رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

سينما (فلسطين) تشرب من نفس كأس ظلم القضية ! (1)

* (عزيزة أمير) أنتجت وكتبت قصة وسيناريو فيلم (فتاة من فلسطين) بطولة لتدشن مرحلة جديدة في عمر القضية.

* (حرب 1948) ألهبت خيال السينمائيين فقدموا من (1953 – 1956) ثلاثة أفلام هى (الله معنا، أرض الأبطال، وداع فى الفجر)

* سناء جميل طلبت القيام ببطولة الفيلم اللبناني (فداكي يا فلسطين) الذى أنتج عام 1969 في الأردن

* فاتن حمامة وعمر الشريف يقدمان فيلم (أرض السلام) الذى صور عام 1956 وعرض 1957 لدعم أشقائه الفلسطينيين

* يعتبر الفيلم السوري (المخدعون) الذى قام بإخراجه المصري توفيق صالح، هو الأبرز في سلسلة أفلام فلسطين

كتب: أحمد السماحي

مثلما ذكرتنا معركة (طوفان الأقصى) بالغناء لفلسطين المحتلة، فإنها تذكرنا أيضا بأفلام السينما التي صنعت خصيصا لدعم القضية الفلسطينية، وخلال مسيرة الفيلم العربي برزت محاولات جادة وطموح للتعبير عن واقع (فلسطين).

ولكن هذه المحاولات سرعان ما اختفت تحت وطأة طوق الاحتكار السينمائي الذى كان يعمل بوعي ويقظة للحيلولة دون قيام سينما عربية هادفة.

إلا أن تطور الأحداث السياسية دفع بالضرورة إلى سينما جديدة، لكنها هى الأخرى لم تكن بمستوى الطموح بقدر ما كانت بمستوى الأحداث، لذا جاء أغلبها إصلاحيا فى موضوعه ومثقلا بتركات الفيلم التقليدي في شكله.

لكن عمق الجرح الفلسطيني أفرز قدرات شابة مؤمنة بالجماهير ودفعها نحو تحقيق أفلام سينمائية تتحدث بجرأة عن القضية الفلسطينية، وعن المقاومة المسلحة التى يخوضها الشعب العربي الفلسطيني.

فتاة من فلسطين

(فتاة من فلسطين)

شغلت قضية نكبة فلسطين عام 1948، التي أعقبها تأسيس دولة إسرائيل، وتشريد أكثر من 700 ألف فلسطيني من ديارهم، خيال الكثير من المبدعين العرب الذي قدموا أعمالا فنية تناولت هذه الفترة.

وكانت بداية سينما فلسطين من خلال المنتجة السينمائية الواعية وإحدى رائدات السينما المصرية (عزيزة أمير) التى أنتجت، وكتبت قصة وسيناريو فيلم (فتاة من فلسطين) بطولة ( سعاد محمد، ومحمود ذو الفقار، وصلاح نظمي).

والذى تعرض لقصص الفدائيين الفلسطينيين اللذين يفضلون الموت على الاحتلال الصهيونى، من خلال قصة فتاة فلسطينية تدعى سلمى، هاجرت من بلادها إلى القاهرة بعد مقتل والدها على يد عصابة عسكرية صهيونية.

إقرأ أيضا : (فلسطين).. أطلقت شرارة الثلاثي (أم كلثوم ونزار وعبدالوهاب)

وفى القاهرة تعيش مع أهل أمها، وترتبط بقصة حب مع ابن خالتها، ضابط الطيران عادل الذى يذهب للحرب، وتصاب طائرته، ويكاد يفقد حياته، ويتوهم بأن أصابته التى حدثت له تعيقه عن الزواج.

وتبدأ معاملته مع سلمى تتغير للأسواء، ويعاملها بخشونة حتى تبتعد عنه، لكنها ترفض، وتصر على أن تظل بجانبه!

وبعد النجاح الجماهيري لهذا الفيلم عاودت المنتجة عزيزة أمير الحديث عن (فلسطين) في فيلمها (نادية) عام 1949 الذى قامت ببطولته مع (محمود ذوالفقار، شادية، شكري سرحان، صلاح نظمي، سليمان نجيب)، إخراج فطين عبدالوهاب.

