رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

بهاء الدين يوسف يكتب: فنانوا صفحات الحوادث.. جريمة (الفن) وخطيئة المجتمع!

بقلم: بهاء الدين يوسف

هل قرأت أو لاحظت وأنت تتابع مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين تفاصيل القبض على مطرب المهرجانات، كما يحلو للبعض أن يطلق على هذا (الفن) تعبير الغناء الهابط المثير للغرائز بالنسبة للبعض، والمثير للغثيان بالنسبة للكثيرين ممن لا يزال لديهم بعضا من الذائقة الفنية التي لم تفسدها الموجة؟!

اذا كنت لم تقرأ أو لم تلاحظ فقد تم القبض على المطرب (شطة) لحيازته مواد مخدرة قيل أنها مخدر الأيس (لا أعرف الفروق بين أنواع المخدرات وبالتالي لا أستطيع الإفتاء في ملابسات القبض عليه)، وجرت محاكمته ثم ترحيله لسجن النهضة كما ذكرت المواقع والصحف لتنفيذ قرار حبسه 4 أيام على ذمة التحقيق.

الحادث ليس الأول الذي يرتكبه واحدا من مطربي المهرجانات، بل إنه في نفس الوقت تقريبا نشرت الصحف خبرا عن قيام مطرب آخر يدعى (عصام ظاظا) أو (صاصا) بدفع كفالة مقابل الإفراج عنه في حادث دهس مواطن بسيارته وسط ترجيحات بأن يكون الحادث بسبب وقوع المطرب تحت تأثير المخدر.

قبل أن تقلق فأنا لست من المهتمين بمطربي المهرجانات من قريب ولا من بعيد، وبالتالي لا أعرف شيئا عنهم اللهم إلا ما يمر علي من أخبار تخصهم و تندرج تحت تصنيف أخبار الحوادث، إذ يندر أن تجد لأحدهم خبرا فنيا مهما أو محترما ولهم كل العذر في ذلك.

ما استوقفني في الخبر أنه امتداد لسلسلة من أخبار (الفن) التي تفرض نفسها علينا بخصوص هذه النوعية من المطربين ونوعيات أخرى موجودة بقوة على الساحة الفنية ولها جمهورها المقدر، لكنها تقع في زلات لا تناسب شهرتها وجماهيرتها الكبيرة.

أتذكر هنا (تامر حسني وهيثم شاكر) وهما من المطربين الجيدين على اختلاف شعبيتهما في أوساط الشباب، لكن هذه الشعبية كانت توجب عليهما تجنب الوقوع في شرك التهرب من تأدية الخدمة العسكرية، وهى القضية التي تم الحكم عليهما بالسجن لمدة سنة بسببها.

شطة

دوافع (الفن) والفنانين

السؤال الذي يلح عليّ أمام هذه النوعية من الحوادث عن دوافع (الفن) والفنانين الذين يملكون المال والشهرة والنجاح ربما بدرجات تفوق بنسب هائلة حجم موهبتهم لارتكاب أخطاء ساذجة ومهينة لفنهم وجماهيرهم بهذا الشكل؟!، ولماذا لم نكن نسمع عن أخطاء وحوادث مشابهة لنجوم (الفن) في أزمنة سابقة.

لن أعود إلى عصر (عبد الحليم وفريد الأطرش ومحمد فوزي) وغيرهم من نجوم (الفن) الذين لم يرتقوا بأنفسهم فوق الشبهات فقط ولكن تاريخهم وذكرياتهم مع الجمهور لا تتضمن إلا كل ما هو مشرف ووطني.

ولكنني سوف استشهد بأمثلة قريبة من الجيل الحالي الذي نتحدث عنه، فمثلا لم نسمع عن تورط (علي الحجار أو منير أو عمرو دياب) في حوادث حيازة مخدرات أو تهرب من الخدمة العسكرية أو أي وقائع شخصية مشينة.

هل المشكلة في أن هؤلاء الفنانين وصلوا إلى الشهرة والمال بسهولة دون تعب بل حتى دون موهبة حقيقية، وبالتالي فإن النجاح الفني بالنسبة لهم يقاس بتضخم رصيدهم البنكي وشراء أفخم السيارات والانخراط أكثر وأكثر في التفاهات.

وذلك دون أن يعوا أنهم يقدمون رسالة اجتماعية وثقافية وأخلاقية عبر فنهم، مثلما كان الفنانون يعرفون ذلك ويتعلمونه في أجيال سابقة؟!

أم المشكلة في أن المجتمع كله افتقد منظومته القيمية التي تحدد لكل فرد فيه المعايير الحقيقية والمحترمة للنجاح، وبالتالي لم يعد الناجح يحتاج للمرور عبر فلاتر أخلاقية وثقافية تحدد قبول المجتمع له ولفنه؟!

صاصا

أرباب صفحات الحوادث

أشعر شخصيا أن تلك هى المشكلة الحقيقية وأن هؤلاء الفنانين وغيرهم من أرباب صفحات الحوادث ليسوا سوى نتاج طبيعي لمجتمع فقد بوصلته الأخلاقية منذ سنوات طويلة وأصبح مفروضا على أجياله الجديدة أن تحاسب على فواتير فساد وانحدار لم تكن شريكة فيها.

هل يمكن فعل شيء محدد لإصلاح أحوال (الفن) والفنانين وتنقية الوسط من أرباب السوابق والمدمنين؟!

اخشى أن الإجابة لن تكون مريحة للعديدين لأن (الفن) كما الإعلام هما مجرد مرايا للمجتمع الذي ينتميان له، كل ما يقدمونه من أشخاص وأفكار هما تعبير عن أحوال ذلك المجتمع ومزاجه العام، ما يعني أن أي محاولة للارتقاء بـ (الفن) يجب أن تسبقها محاولات عسيرة للارتقاء بالمجتمع كله.

ليس فقط الارتقاء بذوقه الفني وإنما بأخلاقه وإعادة المنظومة القيمية للشعب، وهو أمر يحتاج إلى سنوات طويلة جدا من العمل هذا إذا توفرت الرغبة والإرادة لدى المسؤولين من الأصل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.