رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

“عباس كامل” .. رائد الفيلم الغنائي الكوميدي الساخر

ضوء كبير في بداية سرعان ما أفل مع النهاية

* غنى كلماته ” نور الهدى، محمد فوزي، سعاد مكاوي، بديعة مصابني، شكوكو وغيرهم

* الكثير من أفلامه ما زالت تكشف عن جمالها على المستوى الجمالي والفكري والتنفيذي، عندما تعرض.

* أول أغنياته كان لنور الهدي عام 1945 بعنوان ” فاكهة وفكهاني”

* بديعة مصابني غنت كلماته في فيلم ” أم السعد” مع ماري كويني

* في آخر أيامه فقد الذاكرة وكان يسير في شوارع القاهرة مذهولا.

* أدخله ابنه جمعية الوفاء والأمل خوفا عليه من نفسه.

على مدى تاريخ الفن المصري جمع عدد من النجوم بين حرفية الفن وموهبة الأدب فكتب بعضهم الشعر أو القصة، بعضهم أجاد وبعضهم كان ضيفا خفيفا على الأدب، وفي كل أسبوع سنتوقف مع واحد من هؤلاء النجوم لنلقي الضوء على مشواره الفني، وموهبته الفنية والأدبية.

في منزله وخلفه صور أفلامه

كتب : أحمد السماحي

عباس كامل، واحد من الجيل الذهبي للسينما المصرية، فنان متعدد المواهب له رؤية فكرية وفلسفية في الحياة والبشر، اشتهر في أفلامه بالحوار الساخر البسيط السهل الذي يتلائم مع رسم الشخصية ويعبر عنها، ويمتلك حرفية تكوين المشهد الكوميدي الضاحك، كما يمتلك القدرة على إحساس صنع الموقف المتأزم، ومتى تحين لحظة إنهائه وكيفيه إنهائه؟ بحيث يعطي التأثير المطلوب.

هو أحد رموز السينما المصرية، وله دور ريادي في مجال الفيلم الغنائي الكوميدي الساخر، وللأسف الشديد هذا الرائد مثل كل العظماء تعرض للظلم والأهمال والتجاهل، حتى لو أنك بحثت له على مواقع “الإنترنت” عن صور أو موضوعات تعطيه حقه لن تجد إلا صور صغيرة ضعيفة جدا وقليلة جدا تعد على أصابع اليد الواحدة، فلا يوجد له أو لزملاء جيله صور أو معلومات كافية عنه.

يحتضن سعاد مكاوي ومدير تصوير أحد أفلامه

عرفنا عباس كامل من خلال عمله كمخرج ومؤلف لمجموعة كبيرة من الأفلام السينمائية التى أمتعتنا في زمن الأبيض والأسود، بدأها عام 1946 بفيلم “صاحب بالين”، وكان آخر أفلامه “كان وكان” عام 1977 وبينهما الكثير من الأفلام الكوميدية والغنائية التى ما زالت تكشف عن جمالها على المستوى الجمالي والفكري والتنفيذي، عندما تعرض.

اليوم لن نتحدث عنه كمخرج، ولا كمؤلف لمجموعة هامة من الأفلام التى كتب لها القصة والسيناريو والحوار وأخرجها زملائه المخرجين مثل “الكمساريات الفاتنات، ابن حميدو، إمسك حرامي، غرام في السيرك”، وغيرها، ولكننا سنتحدث عنه ولأول مرة كشاعر غنائي كتب مجموعة كبيرة من الأغنيات لعدد كبير من المطربين مثل “عقيلة راتب، سعاد مكاوي، عبدالعزيز محمود، محمود شكوكو” وغيرهم .

الميلاد

ولد “عباس كامل عبدالغني محمد قنبر الشيرازي” في مدينة بورسعيد في 2 يناير 1911 لأب يعمل في تجارة السجاد من أصل إيراني، ونظرا لاضطراب الحياة الاقتصادية فى مصر، أفلس الأب، مما جعله يخرج أولاده الذكور الثالثة ” أحمد جلال، حسين فوزي، عباس كامل” من المدارس، والأولاد الثلاثة يحملون أسماء مركبة، فى تقليد عرفته أسرة ” قنبر الشيرازي”، والأولاد الثالثة عملوا في الإخراج ـ فيما بعد ــ وأصبحوا من رواد السينما المصرية.

تلقى “عباس كامل” تعليمه فى مدرسة “الإرشاد الثانوية” بالمنصورة، بعد وفاة والده لم يستمر فى دراسته إلى نهاية المطاف، فقد أكتفى بالحصول على الكفاءة الثانوية، واتجه بعدها للعمل الحكومي، بهدف ضمان حياة مستقرة له، وكانت بداية حياته الوظيفية فى مصلحة البلديات، التى كانت تابعة لوزارة الداخلية، وتدرج فى وظائفها من كاتب، حتى أصبح مديرا لمكتب رئيس البلدية.

