رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

فيلم (المصير) .. للأفكار أجنحة تطير

ابن رشد الفيلسوف والقاضي

* رشح يوسف شاهين النجم يحيي الفخراني لتجسيد (ابن رشد) لكنه اعتذر عنه لأسباب خاصة

* أثار الفيلم قبل وبعد عرضه جدلا واسعا في الأوساط الثقافية العربية بين مدافعين متحمسين، ومنتقدين متهجمين

* يوسف شاهين : لم أجد عن الرجل غير أنه لم يترك الورقة والقلم إلا يوم وفاته ويوم زواجه!

* ليلى علوي : الرسالة الموجودة في الفيلم هيفضل العالم يريد سماعها

* يعتبر الفيلم الظهور الأول لعدد من الفنانين من بينهم (هاني سلامة، وفارس رحومة، ومحمد رجب)

* يوسف زيدان: فيلم (المصير) فضيحة وليس له علاقة بابن رشد!

ابن رشد وابنته

كتب : أحمد السماحي

من الأفلام التى تشكل علامة بارزة في حياة كل من شارك فيه من النجوم، فيلم (المصير) الذي الذي عرض للمرة الأولى في المسابقة الرسمية للدورة الـ 50 من مهرجان كان السينمائي عام 1997، وحصل مخرجه (يوسف شاهين) خلال الدورة على جائزة المهرجان الخاصة عن مجمل أعماله بمناسبة اليوبيل الذهبي، وتم طرح الفيلم تجاريا في دور العرض المصرية خلال شهر أغسطس عام 1997.

رشح (شاهين) في البداية الفنان (يحيى الفخراني) لدور(إبن رشد)، إلا أنه تراجع في اللحظات الأخيرة قبل توقيع العقد.

جدل بين المثقفين

أثار الفيلم قبل وبعد عرضه جدلا واسعا في الأوساط الثقافية العربية بين مدافعين متحمسين، ومنتقدين متهجمين، لاسيما وأنه يتناول حياة واحد من أشهر المفكرين العرب وهو (ابن رشد)، الفيلسوف والقاضي الذي اتهم بالكفر وإفساد جيل الشباب في ما يشبه ما تعرض له مثقفون عرب في عصرنا الحديث، وما تعرض له هذا الفيلسوف من محاولة لتدمير تراثه الثقافي والعلمي بحرق كتبه، ولكنه نجح في تهريبها، بمساعدة آخرين، لتكون في مأمن، ويتعرض الفيلم في جزء منه للتطرف الديني وظهور جماعات تدعي كذبا تدينها وسعيها لخدمة الإسلام، في حين أنهم يسعون للوصول للحكم مهما كلفهم الأمر، وكيف انقلب عليه خليفة الأندلس المنصور.

ابن رشد وخلفه مريديه

قصة الفيلم

تدور أحداث فيلم (المصير) بالأندلس، وتحديدا في قرطبة، خلال القرن الثاني عشر، أثناء حكم (المنصور) الذي حقق الكثير من الانتصارات العسكرية ضد الإسبان، لكن انتشر في عصره مظاهر الفوضى والعنف والتطرف لتنخر جسد الدولة وتمهد لسقوطها.

وللخليفة (المنصور) ابنان، الأكبر(عبدالرحمن الناصر)، ولي العهد الذي تعلم على يد الفيلسوف المفكر(ابن رشد)، والمرتبط بحب سلمى ابنته، والثاني (عبدالملك عبدالله) الذي يحب الرقص والشعر والخمر بعد فشله في العلم، فتثمر علاقته بالغجرية (سارة) عن حملها سفاحا، لكن (برهان) يجنده في جماعة إسلامية متطرفة يحاول أميرها أن يقنعه بقتل أبيه الخليفة وتولي عرش البلاد.

أثناء ذلك يعيش (ابن رشد) قاضي القضاة مع زوجته (زينب وابنته الوحيدة سلمى)، وينجح في تأليف العشرات من الكتب التي تعرضت للحرق مرتين، الأولى بتدبير من الجماعة الإسلامية المتطرفة، ولكن بعد العثور على نسخ أخفاها الشاب الفرنسي (يوسف)، يتم إعداد عدة نسخ لنشرها في فرنسا ومصر، والمرة الثانية عندما يغضب الخليفة المنصور عليه ويأمر بحرقها ونفيه خارج البلاد.

وعلى هامش الأحداث نجد المغني (مروان وزوجته الغجرية مانويلا) وأختها (سارة) من أنصار (ابن رشد)، وقد تعرض (مروان) لمحاولة القتل من الجماعة المتطرفة مرتين، الأولى لرفضهم غناءه، والثانية لتطاوله على أميرهم الذي توعد الجميع بأن يكون القتل مصير من يخالفه، يؤدي قتل (مروان) إلى يقظة الأمير (عبدالله) لنبذ الجماعة الإسلامية بأفكارها المتطرفة والوقوف إلى جوار والده وأخيه ضد الإسبان.

