رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

“في بيتنا رجل” يحتفي برمضان على طريقته الخاصة

إبراهيم مع صديقه محيي زاهر

* الفيلم صورطبيعة الحياة الاجتماعية لأسرة مصرية متوسطة الحال تمارس طقوسها في شهر رمضان.

* فاز الفيلم بجائزة أحسن فيلم في المركز الكاثوليكي عام 1961

* نافس بقوة أفلام ” واإسلاماه، والخرساء، ولا تطفئ الشمس” وغيرها.

* إسم  ” زبيدة ثروت” سبق عمر الشريف ورشدي أباظة وحسين رياض.

اجتماع سري بين إبراهيم ورفاقه

كتب : أحمد السماحي

يعتبر فيلم ” في بيتنا رجل” من الأفلام المهمة جدا في تاريخ السينما المصرية، وأحد أهم كلاسيكاتها الخالدة، وقد عرض عام 1961، وفاز بجائزة المركز الكاثوليكي، وحصل أيضا على جائزة أحسن فيلم من مهرجان نيودلهي بالهند، الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية حيث خبأ الكاتب الكبير “إحسان عبدالقدوس” مؤلف الرواية، “حسين توفيق” المتهم الأول في قضية قتل “أمين عثمان” وزير مالية مصر الأسبق في العهد الملكى.

وهي القضية نفسها التي كان الرئيس الأسبق “محمد أنور السادات” متهما فيها، ورواية “في بيتنا رجل” جمعت بين النضال الوطني والحب، بين الدين والسياسة، رواية عن النضال الذي تفنى من أجله الأرواح، قصة عن الكفاح ضد كل ما هو مهين للنفس الإنسانية، قصة عن البشر ومعاناتهم فيها تصوير مميز للمجتمع المصري قبل ثورة 1952، وكيف كانت حياته وكيف كانت تسير، فيها تصوير للحب العفيف المؤثر، كما أن الفيلم يعتبر أيضا من الأفلام المصرية القليلة التى نقلت أجواء شهر رمضان الكريم، وطبيعة الحياة فى هذا الشهر.

عمر الشريف في دور إبراهيم
زيبدة ثروت في دور “نوال”

إبراهيم حمدي يغتال رئيس الوزراء

 تدور أحداث الفيلم حول الشاب “إبراهيم حمدي” الشاب الثوري الذي يشارك في المظاهرات الطلابية ويخطط لها، ويقترح حلولاً لما يعترض زملائه من مشكلات، من دون أن يبرز كقائد، وبعدما يستشهد صديقه “محمود” في إحدى المظاهرات، يقرر اغتيال رئيس الوزراء لأنه خائن ومتعامل مع الإنجليز، وبعد أن يقبض عليه يعذب في السجن عذابا شديدا مما استدعى نقله إلى المستشفى للعلاج..

وهناك يتعاطف معه الممرض فيتمكن من الفرار ويلجأ إلى بيت صديقه وزميله في الكلية “محيي زاهر”، الشاب المؤدب والخجول والبعيد كل البعد عن السياسة، يتخذ من بيت “زاهر أفندي” ملجأ له، وخلال ذلك يقع في حب الأبنة الصغرى “نوال”،  لكنه لا يستطع البقاء لديهم فترة طويلة بسبب أن “عبدالحميد” ابن شقيق “زاهر أفندي” يهدد عمه إن لم يزوجه ابنته “سامية” سوف يبلغ البوليس عن “إبراهيم حمدي”، وتبدأ أحداث الرواية بالتصاعد والتشويق.

إبراهيم في قبضة الشرطة

المشهد العبقري

كتب الناقد السينمائي الكبير “سامي السلاموني” نقدا موسعا عن هذا الفيلم عام 1990 فى مجلة “فن” لصاحبها “وليد الحسيني” اخترنا منه هذه الكلمات التى جاءت تحت عنوان “المشهد العبقري” :

عمر الشريف يرتدي بزة الضابط ويستعد لترك البيت الذي استضافه طوال أربعة أيام، ” زبيدة ثروت” تقاوم الدموع، حسن يوسف يدخل حجرة أبيه وأمه ليخبرهما، تسأل الأم المصرية الطيبة: “وليه يا بني هو زعل من حاجة؟، ده حتى بقى واحد مننا!”، ثم تعطيه مصحفا ليعطيه صديقة قائلة: “اعطيه المصحف ده علشان ربنا يحفظه ويرجعه لوالدته بالسلامه يا كبدي”، حسن يوسف يعطي عمر الشريف المصحف الذي يقبل يد الأب بإمتنان قائلا: أنه مهما قال فلن يستطيع أن يشكرهم.. يقول حسين رياض: “احنا عملنا الواجب”، ثم يصافح عمر الشريف كلا من ” زبيدة ثروت و زهرة العلا، ونجد حسن يوسف مطرقا حزينا لفراق صديقه الذي عاش معهم أياما ملأها بالحياة والأحساس بصنع شيئ نبيل أيا كان القلق والتوتر.

