رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

حسين نوح يكتب: عمالقة الإبداع الحقيقيين في السينما

بقلم الفنان التشكيلي: حسين نوح

تميزت مصر بكم كبير من عظماء في كل مناحي التنوير والثقافة و الإبداع الفني على الخصوص فقد حظيت بثاني عرض سينمائي بعد السينما الفرنسية وحضور الإخوة لومير إلى الأسكندرية.

ومن هنا كان للمصريين السبق في الاهتمام بـ السينما، وكان أول فيلم مصري صامت هو برسوم يبحث عن وظيفة سنة 1923، واستمرت المحاولات إلى أن جاء أول فيلم ناطق (أولاد الذوات) بطولة يوسف وهبي.

وتجلى اهتمام المصريين بـ السينما وظهر فيلم البؤساء وبائعة الخبز وبابا أمين والبحار ثم فيلم العزيمة سنة (1939) بطولة فاطمة رشدي وحسين صدقي تأليف وإخراج كمال سليم.

إقرأ أيضا : سفينة (نوح) الإبداعية تنتشلنا من طوفان الفن المبتذل !

وانطلقت السينما المصرية وسجلت السينما الأمريكية ذلك في فيلم تسجيلي سنة 1950 اظهر إهتمام مصر بالسينما ووجود مواهب مصرية، وقد ظهرت لقطات من تسجيل مشاهد لفيلم (أميرالانتقام) أنور وجدي وسامية جمال ومديحة يسري من إخراج (هنري بركات)، عن القصة العالمية الكونت دي مونت كريستو للكاتب الكسندر.

دوما تلك نظرة سريعة عن تاريخ السينما المصرية العريقة والتي تجلت عظمتها ومنذ البدايات في تقديم عظماء في كل مفردات العمل السينمائي فقدمت في الإخراج (كمال سليم وأنور وجدي واحمد جلال ونيازي مصطفي إلى صلاح أبو سيف وحسن الإمام ويوسف شاهين وبركات) وآخرين كثر.

صلاح منصور.. الإبداع في التمثيل في (الزوجة الثانية)

صلاح منصور والإبداع التمثيلي

وبالمثل في مجال التمثيل عظماء، ونجوم ذاع صيتهم وتجلت نجوميتهم في كثير من الأفلام وقررت أن أتذكر عمالقة الإبداع في الأداء التمثيلي أرى وكثيرون إنه لا يمكن أن تخرج من دار العرض إلا وأنت تتذكر عبقريتهم وكيف كان اختيار المخرج لهم نابع من وعي كامل بأهمية الدور وعدم استطاعة أي بديل ان يقوم به.

وتلك عبقرية البعض، وأتذكر من تلك المواهب الفذة العظيم (صلاح منصور) وأدواره المتميزة منذ تم حصره في بداياته في أدوار الشرير، ولكن حين نتعرف على مشواره الفني الثري فتجده يحصل علي جائزة السينما في فيلم لن أعترف 1963 وميدالية ذهبية عن دوره في الشيطان (الصغير).

ثم وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي سنة 1964 وجائزة الدولة التقديرية من اكاديمية الفنون ١٩٧٨ ويبقي (صلاح منصور) صاحب طلة وبصمة سينمائيه لا يمكن أن يتجاهله مدرك لفنون الإبداع في الأداء والتقمص والغوص في مكنون الشخصية.

فهذا المبدع لا تستطيع أن تتخيل له بديل علي سبيل المثال في فيلم (المستحيل) للمبدع (حسين كمال) ثم فيلم (البوسطجي) أيضاً لنفس المخرج ثم نأتي الي دوره العظيم في (الزوجة الثانية) من إخراج المبدع (صلاح أبو سيف.

وأتذكر حضوري للتصوير مع شقيقي (محمد نوح) وكنت لم أتجاوز العاشرة ورغم طفولتي فقد انبهرت بعالم السينما وأداء العبقري (صلاح منصور)، وأصبحت أتابع أفلامه.

إقرأ أيضا : د.مدحت الكاشف يكتب: الإبداع .. هل هناك ضرورة لتعلمه؟!

ومرت الأيام ووصلتني بالصدفة ورقة بخط (صلاح أبو سيف) بالترشيحات لأبطال الفيلم وقد كان الترشيح الأول لدور العمدة هو النجم أحمد مظهر فقد بحث الإنتاج عن اسم يأتي بالجمهور لدار العرض ولكن لظروف لم يتحقق المراد وجاء (بصلاح منصور) بعد أن كان الترشيح بخط يد (صلاح أبو سيف) هو عتمان العمدة (احمد مظهر) – صلاح منصور.

وتم اختيار صلاح منصور ثم دور أبو العلا ورشح له (شكري سرحان) أو الوجه الجديد (محمد نوح) وتم اختيار (شكري سرحان)، وحقق الفيلم نجاحاً كبيراً وكان الإبداع في الأداء عبقرياً.

