رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

شارع شيكاغو… لعبة القط والفار

* عباس النوري قدم كعادته أداءا رائعا لكن المكياج أساء إليه!

* سولاف فواخرجي أداء جيد أفسده الغناء، وشكران مرتجى صدعتنا بكلمة (يا خبيبي) التى رددتها طول الوقت

* أمل عرفه قدمت دورا جريئا يحسب لها لكن إنتابتها لحظات (أوفر)!

* مهيار خضور ملامحه لا تتيح له لعب أدوار الرومانسية، ولكنها تصلح للبلطجة!

* جوان خضر أداء رائعا غلب عليه فى بعض اللحظات الإنفعال مع لحظات قليلة للتوهج.

* جمال قبش كان رائعا في أداء مضبوط لم يفلت منه مشهد.

أفيش مسلسل شارع شيكاغو

كتب : أحمد السماحي

من المسلسلات السورية التى عرضت مؤخرا وأثارت جدلا كبيرا في الشارع السوري والعربي مسلسل (شارع شيكاغو) تأليف وإخراج المتميز الجرئ (محمد عبدالعزيز)، إنتاج شركة (قبنض)، بطولة كوكبة من نجوم سوريا الكبار يأتي فى مقدمتهم (عباس النوري، سولاف فواخرجي، أمل عرفه، مهيار خضور، جوان خضر، نادين خوري، شكران مرتجى) وكان ضيف شرف المسلسل فى إطلالة متميزة النجم الكبير (دريد لحام).

لحظة دافئة يتخيلها مراد مع حبيبة القلب ميرامار

القبلات والشتائم

بعيدا عن الجدل الذي أثير بسبب القبلات والشتائم التى جاءت ضمن الأحداث، لأن القبلات كانت رقيقة جدا وحالمة مجرد اثنان يلامسان شفاه بعضهما، ولم تتعدى الثلاث قبلات، والشتائم نسمعها يوميا في الشارع المصري والعربي، حيث أصبحت لغة يومية لا يمكن الهروب منها، ولم تكن شتائم كثيرة ولا دائمة فى الحلقات، لكنها ذكرت مرتين أو ثلاثة فى المسلسل وكانت مبررة حيث جاءت على لسان أناس لغتهم الأصلية هى السب والقذف!، لكن ما يهمني التركيز عليه هو كم الأخطاء الكثيرة في المسلسل!.

لقد تحول المسلسل من وجهة نظري الشخصية، إلى حلقات (توم وجيري) أولعبة (القط والفار) بين (مراد عكاش، والضابط برهان)! وذلك دون أي بعد تاريخي دقيق، بمعنى أن المسلسل كان من الممكن ببعض التركيز من المؤلف أن يتحول إلى سيمفونية حب تعزف على واحدة من أخصب الفترات التاريخية بين مصر وسوريا، وهى سنوات الوحدة الثلاث، وببعض الثقافة والمذاكرة والرجوع إلى أرشيف هذه الفترة، كان من الممكن أن تكون حلقات إجتماعية ذات بعد تاريخي هام، وتظهر للمشاهد العربي رأي السوريين العاديين البسطاء فى الوحدة، وتعميق هذا الخط السياسي الذي كان واهنا جدا وضعيفا للغاية!، مع المحافظة على الخط الاجتماعي والتشويقي في المسلسل، لكن المؤلف جعل المسلسل أحادي الفكر، لا يسيطر عليه غير معركة الصحفي (مراد عكاش) مع غريمه الضابط السادي (برهان)!، وصراخ (شكران مرتجى) مرحبه بضيوف شارع شيكاغو قائلة: (أهلا يا خبيبي) وصراعها مع جارتها العالمة القديمة (أم رياض) التى تنافسها في جذب زبائن الشارع! .

مراد شابا لم يضبط متورطا بالكتابة

شارع شيكاغو

دارت أحداث المسلسل الذي عرض مؤخرا على قناة (OSN) المشفرة، وتطبيق (أنا وياك)، متنقلا بين فترتي الستينيات من القرن الماضي والوقت الراهن وتحديدا عام 2009، حول الفتاة الحالمة الرومانسية الكفيفة (عفاف) وعائلتها المكونة من أب متشدد رجعي، وأخت صغيرة مراهقة لا حول لها ولا قوة، وأخ ضابط سادي، يعشق تعذيب من حوله منذ طفولته، وتقع (عفاف) بالمصادفة في حب الصحفي (مراد عكاش) الذي يعمل صحفي فى مجلة (المضحك المبكي)، ويطلق عليها لقب (ميرامار) وتهرب (عفاف / ميرامار) من أهلها وتعيش معه، تقتل (ميرامار) في ظروف غامضة!، وتدور باقي الأحداث حول مطاردة الضابط (برهان) شقيق (عفاف / ميرامار) لمراد عكاش!.

