رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

جائزة (موركس دور) ظلمت (تيم حسن وعابد فهد) !

كتب: محمد حبوشة

رغم الضجة الإعلامية الكبيرة التي تثار عادة قبل انطلاق أي دورة في جوائز (الموركس دور)، إلا أن حفل توزيع جوائز ها في دوراتها كل مرة لم يصل إلى أدنى درجات الطموح، بدليل تجاهل النجمين الكبيرين (تيم حسن، وعابد فهد) في الدورة 22 لعام 2023.

ساعات طويلة استغرقها حفل (الموركس دور) في دورة (2023)، جعلت الحضور والمشاهدين يشعرون بالملل، حتى أن العديد من الفائزين كانوا يغادرون الصالة قبل الاختتام، في وقت انعدم فيه عنصرا الإثارة والتشويق، لأن معظم الأسماء الرابحة كانت معروفة سلفاً ومنتشرة مسبقا في وسائل الإعلام العربية.

الأمر الذي غيب أيضا عنصر المفاجأة، خاصة أن ما رشح عن قبل بداية الحفل جاء ضمن نطاق التوقعات، واصطبغ الحفل باللون اللبناني الذي تفوق بقوة على نظيره العربي، خصوصا أن أكثر من ثلاثة أرباع الجوائز كانت مخصصة للبنانين فقط على أصعدة الغناء والدراما والسينما.

واقتصر حضور (الموركس دور) على الفائزين والمشاركين في توزيع الجوائز فقط من دون دعوة المرشحين الآخرين، وسيطرت المطولات على الكلمات التي ألقاها الفائزون مملوءة بعبارات الشكر والمجاملة، بينما بالغ مسلمو الجوائز في وصف الرابحين.

إقرأ أيضا: مطربة المشاعر والأحاسيس اللبنانية تنجح في الإطاحة بـ (زياد برجي) من جوائز (الموركس دور)!

أما الحديث عن الخروج من العربية – الخليجية منها على سبيل المثال – وملامسة العالمية، فقد اقتصر على جائزة الممثلة التركية المتميزة من (الموركس دور) لهذا العام، حيث ذهبت إلى النجمة (شيفال سام)، نجمة (التفاح الحرام) المعروفة بدور (أندر)، والتى اشتهرت بحبها لجارة القمر فيروز، والتى غنت لها على المسرح (يا قمر أنا وياك).

واكتفى معظم المطربين الفائزين بتحريك شفاههم فقط ومن ورائهم تسجيلات محضرة لأغانيهم في حركة كانت أكثر من مكشوفة، وبالانتقال إلى هوية الفائزين في (الموركس دور)، أول الأحداث التى أفسدت فرحتنا هو عدم دقة لجنة تحكيم الدراما!، ففي الوقت الذي جاءت جوائز لجنة تحكيم الغناء موفقة ومرضية للجميع وأسعدتنا إلى حد ما.

فإنه في الوقت ذاته جنحت جوائز الدراما إلى العشوائية في الاختيار، وكأن اللجنة لم ترى بعين ناقد أو جمهور متذوق للفن الحقيقي، بل عمدت إلى آراء السوشيال ميديا التي تحوى كتائب ولجان تنتصر للرديء من الفن!، بدليل منح مسلسل (للموت) – الذي أعتبره فاشلا فنيا – أكثر من جائزة غير مستحقة في الدورات الثلاثة الأخيرة.

وعود (الموركس دور) والشعور بالملل

وعود (الموركس دور)

رغم الوعود بأن إيقاع الحفل سيكون أسرع من الأعوام الماضية، لكن كل من شاهده دون شك شعر بالملل من أول نصف ساعة، وهو زمن المقدمات الطويلة لمنظم الجائزة، والدعاية المطولة للراعي الرسمي، واستظراف وجهل البعض من مقدمي الحفل.

وذلك دون ذكر التلعثم وسوء الإلقاء لأغلب من تم اختيارهم لتقديم الجوائز من وجوه مجتمع وسياسة ومن لجنة (الموركس دور) نفسها، فالتلعثم في جملة مكونة من أربع كلمات عشر مرات مسالة غير مقبولة وأنت تقرأ من ورقة، وضعف الإلقاء يفترض أن يلغي من الأساس فرضية الاختيار، ولكنها كذلك وللأسف، مسألة تخضع للمجاملات ويجب تداركها بشكل أو بآخر لأنها كارثة.