وهنا أتذكر حين سألت شقيقي عن تلك العبقرية فكان رده التمثيل بيحتاج توافق بين النجوم وحبذا لو عباقر الإبداع أمثال (سعاد حسني، وسناء جميل وسهير المرشدي وعبد المنعم إبراهيم وحسن البارودي).

وحين سيطر الشعر الأبيض على رأسي وزاد اهتمامي بالسينما ومعظم مفرداتها إقرأ وأحضر الميكنج لبعض الأفلام العالمية وأسافر وأشاهد، أدركت قيمة أن يكون أمامك وأنت تمثل زميل موهوب فتكون النتيجه كلعبة التنس وتتجلي قيم التوازن في الأداء كما يحدث في فنون الموسيقي.

ويقال المطرب راقد علي النوت والمقام وهكذا التمثيل أن تجد أمامك ممثل يجعلك تمارس التنس ولا تمارس الاسكواش، فيكون الحائط يرد فقط إليك الكلمات بلا إحساس بريتم المشهد وفوليم الانفعال فيضعف الأداء وىؤثر علي الريتم.

أو يحدث أن يكون الانفعال أكثر من طبيعة الأداء للشخصية ويحدث ما يطلق عليه الأوفر (آكتنج) المبالغة حين تشاهد صلاح منصور في فيلم (الزوجة الثانيه) فمشاهدهُ أمام القديره نجمة النجوم (سعاد حسني) تقترب من كمال الأداء فنجد مباراة تنس يتبادلان التألق.

صلاح أبو سيف امتلك ناصية الإبداع في أفلامه
أبدع صلاح أبو سيف في تسكين الأدوار  في فيلم (الزوجة الثانية)

صلاح أبوسيف والإبداع

وتدرك عبقرية صلاح أبوسيف في الإبداع عبر تسكين الأدوار وهل تتخيل ان يكون الفارس (أحمد مظهر) من يلعب دور العمدة (علوان) اعتقد بل أجزم أن القدير صلاح منصور هو الاختيار الأمثل.

ويؤكد ما أقول مشاهدة مع العملاقة (سناء جميل) فمن تلعب دور( حفيظة) غيرها إنه الاختيار وتسكين الأدوار الواعي وتلك قيمة مضافة للمخرج العبقري، وقد استبدلت الآن بمكاتب الكاستنج ليحدث تشاور بين أكثر من رأي ويكون أيضاً الاختيار النهائي للمخرج.

لقد أبهرنا القدير صلاح منصور في الزوجة الثانيه واستحق أن يكون مشارك في تسعة أعمال ضمن أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية، هل حين نشاهد فيلم بداية ونهاية لصاحب نوبل القدير نجيب محفوظ نستطيع أن نغفل دور شخصية سليمان اللعوب ابن البقال الذي افترس نفيسة  سناء جميل)، ومباراة الأداء بين عظماء التقمص.

وهل نغفل دوره في فيلم العبقري حسين كمال (المستحيل) للكاتب مصطفي محمود وبطولة كمال الشناوي وسناء جميل ونادية لطفي وكريمه مختار من روائع الإبداع السينمائي.

وأقرأ أيضا : د.مدحت الكاشف يكتب: الإبداع .. رؤية حول الحرية

وأيضا دوره في (البوسطجي) للأديب يحيي حقي وإخراج حسين كمال بطولة (شكري سرحان وزيزي مصطفى)، ولا ننسي دوره في فيلم (العصفور) ليوسف شاهين المسكون بـ الإبداع، والكاتب لطفي الخولي بطولة (محمود المليجي ومحسنة توفيق ومريم فخر الدين)، ثم (اللص والكلاب) و(أمير الانتقام) وصولاً إلى بدايته السينمائية 1944 في (غرام وانتقام) بدور تعرف عليه الجمهور بطولة يوسف وهبي وأسمهان.

(صلاح منصور) لم يكتب قبل اسمه في أي أفيش كلمة النجم والتي أراها وبكل موضوعية تفرغت من محتواها وأصبحت تكتب سابقة لاسماء لا تمتلك أي من صفات النجوميه الحقيقية.

وأعتقد أن النجوم الحقيقييين في الإبداع أصبحت الكلمه لا تأتي بالمراد منها، فالعملاق محمود المليجي بطل فيلم (الأرض) والقدير زكي رستم والموهوب ستيفان روستي لم يسبق أسماءهم كلمة النجم التي أراها موجودة لنصف العاملين في بعض الأعمال.

كذلك العظيمات سناء جميل محسنة توفيق سميحة أيوب عمالقة ولا يستطيع مخرج أن يتجاهل عبقريتهن، ولم تكتب كلمة النجمه قبل أسمائهن فهل لنا أن نقنن كلمة نجم فلدينا كثير من نجوم حقيقيين في كل مناحي الإبداع وقررت أن أكتب عنهم سلسلة من المقالات باسم عباقرة الإبداع الحقيقيين في معظم الفنون.

مصر ثريه غنية بالمبدعين وتستحق ويستحق مبدعوها كل التقدير والاحترام مصر تستحق .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.