هذه هى الحدوتة أو الخط الرئيسي فى المسلسل وحوله خطوط ضعيفة مثل علاقة (سماهر / ميرمار) بالضابط الكهل (برهان / سميح فرحات أو الحوت)، وعلاقة (عبدالجبار) رأس الأفعى بالإخوان المسلمين، وبحثه عن الكنز المدفون في (شارع شيكاغو)، وعلاقة الحب الناعمة بين الضابط (يوسف وميس)، وعلاقة الحب والجنس المريض بين (برهان وكهرمان) وحواديت راقصات وعوالم شارع شيكاغو، ورغم أن المسلسل بدء من نقطة ساخنة وهي ذهاب (نعمان بك) للإبلاغ عن جريمة قتل المطربة (ميرامار) واعترافه للمقدم (يوسف) بقتلها عام 1961، وقبل ذهابه للإبلاغ عن نفسه، يخبر (ميس إبنة شقيقه) أن هناك كنز تحت خمارة في شارع شيكاغو، ويصل ظرف بمعلومات عن (ميرامار) بالتزامن مع مقتل (نعمان) على يد مجهول ويحقق يوسف فى مقتل (نعمان) ويحاول إعادة فتح ملف مقتل (ميرامار) لكن رئيسه لا يسمح له بذلك، ويطلب منه التقاعد، وكذلك زميله (مازن)، لكنه لم يستطع المحافظة على سخونة الأحداث طوال الحلقات وبعد عدة حلقات انقلب المسلسل إلى لعبة القط والفار.!

ستيلا الجميلة التى أزعجتنا بكلمة أهلا خبيبي

أخطاء شيكاغو

بعيدا عن الجدل الذي أثير بسبب القبلات والشتائم، وقع المسلسل فى عدة أخطاء، الخطأ الأول: وضع بوسترات فى (شارع شيكاغو) ليست بوسترات المرحلة، فمن المعروف أننا نتحدث عن فترة الوحدة التى انتهت عام 1961، لكننا فوجئنا ببوسترات مثل (حكاية العمر كله) الذي أنتج عام 1965، وكذلك بوستر فيلم (عثمان الجبار) لفريد شوقي الذي أنتج عام 1968، كما ظهرت صورة للنجم (رشدي أباظة) وهو فى منتصف الستينات، وغيرها!.

الخطأ الثاني: عدم ممارسة (مراد عكاش) الذي كان أقرب إلى البلطجي أو القبضايا من الصحفي لمهنة الصحافة، فطوال الحلقات لم يضبط متورطا بالكتابة إلا فى مشهدين مدة المشهد ثوانى لا تتعدى الخمسة، ولم نشاهده مرة فى مكان عمله مجلة (المضحك المبكي)، ولكننا كنا نشاهده فقط مع فتيات شارع شيكاغو ويعمل تدليلك لاستيلا صاحبة الملهى الليلي يا خبيبي!.

مراد وسماهر فى لحظة خارج التصوير

الخطأ الثالث: هو (ضرب مراد عكاش) وهو كهل تجاوز الخامسة والسبعين من عمره لثلاث من الشباب البلطجية أو القبضايات الذين أرسلهم (برهان) لقتل عكاش، وكان من الممكن أن يهرب منهم بدهائه القديم، لكن أن يضربهم ضربا مبرحا ويسقطهم أرضا فهذا هو المستحيل بعينه.

الخطأ الرابع: هو ضرب (مراد عكاش) أيضا للبلطجي القديم (الطاووس) فى نهاية الحلقات وكأن مراد مازال شابا ولم تمر عليه السنين.

الخطأ الخامس: ظهور (تشي جيفارا) هذا الزعيم الكوبي الشهير فى حلقتتين، منهما حلقة وهو يأكل فلافل، وهو ما يمثل مراهقة فنية من المخرج، ولم يضف أي شيئ للأحداث غير السخرية من وجوده.