حفل (الموركس دور) الذي انتهى بالأمس القريب لم يكن سوى حفل علاقات عامة، والجوائز خضعت لمدوالات عديدة في الكواليس نعلمها ويعلمها المعنيون، بعض اللامعقول الذي حدث مثلا أنه في جميع الفئات، لم يتم ذكر المرشحين عن كل فئة، ومن ثم إعلان الفائز بها كما يجري في جميع المهرجانات العالمية.

وهو العرف السائد منذ أعوام في (الموركس دور) والجميع يدرك عدم جدوى هذا الأمر لأن لا مفاجآت هناك، فالنتائج تتسرب قبل موعد الحفل بأسابيع، ويتبلغ بها الفنانون خلال المفاوضات، ويغيب من خسر ويحضر من ربح، وقد يغيب من ربح ويحضر من خسر حسب الظروف والشروط والمفاوضات.

والحقيقة اللوم هنا يقع على الفنانين بالدرجة الأساس الذين لا يتمتعون بروح التنافس وتقبل الخسارة، مما يجعل مهمة منظمي (الموركس دور) شبه مستحيلة في دفع المرشحين عن كافة الفئات لحضور الحفل دون معرفة النتيجة، وهى مسالة تقبلناها على مضض وتجاوزناها منذ أعوام.

ولكن ما لم نفهمه هو لم إختار القيمون على الحفل أن تعرض أسماء كافة المرشحين عن فئة (أفضل أغنية) فقط دونا عن بقية الفئات؟!، وهى بالمناسبة قد تكون أغنية جميلة جدا أو مطرب يستحق الجائزة، والسؤال هنا ليس للتشكيك بالأحقية، ولكن عن سبب الاستثناء.

المدهش في الأمر أنه رغم المنافسة الدرامية الشديدة في الموسم الرمضاني (تحت الوصاية – العربجي – كسر عظم – السرايا 2 – ليلة السقوط)، إلا أن الجزء الثالث من مسلسل (للموت) نجح في تصدر قائمة الجوائز بدعوى أنه الأكثر مشاهدة في دول عدة مثل السعودية وليبيا والعراق والكويت والجزائر وفرنسا.

هل يعقل أن يخرج تيم حسن من منافسات (الموركس دور)؟

كيف يخرج تيم حسن من (الموركس دور)؟

والسؤال الأجدر بالإجابة: كيف يمكن أن يخرج النجم العربي الكبير (تيم حسن) ومسلسله (الزند) – الذي أعتبره أفضل مسلسل في تاريخ الدراما (اللبنانية السورية المشتركة) – خالي الوفاض من جوائز (الموركس دور).

يا سادة: كنا إلى وقت قريب جدا قد افتقدنا كثيرا أداءه العذب الشجي في التجسيد الدرامي الحي للنجم الكبير (تيم حسن) بعد أن حاد عن المسار المحدد له كممثل محترف حيث ذهب مؤخرا إلى مناطق تجريبية أشبه بالتجريد في الفن التشكيلي.

لقد أثلج (تيم حسن) صدور جمهوره بالعودة إلى الأداء العذب الذي يبرز بطولة حقيقية التي تشبه إلى حد كبير إلى دوره الأثيري في أروع مسلسلاته على الإطلاق (التغريبة الفلسطينية)، حيث تتشابه سيرة (ذئب العاصي) مع سيرة (علي الشيخ يونس)، الشخصية المتعلمة

تيم حسن في (الزند) يستعيد بريق موهبته من جديد بعمل تاريخي وطني يؤكد أنه على مدار رحلته الإبداعية الطويلة في مهنة التمثيل كان يعمل بخطة سير في الأداء لا يحيد عنها، قوامها الاجتهاد والمذاكرة والتطور من مرحلة إلى أخرى.

وفضلا عن كل ما سبق يبقى (تيم حسن) أنه من فئة قليلة من الممثلين الذين يتدربون على طريقة التنفس بطريقة صحيحة، وعلى التنويع في إيقاع الصوت والنبرة، كما أنه يتقن التحدث بلهجات مختلفة.. أهلا بعودة تيم حسن على الطريق الصحيح الذي يبقيه ممثلا من طراز رفيع في طليعة عظماء التمثيل العربي.

كيف تم تجاهل عابد فهد من جانب (الموركس دور)

(الموركس دور) يتجاهل (عابد فهد)

أما عن الثعلب (عابد فهد) في مسلسل (النار بالنار)، ذلك الذي حصل على بعض جوائز (الموركس دور 2023)، بينما تم تجاهل البطل الأول في العمل، والذي حاول وضع الإصبع على جرح نازف بين بلدين جارين، لبنان وسوريا، ألا وهو إشكالية النزوح السوري إلى لبنان التي تحولت إلى أزمة مفتوحة في بلد تحاصره المشاكل من كل حدب وصوب.

