رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

نزار قباني : “أيظن” مآساتي، لكنها ليست قصتي مع “كوليت خوري”

* كامل الشناوي: نجاة لا تغني ولكن تؤدي لونا فيه طهارة وإغراء!

* يوسف إدريس: الجمهور أثبت أن الفن وحده الذى يحركه، وليس الإثارة

* صلاح عبدالصبور: أغنية نجاة ونزار أصبحت شعبية بعد إذاعتها بدقائق

* يحيي حقي: اللحن يصاحب القصيدة فى رحلة إلى أعماق المرأة

* نعمان عاشور:في اللحن نغما حزينا لا يتناسب مع رنة التفاؤل فى ختام القصيدة!

* بيرم التونسي: كنت أتمنى أن تلحن لنزارالموهوب قصيدة أخرى بدلا من هذه القصيدة غير اللائقة!

* إحسان عبدالقدوس: أخشى أن تفسد “أيظن” شعر نزار قباني، ويكتب الشعر بعد ذلك كمايريده عبدالوهاب!

نجاة صاحبة الأغنية

لم يسبق أن استقبلت الجماهير أغنية كما استقبلت قصيدة “أيظن” كلمات نزار قباني، ألحان محمد عبدالوهاب، وغناء” نجاة”، فهذه القصيدة حققت نجاحا كبيرا، وأثارت جدلا أكبر، وأعترض البعض على كلمات في القصيدة مثل كلمة “زهور” لإنها ليست عربية، حيث يقال فى اللغة العربية “أزهار” و”أزاهير” و”زهرات”، واستدعت كلمة “فساتيني” سجالا لغويا واسعا في صحف “المساء، المصور، الجمهورية”، وتسأل البعض هل يصح إقحام كلمة إفرنجية فى قصيدة عربية؟ مالها “أثوابي” فيها تستقيم اللغة وينضبط الوزن ولا ينقص المعنى؟، لكن ماذا عن “الافتراض اللغوي” ألا يحق للشاعر أن يستعير كلمة من اللغة الفرنسية مادام استخدمها بيسر وفن؟، ومن قال إن كلمة “فساتيني” فرنسية أصلا!، فلا أحد يعلم من أين أتت هذه الكلمة ولا كيف تسللت إلى لغتنا الدراجة، ثم طالب حماة اللغة العربية عبدالوهاب باستبدال كلمة “فساتيني” بكلمة أخرى، لكنه رفض قائلا: “إنها قصيدة مودرن وضع كلماتها شاعر عصري”.

أما كيف رقصت هذه الفساتين؟ ولماذا رقصت على قدميه وليس على قدميها، فلم يستطع أحد أن يجيب، بل ولقد ذهبت الآراء فى تفسير هذا البيت إلى مالا تسمح به الإذاعة أو غيرها، وفى لقائها الأول كما جاء ــ فى فصل “أيظن” فى كتاب “نجاة الصغيرة” للكاتبة “رحاب خالد”، سألت “نجاة” الشاعر “نزار قباني” ماذا تعني بالضبط فى هذا البيت؟ فأجابها: وبماذا فسرته أنت؟! فسرته بأن الحبيبة فرحت بعودة حبيبها فلبست له الفساتين التى كانت قد أهملتها فى غيابه، والرقص هنا ليس إلا تحية وانحناءة من الفساتين عند قدمي الحبيب، ويستكمل نزار لها الإجابة فيقول : إن الأشياء التى تحيط بنا تستمد حياتها من وجودنا، عندما نكون سعداء تزدهر وتفرح، وحينما يتركنا حبيبنا يستحيل كل شيئ إلى موت، إلى رماد، ومع عودة الحبيب تستيقظ كل الأشياء التى كانت تحيا بوجوده، ومنها الفساتين.

وكلمة “فساتين” التى استفزت البعض أصبحت جزءا من الجميلات اللآتي نحبهن، ولكل فنان له ثقة بنفسه أن يضع اللفظة التى يراها مناسبة فى المكان المناسب، على أن يتوفر الشرط الجمالي بلفظة، ثم أن كلمة “فساتيني” أقرب إلى الذهن لأن المرأة تقول “فساتيني”، ولا تقول “ثوبي”.

ولما سئل هل صحيح أنه يصور فى قصيدة “أيظن” حكايته مع الكاتبة “كوليت خوري”، وأن كوليت أيضا تصور حكايتهما معا في قصتها “أيام معه”، أكد “نزار قباني” أنه ليس بطل القصة ولا القصيدة، وأضاف إننا فى الشرق نربط الأشخاص بالعمل الفني، وهذا لا يمكن أن يكون صحيحا دائما، فقصيدة “أيظن” تحكي قصة صديقة حقيقية صحيح، لكنها ليست قصتي.

جدل “أيظن” ينتقل إلى كبار الكتاب والموسقيين

مأمون الشناوي

ولم يتوقف الجدل والأحاديث عند ذلك فقد كتب عن القصيدة كبار الشعراء والكتاب والموسيقيين في مجلات “الكواكب” و”الإذاعة والتليفزيون” و”آخر ساعة”، فكتب “كامل الشناوي” قائلا: لقد سمعت نجاة كثيرا وهى تغني، ولكن ما سمعته اليوم ليس صوتا ينبعث من حنجرة، إنه طيف صوت، ضوء مسموع، نغمة تؤدي نغمة، نبرة إلهية تحول كل أذن إلى محراب، إنها لا تغني ولكن تؤدي لونا رشيقا فيها طهارة وإغراء”.