برهان يعطي أوامره وأداء متميزا من جوان خضر

الخطأ السادس: وهو سؤال أريد طرحه على مؤلف العمل ومخرجه (محمد عبدالعزيز) هل من المعقول يا (حمادة) أن تترك رئاسة الجمهورية فى بداية الستينات كل مطربين سوريا الكبار فى هذا الوقت مثل (زكية حمدان، مها الجابري، كروان، رفيق شكري، نجيب السراج، محمد خيري، جورج فهد، صباح فخري ) وغيرهم وتلجأ إلى مطربة كفيفة في شارع حقير أشبه بالحانات الليلية وتدعوها إلى الغناء فى حفل سيحضره المشير (عبدالحكيم عامر وعبدالحميد السراج)، رغم أنه من المعروف أن أي جهة حكومية عادية وليس فقط الرئاسة يهمها فى المطرب الذي يحيي أي حفل لديها أن يكون مشهورا ولديه العديد من الأغنيات المعروفة! ومعروف حسبه ونسبه، وفكره، وانتمائاته الطائفية والسياسية.

كان من الممكن أن يقول (المؤلف المخرج) أن الحفل يحييه المطرب الكبير (فلان الفلاني) ومعه المطربة الجديدة (ميرامار)، ظنى أن هذا كان أقرب إلى الواقع، وينقذه من (واحد فضولي زي حالاتي)!.

وبعيدا عن الأخطأ يهمني أن نشيد بمجموعة من النجوم الذين لمعوا بقوة فى هذا العمل المثير للجدل:

مخرج شارع شياغو محمد عبدالعزيز

محمد عبدالعزيز

استخدم المخرج (محمد عبدالعزيز) تقنيات عالية فى الإخراج، واستطاع بمهاراته الشديدة أن يحافظ على إيقاع الحلقات، وسخونتها، وتفوق كمخرج على نفسه كمؤلف، واستطاع أن يخرج من نجوم مسلسله لحظات توهج شديدة، لكن هذه اللحظات كانت قصيرة جدا، وعليه بعد ذلك عندما يتصدى لكتابة عمل أن يبذل مجهودا أكبر فى الكتابة والبحث والتنقيب، خاصة أنه مخرج شاطر ينتظره مستقبل، وفى هذا العمل كان أفضل تكنيكيا من مسلسلي (ترجمان الأشواق، وصانع الأحلام).

مراد عكاش

لعب (عباس النوري / مراد عكاش) دوره ببساطة وفهم شديدين، واستطاع أن يقدم لحظات ابداعية خاصة جدا فى رعشة يديه وشفايفه، وحزن عينيه، وتخلى كثيرا عن تنهداته الكثيرة التى كانت تلازمه فى معظم أعماله السابقة حتى أنه أصبح (جسر التنهدات).

يأخذ عليه أنه لم يستغل صوته في مرحلة الكبر بطريقة صحيحة، فأحيانا تجد صوته لرجل عجوز، وأحيانا آخرى تجد صوته فى مرحلته العمرية الحالية، وكذلك حركته أحيانا يسير محني وببطء، وأوقات أخرى يسير بحركة طبيعية!.

مراد شابا

كان يجب أن يجلس (مهيار خضور) مع (عباس النوري) كثيرا حتى يتم توحيد حركة جسديهما، لأن حركة الجسد لا تتغير بمرور الزمن، لكنها ممكن تقل أو تضعف لكنها لا تختفي، لكن ما شاهدناه أن حركة (مراد) شابا تختلف تماما عن حركة (مراد كهلا)، أجاد (مهيار) فى تقديم المشاهد التى تعتمد على الحركة والأكشن، لكنه أخفق في مشاهد الحب والعاطفة، ولم تتغير ملامح وجهه وظلت ثابتة في كل المشاهد.

مراد عكاش وورائه حب عمره ميرامار

عفاف / ميرامار

قدمت (سولاف فواخراجي) أدائا ناعما جميلا، وقدمت مشاهد مليئة بالتميز، خاصة مشاهدها مع شقيقها (برهان) التى تعتبر ماستر سين وخاصة مشهد المواجهة بينهما فى الحلقة العشرين، لكن حركاتها المبالغ فيها أثناء الغناء، وقيامها بالغناء أخذ كثيرا من الشخصية، لأن صوتها عاديا جدا، وكان يجب أن يستعين المخرج والمؤلف بصوت حلو يغني أغنياتها، لأنه من المفروض أن (ميرامار) كما جاء فى الحلقات تمتلك صوتا عذبا رائعا، ولكن ما استمعنا إليه غنائيا أقل من العادي!

