رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

أبوزيد الهلالى جمع بين (فاتن حمامه وعزالدين ذوالفقار1/2)

شبابها المبكر وشهرتها والفلوس لم تكن كافية للسعادة

* كان أول لقاء جمع بين (فاتن حمامه) و (عزالدين ذوالفقار) عام 1947 في (بيت الفن).

* كانت (فاتن) فى أوقات فراغها من العمل تترك لخيالها العنان فتحس وكأنها تحب فعلا فيحمر وجهها خجلا من مجرد الإحساس، وفجأة أحبت (فاتن)!

* كانت بدأت تحس أنها سجينة، وأنها تعامل من والديها وكأنها بنت المدرسة الصغيرة التى يخشى عليها من أخطار الطريق، ومن معاكسات الأولاد فى الشوارع، فكانت تضيق ذرعا بمواصلة والداها فرض الوصاية عليها

المخرج السينمائي الشهير عزالدين ذوالفقار

كتب : أحمد السماحي

كانت آخر حب دق له قلب ساحر الكامير وشاعرها (عزالدين ذوالفقار)، وكان (عز) أول رجل شغل قلب عروس السينما الجديدة (فاتن حمامه)، عرفته وهى فتاة مراهقة لم يكن عمرها يزيد عن السادسة عشر، وكان هو نجم الإخراج السينمائي الذي ترك عمله الميري كضابط وفضل بلاتوهات السينما، وأخرج فيلمي (أسير الظلام) و(الكل يغني)، وعاش ليال جميلة مع كثير من فاتنات مصر في الأربعينات، فهو كان عاشقا للحب، ويعشق حياة الليل وينصهر فيها، وساعده على هذا وسامته الشديدة واسم عائلته الكبيرة، فضلا عن شبابه المليء بالرجولة.

 قال عنه الكاتب الصحفي والشاعر (جليل البنداري) لم تشهد السينما فنانا مرهف الحس كـ (عز الدين ذوالفقار)، فقد كان ينساق وراء عواطفه وهو يخرج لقطات أفلامه، ولم يكن يعترف بالعقل ولا بالمنطق ولا بأي شيئ سوى عاطفته هو شخصيا.

النجمة السينمائية التى تمردت على التقاليد وتزوجت بمن تحب

وقالت عنه النجمة (مديحة يسري): كان (عز) طاغي الرومانسية حتى أنه كان يعشق بطلات أفلامه، فيبقى مع بطلة فيلمه الجديد أغلب الوقت، ويبقيها معه فى الاستديو لتشاهد مشاهد الفيلم كلها أثناء التصوير، فالفيلم هو جزء من حياة (عز) وبطلة الفيلم بالتالي هى بطلة في حياة (عز)، وحب (عز) لبطلات أفلامه كان حبا فنيا، فيحب أن يراها دائما فى أحسن صورة، في ملابسها، وفى مشاعرها وفى أدائها، ولكن كل ذلك ينتهي بمجرد انتهاء الفيلم، ليبدأ فيلم جديد وبطلة جديدة وحب جديد!.

مع عزالدين ذوالفقار في فيلم خلود الذي تزوجا فيه

بيت الفن

كان أول لقاء جمع بين النجمة السينمائية الشابة (فاتن حمامه) والمخرج (عزالدين ذوالفقار) عام 1947 في (بيت الفن) الذي كان منتدي وصالونا أنشأة الريجسير الشهير (قاسم وجدي)، وكان يتردد عليه العاملون والعاملات في الفن وبعض الأدباء والصحفيين والمثقفين‏، يومها كانت (فاتن) كعادتها بصحبة والداها، وكانت المناسبة حفل تنكري يشهده (بيت الفن)، وفى الحفل ارتدت (فاتن) ملابس الشخصية المصرية، ولفتت أنظار (عز الدين) بقوة، حيث كانت ترتدي ملابس فلاحة مصرية ترتدي علم مصر الأخضر الشهير أيام الملكية، وجذبته ضحكتها الصافية البريئة، واقترب منها المخرج الشاب وعرفها بنفسه، وطلب منها  ومن والداها لقاءا ثانيا ليعرض عليهما سيناريو فيلم جديد سيقوم بإخراجه بعنوان (أبوزيد الهلالي)، يتحدث عن أسطورة البطل الشعبي الشهير (أبوزيد الهلالي)، ووافق الأب (أحمد حمامه) على اللقاء.

أبوزيد الهلالي

فى اليوم التالي قرأت (فاتن) الدور ونال إعجابها، وبدأت الكاميرا فى الدوران وبدأت معها أسخن قصة حب شاهدتها بلاتوهات السينما في نهاية الأربعينات، حيث استطاع (عز الدين) طوال أيام تصوير الفيلم أن يترك إنطباعا طيبا عند الفنانة الشابة، حيث كان يهتم براحتها والاستماع إلى أدق ملحوظاتها فى السيناريو والحوار، ولا يتناول وجبة الغذاء إلا إذا شاركته بطلة فيلمه، ولا يغادر الاستديو إلا وهو مطمئن على مغادرتها، ووصولها لبيتها سالمة آمنة.

ومرت أيام التصوير بسرعة، وعرض الفيلم وحقق نجاحا كبيرا، وبدأت بطولات الأفلام تنهال على النجمة الشابة فقامت ببطولة أفلام (كانت ملاكا، العقاب، حياة حائرة، المليونيرة الصغيرة)، ووسط انشغالها في هذه الأفلام، ومراقبة بورصة نجاحها، نسيت (عزالدين ذوالفقار)، لكنها تذكرته فجأة عندما أرسل لها فيلم جديد بعنوان (خلود)، تذكرت لمساته الحانية عليها، وملاحظاته الرقيقة، وبدأت تنظر إلى حياتها نظرة جديدة.