استطاعت ليلي علوي أن تكون مانويلا الغجرية بكل تفاصيلها

سوريا ولبنان

هذه ببساطة قصة الفيلم الذي تم تصويره بين سوريا ولبنان، في المناطق الأثرية التي تتشابه مع الجو الأندلسي، ومنها المسجد الأموي في دمشق، وقلعة الحصن في مدينة حمص، وكذلك جبال لبنان التي كانت قريبة الشبه من جبال فرنسا، إلى جانب بعض اللقطات عند أهرام مصر في المشهد الذي يشير إلى وصول كتب ابن رشد إلى مصر.

في أحد الندوات التى ناقشت الفيلم

يوسف شاهين يرد

الفيلم تعرض إلى عاصفة من النقد، وحتى السخرية من بعض المشاهد والأخطاء التوثيقية، ومحاولة تمصير الأحداث والشخصيات، وفي حوار تليفزيوني رد مخرج الفيلم (يوسف شاهين) عن كل هذا قائلا: (لم أجد عن الرجل غير أنه لم يترك الورقة والقلم إلا يوم وفاته ويوم زواجه، ولم أستطع الحصول على أي معلومة تفيد بعدد زيجاته وأبنائه أو أي شيء آخر في حياته).

هاني ورجب ورحومه

يعتبر الفيلم الظهور الأول لعدد من الفنانين من بينهم (هاني سلامة وفارس رحومة، ومحمد رجب).

استطاعت ليلي علوي أن تكون مانويلا الغجرية بكل تفاصيلها

ذكريات مانويلا

نشرت النجمة الكبيرة (ليلى علوي) على صفحتها على (الفيس بوك) صورة تجمعها بالمطرب (محمد منير) من الفيلم وكتبت تحتها: (فيلم (المصير) من أهم الأفلام اللي اشتغلت فيها ومن الأدوار اللي بعزها جداً دور (مانويلا الغجرية)، لأن مدرسة (يوسف شاهين) الله يرحمه، مختلفة تماماً عن كل تحضير الأدوار، ودايماً عنده بروفات وتدريبات تمثيل، يعلمك ازاي تبقى طبيعي، كان بيقعد مع كل واحد ويشوف أبعاد شخصيته وأبعاد الحوار.

وأضافت (المصير) من الأفلام اللي نقدر نقول عليها انه يلائم كل العصور، ووقت عرضه سنه ١٩٩٧ كان بيمثل كل اللي العالم عايز يقوله ولحد دلوقتي مكمل والرسالة اللي فيه هيفضل العالم عايز يسمعها.

الخليفة المنصور
حزن مانويلا ومواساه من ابن رشد وزوجته وابنته والناصر
الناصر في لحظة تأمل وتفكير

النقد

صرح الكاتب والأديب (يوسف زيدان) فى برنامج (كل يوم) مع الإعلامي عمرو أديب : أن الفيلم جميل من حيث أداء النجوم، وإدارة المخرج يوسف شاهين للكاميرا والممثلين، لكن لغة الحوار ركيكة، والفيلم عن رجل طيب ولذيذ، لكن ليس له علاقة بابن رشد! ولو قلنا إنه فيلم عن (ابن رشد) يكون فضيحة، حيث أنه مليء بالأخطاء والتزيف، فمثلا حكاية أنه يمسك مشرط ويعمل عملية للمغني (مروان) ويرجع له حنجرته هذا هزار، لأن (ابن رشد) لم يمسك مشرطا فى حياته، كما أن حكاية إرسال الكتب لإبن الرازي في مصر ليس صحيحا لأن إبن راشد لم يكن يعرف شخص إسمه الرازي!.

زينب زوجة ابن رشد
سلمى التى جسدتها روجينا بجمال

يوسف شاهين بين التاريخي وواقع اليوم

تحت هذا العنوان كتب الكاتب الكبير والناقد السينمائي (قصي صالح درويش) مقالا كبيرا نشر أولا في جريدة الشرق الأوسط، ثم نشر في العدد الخاص من مجلة (السينما) عن يوسف شاهين، سنتوقف عند جزء منه يقول فيه : كان أداء جميع الممثلين ممتازا، ولكن متفاوتا باستثناء (محمد منير) الذي كان أداؤه ضعيفا، وعلى الرغم من موهبة (نور الشريف) فى دور (إبن رشد) إلا أن أداءه كان متفاوتا خلال الفيلم، وقد يعود ذلك إلى وجود تفاوت في فهم شخصية (ابن رشد) بين نور الشريف والمخرج، فنور طالع كثيرا ليفهم شخصية (ابن رشد) التاريخية، ولكنه اضطر لأدائها حسب تعليمات المخرج من دون أن يبدو وكأنه مقتنع بها فعلا، أما (ليلى علوي، ومحمود حميده) فكانا في أفضل حالاتهما وتألقهما مع أن دوريهما كانا صغيرين في السيناريو إلا أنهما تحولا إلى دورين مهمين وأساسيين فى الفيلم.

