رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

مجدى صادق يكتب: فيلم (الرجل القرد) لـ (ديف باتيل) هل هو جيمس بوند الجديد؟!

مجدي صادق

بقلم: مجدى صادق

(الرجل القرد) أو (مونكى مان) للممثل والكاتب البريطانى الهندوسى (ديف باتيل) فى أول تجربة إخراج له هل كان بمثابة (البيضة المقدسة) عند الهندوس للإعلان عن مخرج واعد على الطريق!

اعتقد أن (ديف باتيل) نجح فى رسم أربع دوائر ضمن سردية فيلمه الأول ليعيد إحياء أفلام الإثارة والأكشن الهندية التى غزت يوما العالم!

الدائرة الأولى عند (ديف باتيل) هى عشقه لأفلام الإثارة والأكشن، حيث كان يتسلل فى طفولته لمشاهدة أفلام الحركة لبروس لى أو شاروخان، علاوة على السينما الكورية.

حتى أن الكثير يتساءل: هل فيلم (الرجل القرد) عودة لمثل هذه النوعية من الأفلام التى حظيت بشعبية كبيرة فى تلك الفترة برؤية وصور بصرية جديدة، وهناك من تمادى فى خياله متساءلا: هل هو جيمس بوند الجديد؟ وهو يعرض لنا (ديف باتيل) بعض القطع الجادة فى فنون الدفاع عن النفس وملاكمة الكيك بوكسينج ؟!

الدائرة الثانية عند (ديف باتيل) اعتناقه للديانة الهندوسية التى تمثل ثالث ديانة فى العالم وذات تأثير كبير على ثقافات وحضارات الكثير من الشعوب، حيث الميثالوجيات  على غرار الميثالوجيات الإغريقية مثل (إيكاروس وبرومثيوس) التى استقى منها (ديف باتيل) فكرة فيلمه.

وهو يتذكر كيف كان الجد يحكى له مثل هذه الأساطير مثل أسطورة (هانومان) التى تشبع بها فهو إله هندوسى مخلص وشجاع نصفه رجل ونصفه قرد، الذي روت والدته أسطورته لكيد في مقدمة الفيلم.

باتيل يسلط الضوء على تفاصيل اجتماعية حقيقية

جزء من وجدان (ديف باتيل)

وقد أصبحت جزء من وجدان (ديف باتيل) وشخصيته وهى التى رسمها سينمائيا فى أول أفلامه كمخرج، وهو يقول: أردت أن أضع منظورًا مختلفًا للأشياء!

الدائرة الثالثة عند (ديف باتيل) هى (مومباي)، تلك العاصمة المزدحمة والمضاءة دوما بالنيون الأبيض، وتمثل له نقطة ارتكاز حيث ينتشر الفساد بكافة أنواعه عبر أبواق بعضا من فى السلطة.

ورغم أن الفيلم تدور أحداثه في مدينة هندية خيالية إلا أن باتيل يسلط الضوء على تفاصيل اجتماعية حقيقية وعائلات بأكملها تنام في الشوارع عدا الاضطرابات السياسية والدينية والفساد الذى يختفى تحت أقنعة سياسية أو دينية.

وذلك بعد مقتل أمه على أيدى بعضا من المسؤولين الفاسدين، سواء من الشرطة، حيث قائد الشرطة رنا (قدم دوره  الممثل سيكندر خير) أو بعض المسؤولين المحليين المتدينين ظاهريا حيث الطائفية الدينية.

وقد اعتاد ممارسو (الهندوسية) على تسمية الدين (بساناتانا دارما)، ويعطي (ديف باتيل) أيضًا دورًا محوريًا لمجتمع المتحولين جنسيًا وغير المتوافقين جنسيًا وقضايا الاغتصاب والتحرش بالمرأة وانتهازية بعض الأحزاب السياسية والفروق الطبقية بين الفقير والغنى بصورة أكثر دراماتيكية.

فهاهى (مومباي) التى استقبلته فى بدايته الفنية حيث فيلم (سلودوج مليونير)، أو (المليونير المتشرد)، وهو الطفل الهزيل والجاد ليعود إليها مرة أخرى بعد 15 عاما بفيلمه الجديد، وهو الشاب اليافع الأسطورى وعمره قد تجاوز 33 عاما!

الدائرة الرابعة عند (ديف باتيل) عشقه لألعاب العنف، وهو الذى ظهر فى فيلمه إلى درجة ما أسموه العنف الدموي، وكان باتيل قد بدأ التدريب في أكاديمية (راينر لين للتايكوندو) في عام 2000.

وقد تنافس فى البطولات المحلية والدولية بما فى ذلك بطولة العالم الدولية للفنون القتالية لعام 2004 فى (دبلن)، حيث فاز بالبرونزية لذا كان فيلمه مستوحى جزئيًا من حبه لالعاب العنف ولأفلام الحركة، وتلك المشاهد الدموية لزعيم عصابة (شارلتو كوبلي) ذات الطابع الماسوشى (!).

ومن بين أفلامه المفضلة أفلام بروس لي للفنون القتالية وسينما الانتقام الكورية والفيلم الأندونيسي لعام 2011 للمخرج الويلزي (جاريث إيفانز)

تتشابك هذه الدوائرالأربع لتصنع الخط الدرامى للأحداث، فالفيلم مستوحى من أسطورة (هانومان)، وهو رمز يجسد القوة والشجاعة.

(ديف باتيل) الذى ولد عام 1990 هو ابن أسرة من الطبقة الوسطى

يلعب (ديف باتيل) دور شاب

يلعب (ديف باتيل) فى الفيلم دور شاب مجهول يكسب رزقه الضئيل فى نادى قتال تحت الأرض، حيث يتعرض للضرب ليلة بعد ليلة وهو يرتدى قناع غوريلا مقابل المال، بعد سنوات من الغضب المكبوت يكتشف كيد طريقه!