سامية جمال وليلى مراد وعبدالعزيز م

العمل في السينما

أثناء ذلك كان شقيقة “أحمد جلال” قد استطاع أن يكون له وجود بارز في الصحافة وعالم السينما، وخاصة منذ فيلم  كتب ومثل فى فيلم “ليلى” عام 1927، واستعان بشقيقيه “حسين فوزي وعباس كامل” للعمل معه، حيث كان حريصا على أن يكون أشقائه بجواره طول الوقت في أي عمل يقوم به، لهذا كتب “عباس كامل” فى نفس المجلات التى كان يكتب فيها “أحمد جلال” مثل “اللطائف المصورة، الكشكول، السينما، الاثنين والدنيا” وغيرها.

بدأ العمل في السينما مع “أحمد جلال ونيازي مصطفي وحسين فوزي” وغيرهم فى مجالات مختلفة في السينما مثل “المكياج، والمونتاج”، وحقق اسمه شهرة مدوية عندما كتب للمخرج “نيازي مصطفى” فيلم “طاقية الأخفاء” الذي حقق شهرة واسعة وإيرادات ضخمة، مما دفع الفنانة “عزيزة أمير” للاتفاق معه على كتابة ثلاثة أفلام أخرى.

صاحب بالين

أتت فرصة “عباس كامل” ليخرج أول أفلامه عندما قرأ إعلانا فى إحدى الجرائد عن طلب ستوديو الأهرام قصصا تصلح للسينما، فتقدم بقصة “صاحب بالين”، وعندما طلبه مدير الاستديو ذهب “عباس” إليه، وكله أمل أن تكون القصة قد حازت على موافقة الاستديو، وأن يدفع له مبلغا معقولا فيها، وخلال الحوار فهم “عباس” من مدير الاستديو أنه يعرض عليه أيضا إخراجها، وعندما لم يأت رد “عباس” نظرا للمفاجأة التى أخذته، ظن المدير أن ذلك راجع عن عدم رضاه عن الأجر المقترح، فضاعفه وانتهى الأمر بتوقيع “عباس كامل” على عقد إخراج فيلمه الأول.

بين شكوكو وسعاد مكاوي

شهيدة الحب الإلهي

بعد نجاح فيلمه “صاحب بالين” توالت أفلامه منها “عروسة البحر، بنت المعلم، كانت ملاكا، حدوة الحصان، منديل الحلو، بنت العمدة، أسمر وجميل، عيني بترف، خبر أبيض، فيروز هانم، شباك حبيبي، خد الجميل، حضرة المحترم، المقدر والمكتوب، لسانك حصانك، دستة مناديل، في صحتك، تار بايت، عروسة المولد، رحمة من السماء، عريس مراتي، أنا وأمي، شهيدة الحب الإلهي، هـ3، العقل والمال، خدني معاك، أنا الدكتور، مذكرات الآنسة منال”.

فاكهة وفكهاني

كتب ” عباس كامل” عشرات الأغنيات سنقدم لكم بعض منها، ففي فيلم ” أميرة الأحلام” بطولة نور الهدى ومحسن سرحان، إخراج أحمد جلال، كتب 3 أغنيات هى “فاكهة وفكهاني، ايه اللي جابني هنا، أميرة في الأحلام”.

يقول مطلع أغنية “فاكهة وفكهاني” التى استعرض فيها الفواكهة، ولحنها عزت الجاهلي وغنتها “نور الهدى”:

فاكهة وفكهاني وصوت حياني، يا مين يناديني ويقول اديني

زي بيض اليمام يا جواهر يا عنب، مرصوص فى عناقيدك

يضربولك سلام ياللي أنس وطر والحظ ده فى ايدك

عصيرك يا عنب فى الكاس يفرفش ناس ويفرح ناس

لا شيلك يا عنب ع الراس، وانادي عليك بكل حماس

………………………………………………….

“ايه اللي جابني هنا”، ألحان : رياض السنباطي، وغناء نور الهدى، سنذكر أيضا مطلعها لأنها مثل ” فاكهة وفاكهاني” طويلة :

ايه اللي جابني هنا، ما أعرفش

 وحياة ربنا قولولي مالكم ايه

جرى ورايا العذول هربت أنا وجريت

هاجم زي الغول منه أنا اتخضيت

دخلت شارع من جوه شارع لقيت عمار

بصيت ورايا لقيت عينيه تبخ نار

سألت نادر ايه العمل قال لي ما تخافيش

ده ربي ساتر وفيه أمل ما تيأسيش

كان باب السما مفتوح سمع دعا نادر

دعاه ما يخيب، وطول ما الجسم فيه

الروح ربك مطلع قادر وفرجه قريب

………………………………………………….

