رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

د.عمرو دوارة يكتب : (المهرجان القومي للمسرح المصري) ودورته الـ 15

أهم إيجابيات الدورة الحالية ندوات المحاور الفكرية والنشرات اليومية

تفوق الهواة علي المحترفين وحصدوا أغلب جوائز المهرجان

اقتراح بتخصيص الدورة القادمة (السادسة عشر) للنقد المسرحي والنقاد

بقلم الناقد المسرحي الكبير الدكتور : عمرو دوارة

التنطيم بقيادة وزيرة الثقافة والفنان القدير يوسف إسماعيل يحسب له النجاح

تعد الدورة الخامسة عشر للمهرجان (القومي للمسرح المصري) هى الجزء الثالث من سلسلة دوراته التي خصصت للاحتفال بذكرى مرور قرن ونصف من الزمان على تأسيس المسرح المصري الحديث، والتي بدأت بالدورة الثالثة عشر بعنوان (دورة الأباء – عام 2020)، وبعدها الدورة الرابعة عشر بعنوان (دورة المؤلف المسرحي – عام 2021)، ثم أخيرا هذا العام بالدورة الخامسة عشر، والتي نظمت بعنوان (دورة المخرج المسرحي – عام 2022)، وجدير بالذكر أنني كنت المبادر الأول في سبتمبر 2019 بالمطالبة بضرورة تخصيص عام 2020 كعام للمسرح المصري، وهى المبادرة التي لاقت قبولا وتأييدا من جميع المسرحيين بمصر والوطن العربي الذي شاركوا بالحملة الصحفية التي انطلقت من خلال مقالاتي بكل من (مجلة الكواكب، وجريدة مسرحنا)، لتصبح الاحتفالات بعد ذلك رسمية بتبني وزارة الثقافة لها.

وبداية لا بد أن أقرر بأن مشاركاتي المتعددة بفعاليات هذه الدورة وأغلب الدورات السابقة لا تمنعني من إبداء رأيي كناقد وتسجيل الإيجابيات والسلبيات الخاصة بها من وجهة نظري، بكل صراحة وبمنتهى الشفافية والموضوعية التي عرفت واشتهرت بها، بل على العكس فإن تعدد مشاركاتي (بين عضوية لجنة الندوات والمحاور الفكرية وتقديم أول ندوة بعنوان (مسيرة وتطور دور المخرج بالمسرح المصري)، وكذلك المشاركة كمخرج مع جيلي الثمانينات بالمائدة المستديرة، بالإضافة إلى مشاركتي بكتابة الكتاب الخاص بالفنانة المكرمة القديرة (أمينة رزق) بعنوان (الراهبة بمحراب المسرح)، قد أتاحت لي فرصة رؤية كثير من التفاصيل بكل جلاء ووضوح.

الجوائز كانت في محلها إلا قليلا

أولا :- تشكيل اللجان: مما لاشك فيه أن أعضاء (اللجنة العليا للمهرجان) هم المنوط بهم تشكيل باقي اللجان المتخصصة بالمهرجان، ثم المشاركة بصورة إيجابية ببعض فعالياته أو على الأقل بالمتابعة فقط !!، وبالتالي لابد من الحرص الشديد والتأني عند تشيكلها، ومن المفترض أنها تضم نخبة من كبار النقاد والمسرحيين المتخصصين من المتابعين للعروض ومختلف الأنشطة والفعاليات المسرحية طوال العام، وقد تشكلت اللجنة هذه الدورة – بخلاف رئيس المهرجان وبعض المسئولين المشاركين بها بحكم مناصبهم – من ستة أعضاء هم الأساتذة: الفنانين (أشرف عبدالغفور، محمد رياض وهايدي عبد الخالق)، والناقدين (عبلة الرويني، جرجس شكري، والمخرج حمدي حسين)، والحقيقة أن عضو اللجنة الوحيد الذي ظهرت اسهاماته بوضوح على أرض الواقع هو الناقد (جرجس شكري) الذي تولى مهام مقرر لجنة الندوات وتحمل مسؤولية إعدادها ومتابعة التجهيزات الخاصة بها مع إدارة بعضها أيضا، كما كان له اسهامات إيجابية أيضا في لجنة المطبوعات، في حين اختفى عدد كبير من أعضاء اللجنة بعض مشاركاتهم بالمؤتمر الصحفي.

ومما يستحق الدهشة والعجب أن اللجنة قررت إهداء هذا المهرجان إلى اسم المخرج القدير والرائد المسرحي (عزيز عيد)، وهو بلا شك علامة بارزة وقامة سامية في مجال الإخراج المسرحي، وكنت أتوقع أن يصدر عنه كتاب ضمن إصدارات المهرجان، خاصة وأن الأجيال الحالية لا تعرف عنه شيئا ويكفي لتأكيد ذلك ذكر أن تاريخ رحيله عن عالمنا كان في عام 1942 أي منذ ثمانين عاما، ولكن للأسف لم يتم إصدار كتاب عنه أو حتى تخصيص ندوة خاصة عن مسيرته الفنية الحافلة بالإبداعات!.