نجحت (ليلى علوي) فى أداء شخصية (مانويلا الغجرية) المرأة القوية العطوفة والرقيقة في الوقت نفسه، وبلغت قمة تالقها في مشهد موت (مروان) وهو مشهد صورته في سوريا في اليوم التالي لوفاة والدها فى مصر بعد أن سافرت ساعات وحضرت الجنازة ثم عادت لأدائه.

أما (محمود حميده) فقد خرج كليا عن إطار أداء (يوسف شاهين) المعروف المتميز بالحركة الدؤوبة، لقد أدى دوره محافظا على إيقاع ثابت في تعبير الوج، وفى الصوت، وفى تقشف كبير في مظاهر التعبير الخارجية.

الناصر على فرسه
الناصر الذي جسده خالد النبوي

وتميز كذلك (خالد النبوي) الذي كان أفضل بكثير فى هذا الفيلم منه في فيلم (المهاجر)، كما أثبت (يوسف شاهين) أنه أهم من يكتشف الوجوه الجديدة، ففي هذا الفيلم قدم الشاب (هاني سلامه) في دور (عبدالله)، وهو إضافة إلى وسامته وجمال عينيه كشف عن موهبة أدائية كبيرة.

ولا شك أن أهم المزايا الفنية لـ (المصير) هذه اللغة التشكيلية الرائعة التى انتظمت بها مشاهد الفيلم، فكان كل مشهد لوحة فنية زيتية تضاهي كبار اللوحات الكلاسيكية، حيث تم إختيار اللوان والأضواء والظلال بحساسية مرهفة وبسيطرة فنية، تميز أعمال كبار المخرجين والمصورين، ولاشك أن التصوير فى هذا الفيلم وصل قمته فى السينما العربية، والسينما العالمية، وأثبت فيه (محسن نصر) أنه أفضل مدير تصوير فى العالم العربي من دون استثناء.

أما أضعف شيئ في الفيلم لغته وحواره، لغة ساذجة غير درامية وحوار فقير على الرغم من ازدحامه بالشعارات الرنانة والتعليقات السياسية، لقد أضعف الشخصيات وأضعف الإيقاع الدرامي وزاد من سطحية الرؤية الفكرية للفيلم.

لقد أراد (يوسف شاهين) أن يشرح الإرهاب وأن يعلق عليه ويندد به، وكانت صيرورة المؤلف كافية لإيصاله إلى هذه النتيجة، لكنه لم يكتف بهذا الإيصال الفني بل أصر على الحديث المباشر، فكان قسم كبير من الحوار أقرب ما يكون إلى مناقشات المثقفين، أي إلى خلاصاتهم وأحكامهن الثقافية، كيف ينتشر الإرهاب وكيف يفكر المتطرفون، وكيف يتصرفون وكيف يعسلون أدمغة الشباب الذين يجندونهم، كل ذلك فى صيغ خطابية مباشرة، يعلو إيقاعها على إيقاع الدراما ويطغي عليه.

بالتأكيد فيلم (المصير) أجمل أفلام (يوسف شاهين) فى السنوات العشرين الأخيرة، وتحديدا منذ (إسكندرية ليه).

أفبش الفيلم يتصدره النجم نور الشريف

بطاقة الفيلم:

إنتاج : أفلام مصر العالمية (يوسف شاهين وشركاه.

قصة وسيناريو وحوار وإخراج: يوسف شاهين

مدير التصوير: محسن نصر

 مهندس الصوت : جاسر خورشيد

 موسيقى تصويرية: كمال الطويل ويحيى الموجي

يحتوى الفيلم على ثلاث أغاني وهي:

علّي صوتك غنـاء : محمد منير كلمات : كوثر مصطفى، ألحان : كمال الطويل.

جمر الهوى: غناء : محمد منير، كلمات: سامح القدوسي، ألحان : كمال الطويل.

يا ربنا :غناء المجموعة، كلمات سامح القدوسىي، ألحان كمال الطويل.

فريق العمل (نور الشريف في دور ابن رشد، ليلى علوي في دور مانويلا، الغجرية، محمود حميدة في دور الخليفة، صفية العمري في دور زينب زوجة ابن رشد،محمد منير في دور المغني مروان، خالد النبوي في دورعبدالرحمن الناصر ولي العهد، سيف عبد الرحمن في دور شقيق الخليفة،عبد الله محمود في دوربرهان،أحمد فؤاد سليم في دور الشيخ رياض،روجينا في دور سلمى، أحمد مختارفي دور بدر. مجدي إدريس في دور الأمير، فايق عزب في دور الرازي، شريفة ماهر في دور أم مانويلا، حسن العدل في دور جعفر، محمد ملص،سناء يوسف، والوجوه الجديدة :هاني سلامة في دور عبد الله، فارس رحومة في دور يوسف، إنجي أباظة في دور سارة، أمير العاصمي في دور سعد، محمد رجب في دور الجاني).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.