رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

فلسطين.. الدراما التلفزيونية تجسد سجل المرارة والألم (1)

* صلاح الدين الأيوبي).. شخصية رمزية على مدار التاريخ البطولي العربي والإسلامي في (فلسطين)

* (أنا القدس).. يتحدث عن قضية (فلسطين) من خلال مدينة القدس في تلك الفترة بكل ما يتعلق بجوانبها النضالية والأدبية والسياسية والاجتماعية

* (عائد إلى حيفا) يعرض تجربة جرح وطن، وعذاب إنسان عانى قهراً وظلماً وحرماناً وتشرداً، لكنه يحمل أمل العودة الساكن في الوجدان

* (الشتات، حدث في دمشق، سليمة باشا، حارة اليهود) أربعة مسلسلات تعبر بصدق عن تحول الشتات اليهودي المزعوم لشتات فلسطيني غير محتمل

كتب: محمد حبوشة

لم تذكرنا معركة (طوفان الأقصى) فقط بالأغاني التي تغنى بها المطربون لفلسطين،  وعلى قدر ما أفردت السينما لقضية (فلسطين) تلك القضية المركزية في الذاكرة العربية، مسلطة أضواء كاشفة لعمق الجرح، فإن الدراما كانت الأنضح والأذكى، والأكثر تأثيرا في نفوس الفلسطينين والعرب.

ولعلها كانت السبب وأشعلت الشرارة الأولى للانتفاضتين الأولى والثانية في (فلسطين)، بداية من التجربة الدرامية الأولى التي أفردت للموضوع الفلسطيني، مسلسل (عز الدين القسام -1981) من تأليف أحمد دحبور وإخراج هيثم حقي.

والذي صورالملحمة الكفاحية للقسام المجاهد السوري الأصل، وقد أدّى دوره الفنان أسعد فضة، ثم تلاه عام 1994 مسلسل (نهارات الدفلى) الذي كتبه الشاعر الفلسطيني الراحل فواز عيد، وأخرجه أحمد زاهر سليمان، وعلى رغم خصوصية موضوعه، إلا أنه لم يلفت العمل الأنظار إليه في حينه.

صلاح الدين الأيوبي

صلاح الدين الأيوبي و(فلسطين)

ويعد مسلسل (صلاح الدين الأيوبي) من تأليف د.وليد سيف، و من إخراج حاتم على بطولة (جمال سليمان – غسان مسعود  – سوزان نجم الدين – باسم ياخور -حسن عويتي – نجاح سفكوني – وائل رمضان – محمد مفتاح – باسل خياط – قيس الشيخ نجيب  – تيم حسن  – عبد الرحمن آل رشي  – جلال شموط – رفيق سبيعي – رفيق علي أحمد –  – خالد تاجا ).

يعتبر واحدا من أهم الأعمال التي رسخت ملامح قضية (فلسطين)، وخصوصا حول القدس تحديدا، حيث يتناول سيرة البطل والقائد صلاح الدين الأيوبى الذى حرر القدس بعد أن وحد العالم العربى والإسلامى.

خاصة أنه كان قائدا فذا، وشخصية رمزية على مدار التاريخ البطولي العربي والإسلامي في (فلسطين)، وفوق ذلك كان إنسانا يدمع يصفح جديرا بالتقدير و الإعجاب.

إقرأ أيضا : تحفة الدراما السورية “حارس القدس” .. الفن في خدمة الدي

فهو لا ينسى في غمرة جهاده أن للفرسان أخلاق و للصراع أوجه حضارية أخرى، فعلى الرغم من أن صلاح الدين كان خصماً للأوروبيين، إلا أنهم يعتبرونه مثالاً للفارس الشهم الذي تتجسد فيه أخلاق الفروسية.

كما قال “توماس أرنولد” في كتابه (الدعوة إلى الإسلام): يظهر أن أخلاق صلاح الدين الأيوبي وحياته التي انطوت على البطولة، قد أحدثت في أذهان المسيحيين في عصره تأثيرا سحريا خاصا، حتى إن نفرا من الفرسان المسيحيين قد بلغ من قوة انجذابهم إليه أن هجروا ديانتهم المسيحية، وهجروا قومهم وانضموا إلى المسلمين في (فلسطين).