يوسف إدريس

أما الكاتب “يوسف إدريس” فقال: نجاة ارتفعت إلى المستوى الذى يصبح فيه الغناء نوعا من التصوف الانفعالي، والجمهور أثبت أن الفن وحده الذى يحركه، وكنت أحس بتصفيقاته المرعدة كأنها الصفعات تنهال على وجوه من أرادوا أن يشوهوه ويدعوا كذبا أنه لا ينفعل إلا بالإثارة”.

صلاح عبدالصبور

ويقول “صلاح عبدالصبور”: كان الوهم السائد أن الأغنية الشعبية هى التى تكتب بلغة هابطة ويعتمد لحنها على نوع من الإيقاع الرتيب، لكن أغنية “نجاة الصغيرة ونزار قباني” فضحت هذا الوهم وأصبحت أغنية شعبية بعد إذاعتها بدقائق.

يحيى حقي

ويشيد “يحيي حقي” بالقصيدة فيكتب: أعجبتنى جدا قصيدة “أيظن”، من حيث الكلمات والألحان والأداء، وأعتقد أن اللحن يصاحب القصيدة فى رحلة إلى أعماق المرأة، ولما قالت نجاة “ما أحلى الرجوع إليه” نقلت الموسيقى إلى أذنى قمة الفرحة والنشوة.

نعمان عاشور

وانتقد الروائي الكبير”نعمان عاشور” العمل فقال: رغم الضجة التى صاحبت “أيظن”، لكن الأذواق تختلف وبعض المتذوقين، وأنا منهم، يقولون إن في اللحن نغما حزينا لا يتناسب مع رنة التفاؤل التى تغمر ختام القصيدة.

بيرم التونسي

ووصف الشاعر “محمود بيرم التونسي” العمل بالزفة، وقال “الزفة” التى فعلت كل هذا، و”نزار” شاعر موهوب، وله في ذاكرتي أبيات أخرى كنت أتمنى أن تلحن بدلا من هذه القصيدة غير اللائقة سواء فى الوزن أو القافية أو فى المعنى”.

وكان للكاتب “حلمي سلام” رأيا مغايرا لكل الآراء قال فيه: الذين يتصورون أن جمهورنا لا يتذوق إلا “نار يا حبيبي نار” يظلمونه ظلما كبيرا، فقد أثبت مع “أيظن” أنه جمهور فنان لا ينقصه الحس ولا الذوق، إنما ينقصه الذين يقدمون له ما يشبع حسه وذوقه”

وعبر الكاتب “إبراهيم الورداني” عن إعجابه بالقصيدة وقال: رغم هجوم البعض على “أيظن”، لكن الأغنية الآن تنفذ كالهواء المصفي من نوافذ البيوت، إنها شيئ شهي، فيه طرب، وشوق وواقعية.

وأعتبر الموسيقار”مدحت عاصم” القصيدة مجرد أغنية عاطفية فقال: أيظن مجرد أغنية عاطفية حزينة جودت “نجاة الصغيرة” في أداءها، وحاول فيها “عبدالوهاب” أن يرسم معالم شخصيته الأصيلة بعيدا عن نزعة الاقتباس، وأرضت كلماتها السامعين، لما في معانيها مما يرضي كبرياء الرجل، وما يشبع غريزة الخضوع عند الأنثى.

أما الموسيقار “محمود الشريف” فقال: لحن “أيظن” ليس هو أروع ألحان “عبدالوهاب”، والضجة الغريبة التى أثيرت ولم تترك للناس فرصة الحكم الصادق الصادر عن فهم وتفكير، وأصدق ما يقال فى أغنية “أيظن” أنها نجحت قبل أن تكتمل ولادتها، وكان نجاحها بالعافية!

إحسان عبد القدوس

وهكذا تكثر الأحاديث التى تتناول القصيدة، كما تجري العديد من الصحف وبرامج الإذاعة حوارات مع “نزار” أثناء وجوده في القاهرة بعد إذاعة القصيدة بشهور قليلة، ويخشى الكاتب “إحسان عبدالقدوس” على الشاعر الموهوب من أن تفسد شهرة الأغنية شعره ويكتب فى مجلة روزا اليوسف: “أخشى على نزار من الشهرة العريضة التى حققتها أغنيته الأولى في مصر، ويكتب الشعر بعد ذلك كما يريده عبدالوهاب لا كما تنطبق به طبيعته الفنية، وكثيرون من الشعراء أفسدتهم الأغاني، كما أفسدت السينما كثيرين من كتاب القصة وهل يتعين على كل شاعر أن يصبح مؤلف أغان قبل أن يحظى من الصحف والإذاعة بالاهتمام والتقدير، وقبل أن يبحث القراء عن دواوينه بالمكتبات؟، لقد ظل نزار ينظم الشعر خلال عشرين عاما وصدرت له خمسة دواوين من دون أن يحظى من الشهرة بما حظي به بعد أن غنت له نجاة قصيدة “أيظن”، لهذا نزار حزينا!”.

ويرد نزار على إحسان فيقول: نعم حزين لأنى لست شاعر أغنية، ولقد مضيت عشرين عاما من حياتي أكتب الشعر لوجه الشعر ولا أريد أن تكون “أيظن” بطاقة تحقيق شخصية يعرفني الناس من خلالها وهذه هى مأسأتي!!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.