(مهمة في تل أبيب).. فيلم يوضح تداخل العلاقات المخابراتية بين المصريين والفلسطنيين

كتب: أحمد السماحي

يعتبر فيلم (مهمة في تل أبيب) واحد من أهم الأفلام المصرية التى قدمت عام 1992، وواحد من الأفلام القليلة التى تناولت الصراع العربي الإسرائيلي.

 وحقق الفيلم نجاحا كبيرا في دور العرض المصرية وقت عرضه، وكانت الجماهير التى تبحث عن بطولة وطنية في هذا الوقت تقابل المشهد الأخير بالفيلم وقت إنقاذ المخابرات المصرية للبطلة (آمال الكيال) بالتصفيق الحاد والهتاف، والتفاعل الجماهيري.

قصة (مهمة في تل أبيب)

تدور أحداث فيلم (مهمة في تل أبيب) حول (آمال الكيال/ نادية الجندي) المرأة الناقمة على الدولة المصرية بعد أن فصلت ثورة يوليو والدها من عمله فمات محسورا، وفقدت زوجها ووالد طفلها في نكسة يونيو عام 1967.

كل هذا أدى بآمال الكيال أن تفقد شعورها بالأمان في مصر، فتهاجر إلى باريس، وهناك تتعرف على (بوتا/ سعيد عبدالغني) الذي يوهمها بالحب وينسيها بلدها وابنها وأهلها.

وبمرور الوقت تكتشف أن (بوتا) ماهو إلا ضابط إسرائيلي يجند العناصر الضعيفة التى يجدها في مقاهي وحانات باريس.

إقرأ أيضا : ملوك الشر في السينما المصرية .. نادية الجندي (5)

ومن هذه العناصر (آمال الكيال) التى تكتشف أنه قربها منه ليس حبا في جمالها وشبابها، ولكن ليستغلها في إقامة علاقات جنسية مع بعض الشخصيات الهامة للحصول منها على معلومات.

وعندما تضرب مدرسة (بحر البقر) الابتدائية ويلقي الشاعر صلاح جاهين قصيدته المشهورة عن أطفال (بحر البقر) تتذكر أمال طفلها الذي تركته في مصر، وتفيق من إنغماسها في الوحل.

وتذهب بملء إرادتها إلى السفارة المصرية لتبلغ عن نفسها، الأمر الذي يجعل ضابط المخابرات – كمال الشناوي – يتشكك في صدق توبة تلك الجاسوسة، فيدبر لها مؤامرة يختبر فيها صمودها وثباتها.

وتنجح في هذه المؤامرة وترفض التصريح بأي معلومات عن علاقتها بالمخابرات المصرية، مما يجعل الضابط المصري الكبير يثق في أمال ويكلفها بمهمة صعبة.

ويسير فيلم (مهمة في تل أبيب)  بعد ذلك في إطار من التشويق المعتاد بين جهازي المخابرات المصرية والإسرائيلية، وفي النهاية تنجح المخابرات المصرية في إنقاذ (آمال الكيال) من بين يدي المخابرات الإسرائيلية وعودتها إلى الوطن.

كواليس (مهمة في تل أبيب)

أوضح مؤلف الفيلم الكاتب (بشير الديك) في أحد حوارته أن فيلمه (مهمة فى تل أبيب) لم يكن قصة حقيقية، مؤكدا أنه لم يكن يعلم شيئا عن الفيلم إلا أن بطلته نادية الجندى. ويقول: المنتج محمد مختار طلب منى أن أكتب فيلم عن الجاسوسية، والموضوع بسيط لأن هذه النوعية من الأفلام بها ثوابت كثيرة مشتركة فى الظروف والوقائع والأحاسيس والمشاعر.

 فإذا نظرت إلى أى فيلم مخابراتى ستجد فيه عوامل مشتركة هى الإسرائيليون والمصريون والعداء والكره المتبادل، وكذلك لعبة الذكاء.

وأضاف الديك : أن المخابرات لا تعطى كل التفاصيل، لأن هذه أسرار دولة، وبالتالى فإن التفاصيل جميعها تكون من خيال الكاتب.

إقرأ أيضا : شهد الملكة .. فيلم  حول الرجال إلى شخصيات كاريكاتيرية بارزة

حتى إذا أخرجت المخابرات جميع التفاصيل الخاصة بالعملية التى يقوم عليها الفيلم لا يجب أن يأخذها الكاتب كما هى لأنه إذا فعل سيكون وكأنه يكتب فيلما تسجيليا.