وهو ما أكده (جوستاف لوبون) في كتابه المهم (حضارة العرب): لم يشأ السلطان صلاح الدين أن يفعل في الصليبيين مثل ما فعله الصليبيون الأولون من ضروب التوحش، فيبيد النصارى عن بكرة أبيهم؛ فقد اكتفى بفرض جزية طفيفة عليهم مانعا سلب شيء منهم في أرض (فلسطين).

أنا القدس

أنا القدس و(فلسطين)

وربما بدت القدس كمدينة رمزية أكثر حضورا بعد مسلسل (صلاح الدين الأيوبي) مع باسل الخطيب في مسلسله (أنا القدس عام 2010) وهو إنتاج مشترك سوري مصري، من تأليفه وشقيقه تليد الخطيب وإخراجه أيضا.

وبطولة نخبة من ممثلي سوريا ولبنان ومصر والأردن والعراق منهم (عابد فهد – كاريس بشار صبا مبارك – فاروق الفيشاوي – نضال نجم ، منذر رياحنة – عمرو محمود ياسين – عبير صبري – صباح جزائري – سعيد صالح –  تاج حيدر – مازن الناطور – نجلاء الخمري (وغيرهم.

ويتحدث عن قضية (فلسطين) من خلال مدينة القدس في تلك الفترة بكل ما يتعلق بجوانبها النضالية والأدبية والسياسية والاجتماعية من خلال خط درامي يواكب ظهور شخصيات بارزة في تاريخ فلسطين الحديث.

إقرأ أيضا : حارس القدس وحراس الدراما السورية

كما يتناول تاريخ المدينة خلال فترة حرجة تمتد 50 عاما بدءا من سنة 1917 حين وضعت (فلسطين) التاريخية تحت الانتداب البريطاني وصدر وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في (فلسطين) التي كان يغلب العرب على سكانها آنذاك.

وتنتهي أحداث المسلسل بحلول عام 1967 حين سقطت مدينة القدس كلها في يد اسرائيل التي كانت تسيطر على الجزء الغربي من المدينة منذ عام 1948.

الشتات

مسلسلات الشتات في (فلسطين)

 خمس مسلسلات عربية تعد هى الأجدر في تجسيد حالات الشتات الفسطيني في أبرز تجليلته المرعبة، وأولها : (الشتات)، عمل سوري تأليف الدكتور فتح الله عمر و إخراج نذير عواد، و بطولة )عبد الرحمن أبو القاسم – عباس النوري – هاني الروماني – أمانة والي – رندة مرعشلي – تيسير إدريس – زيناتي قدسية).

ويسلّط هذا العمل الضوء على آلية تكوين إسرائيل والأساليب التي اتبعتها الصهيونية للوصول إلى هذا الكيان، ويفضح ادعاءات اليهود حول الإبادة والمجازر التي تعرضوا لها عبر القرون.

ويبيين بجلاء أن كل ما تعرض له اليهود كان بتدبير من الصهاينة أنفسهم، وهنا التاريخ يعيد نفسه الآن، وها هي إسرائيل تسعى دائمًا إلى تزييف الحقائق أمام الناشئة العرب، وتسعى من خلال محاور كثيرة إلى تحسين صورتها أمام العالم من خلال طروحاتها تجاه التطبي.

وقد استغرق العمل وقتًا وجهدًا كبيرين بالاعتماد على 2500 مرجع يهودي العمل ويقع في 30 حلقة، لكن لم يتم عرض إلا 18 حلقة بعدما تم منع إكمال بث المسلسل بضغوط إسرائيلية أميركية أوربية .

عائد إلى حيفا

عائد إلى حيفا و(فلسطين)

ثانيا: وعلى الرغم من إخفاق مسلسل (الشتات) إلا أن باسل الخطيب يعاود الكرة وبصورة أكثر نضوجا مستعينا برواية (غسان كنفاني) للدخول مباشرة في عمق الشتات الفلسطيني  بإنجاز مسلسه الرائع جدا (عائد إلى حيفا – 2004).

 بطولة (نورمان أسعد وصباح الجزائرى و سلوم حداد و سامر المصري)، وقد وجه عين الكاميرا هنا بذكاء في تحويل النص الأدبي الروائي إلى النص الإنساني، فقدم تجربة عاشها غسان كنفاني وعاشها كل فلسطيني، تجربة جرح وطن، وعذاب إنسان عانى قهراً وظلماً وحرماناً وتشرداً.

