) عمل شراكة مع سوق الأفلام بـ (مهرجان كان) للمشاركة فى إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج (صناع كان)، لتمكين عدد من المواهب السعودية.

المخرج السعودى (توفيق الزايدي)

صناع الأفلام السعوديين

ومثلما قال الرئيس التنفيذى للمؤسسة (محمد التركي): (فخور بحضور ثلاثة من صناع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار فى هذا البرنامج، الذى يمثل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعى الأفلام وخبراء الصناعة من انحاء العالم).

هذا مهرجان تأسس عام 2019 وياليت أن تقوم وزارة الثقافة المصرية بإعادة ترتيب المهرجانات السينمائية المختلفة، ووضع استراتيجية جديدة لها، لا أن تكون (مجرد مولد وينفض)، حيث الاستدامة واحتواء المواهب الفنية.

وأن تكون (حضانة فنية) لصناعة الفيلم المصرى وإيصاله إلى المهرجانات العالمية وأن تكون أحد أدوات إحياء السينما المصرية) إلى تاريخها الكبيرة، وقد دخلت فى بعض الموت السريرى!

الغريب أن فيلم (نورة) الذى حصل عليه (تمويل ودعم) مهرجان البحر الأحمر السينمائى حصل عليه، أيضا فيلم مصري تسجيلى طويل (رفعت عينى للسماء)، وهو يشارك ايضا ضمن مسابقة (أسبوع النقاد) بمهرجان كان.

وهو من إخراج الزوجين (ندى رياض وأيمن الأمير)، وهو إنتاج مصرى سعودى قطرى فرنسى دانماركى، حيث لم يمثل أى فيلم مصرى فى المهرجان منذ فيلم (ريش) قبل 3 سنوات.

وإذا نظرت لقصتى الفيلم سواء الروائى السعودى أو التسجيلى المصرى، تجد أن العامل المشترك فى قصتهما ذات المعنى، وتلك الرسالة حيث يتمردن مجموعة من الفتيات فى صعيد مصر على التقاليد والمحرمات ضمن القرية التى يعيشون بها ليشكلن فريقا لتقديم عروض مسرحية فى الشارع، إذ يلجأن للفن كملاذ لحياة أفضل!

(توفيق الزايدى)، وهو كاتب ومخرج سينمائى (1982) من الأجيال الشابة الجديدة الواعدة فى صناعة الفيلم السعودي، وكان قد حصل على العديد من الجوائزعن لأفلامه القصيرة منها فيلم (الجريمة الكاملة – 2007) بأفضل جائزة مونتاح فى (مهرجان جدة السينمائى) عام 2007.

وفيلم الصمت (2009) أفضل فيلم خليجى ضمن (مهرجان مسقط السينمائى الدولي)، وقدعرض فى أكثر من 20 جولة فى العالم.

ويبقى فيلم (نورة) أول انطلاقه سينمائية كأول فيلم روائى طويل بداية لانطلاق السينما السعودية إلى العالمية من بوابة (كان)، عبر السجادة الحمراء فى مايو المقبل على الريفييرا الفرنسية!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.