كانت تحلم بإرتداء ثوب الفرح لكنها لم ترتديه ولا مرة في حياتها العادية

أسئلة الحب

فى هذا الوقت كانت (فاتن) تحس بأن شيئا ينقصها، وكانت تسأل نفسها أهو المال؟ إن المال ملقى تحت قدميها من عشرات المنتجين، إذن العمل؟ أن العمل يتدفق عليها من كل جانب، أهى الشهرة؟ إن فتاة فى مثل سنها لم تدخل عامها الثامن عشر بعد ما كانت تحلم بالشهرة التى تحيط بها، فهى أشهر ممثلة سينمائية في طول البلاد وعرضها على الرغم من صغر سنها.

إذن ما الذي ينقصها؟ أنه القلب والعاطفة والنار التى تندلع بين الضلوع، ذلك أن (فاتن حمامه) كانت تمثل أدوار الحب، وتندمج فى هذه الأدوار اندمجا يثير الجماهير، وكانت هى تحس بكل مشاعرها وخلجاتها بالكلمات التى تنطق بها، والغزل الرقيق الذي يحيط بها من البطل وأشخاص الفيلم، كانت تحس بكل هذا كفنانة ولكنها لم تكن قد جربت بعد أي فصل من فصول الحب والهوى بعيدا عن الشاشة.

وكانت تسأل نفسها متى أحب؟ مثلما أحب في الأفلام؟ وتعود لتضحك من سذاجة السؤال وتقول لنفسها: أنا لا أزال صعيرة على الحب، فالحب فستان يجب أن أختار له الموديل، واللون ونوع القماش، وهكذا كانت تتحدث إلى نفسها عندما تكون لوحدها، وبهذا الإحساس كانت تؤدي أدوار الحب في أفلامها.

فاتن ترتاح فى حضن زوجها عزالدين ذوالفقار

الوقوع فى الحب

كانت (فاتن) فى أوقات فراغها من العمل تترك لخيالها العنان فتحس وكأنها تحب فعلا فيحمر وجهها خجلا من مجرد الإحساس، وفجأة أحبت (فاتن)!، أحبت بلا مقدمات، أحبت بلا هدف، أحبت لأنها أرادت لقلبها أن يحس ويشعر بما يدور حوله، وكان هذا الحب هو المغامرة الأولى لها، أحبت كما تحب فتيات الأفلام، أحبت كما صور المؤلف والمخرج فى كل فيلم من أفلامها، طريقة الحب، ومفهوم الحب، ولوعة الحب، وكما يقال فى روايات السينما عن الحب العنيف الذي يشعل العواطف   ويلهب القلوب ويحيل الدنيا أمام المحبين إلى جذوة من وقود جهنم إذا ما تجهم القدر لأحد الطرفين فى تمثيلية الحب، ويحيل الدنيا إلى جنة وارفه الظلال تجري من تحتها الأنهار، إذا ما ابتسم القدر لأحد الطرفين فى قصة الحب.

سجن أبوي

فى هذه الفترة كانت بدأت تحس أنها سجينة، وأنها تعامل من والديها وكأنها بنت المدرسة الصغيرة التى يخشى عليها من أخطار الطريق، ومن معاكسات الأولاد فى الشوارع، فكانت تضيق ذرعا بمواصلة والداها فرض الوصاية عليها، فالخروج ممنوع إلا معه، والذهاب إلى الاستديو غير مباح إلا معه، ومشاهدة فيلم فى السينما لا يتم إلا إذا كان هو برفقتها، كانت تحس بأنها في سجن أبوي ليس لها حق الاعتراض أو الشكوي منه، ومن هنا أحست بالسجن، وأحست بأن الحب وحده هو الذي سيحطم سجنها، لأنه الطريق إلى الزواج والزواج معناه بالنسبة إليها الحرية.

مشهد نادر من فيلم أبوزيد الهلالي يجمع بين فاتن حمامه وفاخر فاخر

عز فارس الغرام

رأت (فاتن) في (عز الدين ذوالفقار) بطلها الذي سيحيل حياتها إلى نار تارة، ويدخلها الجنة تارة أخرى، رأت فى (عز) بطل خيالها وواقعها معا، الشباب والجمال والثقافة والقلب الكبير، ورأت فيه أيضا الفتى الخيالي الذي وشوش فى أذنيها الصغيرتين أنه آن الوان لبطلة أفلام الحب والغرام أن تعيش قصة حب حقيقية، وأن تستمتع بأحاسيس المحبين ومشاعرهم.

ذات مساء فى الاستراحة بين مشهد وآخر من فيلمهما (خلود) قال لها: فاتن أنا!، وفتحت أذنيها ووضعت فيهما كل حواسها وقالت له همسا: أنت أيا يا أستاذ عز؟!

وكانت تنتظر الكلمة فقد قرأتها في عينيه، وأحست بها في يده وهى تلمس يدها، قال لها: أنا بحبك أيوه أنا بحبك وعاوز اتجوزك!

فاتن حمامه فى أول أفلام المخرج يوسف شاهين بابا أمين عام 1950

……………………………………………………………………..

فى الحلقة القادمة

كمال الشناوي وجليل البنداري يساعدان في هرب العاشقين وزواجهما..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.