رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

أم كلثوم تشعل أزمة في الشارع السياسي الإسرائيلي

تشدو بأروع أغنانيها لفلسطين

كتب : أحمد السماحي

فى الوقت الذي ننشغل فيه بتعبات الهزة الأرضية التى حدثت لعمارة “الشربتلي” جراء أعمال حفر مترو الأنفاق، تلك العمارة الشهيرة التى يقطنها مجموعة من مشاهير الفن المصري، مثل مطربتنا الكبيرة السيدة “نجاة”، والسيدة “كوثر شفيق” زوجة المخرج الراحل “عزالدين ذوالفقار” وحفيد الفنانة “علوية جميل”، وغيرهم من المشاهير في المال والأعمال وغيرها من تخصصات مختلفة.

 وفى نفس الوقت الذى ننشغل بفكرة فاشلة لإطلاق اسم الإعلامية الراحلة “صفاء حجازي” – رحمها الله – على محطة مترو الزمالك في استهانة واضحة لرموزنا الوطنية من جانب بعض المأفونين من أصاحب العقول الخربة ومغرمي التفاهات والدخول في المتاهات التي لاتجدي ولا تثمن من جوع سوى سعار اسمه (الترند)، نجد في الوقت نفسه وبالتزامن مع هذا كله، أن كوكب الشرق “أم كلثوم” والتى كانت بالمناسبة واحدة من أشهر سكان حي “الزمالك”، نجد هذه العظيمة وبعد رحيلها بـ”45 “عاما قادرة على إشعال الحرب الكلامية والتراشق ليس في مصر بإطلاق اسمها على محطة الزمالك بدلا من المرحومة (صفاء حجازي)، باعتبارها رمزا مصريا عظيما وشامخا لاينبغي الاستهانة به في ظل عشوائية القرار، بل نراها تشعل حربا ضروس داخل الشارع الإسرائيلي وبين طوائفها المختلفة، وتثبت أنها قادرة أن تخرج كل فترة أو تطل برأسها من تحت التراب قائلة: إنها هنا، حاضرة بينكم! وإنها ستبقى خالدة خلود النيل والأهرامات.

نظرة تحدي لسيدة الغناء العربي للصهاينة

والحكاية باختصار أن عرب حيفا نجحوا منذ أيام فى إطلاق اسم “أم كلثوم” على أحد شوارع حيفا، بعدما قررت لجنة التسميات ذلك فى بلدية حيفا، التى تترأسها “عينات كاليش”، إنطلاقا من أن أم كلثوم تعتبر من عظماء الغناء العربى، وهى اسم مرادف للموسيقى العربية عموما والمصرية خصوصاً، لذا رأت اللجنة أن تطلق اسمها على شارع فى حيفا، وذلك ترسيخا لأنها مدينة مختلطة تمثل نموذجا للحياة المشتركة بين اليهود والعرب” على حد قولهم.

صحيح أن الاحتفالية لا تخرج عن إطار تسويق دولة الاحتلال الصهيوني التي ترغب – بلا جدوى – في إضفاء طابع إنساني على سياساتها العنصرية، واحتلالها الأرض الفلسطينية، وتشريد سكانها والتنكيل بكبارهم وصغارهم، خاصة هذه الأيام!، ولكن مما لا شك فيه أن القرار أشعل الحرب الكلامية والتراشق الساخن بين المسئولين الإسرائيليين وبعضهم البعض، فقد سارع “يائير نتانياهو” وهو نجل رئيس الوزراء “بنيامين نتانياهو” إلى التعليق على قرار بلدية حيفا بتغريدة جاء فيها “عار وجنون”!

ونشرت صحيفة “كول بو” أو ـ “كل شيئ هنا” ـ منذ يومين صورة “أم كلثوم” بالحجم الكبير، مع عنوان بالعبري مكتوب بالخط العريض على صفحاتها الأولى “أصبح عندي الآن بندقية إلى فلسطين خذوني معكم”، وكتبت نعم هكذا غنت “أم كلثوم” التى سيطلق اسمها على شارع فى حيفا ونقلت الصحيفة عن عضو الكنيست فى حزب “الليكود “أربيل كيلنر” قوله أشعر بالحزن لقرار تسمية “أم كلثوم” التى دعت إلى إبادة دولة اليهود، مضيفا سأجد طريقة لمنع هذه التسمية.

من المعروف أن هذه هى المرة الثانية التى تطلق إسرائيل إسم “كوكب الشرق أم كلثوم” على شارع عندها، ففي عام 2012 أطلق رئيس بلدية القدس “نير بركات” الذي يعتبر أحد القادة البارزين فى حزب “الليكود” اسم “ثومة” على شارع في حي بيت حنيا فى القدس الشرقية المحتلة، وقال يومها “أم كلثوم” كانت مغنية يسمعها العالم بأسرة وشرف عظيم لنا بأن نخلد ذكراها بإطلاق اسمها على أحد شوارع القدس.

جدير بالذكر أنه فى الوقت الذي تحتفي فيه إسرائيل – هذا الكيان الصهيوني الذي حاربته أم كلثوم بصوتها وأغنياتها الوطنية العظيمة – بكوكب الشرق – نضن نحن المصريين من إطلاق إسمها على محطة مترو الزمالك، هذا الحي الذي اشتهر وعرفه الناس بحكم سكن كوكب الشرق فيه، ونعطيه لإعلامية لا يعرفها إلا قلة قليلة من أجيال مصر الحالية،- ونحن لا نقلل من شأنها لاسمح الله – بل نلفت النظر إلى إنه ينبغي أن تكرم في بيتها التليفزيون المصري بإطلاق اسمها على أحد استديوهات قطاع الأخبار، وكان من الأجدر والأحق بنا أن نطلق إسم أم كلثوم على محطة المترو التي أثارت الجدل، حتى نعلن للعالم أجمع اهتمامنا برموزنا الفنية والسياسية والإجتماعية والرياضية والعلمية.

وتظل الحقيقة الغائبة عن الوعى الجمعي إنه لو كان اسم “أم كلثوم” أطلق على محطة مترو الزمالك لكان هذا أفضل رد اعتبار لها، خاصة أن هذه هى المرة الثانية التى تتخلى فيها الدولة المصرية عن عملاقة الشرق، المرة الأولى عندما سمحت ببيع فيلاتها الشهيرة بدلا من تحوليها إلى متحف يضم آثارها وتراثها الفني الذي لايبلى، والمرة الثانية عندما جاءت باسم إعلامية متواضعة القيمة بدلا من وضع إسم أيقونة الشرق والغرب على محطة المترو مثار الجدل، وخاصة أنها -رحمها الله – هى التي تنتمى انتماءا حقيقيا إلى هذه الجزيرة العريقة (الزمالك) حتى أنها ظلت متواجدة فيها حتى توفاها الله.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.