الذي يدعو إلى عدم التخلى عن فلسطين (فليس من أخلاق العربي أنه يسكت على الظلم، ويقفل على نفسه بابه ويترك جاره تحت رحمة المغتصبين)، كما جاء على لسان البطلة، ثم تدور باقي الأحداث التى تتحدث في كثير منها عن فلسطين.

الله معنا

فلسطين.. (الله معنا)

وبعد صمت أربع سنوات، تعود السينما إلى أجواء حرب فلسطين 1948، فتقدم ما بين (1953 – 1956) ثلاثة أفلام هى (الله معنا، أرض الأبطال، وداع فى الفجر)، الذين يشيرون إلي صفقة الأسلحة الفاسدة التي تسببت في خسارة الحرب؟.

لكنها كانت مفجرة لثورة يوليو 1952 والتخلص من النظام الملكي  الفاسد، وفى الأول يتحدث عماد حمدي بلهجة تفيض بالشجن، عن ذلك الوطن المغتصب، نتيجة الخيانة والفساد.

والفيلم قصة إحسان عبدالقدوس، بطولة “فاتن حمامه، عماد حمدي، ماجدة، حسين رياض، عمر الحريري”،إخراج أحمد بدرخان.

أما الثاني فيتحدث عن صدمة أحد الشباب عندما يعلم أن والده الثري يقوم بتوريد أسلحة فاسدة إلى الجيش، ما يتسبب في فقدان الابن لبصره خلال إحدى العمليات.

إقرأ أيضا : حريق المسجد الأقصى يلهب أغاني (فلسطين) بحناجر الكبار والشباب!

الفيلم قام ببطولته (كوكا وعباس فارس)، إخراج نيازي مصطفي، أما (وداع في الفجر) والذى ظهر فيه (حسني مبارك) ككمبارس متكلم.

فتدور أحداثه حول أحمد الضابط فى سلاح الطيران الذى تسقط طائرته فوق خطوط الأعداء، ويقع في الأسر، ويعلن اسمه في عداد المفقودين، تضع زوجته طفلا، ويستولى عليها الحزن واليأس، لولا عناية مدرس شاب كان يسكن بجوارها.

وكان يحبها في صمت ويكتم هواه، ثم يرد إليها نبأ رسمي بوفاة زوجها، فتصاب بصدمة شديدة، تنتهي بشلل في ساقيها، وتدور باقي الأحداث التى تنتهى بظهور الزوج من جديد ليقلب الأحداث!

أرض السلام

فلسطين.. (أرض السلام)

كان فيلم (أرض السلام) الذى صور عام  1956 وعرض 1957 (بطولة فاتن حمامه وعمر الشريف، فايدة كامل)، إخراج كمال الشيخ، من أول الأفلام التي صورت داخل أراضي فلسطين المحتلة.

لكنه لم يخرج من نمطية الصورة الذهنية عن القضية، حيث يصور الفيلم معارك الفدائيين من أجل تحرير فلسطين، والصعوبات العديدة التي يلاقونها جراء نسف خزانات الوقود.

وبعد انتهاء العمليات يعود (البطل والبطلة) دون أن يتمكن الإسرائيليون منهما، وتنمو علاقة صداقة ثم حب ينتهي بالزواج.

صلاح الدين الأيوبي

فلسطين.. (صلاح الدين الأيوبي)

يعد فيلم (الناصر صلاح الدين) واحدا من أهم الأفلام التى أنتجت عن فلسطين عام 1963 تدور أحداثه حول فترة من حياة القائد صلاح الدين الأيوبي، وهي فترة الحروب الصلبية ومحاولة صلاح الدين إثبات أن القدس كأرض ومكان مقدس للمسلمين فالفيلم يناقش قضية الأرض.

ورغم أهمية الفيلم إلا أن كثير من الباحثين والنقاد أخذ عليه إنه كان فيه إسقاط واضح جدا على قضية القومية العربية والعروبة، وكأن المقصود من الفيلم إبراز شخصية الرئيس (عبد الناصر) وليس صلاح الدين ودوره في فلسطين.

