رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

عبد الرحمن أبو زهرة .. مسيرة حافلة بالإبداع

بوتوريه لأشهر صوره خلال رحلته الفنية

بقلم : محمد حبوشة

برع ما بين أداء المواقف الكوميدية والمواقف التراجيدية أو المواقف الاجتماعية بصدق يعكس قدرة مدهشة على التجسيد، وأثبت في كل أدواره قدرته على كشف انفعالات الشخصيات التي جسدها، وذلك بالعيش في مسارها وتحوّلاتها، بحيث قدم لنا في النهاية نوع  مثير من المتعة البصرية، على جناح تصرفه العادي والسلس، فهو لايتعمد أبدا تصنع الأداء، ولا يبالغ في سلوكه، بل على العكس تماما يحافظ على هدوئه، رغم اختلاف تقنيات التمثيل المونودرامي التي اتبعها طوال مسيرته الفنية التي تمتد لأكثر من نصف قرن من الزمان، فقد تمتع بتنويع تقنيات أدائه تبعا للأصوات وللمواقف التي يسترجعها عبر ذاكرته، وغالبا ما كانت مقاطع أو صور متشظية أو متناثرة تعود إليها الشخصية، وذلك طبقا لموقف من الماضي أو لشخصية غائبة اشتبكت معه فيما مضي من الزمن، وعاوده الحنين إليها. 

إنه الفنان القدير “عبد الرحمن أبو زهرة” الذي يبدو في أدائه لأدوار الصمت إيقاع مواز لإيقاع الصوت في أداء الممثل؛ ويبدو أن هنالك تباين بين جماليات الأداء بين التعبير التمثيلي الصائت والتعبير التمثيلي الصامت عنده، وربما يعود ذلك لاستخدامه لأكثر من منهج أدائي للتنقل بين الأدوار التي يقوم باستدعائها عبر الذاكرة، فهو يستعين بمنهج ستانسلافسكي في أن يعيش انفعالات الشخصية وأحاسيسها بصدق وإيمان، وأن يتحول من الممثل الشخص إلى الشخصية المسرحية أو السينمائية أو في الدراما التليفزيونية، ومن ثم فهو بأدائه الإبداعي هذا يؤثر على الجمهور ويقنع المتلقي بانفعاله وشعوره، وبصدق أحاسيسه، وهنا يظهر “أبو زهرة” الاقتدار والتفرّد في إيجاد أسلوب يجمع بين الأسلوبية (الاستايلزم) وأسلوب المعايشة.

المسرح عشقه الأول والأخير

إن الصدق على خشبة المسرح هو كل ما كان يؤمن به عبد الرحمن أبو زهرة” إيمانا حقيقيا من أفعال أو أقوال، فالصدق والإيمان صنوان لايمكن فصل أحدهما عن الآخر، ومن هنا فهو ليس بذلك الممثل الذي يتصنع في دوره المسرحي، ويؤديه أداء آليا سطحيا زائفا خاليا من الإحساس والمشاعر الصادقة، وينعدم فيه الإيمان الحي والحياة الواقعية الطبيعية، بل هو الذي يخلق روحا إنسانية في دوره المسرحي والسينمائي والتليفزيوني، ويمكنه دوما الاستعانة بـ”لو” السحرية ومنطق الظروف لتقديم دور صادق، ينبض بالحيوية والحركة والمتعة، وبالتالي يتحقق الإيمان الصادق بتوظيف الأفعال الجسمانية الصادقة، وتشغيل العواطف المتقدة، وتفتيق الانفعالات النفسانية الحقيقية، وربطها بالخيال والخبرة والشعور.

من ذكريات الشباب مسرحيا

بداية رحلة التمثيل

وعبد الرحمن أبو زهرة، ضيفنا في “بروفايل” هذا الأسبوع، هو فنان من طراز فريد ومختلف، فقد ولد بمحافظة دمياط طفلا مجتهدا في مراحل دراسته الأولى في الابتدائي والإعدادي، وكان طالبا مجتهدا في مدرسة خليل أغا الثانوية، ولم يكن لديه أي فكرة عن الفن أو التمثيل، ولم يذهب حتى هذا التوقيت لأي مسرح أو سينما، حتى إنه لم يكن يسمع حتى عن الإذاعة، فقد كانت حياته تقتصر فقط على المذاكرة والذهاب إلى المدرسة والعودة إلى البيت، ولذا فقد اعتبر أن القدر كان وراء دخوله عالم التمثيل، وبالرغم من الخجل الذي كان يغلب على شخصيته داخل الحصص المدرسية، إلا أنه كان مهرجا في الفسحة، وكان يقلد المدرسين، ويظل يضحك هو وزملائه، ولكنه ترك التقليد منذ أن أصبح ممثلا؛ لأنه من وجهة نظره ليس به إبداع.