وأكد أن فيلمه (مهمة في تل أبيب) نجح في تحقيق كل الأهداف المطلوبة منه، سواء كانت هذه الأهداف لها علاقه بالوطن (الانتماء)، أو بالحبكة الدرامية (لعبة الذكاء) لأنها الأساس فى شغل المخابرات.

مصر وفلسطين

يقول الناقد أحمد شوقي عبدالفتاح في كتابه (بشير الديك جدل الواقع والخيال): أن فيلم (مهمة في تل أبيب) استخدم شخصية فلسطينية هى (أبوالضياء) التى لعبها بشير الديك نفسه.

 والمفترض أنها تشغل منصبا كبيرا في منظمة التحرير الفلسطينية في التعبير عن تداخل العلاقات المخابراتية بين المصريين والفلسطنيين.

وهى علاقة مازالت صفحاتها مجهولة في كثير من المراحل، بل تكاد تكون المعلومات المتناقلة عنها شحيحة، فعدا التعاون السياسي الرسمي لا تفصح المنظمة ولا الطرف المصري عن تلك العلاقة.

لكن بشير الديك يقدم صورة من صور التعاون بين الاثنين، عندما يقوم (أبوالضياء) بخداع الإسرائيليين بأن الطائرة التى تحمل مسئولين في الموساد، والمتوجهة لدولة في غرب إفريقيا ستكون هدفا لجماعة فلسطينية تستخدم صواريخ روسية لضربها.

وتكشف (آمال) تلك الخطة المزيفة للموساد، وبعد أن يجدوا الصواريخ تزداد ثقتهم في (آمال) التى تقوم بإختراق هيئة الأركان، والحصول على المعلومات المطلوبة.

وتسلمها للمخابرات المصرية، بعد مناورات مع جيش الدفاع الإسرائيلي الذي كشف أمرها عن طريق (بوتا) الذي فقد جزءا من سلطته عندما أصرت (آمال) أن تسلم المعلومات بنفسها للقيادات الإسرائيلية.

نادية الجندي : سيخلد اسمي

في منشور لها على صفحتها على (الإنستجرام) قالت النجمة نادية الجندي: فيلم (مهمة فى تل أبيب) تم تنفيذه تحت إشراف المخابرات المصرية، وهو من أحب الأفلام لقلبى.

وبصمة فى تاريخ السينما المصرية، عمل أفتخر به طول حياتى وأخلد به اسمى بعد وفاتى.

الأفلام التى عرضت عام 1992

عرض عام 1992 طبقا لموسوعة أفلام السينما المصرية للناقد والباحث السينمائي (محمود قاسم) مجموعة كبيرة من الأفلام المتنوعة وصلت إلى 70 فيلم.

 وهى (فارس المدينة، ناجي العلي، فتحية والمرسيدس، كفر الطماعين، اللقاء الدامي، جريمة في الأعماق، وكر الذئب، المشاغبون في البحرية، الراقصة والجانوتي، نصيب الأسد..

 وستوب، الشقي، مذبحة الشرفاء، ذكريات وندم، الطريق لمستشفى المجانين، آه وآه من شربات، الحب في طابا، الخطوة الدامية، سمارة المير، الشجعان، الشرس، شياطين الشرطة، العملة النادرة..

إقرأ أيضا : نادية الجندي: أنا مصمم أزيائي الأول والأخير

وفخ الجواسيس، كله بيلعب على كله، ليالي الصبر، الهجامة، غرام وانتقام بالساطور، ابن الجبل، المشاغبون في نويبع، الراقصة والشيطان، المتهمة، هارب من التجنيد، الفلاحين أهم..

والإرهاب والكباب،  2 ضد القانون،  أزواج في ورطة، آي آي، البلدوزر، خلي بالك من زوزو، دسوقي أفندي في المصيف، ضد الحكومة، مهمة في تل أبيب، زوجتي والذئب، إمرأة أيلة للسقوط.

و أيس كريم في جليم، الحب والرعب، السجينة 67، همس الجواري، بنات في ورطة، نفوسة، القاتلة، صراع الزوجات، الستات، لعنة الإنتقام، الفضيحة، الحجر الداير، وتمت أقواله..

وشفاة غليطة، عيون الصقر، إستقالة جابر، رجل من نار، حارة الجوهري، جحيم إمرأة، الحب المر، دماء على الأسفلت، دموع صاحبة الجلالة، دنيا عبدالجبار، ديك البرابر، الفاس في الراس.