ربما تبقى ميزة (النار بالنار) هى تعدد النجوم في هذا العمل الواقعي، من (عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز) إلى (طوني عيسى وزينة مكي وطارق تميم) وغيرهم من الممثلين الذين أثروا هذا العمل وساهموا بتشويق الجمهور حلقة بعد حلقة، بحيث أن الجميع ينتظر ما سيجري في نهاية المطاف.

لقد نجح (عابد فهد) في (النار بالنار) بفتح كوة في جدار ملف النزوح، وقدم مادة استثنائية فأبدع (عابد فهد) كساحر بارع في الأداء الصعب، ولم يستطع مجاراته سوى الممثل اللبناني بالإبداع (جورج خباز)، الذي نال دوره إعجابا استثنائيا وهو الذي عود جمهوره دوما على الأدوار المميزة.

ظني أنه قد طال الحقد السوري اللبناني المتبادل جوائز (الموركس دور)، كاد تسليط الضوء على البطلين اللذين خاضا تلك المواجهة، (جورج خباز وكاريس بشار)، أن يحجب الجوائز عن الممثلين الآخرين على رأسهم (بطل العمل).

فهذا (عابد فهد) يقدم بإتقان دورا مركبا من شخص سوري تلبنن عبر السلطة والفساد، في بيروت ودمشق، ومن شخص (مسرحي) يذكر بـ (تاجر البندقية) لشكسبير (لعل لهذا دلالات)، وكذلك الأمر بالنسبة إلى أسماء الشخصيات في المسلسل)، وفي مقابل إتقان فهد، هناك (عفوية) تميم، الذي يظهر في المسلسل وكأنه على طبيعته ولا يمثل، ومن ثم فقد استحق جائزة (الموركس دور).

وكذلك الأمر بالنسبة إلى (زينة مكي وطوني عيسى)، اللذين يثبتان موهبة وقدرة على خوض الامتحان الصعب في المدرسة السورية التي تولي أهمية للممثل وإثباته طاقاته الإبداعية أمام الكاميرا، ولا يمكن في هذا السياق نسيان الشاب (تيم عزيز) الذي يؤدي ببراعة دور (الشبيح) و(الفساد) الذي يعمل لمصلحة المرابي، وهؤلاء كانوا يستحقون جائزة (الموركس دور) أيضا.

بدا لي (عابد فهد) بشكل مغاير عن أدواره السابقة

(عابد فهد) بشكل مغاير

في مسلسل (النار بالنار) بدا لي (عابد فهد) بشكل مغاير عن أدواره السابقة حيث كان الهدوء سمة أساسية واعتمد طوال الوقت على تون الصوت المنخض، وأحيانا كان يلجأ إلى (قرار القرار) بشحوب متعمد مع عيون معبرة عما يجيش بداخله من شرور أدت إلى كثير من التشوهات النفسية التي لازمته طوال الوقت.

وقد عزف على أوتار الشجن والقسوة في مزيج أدائي يؤكد أننا أمام (داهية) في التمثيل عن كثب، أنظر إليه في مشهده مع (عزيز) لحظة رهنه البيانوا ومحاولة بيعه والذي قوبل برد فعل عنيف من جانب عزيز، بينما يرد هو ببرودة أعصاب بأن الوقت قد انتهى ومن حقه بيعه، وغير ذلك من مواقف تشبث فيها بأسلوب المرابي (شايلوك) في الإيقاع بضحاياه.

المهم أن عابد فهد في مسلسل (النار بالنار) أثبت أنه حين يكون الفنان مثقفا، يستطيع أن يلامس المشاعرالإنسانية الصادقة، ودون عناء يمكنه العزف على أوتار القلب والعقل معا في سيمفونية رائعة وصولا إلى بواطن النفس البشرية الخفية تاركا فيها أكبر الأثرحتى ولو كان ذلك على جناح الشر المطلق، ومن ثم كان يستحق جائزة أفضل ممثل.

وفي النهاية يبدو لي أن حال (الموركس دور) لا يقل عن حال كل مهرجانات التكريم العربية في مجال الدراما، والتي تعتمد المجاملات، والاستناد إلى جمهور السوشيال ميديا الذي يجنح نحو كتائب مغرضة تروج للردئ من الفن على حساب القيمة والمعنى الحقيقي للفن الذي يبني ولا يهدم.. أفيقوا يرحمكم الله!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.