رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

عصام السيد يكتب : مين ما يحبش (فاطمة)؟

بقلم المخرج المسرحي الكبير: عصام السيد

تعتبر وسائل التواصل الاجتماعى مقياسا لمشاعر الناس – ليس في كل الحالات بالطبع – فعندما تجد مظاهرة حب  لشخص ليس فى موقع المسئولية و لا يملك نفعا أو ضررا للناس، على الفور تدرك أن تلك المشاعر حقيقية ولا علاقة لها بالنفاق أو التزلف.

وخلال الأيام الماضية كانت أصوات المجتمع المسرحى ودوائر المثقفين تعلو كلها بالدعاء للكاتبة ومخرجة الأطفال الأستاذة (فاطمة) المعدول، أن تعبر الوعكة الصحية التي ألمت بها و دخلت بسببها الى المستشفى لتجرى جراحة دقيقة و كبيرة .

مظاهرة حب ضخمة و صادقة اجتاحت مواقع التواصل تدعو للأستاذة (فاطمة) بالشفاء العاجل، و تدعوها للعودة سريعا إلى نشاطها وحيويتها.

ها هو صديقى المخرج الكبير (ناصر عبد المنعم) يكتب على صفحته على الفيس بوك تحت عنوان مين ما يحبش (فاطمة): (خالص الدعوات القلبية بالشفاء للصديقة الغالية فاطمة المعدول المبدعة صاحبة الحس الإنساني النادر ، والأفضال على كل المحيطين بها..

لعلها لا تعرف أنني في السنوات السابقة حين تنقلت بين عدة مناصب بقطاعات وزارة الثقافة، في البيت الفني للمسرح، والمركز القومي للمسرح، وقطاع الإنتاج الثقافي.. أشهد أنه لم يكن يمر على يوم إلا وأسمع من العاملين بهذه الهيئات، وخاصة البسطاء منهم ، حكايات عن مساعدة الأستاذة (فاطمة) لهم وكرمها وأفضالها عليهم ودعمها للمستضعفين منهم ومساندتها لمن يحتاج إلى المساندة .

 وأنا أثق أن دعوات كل هؤلاء لها لا تتوقف للأستاذة (فاطمة)، وأنها تحيطها وترعاها بكل الحب والعرفان الآن، وإن شاء الله يكتب لها الشفاء العاجل وتعود للتألق بين أصدقائها ومحبيها وما أكثرهم .. فمن الذي لا يحب فاطمة “.

فالحقيقة ان الأستاذة (فاطمة) امتلكت قلوب كل من تعامل معها – برغم أنها شخصيتها تجمع كثير من المتناقضات – فهى حادة في العمل و تُصر على رأيها بصلابة و بروح مقاتل شرس، إلا أنها سرعات ما تلين أمام شكوى مظلوم أو مقهور.

(فاطمة) سند لكل المحيطين بها وتدعم المحتاجين على كل المستويات المادية و المعنوية

(فاطمة) سند لكل المحيطين بها

وهى سند لكل المحيطين بها، تدفع الموهوبين وتدافع عن المظلومين، وتتعامل بإنسانية مع الكل، فتساعد دون إفصاح أو منّة ، وتدعم المحتاجين على كل المستويات المادية و المعنوية.

أذكر أنها في فترة ما بعد كارثة سبتمبر 2005، والتي راح ضحيتها خيرة من رجالات المسرح، أنها كانت الوحيدة التي تنبهت الى أن هناك ضحايا آخرين غير ضحايا الحريق، و هم زملائها المسئولين عن إدارة المسرح بالثقافة الجماهيرية.

والذين سجنوا ظلما، فوقفت بجانبهم ولم تتخل عنهم حتى انتهت المحاكمات ببراءتهم، إلى جوار مجهوداتها من أجل أهالى الضحايا التي استمرت الى نهاية خدمتها بالحكومة و ربما بعدها .

كانت الأستاذة (فاطمة) تدافع دائما عن أي مظلوم، برغم أنها ظلمت طويلا عندما اختصرها البعض فى أنها مجرد زوجة الكاتب الكبير (لينين الرملى)، فلقد عاشت معه و له، و آثرته على نفسها، منذ أن عرفته وحتى غادرنا.

وبسبب شدة توهجه عاشت فى ظله دون شكوى أو مرارة، بل فى فخر شديد وزهو أشد، و أثناء عنايتها بموهبة الرملى المتفجرة واحتمالها لكل مسئوليات الحياة حتى يتفرغ هو للإبداع – و هو ما كنا نحسده عليه –

كتبت (فاطمة) وأخرجت العديد من مسرحيات الأطفال، وألفت أكثر من 50 كتاب أدبي للأطفال في كل الأعمار، وأخرجت أعمالا متنوعة مسرحية وسينمائية قصيرة.

وأقامت ورش عمل ودورات تدريبية للعاملين في أدب الأطفال وفنون الحكي ومكتبات الأطفال ومسرح الطفل (عرائس وبشري)، والعديد من الورش المسرحية للأطفال ذوى القدرات الخاصة.

وقدمت أول مسرح لهم في مصر، و لذا حازت على عدة جوائز دولية فى مجال فنون  الطفل و تم تكريمها فى مصر و فى عدة دول أخرى .

وهى أيضا أول سيدة تخصصت فى الإخراج لمسرح الطفل، ومن أهم كاتباته، وكانت الوحيدة فى زمن تخرجها التى تطلب تعيينها فى الثقافة الجماهيرية إيمانا منها بالدور التنموى و الحيوى لهذا الجهاز.

عملت (فاطمة) مديرًا لقصر ثقافة الطفل في 1978

فاطمة مديرًا لقصر ثقافة الطفل

وبالتحديد فى قصر ثقافة الطفل لكى تساهم فى بناء مواطن المستقبل ، وفى عام 1977 سافرت في بعثة للمجر لدراسة مسرح الطفل، وعادت لتعمل مديرًا لقصر ثقافة الطفل في 1978، ومن ثم مديرا لإدارة ثقافة الطفل بالثقافة الجماهيرية في 1980، ثم مدير عام المسرح القومي للأطفال في 1983.

وكانت أول سيدة تتولى منصب مدير عام ثقافة الطفل في 1996، وأصبحت رئيس المركز القومي لثقافة الطفل في 1998، وتدرجت فى المناصب حتى وصلت إلى منصب رئيس قطاع الإنتاج الثقافى.

وحتى بعد خروجها للمعاش ظل عطاؤها مستمرا فى مجال الطفل، و تهتم بكل ما يتصل بقضاياه.

و لعل آخر انجازات الأستاذة (فاطمة) كمقرر للجنة ثقافة الطفل بالمجلس الأعلى للثقافة إنشاء جائزتين سنويتين لكتاب و رسامى كتب الأطفال تماثل فى القيمة المادية جائزة التفوق.

خلال تلك الرحلة الطويلة ستجد لها آلاف الوقائع لموهوبين وقفت فيها بجوارهم لتعطيهم الفرصة وآلاف القصص لمحتاجين مدت لهم يد العون سواء المادى أو المعنوى.

حتى قال البعض عنها أنها (وزارة شئون اجتماعية) قائمة بذاتها و البعض أطلق عليها لقب (أم المصريين).

اليوم كل هؤلاء يدعون لها بالصحة وأن تقوم بالسلامة، وتعود لتملأ الدنيا بمناقشاتها و معاركها وضحكاتها، فالحياة بدونها بالنسبة لهم هى حياة بلا سند وبلا أمان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.