وربما كان أول عمل شارك فيه كانت مسرحية مدرسية منذ حوالي 60 عامًا، كان سبب في الحول الكبير في حياته، عندما حصل وقتها على الميدالية الذهبية كأفضل طالب ممثل على مستوى الجمهورية، فحينها كان مدرس المسرح يدعى “الحناوي”، قال له: اذهب بموهبتك وتقدم لمعهد التمثيل، وأعطى له العنوان في جاردن سيتي، وقدم بالفعل للجنة المعهد وقتها نفس الدور الذي تقمصه في مسرحية المدرسة، وتفوق على كل المتقدمين.

كان “عبد الرحمن أبو زهرة” شابا خجولا جدا خجولا جدا، لكن التمثيل عالجه من  ذلك  الخجل الذي كان يعتريه، وبعد تخرجه عمل موظفا بوزارة الحربية، لكن حظه كان جيدا حين عمل مع العمالقة، فقد أخده الفن وانطلق مع دفعته التي حقق جميع أفرادها النجومية ومنهم “أبوبكر عزت وعزت العلايلى وصلاح قابيل وحسن يوسف وعايدة عبدالعزيز ورجاء حسين ويوسف شعبان ورشوان توفيق”، وكان عمله بالمسرح بمثابة مدرسة تعلم فيها الكثير فى فنون الأداء من العظماء الذين وقف بجوارهم، وفي هذا الصدد يقول: حظى كان سعيدا جدا لأنى دخلت المسرح القومى وبسبب “عمر الحريرى” أصبحت بطلا فى المسرح، فقد كان يقدم مسرحية “بداية ونهاية” قصة الكاتب الكبير نجيب محفوظ وترك المسرحية فجأة لظروف معينة وكنت مشهورا بأننى أحفظ سريعا، فأسندوا لى الشخصية التى كان يلعبها فى الرواية، وهى بطولة، وقدمت مكانه الدور.

في السيتينيات كان جوكر المسرح

جوكر المسرح النابه

كما تكرر الأمر فى مسرحية أخرى – يضيف أبو زهرة – هى “المحروسة” فقد توفى ممثل فى الصباح وهو صلاح سرحان، وطلبوا منى تقديم دوره، فحفظت وقدمت العمل وأثبت كفاءتى وكان الفنان عبدالرحيم الزرقانى يسمينى “الجوكر”، وكنت مثالا للحفظ والاجتهاد فى المسرح، وظللت أقدم أدوارا كثيرة فى المسرح، ووصل رصيدى لأكثر من 100 مسرحية، وأتذكر أيضا أن الفنان كمال حسين كان يقدم بطولة مسرحية على المسرح القومى وكانت المسرحية محققة الكثير من النجاح الجماهيرى، وفجأة مرض وارتفعت درجة حرارته وأصبح غير قادر على تقديم العرض، فطلبوا منى تقديم المسرحية مكانه وبالفعل حفظت وقدمت الدور وأنا لم أشاهد المسرحية وقال لى أحمد حمروش عندما شاهدنى بالصدفة: “إنت اللى هتعمل المسرحية”، وبالفعل أنقذت العمل ومنحنى شهرا مكافأة وقتها 8 جنيهات تزوجت بها، وساعدنى “محمد صفوت” فى الحفظ، وهو كان ملقنا جيدا جدا، ولقننى ورسم لى الحركة بيديه عن طريق لغة الإشارة من تحت “الكمبوشة”.

موهبته وقدرته المتلونة على تقمص مختلف الشخصيات الدرامية غالبا هي التي مهدت له أن يكون أن يختار أدوارا تعجب الجمهور والنقاد على حد سواء، وغالبا ما كانت تلك الأدوار رائعة، ولكن بعض تلك الأدوار تخطت الإعجاب، بل ولم يكن يلزمها إعجاب ناقد أو جائزة تنال عليها .. فجمالها تخطى الإبداع، كانت تلك الأدوار هى الأدوار المثالية والمتقنة التي قدمها بشكل احترافي وبإخلاص يوحي إننا عندما نشاهدها نعتقد بأنها شخصيات حقيقة، وليست أدوار مسرحية أو سينمائية أو تليفزيونية، هذه الأدوار قدمها “أبو زهزة” بإتقان لأنه كان على مستوى كبير من الموهبة التمثيلية والمقدرة التي جعلته يعد من أهم نجوم جيله، وهو الآن يعد الفنان الذى يعتبره الفنانين مثال للأب الذى يحتذى به، فهو الشخص المثالي على المستوى الإنسانى والفنى، وهو ما لمسه جمهوره من خلال الأدوار الذى يقدمها وبمجرد ظهوره في مكان عام يرسم البسمة على كل الحاضرين.