الأحداث السينمائية عام 1992

كان عام 1992 من الأعوام الساخنة في تاريخ السينما المصرية من حيث كم الأفلام المتنوعة، والأحداث الساخنة وهي طبقا لكتاب (وقائع السينما المصرية في مائة عام) للناقد علي أبوشادي..

** تم عرض 70 فيلما بزيادة 11 فيلما عن عام 1991، وقدم وحيد مخيمر، ونعمات رشدي، ومجدي محرم، وفاروق الرشيدي، وكريم ضياء الدين، ومحمود حنفي، وسمير حافظ، وصلاح سري أفلامهم الأولى كمخرجين.

** قدم محمد النجار فيلم (الهجامة) من تأليف أسامة أنور عكاشة، و يتناول انتفاضة عام 1977، وقدم شريف عرفه مع وحيد حامد فيلم (الإرهاب والكباب) الذي يتناول ظاهرة الإرهاب والعنف في التسعينات.

** أقام صندوق التنمية الثقافية المهرجان الثاني للأفلام الروائية، وقد تسببت الحملة الصحفية التى قامت بها صحيفة (أخبار اليوم) ضد فيلم (ناجي العلي) إخراج عاطف الطيب، واتهامه بأنه يتناول شخصية أساءت إلى مصر في استبعاد الفيلم من المسابقة.

وقد تصدت مجموعة من النقاد لهذه الحملة، واستقال بعضهم من اللجنة العليا للمهرجان بعد استبعاد الفيلم من التسابق، وهم سمير فريد، كمال رمزي، علي أبوشادي، واشترك في المسابقة 22 فيلما تم تصفيتها إلى خمسة عشر فيلما.

فاز فيلم (الكيت كات) في المهرجان بالجائزة الذهبية، وجائزة أحسن ممثل، وأحسن سيناريو، وأحسن ديكور، وفاز (الراعي والنساء) إخراج علي بدرخان بالجائزة الفضية، وجائزة أحسن إخراج، وأحسن تصوير، وأحسن ممثلة، وأحسن موسيقى.

افتتح المهرجان بفيلم (عايدة) إخراج أحمد بدرخان الذي أنتج عام 1942، وفيلم (نمرة 6) الروائي القصير إخراج صلاح أبوسيف الذي قدم عام 1942 أيضا، بعد أن تم ترميمهما على نفقة صندوق التنمية الثقافية.

أصدر المهرجان ثلاثة كتب عن المكرمين وهي (أمينة رزق) لكمال رمزي، و(فريد شوقي) لأحمد يوسف، و(وحيد فريد) للدكتور إبراهيم عادل.

** عقد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي السادس عشر في الفترة من 30 نوفمبر حتى 13 ديسمبر، وكان المخرج المريكي إليا كازان ضيف شرف المهرجان.

 ورأس لجنة التحكيم الناقد البريطاني ديفيد روبنسون، واشتركت مصر في المسابقة الرسمية بفيلمي (ليه يا بنفسج) لرضوان الكاشف، و(الحب في الثلاجة) لسعيد حامد.

** انعقد المهرجان القومي الخامس عشر للأفلام التسجيلية والقصيرة في الإسماعيلية، ورأس لجنة التحكيم الدكتور عبدالعظيم رمضان، وألغيت جائزة أحسن فيلم في المهرجان.

** انعقد مهرجان الإسماعيلية الدولي الثاني ورأس لجنة التحكيم (آنا دي سكالون) من بريطانيا، وفازت مصر ببرونزية الأفلام الروائية القصيرة عن (بيت عالي) إخراج أحمد عواض، وصدر عن المهرجان كتاب عبدالقادر التلمساني لعدلي الدهيبي.

** حصل فيلم (المواطن مصري) لصلاح أبوسيف على جائزة أحسن فيلم من المركز الكاثوليكي.

بطاقة فيلم (مهمة في تل أبيب)

إنتاج: محمد مختار

تأليف: بشير الديك

مونتاج: صلاح عبدالرازق

مدير التصوير: سمير فرج

موسيقى تصويرية: جمال سلامه

مهندس الصوت: سيد حامد

مدير الإنتاج: عادل أبوالفتوح

ماكياج: محمد عشوب

مؤثرات حية واكسسوار: فريد عبدالحي

بطولة: ( نادية الجندي، كمال الشناوي، محمد مختار، سعيد عبدالغني، يوسف فوزي، حسن حسين، خليل مرسي، كنعان وصفي، صلاح زكي، حمدي يوسف، كمال الزيني، طارق عرابي، عاطف بركات، كوثر رمزي، عادل عمار) وغيرهم.