رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود حسونة يكتب: (عتبات البهجة) بلا بهجة.. والفخراني خاسراً

بقلم: محمود حسونة

(عتبات البهجة)، من الأعمال الدرامية التي خيبت آمال الجمهور فيها، فحين يتصدر اسم النجم الكبير (يحيى الفخراني) بطولة أي عمل، يمنّي المشاهد نفسه بأن يعيش متعة لا مثيل لها طوال الحلقات مهما طالت أو قصرت، وهو ما لم يتحقق لذلك نقول إن الخاسر الأكبر من مشاركته في هذا المسلسل هو بطله يحيى الفخراني.

لكل زمن نجومه الذين يعبرون عنه، وفنه الذي يمتع أبناءه ويجمعهم حوله، وإعلامه الذي يتحدث بلسانه، وتفاصيله التي يحددها رموزه، وسلوكياته التي يفرزها أبناءه وينتهجونها في معيشتهم، وأدواته التي تحدد ملامحه وتميزه عن الأزمنة السابقة عليه.

فالبشر هم البشر منذ أن خلق الله آدم وأخرجه من الجنة إلى الأرض، ولكن حياتهم تختلف من جيل لآخر.. الاهتمامات تتباين والملامح تتبدل والسلوكيات تتغير.

من المصطلحات التي استحدثتها الأجيال الشابة وأضافتها إلى القاموس وأصبحت من الأكثر ترديداً خلال السنوات الماضية (أنت قديم)، والتي ينعت بها أحدهم شخصاً تدليلاً على عدم تطوره مع الزمن وعدم استيعابه لتغيراته.

وهو المصطلح الذي يناسب مسلسل (عتبات البهجة) الذي نتابع حلقاته منذ بداية شهر رمضان، فهو قديم في ملامحه الشكلية، وإن كانت القضية التي يناقشها قديمة متجددة وستنتقل مع الأجيال اللاحقة إلى المستقبل.

صراع الأجيال، قضية كل العصور، صراع يصل إلى حد الصدام أحياناً بين جيل الكبار ( آباءً أو أجداداً) وجيل الشباب (الأبناء والأحفاد)، ترى الفجوة بينك وبين ابنك أو حفيدك واسعة في التفكير والرؤى والمواقف التي تتعرضان لها، وكلما انتبهت أن ابنك أو حفيدك مختلف عنك تستدعي اختلافك عن والديك عندما كنت شاباً.

لم نجد (الفخراني) الذي نعرفه في (عتبات البهجة)

لم نجد (الفخراني)

(عتبات البهجة) هرولنا نتابعه من أول أيام عرضه، والسبب الأول أنه من بطولة الكبير (يحيى الفخراني)، ولكننا لم نجد (الفخراني) الذي نعرفه، لم نجد عبقري التمثيل الذي أمتعنا وأضحكنا وأبكانا في معظم أعماله على مدى ما يقرب من نصف قرن.

بل وجدنا مسلسلاً ينتمي إلى التسعينات تصويراً وإخراجاً وتشكيلاً للمشاهد، رغم أنه ينتمي للوقت الراهن في القضية التي يعالجها، صراع بين الجد والأحفاد، انتقاد للحاضر ورثاء للماضي الذي اختفت قيمه مع طغيان قيم التكنولوجيا الجديدة والمادة والمنفعة الذاتية.

الغناء غير الغناء من (أم كلثوم) إلى أغاني المهرجانات، من النغم الأصيل إلى فوضى وصخب الآلات الايقاعية، والحياة غير الحياة، فوضى في الشارع وفي البيع والشراء وابتزاز اليكتروني ونصب واحتيال، وتجاوز الصغار في حق الكبار.

لم نجد (يحيى الفخراني) في (عتبات البهجة)، ولكننا وجدنا (بهجت الأنصاري)، الرجل السبعيني، وكيل وزارة على المعاش، ورغم أنه وصل إلى أرقى المناصب إلا أنه يتعرض للنصب من البائعة التي تشاركه في كشك بحديقة، ويتعرض للنصب من شريكه في السنتر التعليمي.

وكأنه رجل ساذج بلا خبرات حياتية، وانتظرناه صانع محتوى ما قدم نفسه لينافس الشباب ويقدم المحتوى المختلف ولكننا لم نجد ذاك حتى الحلقة الثامنة، ولو حدث في الحلقات المتبقية سيكون صانع محتوى معدوم التأثير الجماهيري.

وجدنا صديقه (الدكتور عرفان)، والذي يجسده بقدر من الكوميديا وخفة الدم (صلاح عبد الله)، وهو أيضاً رجل تائه بين زمنين، و(الدكتورة سميرة) أستاذة الكونسرفتوار وتجسدها ليلى عز العرب الرافضة لفوضى المهرجانات وضجيج الشارع وصخب العصر.

و(لبنى) التي تعيش وحيدة وتتبادل المشاعر مع (بهجت الأنصاري) وتعاني جحود ابنتها المقيمة في أمريكا وتمثلها برومانسية صفاء الطوخي.

رغم أن فنانينا الكبار حضروا على الشاشة في المسلسل وغابوا عن المنتظر منهم إلا أننا إذا قارناهم بالشباب سنجدهم الأكثر تعبيراً وإبداعاً، أما الشباب فقد رسبوا رسوباً ذريعاً في هذا المسلسل.

(جومانة مراد) تألقت في شخصية (نعناعة) وتكاد تكون الأفضل تمثيلاً في المسلسل

(جومانة مراد) تألقت مع (نعناعة)

ولعل أسوأهم كان الممثل السوري (خالد شباط) الثقيل في أدائه والعاجز عن اتقان اللهجة المصرية خلال تجسيده لشخصية الحفيد (عمر).

ويبدو أن إسناد هذا الدور له كان استغلالاً لنجاحه في المسلسل اللبناني السوري (كريستال) مع ستيفاني عطاالله وباميلا الكيك ومحمود نصر، و(الخائن) مع قيس الشيخ نجيب وسلافة معمار.

ولكنه في (عتبات البهجة) أكد أن مساحة موهبته محدودة، وذلك بعكس مواطنته (جومانة مراد) التي تألقت في شخصية (نعناعة) وتكاد تكون الأفضل تمثيلاً في المسلسل.

ومن الشابات اللائي سحب هذا المسلسل من رصيدهن الفنانة (هنادي مهنا) بأدائها المفتعل والمستفز الفتاة الشعبية (فلة).

مسلسل (عتبات البهجة) عن رواية الأديب (إبراهيم عبد المجيد) وسيناريو وحوار (مدحت العدل) وكلاهما من الأسماء المبدعة وصاحبة تاريخ حافل بالأعمال المتميزة، إلا أن هذا العمل يأتي في أدنى السلم الإبداعي لكليهما.

والاخراج لمجدي أبوعميرة الذي توقفت ملكاته الإبداعية والإخراجية على عتبات القرن الواحد والعشرين من دون أن يدخل فيه؛ لذلك تشعر أن المسلسل لم يدخل مشاهديه عالم البهجة ولم يصل بهم حتى إلى (عتبات البهجة).

ولا أدري سبب إصرار المخرج على تصوير الكثير من مشاهد الثنائي (يحيى الفخراني وصلاح عبدالله) سائرين في الشارع!

[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.