إقرأ أيضا : (طوفان الأقصى) يتجسد في ألبوم (يا قدس يا حبيبتي) تحية لشعب (فلسطين)

إلا أنه دائماً وأبداً يحمل أمل العودة إلى ذاك الوطن الساكن في الوجدان، إنها حقا ملحمة وطنية مؤثرة، شخصياتها أسرة بما تحمله من نبل وعنفوان وقدرة على المواجهة.

وعلى درب الجودة الدرامية هنالك تجربة مسلسل (عياش) الذي يحكي قصة المهندس (يحيى عياش) أحد قادة المقاومة في قطاع غزة، من تأليف ديانا جبور وبطولة سامر المصري.

ثالثا: (حدث في دمشق)، مسلسل سوري من تأليف عدنان عودة، وإخراج باسل الخطيب، وبطولة (سلاف فواخرجي- مصطفى الخاني – وائل رمضان – ديمة قندلفت – ميسون أبو أسعد – وضاح حلوم – لينا دياب – محمود نصر – محمد الأحمد – مأمون الفرخ – رنا العضم – جابر جوخدار).

ويعد استكمالا لمسلسل (الشتات)، وتدور أحداث المسلسل خلال فترتين زمنيتين بسوريا الأولى عام 1947 حيث يتم رصد التحولات الجذرية التي طرأت على فلسطين والمرحلة الثانية مع دخول القرن العشرين حيث استعراض مصير الكثير من الشخصيات وتطورها مع تطور الأحداث السياسية.

سليمة باشا

سليمة باشا و(فلسطين)

رابعا : (سليمة باشا) من تأليف فلاح شاكر، وحشَّد المخرج باسم القهار فيه نخبة من الممثلينَ الذين ينغمرونَ وسط مناكفات أبناء الطائفة اليهوديَّة وخلافاتهم حول تفضيل الهجرة من (فلسطين).

وقطع أواصرهم بأبناء وطنهم الأصلي أو إيثار بقائهم فيه محتملينَ سائر ما يعنو له العراقيونَ ويخضعونَ له صيف عام 1948م، يوم صُفيِّت مكاسب الوثبة الوطنية بإعلان الأحكام العرفية، باسم حماية مؤخرة الجيش المقاتل في الديار المقدَّسة.

إقرأ أيضا : السينما السورية عالجت قضية (فلسطين) بصورة تتفوق على المصرية!

بزعم تحريرها وطرد الصهاينة الطارئينَ منها، وأتى المسلسل على شخصية يهوديَّة معروفة وقتذاك في الوسط الثقافي العراقي هي أنور شاؤول المحامي الأديب والصحافي والقاص والشاعر ومن المتولدين في مدينة الحلة العراقية.

كما يعيد المسلسل لأفهامنا ذكريات الأحداث السياسية التي وقعَتْ في غضون عام 1950م، وشُرِّع بموجبها قانون إسقاط الجنسية العراقية عن اليهود العراقيين وتسفيرهم إلى إسرائيل إلى آخر التفاصيل التي أدت تحقيق حلم الدولة الصهونية والتي بالضرورة أدت إلى تعميق الشتات الفلسطيني.

حارة اليهود

حارة اليهود و(فلسطين)

خامسا: (حارة اليهود) تأليف مدحت العدل، وإخراج محمد جمال العدل، بطولة منة شلبي، إياد نصار، ريهام عبدالغفور وأحمد حاتم)، والذي ينتمي إلى النوع التاريخي في إطار اجتماعي.

وتدور أحداث المسلسل بدايةً من عام 1948 أثناء حرب فلسطين وتستمر حتى العدوان الثلاثي، وكيف كان شكل الحياة في حارة اليهود وسكانها وقتئذ والأنشطة التي كانوا يمارسونها، وتأثرهم بالأوضاع السياسية في البلاد، وإنعكاس ذلك على حياتهم اليومية.

كما يستعرض في ذات الإطار مؤامرات رجال المال اليهود الذين رأو في الهجرة إلى إسرائيل نوعا من الأمان المبني على أسس عقائدية ترمي إلى تحقيق الحلم الصهيوني في بناء دولة على حساب الشتات الفلسطيني الذي وقع بصورة أعنف في أعقاب قرار التقسيم 1948.

وقيام الدولة بشكل عنصري على أنقاض أصحاب الأرض الأصليين من (فلسطين) الذين أصبح مصيرهم التشريد والمخيمات بعد أن غادروا دورهم وأراضيهم مجبورين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.