النشرات اليومية أبرز الإيجابيات

ثانيا:- المكرمون والكتب التذكارية: تشكلت لجنة المطبوعات برئاسة الكاتب عماد مطاوع، وعضوية الفنان أنس الديب (المخرج الفني والمصمم لأغلفة الإصدارات)، وهى اللجنة التي يحسب لها تحملها مسؤولية إصدار عشرة كتب للمكرمين بالإضافة إلى كتيب المهرجان في فترة وجيزة جدا، وإن كان يؤخذ عليها عدم الحرص في الحصول على رقم إيداع خاص بكل كتاب من دار الكتب والوثائق القومية، وبالتالي فإن هذه الكتب وبهذه الصورة لا تعد فقط إهدارا للمال العام بل وللعقول والجهود التي بذلت في كتابتها، خاصة مع هذا العدد الضئيل الذي يطبع من كل كتاب (طبقا للميزانيات المحددة!!)، وبلا شك أن تكليف بعض شباب الكتاب والصحفيين بمهمة كتابة بعض الكتب التذكارية يعد هدفا نبيلا لاكتشاف جيل جديد وخلق صف ثان من الكتاب والمؤرخين والموثقين، ولكن كان يجب أن يتم ذلك تحت إشراف ومراجعة بعض الأساتذة وكبار النقاد حتى تكتمل صورة وإنجازات كل فنان تم تكريمه.

وربما يكون التباين الواضح في مستويات الكتب مع ضعف وتدني مستوى بعض الكتب هو السبب الأساسي في وقوع الظلم على جميع الكتاب بحذف العناوين الفرعية لكل كتاب، وأيضا كتابة مصطلح إعداد لجميع المشاركين في كتابة تلك الإصدارات حتى ولو تضمنت رؤى نقدية وتحليلية لمسيرة الفنان المكرم !، والحقيقة أن قائمة المكرمين هذا العام وتضمنها لفنانين راحلين هما: الرائدة القديرة أمينة رزق وشيخ المخرجين بالمسرح المعاصر عبد الرحيم الزرقاني لفتة وفاء زكية يجب توجيه التحية عليها، وكذلك تكريم ثلاثة من الفنانين المعاصرين وهما الممثلين  صبري عبد المنعم، وعايدة فهمي، ومهندس الديكور فادي فوكيه، حيث يعتبر ذلك تمثيلا لمختلف مفردات العرض المسرحي، بجوار تكريم أكبر عدد من المخرجين وفي مقدمتهم النجم محمد صبحي.

الفنان القدير محمود الحديني قيمة وقامة كبيرة

وإذا كنت لا أختلف مع مجموعة الأسماء التي تم تكريمها بهذه الدورة فجميعهم جديرون بالتكريم وإن كانت الموضوعية تقتضي أن أسجل بأن هناك بعض الأسماء التي تم تجاهلها كانت الأجدر بالتكريم، ولكنها في النهاية ثقافة وخبرات وقناعات من يقوم بالاختيار !!، ولذا كنت أفضل وطبقا للعرف السائد عدم تكريم الفنان أحمد إسماعيل – شقيق رئيس المهرجان – خلال هذه الدورة وتأجيل تكريمه للمهرجان التجريبي أو للدورة القادمة، وذلك أسوة بما حدث مع الفنانة د.إيمان عبد الدايم شقيقة معالي وزيرة الثقافة حينما انسحبت من الترشيح لجائزة الدولة للتفوق في الفنون منعا للحرج، كما أطالب في الدورات القادمة عدم تكريم من سبق له الحصول على جائزة الدولة التقديرية أو التكريم بأكبر مهرجان دولي تنظمه مصر وهو (مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي)، والذي كرم به العام الماضي أحد المكرمين بهذه الدورة!.

ثالثا:- النشرة اليومية: تعد النشرات اليومية – التي صدر منها خمسة عشر عددا برئاسة تحرير الكاتب المسرحي إبراهيم الحسيني – من أهم إيجابيات هذه الدورة، بل وتعد أيضا من أفضل النشرات التي صدرت خلال الدورات السابقة شكلا ومضمونا، ويكفي أن أسجل أنها – على مستوي الشكل – تصدر يوميا في 24 (أربعة وعشرين صفحة) من القطع الكبير وغلاف ألوان (وجه وظهر)، أما على مستوى المضمون فبخلاف تغطيتها الشاملة وبكل دقة لجميع الفعاليات المختلفة للمهرجان من إصدارات وندوات ولقاءات فكرية وورش مسرحية، وعروض مسرحية، تضمنت أيضا مقالات توثيقية عن مخرجي المسرح بمختلف أجيالهم وتوجهاتهم الفكرية والفنية.