فكيد شاب مجهول ينطلق فى رحلة لمطاردة مجموعة من القادة الفاسدين المسؤولين عن وفاة والدته (نيل)، ومع ذلك فان رحلة كيد للانتقام سرعان ما تجعله يصبح منقذ الفقراء والضعفاء الذين يعذبهم القادة الفاسدون المحليون.

فقد تم تقديم شخصية (كيد) لأول مرة للجمهورأثناء تعرضه للضرب وهو يرتدي قناع قرد في حلبة الملاكمة، ويأتي تحوله إلى منتقم يرتدي البدلة في وقت لاحق من الفيلم!

صدر الفيلم عام 2024 وقد شارك (ديف باتيل) فى كتابة السيناريو مع (بول أنجوناويلا، وجون كولى)، يمثل الفيلم أول ظهور إخراجى لباتيل الذى شارك فى إنتاج الفيلم مع (جوردان بيل).

ولعب دور البطولة إلى جانب (شارلتوكوبلى، وبيتوباش، وسوبهيتا دهوليبالا، وسيكندر خير، وفيبين شارما، وأشوينى كالسيكار، وأديثى كالكونتى، وماكاراند ديشباندى).

وصف (ديف باتيل) الرجل القرد بأنه (نشيد للمستضعفين فهو الرجل الذي يحاول ويفشل والذي يحاول مرة أخرى لكنه يفشل مرة أخرى)، ويقول: (أن الفيلم يشبه حصان طروادة بعد أن أمضيت معظم مسيرتى المهنية فى السفر داخل وخارج الهند فى تصوير الأفلام).

(ديف باتيل) الذى ولد عام 1990 هو ابن أسرة من الطبقة الوسطى، والديه من (الهندوس الجوجاراتيين الهنود)، على الرغم من أنهما ولدا فى (نيروبى كينيا)، حيث توجد جالية هندية كبيرة، هاجرا إلى إنجلترا بشكل منفصل فى سن المراهقة والتقيا لأول مرة في لندن، وقد نشأ على المذهب الهندوسي.

ديف باتيل.. مخرج واعد فى صناعة أفلام الإثارة والأكشن

استخدم (ديف باتيل) الصور البصرية

من الأفلام التى تمثل علامة فى تاريخ (ديف باتيل) كممثل كان في عام 2019، حيث لعب (ديف باتيل) دور البطولة كشخصية فخرية في فيلم (أرماندو إيانوتشي) المقتبس عن رواية تشارلز ديكنز التاريخ الشخصي لديفيد كوبرفيلد، والذي حصل بسببه على ترشيح لجائزة جولدن جلوب لعام 2021 لأفضل ممثل – فيلم موسيقي أو كوميدي.

رغم أنه فاز بالأوسكار عن فيلم (المليونير المتشرد)، أو (سلومدوج مليونير) عام 2009.

في عام 2023، ظهر (ديف باتيل) في فيلم  (هنري شوجر) للمخرج (ويس أندرسون)، المقتبس من قصة قصيرة كتبها (رولد دال)، ولعب دورالبطولة أمام (بنديكت كومبرباتش، ورالف فينيس، وبن كينجسلي).

وجاء فيلم (الرجل القرد – 2024) لينقذ الرجل كممثل، فنجوميته السينمائية محددة مسبقًا بشكل واضح رغم قلة عدد أفلامه، وقد نجح فى توظيف مهاراته القتالية فى أول تجربة إخراج.

فهى نوع من التحدى مع النفس وشارك فى البطولة مع (شارلتوكوبلى وبيتوباش وسوبهيتا دهوليبالا وسيكندر خير وفيبين شارما وأشوينى كالسيكار واديثى كالكونتى وماكاراند ديشباندى)!

استخدم (ديف باتيل) الصور البصرية فى شكل سردى، وغالبا ما يتم التقاط الحدث في لقطات أطول مع وجود مساحة صغيرة للاختباء، مما يسمح لباتيل باستعراض براعته القتالية حتى بدون الوعي بجلسة التصوير المرهقة للفيلم.

والتي شهدت إصابة الممثل والمخرج بالعديد من الإصابات)، فهو أحد أكثر أفلام الحركة التزامًا التي ستشاهدها هذا العام.

تماماً كما دمرت أفلام الحركة الأميركية الأشرار الذين رمز إليهم  (دونالد ترامب) منذ عام 2016 فصاعدا، فهل يوجه (باتيل) أنظاره نحو رئيس وزراء الهند الحالي (ناريندرا مودي) لتطهير الشارع الهندى من أبواق الشر والفساد.

فى حين أنه يغيب عن الفيلم أى إشارة إلى السكان المسلمين، وهم الأكثرعرضة لتطرف الهندوس واضطهاد جماعات السيخ؟!

وبقدر ما يتبنى (ديف باتيل) الأساطير الهندوسية في عملية تطهيرمثيرة، نجد أن هناك فراغ في الطريقة التي يتجاهل بها الفيلم الضحايا الحقيقيين في النهاية!

لكنه على أى حال مثلما نرى في أسطورة الخلق الهندوسية يخرج (براهما) من بيضة ذهبية، وهى فكرة سائدة في أساطير العالم الأخرى، فهل خرج (باتيل) بفليمه الأول (الرجل القرد) من البيضة الذهبية كمخرج واعد فى صناعة أفلام الإثارة والأكشن رغم دمويتها العنيفه والتى رشحته للأوسكار؟!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.