مع “سكار” بطل فيلم “الأسد الملك” الذي برع في شخصيته صوتيا من خلال الدوبلاج

بصوته المذهل و قدرته على التلون استطاع الفنان القدير عبد الرحمن أبو زهرة، أن يأثر الجميع بصوته العظيم في الدوبلاج، حيث قام بعمل دوبلاج  لعدد من أفلام الكارتون التى قدمت بالنسخة العربية من أفلام والت ديزنى الشهير، ووضع هذا الفنان القدير بصمة لا تنسى بصوته فى أداء شخصية الأسد “سكار” فى الفيلم الكارتونى “الأسد الملك”، وجعفر في “علاء الدين” وبعض حلقات مسلسل “دار الفار”، وقدم بصوته دور “هاتسو” في “الفتى برهان”، حتى أنه أصبح  الفنان الوحيد الذي قدم العديد من الأعمال التي تعد من العلامات في تاريخ الفن المصري، وجسد أدوارا تعد من الأدوار التي يجب أن يتم تدريسها لكل من يهوى فن التمثيل ويريد أن يصبح ممثلا، فهو تجسيد حي للفنان الواعي بأهمية الفن كرسالة تساعد في تغيير الوعي و تنميته ، وفوق ذلك هو قيمة فنية لم تتكون بسهولة، بل هي حصيلة رحلة عطاء طويلة وخبرة نادرة ، بدأت قبل أكثر من 60 عاما منذ تخرجه من المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1958م.

المعلم “إبراهيم سردينة”

سنوات الإنتاج الغزير

خلال سنوات السبعينات شارك “أبو زهرة” في العديد من الأعمال متنوعة ومنها على سبيل المثال: المسلسل الإذاعي “الأعماق البشرية”، وأفلام “اعترافات إمرأة، الاختيار،الشوارع الخلفية، بابا آخر من يعلم، إمرأتان، المتوحشة”، وبعض المسلسلات التليفزيونية، منها “الهروب، لحظة اختيار، حكاية الدكتور مسعود، المشربية، قلب بلا دموع، وخلال سنوات الثمانينات شارك في العديد من الأعمال مثل مسلسلات “صيام صيام، الباقي من الزمن ساعة، محمد رسول الله، رسول الإنسانية، صعاليك ولكن شعراء”، ومسرحية “سيرك يا دنيا”، والمسلسل الإذاعي “مش معقول”، وأفلام “مطاوع وبهية، اللعنة، ترويض الرجل”.

وخلال سنوات التسعينات شارك في العديد من الأعمال وهي: مسلسل “الوسية، بيوت في المدينة، الوعد الحق، لا، السقوط في بئر سبع، الزيني بركات، لن أعيش في جلباب أبي، الحاوي، عمر بن عبد العزيز، سنوات الغضب، السيرة الهلالية – الجزء الأول، مغامرات القرن القادم، نحن لا نزرع الشوك، جمهورية زفتي، السيرة الهلالية – الجزء الثاني، الغروب لا يأتي سراً، لما التعلب فات “، وأفلام “الحقيقة إسمها سالم، النوم في العسل، أرض الخوف”، ومسرحية “ليلة القتل الأبيض”.

أما خلال سنوات الألفين شارك في العديد من الأعمال وهى مسلسلات “السيرة الهلالية – الجزء الثالث، أمشير”، الوشاح الأبيض”، القاهرة 2000″، آوان الورد”، حارة المعز”، جحا المصري، اللؤلؤ المنثور، أميرة في عابدين”، خان القناديل”، أبيض × أبيض”، أمس لا يموت”، العمة نور، مصر الجديدة، الطارق، أيامنا، الدم والنار، أهل الرحمة، مشوار إمرأة، الحاسة السابعة ، العميل 1001، من غير ميعاد، الشيطان لا يعرف الحب، المصراوية، الملك فاروق، نقطة نظام، من أطلق الرصاص على هند علام، ظل المحارب، أنا قلبي دليلي”، وأفلام “حب البنات، ديل السمكة، إنت عمري، الجزيرة، أحلام وسلمان، “، ومسرحية “يا أحنا يا هيه”.