يتجه عمر الشريف إلى باب الشقة.. ينظر إلى الأشياء التى عاش معها لبعض الوقت وأحبها ولن يراها ثانية، يتحسس نصف الورقة التى كتبت له فيها زبيدة ثروت “محمد رسول الله”، بعدما أخذت هى الورقة التى كتب فيها “لا إله إلا الله” لكي يلتقيا مرة أخرى، ينطلق مدفع الإفطار وهو الموعد الذي حدده للانصراف حتى لا ينتبه إليه أحد، يفتح الباب ويخرج، ويمسح “حسن يوسف” دمعة كان يغالبها طوال الوقت!.

تقطيع هذا المشهد بين هذه اللقطات والاحتفاظ بإيقاعه البطئ المتوتر وشحنته العاطفية العالية، يقطع وحده بعبقرية “بركات”، حتى لو لم يكن يصنع فى الفيلم شيئا آخر.

نوال تقف حائرة بعد مغاردة ابراهيم المنزل

غلطة الفيلم الوحيدة

تتدافع الأحداث بعد ذلك على النحو الذي نعرفه، حيث يعود رشدي أباظة فيكتشف إفلات الفريسة التى كان يساوم العائلة عليها لتزوجه ابنتها، فيثور ثورة عارمة لأنهم خدعوه ويقرر الانتقام، فيندفع من فوره ليبلغ البوليس، وهنا يقع الفيلم فى غلطته الوحيدة غير المنطقية حين جعل “زهرة العلا” تلحق به مسرعا وتقتحم وراءه مكتب همام بك رئيس البوليس السياسي في نفس اللحظة التى كان يهم فيها “عبدالحميد أو رشدي أباظة” بكشف السر كله.

وعندما يراها “عبدالحميد” يوقظ الحب ضميره فجأة، فيعدل فى آخر لحظة عن البوح بالسر، ويرواغ رجل البوليس الداهية بأي كلام، ويتركهما الضابط يخرجان في سلام، المشهد كله هزيل ومفتعل بهدف احداث التوتر، ولكنه يؤدي إلى وعي “رشدي أباظة” المفاجئ بحقارة ما كان موشكا على فعله، بل ويؤدي إلى تغير وعيه من خلال الحب بما يحدث في وطنه من دون أن يلتفت إليه من قبل، إلى حد إنه عندما يقبض عليه بعد ذلك ويتعرض للتعذيب لا يبوح بشئ.

وفى تقديري أن الدراما الحقيقية المؤثرة فى الفيلم انتهت عند هذا الموقف، ليضعف كثيرا بعد ذلك في مغامرة “إبراهيم حمدي” بمحاولة الهرب من مصر إلى أوروبا على متن احدى السفن بعدما نجح زملاؤه في العمل الوطني فى تدبير عملية الهروب التى يعدل عنها في آخر لحظة، عندما اكتشف أن الموت في بلده أفضل من الحياة وحيدا معذبا في بلاد الآخرين.

النهاية

جاء مشهد نهاية الفيلم متماشياً مع أحداثه والهدف من ورائه، حيث يصر “إبراهيم حمدي” على البقاء داخل مصر، ويرفض فكرة السفر إلى باريس هرباً من الملاحقة الأمنية، ليواصل كفاحه ضد المحتل، وانتهى الفيلم بعبارة “من استشهد في سبيل بلاده لم يمت.. والحرية أغلى من الحياة”، وبدلاً من وضع كلمة “النهاية” كما العادة في نهاية الأفلام كتبت على الشاشة جملة “كانت هذه هى البداية”.

في بيتنا رجل ينافس الخرساء

قدمت السينما المصرية عام 1961، 52 فيلما سينمائيا لكبار نجوم السينما المصرية، سواء كأبطال أو مخرجين أو كتاب سيناريو، وشهد العام إعلان سوريا الانفصال عن الوحدة مع مصر والتى تمت عام 1958، وظهر ثلاثة مخرجين جدد هم سيد عيسى الذى أخرج فيلمه الأول “زيزيت”، وألبير نجيب “غدا يوم آخر”، وعبدالرحمن شريف “عودي يا أمي”، عرض فيلم ” المراهقات” لأحمد ضياء الدين فى مهرجان برلين السينمائي، وعرض فيلم “بداية ونهاية” لصلاح أبوسيف فى مهرجان موسكو السينمائي.

وكانت أشهر الأفلام التى عرضت هذا العام لتنافس في “بيتنا رجل” هى “التلميذة، لا تطفئ الشمس، الخرساء، وإسلاماه، يوم من عمري، شاطئ الحب، السفيرة عزيزة، أنا وبناتي، مع الذكريات، موعد مع الماضي، دماء على النيل، تحت سماء المدينة، الحب كده، لن أعترف، رسالة إلى الله، أعز الحبايب، طريق الأبطال، غرام الأسياد، هـ3 ، بلا عودة، لا تذكريني، حياتي هي الثمن، رسالة إلى الله، نصف عذراء” وغيرها.

أفيش الفيلم

بطاقة الفيلم

قصة : إحسان عبدالقدوس

سيناريو : يوسف عيسى وبركات

حوار : يوسف عيسى

مدير التصوير : وديد سري

مونتاج : فتحي قاسم

ديكور : ماهر عبدالنور

موسيقى تصويرية : فؤاد الظاهري

إنتاج : أفلام بركات

بطولة : عمر الشريف، رشدي أباظة، زبيدة ثروت، حسين رياض، حسن يوسف، زهرة العلا، ناهد سمير، يوسف شعبان، توفيق الدقن، فاخر فاخر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.