رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد شمروخ يكتب: 300 جنيه لـ (الصحفيين).. بدل ما نشحت!

بقلم: محمد شمروخ

كم كانت فرحتى عارمة بما جاء في خطاب السيد الرئيس السيسي بخصوص زيادة ما يعرف ببدل التكنولوجيا لـ (الصحفيين) 300 جنيه، ليس فقط الزيادة قلت أو كثرت، إنما سر الفرحة هو أن الرئيس السيسي قد علم بما يعانيه الصحفيون.

إذن فقد استمع السيد الرئيس لما يعانيه (الصحفيين) بعد أن تهاوت دخولهم إلى الحضيض، حتى في كبريات الصحف القومية، حيث كانت بعض المؤسسات الصحفية مثل الأهرام والأخبار يوما ما، تنافس البنوك والهيئات الكبرى في مرتبات العاملين بها.

ولكن حالنا الآن يجسده بيت للشاعر الضليل إمرؤ القيس:

قفا نبْكِ من ذِكرى حبيبٍ وَمَنْزِل

بسِقطِ اللوى بينَ الدَّخول فحَوْمَلِ

ففي خلال السنوات الماضية انهارت (دخول) تلك المؤسسات، بينما كانت نقابة (الصحفيين) تواجه بدورها أزمة مالية خانقة، لأنها نقابة فقيرة الموارد ليس هناك من يدعمها سوى الحكومة التى اعتادت أن تدعمها ببدلات تضاف إلى مرتبات أعضائها من الصحفيين في المؤسسات الصحفية القومية والحزبية والخاصة، حزمة بدلات بدأت بتسميتها بدل مراجع وملابس وأخيرا اصطلح على أن يكون اسمها (بدل التكنولوجيا).

ولابد أن السيد الرئيس وصل إليه ما يفيد بأن كثيرا من (الصحفيين)، خاصة في الصحف والمواقع التى أغلقت أبوابها أو عجزت عن تدبير شؤونها، لا مورد لهم إلا بدل التكنولوجيا، بعد رحلة سنين بدأت بعشرين جنيه ليصير الآن تمامه ٤ آلاف بعد الزيادة الأخيرة.

هذا جانب مهم..

لكن الجانب الأهم في إشارة السيد الرئيس إلى زيادة بدل التكنولوجيا، هو أنه إيماءة الى أنه قد تعود تلك العلاقة الودية التى كانت تجمع ما بين (الصحفيين) وأجهزة الدولة.

(الصحفيين) في حالة جدل دائم مع أجهزة الدولة

(الصحفيين) وأجهزة الدولة

فكون أن السيد الرئيس قد اهتم بشأنهم، فلابد أن تنتبه تلك الأجهزة إلى أن الصحافة مازالت محط اهتمام السيد الرئيس وسيكون لذلك مفعول السحر، بعد ما يقرب من عشر سنوات من التوتر وتبادل الريبة والتنمر ما بين أجهزة الدولة التى صارت تعامل (الصحفيين) على أنهم عنصر إثارة بالفعل أو داعية تخريب بالاحتمال.

حتى أنها احجمت عن التعاون مع الصحف إلا النذر اليسير، فلم تعد الصحف هى قنوات الاتصال بين الجهاز الإدارى للدولة وبين الجماهير التى صارت بدورها في أبعد نقطة عن الصحافة.

سواء الصحافة الورقية التى لا تكاد تراها وصارت أحاديث ذكريات، فقط تذكرهم بها أفلام الأبيض والأسود عندما تشير لوقوع حدث ما بين طيات الفيلم!.

أما المواقع الإلكترونية الصحفية، فصارت كغثاء السيل ولولا روابطها على فيس بوك وتويتر لما صادفها إنسي أو شعر بها جنى! ..هذا السبب الخفى، لكنه الحقيقي في تجنب أجهزة الدولة لـ (الصحفيين).

إقرأ أيضا : محمد شعير: نقيب الصحفيين وشمروخ ومقال (البسلة).. من أفسد الطبخة؟!

ولم تعد أبواب الجهات الحكومية مفتوحة لـ (الصحفيين) كما كان قديما، خصوصاً من تلك النوعية التى يهتم الجمهور بالأخبار الصادرة عنها وترتبط بها حياتهم واستقرارهم وعلى هدى من الأخبار الصادرة عنها، يعيدون تخطيط مستقبل حياتهم.

الجمهور نفسه اكتفى بممارسة استحلاب الأخبار من منتديات الثرثرة ومنابع الإشاعات على مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت!

اما أحلام الشهرة والنجومية والمجد التى كان يرتجيها البعض، وكانت تتحقق من خلال الصحف، هوذا قد ظهرت بدائلها المتاحة بمنتهى السهولة، فلم تعد الصحافة صانعة النجوم بعدما سحبت مواقع التواصل، من فيس بوك وانستجرام وأشباههما، البساط من تحت أرجل محرريها.

لم تعد الصحافة تجذب نجوم الفن كما كان في الماضي

النجوم يهربون من (الصحفيين)

لذلك لم يعد نجوم السينما والدراما التلفزيونية والمسرح وغيرهم من الآملين في المجد، يهتمون بتتبع الصحف، بل ويهربون من اتصالات (الصحفيين).