وفي عام 2010  تحديدا شارك في مسلسلات “سقوط الخلافة، ملكة في المنفى، القطة العميا”، بابا نور، الجماعة”، وفي عام 2011  شارك في مسلسلات “الزناتي مجاهد، آدم، عابد كرمان، سمارة”، وفي عام   2012 شارك في مسلسل “الخفافيش”، فيلم “تيتة رهيبة”، سيت كوم “عروسة ياهوو”، مسلسل “ويأتي النهار”، مسلسل “الصفعة” والمسلسل الإذاعي “العهد”.

أبداع منقطع النظير في مسلسل “كلبش”

سر أدائه المبهر

ويلاحظ من خلال تلك الأعمال أن الفنان “عبد الرحمن أبو زهرة” من الفنانين الذين يعطون لأى دور يقدمونه ثقلا كبيرا ومع كل ظهور له فى أى عمل تنبهر بأدائه فهو الممثل الأكثر تعبيرًا بوجهه وصاحب الألف وجه، فهو يمثل أى دور وأى شخصية تسند إليه بسلاسة لدرجة أنك بعد تجسيده لها لا تشعر أن ممثلا آخر يستطيع تجسيدها غيره، ويعتبر مسلسل “لن أعيش في جلباب أبي” من إنتاج عام  1995، أحد أفضل المسلسلات المصرية على الإطلاق بالنسبة له من خلال شخصية المعلم “سردينة”، ومن هنا يرى “أبو زهرة” نفسه أن شخصية “سردينة” لا تزال موجودة بيننا، بل يعتبر نفسه في الحقيقة هو نفس هذا الرجل، حيث يحمل الكثير من صفات هذه الشخصية، وكانت انفعالاته في الدور تلقائية للغاية، وكل الصفات الجميلة الموجودة فيه من حب الخير للناس ومساعدة الأصغر منه وحب العطاء ظهرت في هذا الدور بمسلسل “لن أعيش في جلباب أبي”، لأن “إبراهيم سردينة” يحمل الكثير من صفاته الشخصية.

أيضا يحسب لـ “أبو زهرة” إجادته الملحوظة في مسلسل “الوتد” كواحد من تلك المسلسلات الصعيدية المؤثرة، والتي عُرضت على التلفزيون المصري عام 1996، وهو عن قصة مفتبسة من رواية للأديب خيري شلب تحمل نفس الاسم، وربما يرجع ذلك لأن المسلسل  يحمل قيمة اجتماعية رائع، ة فبالرغم من سيطرة فاطمة تعلبه “هدى سلطان” على كل قرارات العائلة حتى أنها تقوم باختيار زوجات أبنائها بدون أخذ رأيهم، وتتحكم في أزواج بناتها أيضا.. كل ذلك كان ينبع طوال أحداث المسلسل من إيمانها الشديد ورغبتها في تكوين عائلة مترابطة وقوية.

لم أكن أتخيل نفسي ممثلا على الإطلاق

رأيه في الأداء التمثيلي

وعندما ننظر لآراء الفنان القديرعبد الرحمن أبو زهرة، لابد أن يلفت نظرنا قوله: أنا ضد التصنيف ولا أعترف بالتقسيمات، فالممثل يمثل كل الأدوار التى تعرض عليه والدور هو الذى يحدد مسار الشخصية، وهل ستكون كوميدية أم تراجيدية، وبالمناسبة أعظم من برعوا فى الكوميديا كانوا فى الأساس ممثلى تراجيديا مثل يوسف وهبى وحسين رياض وأنا عندما انضممت للمسرح القومى كنت مشاركا فى مسرحية “مصرع كليوباترا” للشاعر الكبير أحمد شوقى، وكنت أقول جملة واحدة فقط فى المسرحية وكان الفنان حسين رياض يقول “مونولوج” خطيرا جدا يضحك الناس ويبكيهم فى نفس الوقت، وأثناء وقوفى بجواره على المسرح انبهرت بأدائه وعندما جاءت جملتى لم أقلها فقال لى حسين رياض: “اتكلم قول جملتك” والملقن أيضا يصرخ من تحت الكمبوشة حتى “فقت” وقلت الجملة.