وإذا كانت التحية واجبة للهيئة العامة للكتاب برئاسة د.هيثم الحاج علي سرعة طباعاتها يوميا على هذا الورق الفاخر، فإن الشكر موصول أيضا بلا شك إلى جميع أسرة التحرير والتجهيزات الفنية، وأخص بالذكر كل من الفنان/ وليد يوسف المخرج والمدير الفني الذي أثرى الأعداد بخبراته المتميزة، وأسرة التحرير: أحمد زيدان (نائب رئيس التحرير)، داليا همام، حسام عبد العظيم (مديرا التحرير)، سلوى عثمان (سكرتير التحرير)، ووائل سعيد (مسئول تغطية الملتقى الفكري)، أحمد الشريف (المسئول عن الشهادات)، وأخيرا أرى في هذا الصدد ضرورة توجيه الشكر والتقدير أيضا للصديقين/ جمال عبد الناصر (رئيس لجنة الإعلام) ومحمد فاضل (مدير الموقع الإلكتروني والسوشيال ميديا) وباقي أعضاء اللجنة على حرصهم على نشر جميع أعداد النشرة أولا بأول بمجرد طباعتها على الموقع الألكتروني.

الجوائز كانت في محلها إلا قليلا

رابعا:- الندوات والموائد المستديرة: تشكلت لجنة الندوات من الناقد/ جرجس شكري مقررا (للعام الثالث على التوالي) وعضوية كل من النقاد والفنانين: عبلة الرويني، عبير علي، ود.عمرو دوارة، والحقيقة كنت أتمنى أن يصل أعضاء اللجنة إلى سبعة أفراد على الأقل – أسوة ببعض السنوات الماضية – حينما ضمت اللجنة أسماء بعض كبار المتخصصين ومن بينهم على سبيل المثال (فقط وليس الحصر) الأساتذة: أبو العلا السلاموني، د.أسامة أبو طالب، د.نجوى عانوس، د.مصطفى سليم، د.حاتم حافظ،  وأرى أن من أهم إيجابيات هذه الدورة أيضا إصدار ذلك الكتاب الخاص بالمحاور الفكرية والندوات في نهاية المهرجان (حفل الختام)، والذي تضمن بالإضافة إلى محاور الندوات عن مسيرة وتطور مفاهيم الإخراج بالمسرح المصري، مجموعة شهادات لعدد كبير من المخرجين الذين يمثلون أكثر من جيل بدءا من جيل ثمانينات القرن الماضي حتى الجيل الحالي بالألفية الجديدة، حيث قام كل مخرج بكتابة شهادته عن مسيرته الإخراجية مع الإشارة لأهم عروضه وأهم المحطات في مسيرته الإبداعية، وقد تم تجميعها بعد عرضها أولا من خلال المائدة المستيرة على مدى يومين وأربعة جلسات بقاعة الاجتماعات الرئيسة بالمجلس الأعلى للثقافة.

خامسا:- العروض والمسابقة الرسمي: يصعب بعد الإعلان الرسمي عن نتائج المهرجان أن أعلن عن وجهة نظري في تقييم مستوى العروض المشاركة، وإن كانت الملاحظة الأساسية التي يجب رصدها وتوثيقها هى تميز مستوى عروض الهواة بصفة عامة وتميزها برغم ضآلة ميزانياتها مقارنة بعروض المحترفين، فقد حصدت عروض فرق الهواة بالأقاليم والجامعات وبعض الفرق الحرة والمستقلة بأكثر من نصف جوائز المهرجان، ويكفي أن أسجل أن عرضا واحدا فقط من العروض الخمسة لفرق مسارح الدولة وهو عرض (زمن الكوليرا) قد فاز بأكثر من جائزة بينما لم يحصد المسرح القومي بعرض (الحفيد) على سبيل المثال بأي جائزة أو حتى الترشيح لإحدى الجوائز!! وكذلك عرضي: ليلة القتلة (مسرح الطليعة)، كاليجولا (مسرح الشباب)، وأرى في هذا الصدد ضرورة تسجيل توصية مهمة جدا وهي ضرورة إعادة صياغة لائحة المهرجان، وعدم فرض كوته لمسارح الدولة (نصيب محدد)، مع الإصرار على تمثيل كل أشكال وفرق المسرح المصري دون تمييز لعروض المحترفين عن الهواة، وكذلك التشديد على عدم السماح بشغل أحد قيادات مسرح الدولة لمنصب رئيس أو مدير للمهرجان حتى لا يكون خصما وحكما في نفس الوقت.

عرض الحفيد كان يستحق جائزة على الأقل

وبصفة عام فإن تشكيل لجنة التحكيم هذا العام تعد من الإيجابيات بهذه الدورة ويكفي أن يكون رئيسها الفنان الكبير محمود الحديني، وتضم بعضويتها الناقد النزيه عبد الرازق حسين مع نخبة من الفنانين المتميزين بمختلف مفردات العرض المسرحي.

وأخيرا أوصي باستمرارية الاحتفال بذكرى مرور قرن ونصف من الزمان على تأسيس المسرح المصري المعاصر خلال الدورة القادمة (السادسة عشر عام 2023 بإذن الله)، على أن يتم تخصيصها للنقد المسرحي والنقاد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.