تطبيقا لقاعدة (القوالب نامت والانصاص قامت) فلا تتعجب من ممثل نص مجهول أو منتج نص بلطجى أو مخرج نص لبة أو ممثلة نص هلفوتة أو مطرب نص هايف، يتعمدون إهانة الصحفيين، بل والصحافة نفسها، تلك التى لم يعد بلاطها يناسب العصر بعد ظهور أجيال جديدة من الأرضيات.

فقد صار البلاط الموزايكو والقيشانى دقة قديمة، بعد أن دخلنا عصر البورسيلين والفينيل والأرضية ثلاثية الأبعاد!

نعم من حق القارئ أن يهجر الصحف ورقا وإليكترونا، بعد أن صار الخبر مكررا بالصيغة نفسها في كل المواقع حتى في الأخطاء النحوية والأسلوبية وأصبح نسخ الخبر من موقع لآخر بلا اكتراث بالضمير المهنى، أمرا معتادا بل وشكل واقعا هزليا فأنت تقرأ تصريحا على موقع (كذا) بأن فلان الفلاني قال لموقع (مذا) كيت وكيت.. دون أن يلتفت موقع (كذا) إلى فضيحة نقله اسم موقع (مذا) بين سطور الخبر!.

كذلك لم يعد هناك ما يشبع نهم القارئ فيما وراء الخبر، فلا مقالات ولا تقارير ولا تحليلات ولا تحقيقات جادة، ولا كشف لتقصير أو إشارة لفساد هنا أو هناك!

إقرأ أيضا : علي الحجار يتألق في مئوية (سيد درويش) بنقابة الصحافيين

بصراحة منذ أن ابتليت الصحافة بما يدعى بالمتحدث الإعلامي الرسمي لكل من هب ودب لم تعد هنآك قيمة حقيقية للصحفي ولا للخبر!.

و(سأقول كلمة واللى فيها تجيبه وأجرى على الله): (إن هذا المتحدث الذي صار في كل مكان كبر أم صغر، هو سر الانفصام الذي أصاب العلاقات ما بين الدولة والصحافة).

هذا مختصر حال الصحافة ولذلك كان لابد أن ندرك أن كلام الرئيس السيسي يتعدى مجرد 300 جنيه زيادة في البدل، فأعتقد (وربك يحقق المنى) أن يكون السيد الرئيس قد أحاط علما بحال الصحفي، وأنه كما يسمع عن إعلاميين كانوا صحفيين من ملاك أو شركاء رئيسيين في فنادق وقرى سياحية وكمباوندات وبلاوى متلتلة.

كذلك يعلم بأن هناك (الصحفيين) من الأغلبية الصامتة يقفون في طوابير أمام البنوك للحصول على قروض لتسديد أقساط تعليم أولادهم في المدارس أو للعلاج من أمراض العصر والمغرب والعشاء، كذلك منهم من يعمل على عربيات (أوبر وكريم) لسداد الدروس الخصوصية.

وكمان بعد أسبوع من النهارده سيدخل أولادهم المدارس وكل همهم تدبير ما يملأ (اللانش بوكس) سندوتشات جبنة بيضا بس، وبلاها بيض وبلاها عصير وبلاها مية معدنية.

ولعل العودة المنتظرة تأتى بعد الثلاثمائة جنيه لننشد معا مع الشاعر اليمنى عبد الرحيم البرعي:

(فهل ترجعُ الدارُ بعد البُعد آنسةً

وهل تعود لنا أيَّامُنا الأُوَلُ).

ربما كانت الثلاثمائة لـ (الصحفيين) بداية لغيرها

الثلاثمائة لـ (الصحفيين)

فربما كانت الثلاثمائة لـ (الصحفيين) بداية لغيرها، خاصة بعد أن سبق أن أكلت الحكومة علينا 500 جنيه من الألف جنيه التى أمر الرئيس بإضافتها منذ فترة قريبة لمرتبات العاملين بالدولة، وكانت حجة الحكومة علينا أننا غير مخاطبين بالقانون رقم عشرومية لسنة 300!.

نهايته:

المهم أن الريس جاب سيرتنا وأن حراس الطبقة العازلة بين الرئيس والصحافة ليس لهم هذا التأثير الذي يبثونه في منتدياتهم الضيقة.

ألف حمد وشكر لك يا رب، 300 جنيه لـ (الصحفيين) فضل ونعمة وأحسن من قلتهم.

إقرأ أيضا : أمير رمسيس .. لاتلقي بالا للسفهاء من أشباه الصحفيين !

ولكننى أبيت إلا وأختم مقالى هذا بنكتة انتشرت إبان حرب تحرير الكويت بين مجند أمريكي وآخر مصرى، حيث راح الأمريكي يحسب أمام المصري البدلات المالية الزائدة عن مرتبه من الجيش الأمريكي والتى يتقاضاها بالطبع بالدولار:

500 دولار بدل سفر+ 500 دولار بدل مناطق حارة + 500 دولار بدل مخاطر+ 500 دولار بدل ترفيه.

وراح يعدد له البدلات ثم وجه له سؤالا مباغتا: وأنت كم تاخذ من بدلات في بلدك؟!

فأجابه المصرى وهو يمط شفتيه ويمد يده ساخراً:

(سبعة جنيه ونص بدل ما أشحت😂).

(معلش ياباشوات أنا عارف ان الحالة اتغيرت منذ سنة 1990.. بس القافية تحكم😍).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.