بعد انتهاء العرض استدعانى حسين رياض – يضيف أبو زهرة – وسألنى: مالك يا ابنى؟ إيه اللى جرى لك؟، فقلت له: “أقول لك الحقيقة بدون زعل لقد انبهرت بأدائك وتأملت أداءك وأنت تمثل بشكل طبيعى جدا والجمهور يتفاعل معك”، فنظر لى وقال: “إنت هتبقى ممثل كبير”، ولذلك فأنا استفدت جدا من عملى بالمسرح فهو المعهد والكلية التى تعلمت منها، فالمسرح معهد آخر عملى يختلف عن المعهد الذى يتلقى فيه الفنان التعليم. 

ومن أجل كل ذلك يعد “أبو زهرة” أول ممثل فى مصر والعالم العربى قدم “وان مان شو” من خلال مسرحية “نادى النفوس العارية” وذلك لمدة ساعتين، وكان المخرج هو عبدالغفار عودة وقدم كل الشخصيات، فقد قدم دور الزوج والزوجة فى نفس الوقت وبالمناسبة هذه المسرحية قدمها فى كل دول العالم ونجحت جدا فى كل البلاد التى قدمها فيها، كا أنه أيضا أول من قدم ما يسمى بمسرح القهوة، وهدفه كان الذهاب للناس بالمسرح، كما قدم أيضا مسرحيات على قهوة “ماتنيه”، وكانت مشاهدة المسرحية بالمشروب بعد اتفاقه مع صاحب القهوة، ولقد حققت التجربة نجاحا كبيرا من خلال فكرة بعنوان “إنى اعترض”، فقد قدم وجهة نظر الشخصيتين باعتباره محامى الطرفين.

على منصات التتويج والتكريم

قصة حب نادرة لزوجته

ولابد للباحث في سيرة “أبو زهرة” أن يلحظ  نذكر قصته مع زوجته الراحلة الكاتبة “سلوى الرافعة” التي رحلت بعد مرور 58 سنة على زواجهما، وليس على لسانه سوى أن يقول أن كل عام يزداد حبي وعشقي لها، وهي تحبني.. أصل مفيش حب من طرف واحد، فالقلوب عند بعضها مثلما يقولون، وبدأت علاقتنا عندما كنا نعمل سويًا في الإذاعة، وكانت ممثلة مبتدئة، وتمثل دور أمي، وعندما رأيتها استولت على وشغفتني حبا، ثم حصلت على رقم تليفونها وأعطيتها أيضا تليفوني، وبعد أسبوع قلت لها: عايز أتجوزك، فوافقت بدون تفكير، والأسبوع الثاني عقدنا القران، والأسبوع الثالث كان حفل الزفاف. 

أما عن اعتزالها التمثيل، فيقول الزوج المخلص “عبد الرحمن أبو زهرة” : كنت إنسانا غيورا جدًا، وبدأت القصة بحادثة على خشبة المسرح القومي، كنت قد ذهبت لمشاهدة مسرحيتها مع الفنان الراحل عادل خيري، وكانت ترتدي فستانا محتشما جدًا، لدرجة أن أكمام لبسها كانت تصل إلى حد الكوع، وفي أحد المشاهد أمسك بها الممثل من ذراعها، ومن غيرتي عليها في هذا المشهد، ضاحكا: نزلتلي اللوزتين، بعدها قررت أن تترك التمثيل ولم توافق على الفور، وعملت عليها مؤامرات، وقلت لها: أنتي كاتبة عظيمة جدا، حيث كانت قد قدمت وقتها 3 مسلسلات وسهرتين في التليفزيون، ولها عدة مؤلفات، لماذا لا تفرغي طاقتك الإبداعية في التأليف وتتركي التمثيل؟، ووافقت وكانت سعيدة سعادة غير عادية؛ لأن المرأة إذا وثقت في زوجها لا يمكن أن تصاب بداء الغيرة.

لهذا كونت أسرة عظيمة جدًا – يضيف أبو زهرة – أحمد ابني عازف رائع، ولا يوجد مايسترو في العالم إلا ويعرفه جيدا، وأحفادي أميرة ومريم، لديهم موهبة غريبة جدًا في العزف، وعملوا كونشرتو مع أوركسترا برلين، ودخلوا مسابقة في المجر، والرئيس المجري أعجب بهم ودعاهم لتناول العشاء معه، ولدي حفيد في الجامعة الأمريكية مؤلف ومخرج، ويخرج حاليا فيلما قصيرا، وقلت له سألعب معك البطولة علشان تفرح.. هكذا كانت مسيرة الفنان القدير “عبد الرحمن أبو زهرة”، صاحب التاريخ الحافل بالإبداع الفني النادر .. متعه الله بالصحة والعافية بقدر ما أمتع الجمهور المصري بروائعه الإبداعية المتميزة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.