“أميرة فى الأحلام” ألحان زكريا أحمد، غناء نور الهدى

يبوح لي بحبه، وعارف قلبه مش ليه

يا ريته ما باح ولا اتكلم، يا ريتني ما شفته بعينيه

أسرت القلب بايديه، وشفت الذل بعينيه

هويته وهو مش ليه، وليه يا قلبي تتألم

يا ريته ما باح ولا اتكلم، يا ريتني ما شفته بعينيه

تركت الأهل علشانه، سقاني المر وألوانه

قتلني بسحر أجفانه، مسير القلب يتعلم

يا ريته ما باح ولا اتكلم، يا ريتني ما شفته بعينيه

أميرة وفي حبي فقيرة، والحب قاس وله أحكام

أميره وفى حبه أسيره، أميرة لكن في الأحلام

………………………………………………….

وفي فيلم ” أم السعد” بطولة ماري كويني، بديعة مصابني، محمد سلمان، إخراج أحمد جلال، كتب 7 أغنيات في الفيلم هى ” انته آه من انته” غناء بديعة مصابني، وألحان فريد غصن، “التوت” و”راح فين أبويا” ألحان محمد فوزي، غناء ماري كويني، ” لو أحبك” ألحان وغناء محمد فوزي، ” شقلبتني بغرامك” غناء محمد سلمان، ألحان محمد فوزي.

سنتوقف عند أغنية “لو أحبك” التى غناها محمد فوزي يقول مطلعها:

لو أحبك عمري ما حاتهنى

وأحلف لك دانته تتمنى

تتمنى أحبك واتلوع، وأصبح مشغول

وتسيبني قصادك اتوجع، هو ده معقول

ما أنا عارف حبك ما يدومشي

وأنا فاهم قلبك ما يصونشي

وفاكرني باحبك لا لا لا موش راح أحبك

تتمنى أحبك وأتلوع وأصبح هيمان

وتسيبني قصادك أتوجع وقلبي حيران

أنا عارفك تشمت في جروحك

وأنا خايف منك على روحك

وفاكرني باحبك لالا موش راح أحبك.

………………………………………………….

وفي فيلمه الأول “صاحب بالين” الذي أخرجه عام 1946 كتب ثلاث أغنيات هى “حمودة فايت يا بنت الجيران” ألحان محمود الشريف، غناء سعاد مكاوي، وشكوكو، “حظر فزر” ألحان حسن أبوزيد، غناء ثناء سميح، “الوابور” ألحان عبدالحليم نويره، غناء شكوكو وسعاد مكاوي وبشارة واكيم”.

سنتوقف هنا عند جزء من أغنية “حموده فايت” لأنها حققت شهرة عريضة عند إذاعاتها أول مرة ومازالت معروفة عند الكثيرين.

حموده فايت يا بنت الجيران

يا ورده بيضا في حزمة ريحان

باصبح عليكي يا زينة المكان

يا شاغلة بالي يا غصن بان

يا ساكنة جاري يا قايدة ناري

غلب حماري ما أقدرش اداري

طلي لي طلي يا بنت الجيران

حموده موده بقى لي ساعة

باستنى صوتك ليه اللكاعة

واطمن قلبي كل ساعة

دنا لما أشوفك اليوم بساعة

والعقل قلع والقلب ولع

وفؤاد مخلع اتارييه مولع

غني لي غني يا ابن الجيران

في كواليس أحد أفلامه صورة سيلفي مع فريق العمل

………………………………………………….

الرحيل

آلاف الكتب قرأها، وعشرات الأفلام كتب قصصها وأخرجها، وعشرات الأغنيات كتبها عباس كامل لكبار مطربي مصر، ولحن كلماته أساطين النغم مثل “زكريا أحمد، رياض السنباطي، محمود الشريف، محمد فوزي” وغيرهم الكثير لم يشفعوا له شيخوخته، ففي عام 1983 وبعد ابتعاده عن عمله السينمائي، أصابته حالة اكتئاب نفسي، وزادت حالته سوء، مما جعله يسير في شوارع القاهرة مذهولا يكلم نفسه بعد أن غابت عنه الذاكرة، واضطر ابنه الوحيد “ممدوح” نظرا لعمله في السعودية، أن ينقله إلى جمعية “الوفاء والأمل” خوفا عليه، وبعد أسبوع واحد من الجلوس في الجمعية رحل عن حياتنا يوم 25 ديسمبر 1985.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.