سماهر والصبي الخاص بها ولحظة دلع

سماهر / ميرامار

لمعت (أمل عرفه) بقوة في شخصية (سماهر/ ميرامار) التى تزوجت وهى صبية صغيرة من رجل يكبرها فى العمر، فدفعتها هذه الزيجة نحو السقوط فى مستنقع الوحل، الشخصية مليئة بالتناقضات والقلق والقوة والحب والخوف، والعاطفة، واستطاعت (أمل) المسكونة بالموهبة التعبير عن كل هذه المشاعر بشكل جيد، وإن كان أدائها جنح أحيانا إلى (الأوفر) فى بعض المشاهد!.

برهان شابا

(جوان خضر) هو اكتشاف هذا المسلسل، حيث قدم دور الضابط السادي (برهان) الذي يحب العنف ورائحة الدم بشكل جميل ومتميز للغاية، وإن كان أدائه غلب عليه الانفعال في بعض المشاهد التى كان يصرخ فيها وغير المبررة، لكن الشاب للأمانة اجتهد واشتغل على نفسه كثيرا وقدم دورا مليئا بالتفاصيل الصعبة، وقام بأدائها بيسر وجمال.

برهان كهلا

استطاع (جمال قبش) أن يجعلنا نكرهه طوال الحلقات، وجاء أدائه وحركات جسده ونبرات صوته، وملابسه صحيحة تماما، وكان رائعا وجميلا طوال الحلقات، ويستحق الأشادة على هذا الدور المتميز للغاية والذي قام بأدائه بحرفية عالية ومعلمه.

يوسف

قدم (وائل رمضان) أداءا عاديا ليس فيه لحظات توهج ولا تميز، حيث ظلمه السيناريو، فقدم دور الضابط الذي يبحث عن الحقيقة، ويعاني بين مرضه وواجبه المهني ووظيفته ببرود فجاء أدائه باهتا لا يحمل أي مفاجأة.

جورجيت النسمة الرقيقة في المسلسل

ستيلا وأم رياض

كانتا عنصر البهجة وسط أحداث المسلسل الذي يغلب عليه الحركة والأكشن والتشويق، وأدت النجمة (شكران مرتجى) دورها بحرفية عالية، وإن كانت أصابتنا بالملل من تكرار كلمة (خبيبي) طوال أحداث الحلقات، وجاء أداء الفنانة (هدى شعراوي) جميلا وبسيطا ويدخل القلب وتفوقت تماما فى شخصية أم رياض.

نجوم آخرين

قدم كلا من (فايز قزق، ونادين خوري، ونظلي الرواس، وتيسير إدريس، وسيم الرحبي، وعلا سعيد، ورضوان عقيلي، فاتح سليمان) أدائا جيدا وجميلا، وتفوق كلا من (محمد حسن) الذي قدم شخصية (إبن أم رياض) واجتهد جدا فى أداء دوره الذي يغلب عليه الأداء النسائي بحكم أنه تربية إمرأة، وكذلك لمعت (ريام كفارنه) فى أداء دور (سارة)، ونجح جدا (حسام سلامه) فى أداء دور (نعمان شابا).

هدى تذكر مراد بشقيقتها ميرامار

شركة قبنض

فى النهاية لابد أن نتوجه بالشكر لـ (محمد قبنض) على إنتاجه لهذا المسلسل الجميل، وإن كنا انتقدنا بعض أحداثه ونجومه فهذا لا يمنع جمال وسخاء الإنتاج، الذي نطلب منه سخاءا أكثرا فى الأعمال القادمة!

نعمان بك كما ظهر في الحلقة الأولى من شارع شيكاغو

دريد لحام

ختامه مسك مع الكبير الرائع (دريد لحام)، فرغم ظهوره البسيط والقليل جدا فى عدد مشاهد تعد على أصابع اليد الواحدة، إلا أن وجوده هذا أعطى ثقلا للعمل وجذب قطاع كبير من الجمهور ومحبي هذا العملاق السوري ربنا يعطيه الصحة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.