إقرأ أيضا : (طوفان الأقصى) يتجسد في ألبوم (يا قدس يا حبيبتي) تحية لشعب (فلسطين)

إضافة إلى تصوير صلاح الدين في الفيلم على أنه منقذ العرب والعروبة وهو ما كان يريده (عبد الناصر)، فلم يكن صلاح الدين عربيا من الأساس بل كان كردي الأصل.

الفيلم قصة يوسف السباعي، سيناريو وحوار محمد عبد الجواد نجيب محفوظ، عبد الرحمن الشرقاوى، بطولة (أحمد مظهر،نادية لطفي، صلاح ذو الفقار، حمدي غيث، عمر الحريري، محمود المليجي، ليلى فوزي)، إخراج يوسف شاهين.

فداك يا فلسطين

(فداك يا فلسطين)

كانت فترة الستينات هى الأكثر غزارة في تاريخ السينما المصرية، ورغم هذا ابتعدت تماما عن قضية فلسطين، ولم تتناولها في أحد الأفلام المصرية الروائية.

حيث أننا لم نشاهد أي عمل سينمائي يذكر حول فلسطين التي شهدت عدة أحداث أليمة، وإن كانت بعض الأفلام التسجيلية تحدثت عن آثار حرب فلسطين.

لكن ومع حدوث النكسة بدأ وعى المنتجين والفنانيين المصريين والعرب يختلف ويشعرون أن عدوهم واحدا، لهذا ما أن طلبت الفنانة سناء جميل – كما روت لنا فى حديث لمجلة (الأهرام العربي) – للقيام ببطولة الفيلم اللبناني (فداك يا فلسطين) الذى أنتج عام 1969.

حتى سارعت بالموافقة والسفر إلى الأردن لتصوير الفيلم هناك، والذى شاركها بطولته (محمود سعيد، طلحت حمدي)، إخراج أنطوان ريمي.

تدور أحداثه حول أم تعشق بلدتها فلسطين، وتدفع أولادها الثلاثة إلى الانضمام إلى منظمة فدائية حيث ينخرطون فى حركة المقاومة المسلحة بعد أن يتأكد لهم أن السبيل الوحيد لتحرير بلادهم.

لهذا يجب أن يمر عبر فوهة البندقية، ويستشهد الثلاثة فى أرض المعركة، وعندما تعلم الأم باستشهادهم لم تبك ولم تنهار، ولكنها قالت : ” أولادي فداكي يا فلسطين”.

إقرأ أيضا : تحفة الدراما السورية “حارس القدس” .. الفن في خدمة الدين

ونفس الأمر حدث مع الفنانة سهير المرشدي ففى عام 1971 قامت ببطولة الفيلم السوري (السكين) عن قصة الكاتب الكبير غسان كنفاني (ماذا تبقى لكم)، وشاركها البطولة (رفيق سبيعي، وبسام لطفي)، وإخراج خالد حماده، والذي عالج جانبا من القضية الفلسطينية بشكل غير مباشر.

المخدوعون

رائعة فلسطين (المخدعون)

يعتبر الفيلم السوري (المخدعون) الذى قام بإخراجه المصري توفيق صالح، هو أيقونة أفلام القضية الفلسطينية، لا يضاهيه إلا فيلم (كفر قاسم) لبرهان علوية، و(المخدوعون) مقتبس عن رواية (رجال تحت الشمس) للكاتب الفلسطيني غسان كنفاني.

والرواية تناولت أوضاع مجموعة من عمال فلسطين في العراق، وتبرز مشاهد النكبة من خلال ذكريات أحد العمال عن قريته التي غادرها عام 1948.

ويقول المخرج الكبير توفيق صالح عن هذا الفيلم: (لا أبالغ حين أتحدث عن شعوري بالاغتراب داخل بلادي، وعندما تسود الظلمة لابد أن تبحث عن شعاع من النور، وهناك وطن كبير أنتمي إليه وبوسعي أن أفعل شيئا له، وقد استقر عزمي منذ أكتوبر 1969 على أن أهبط فى دمشق!.

إقرأ أيضا : حارس القدس وحراس الدراما السورية

ومن ثم يمثل (المخدعون) طفرة فى وعي القضية الفلسطينية، وتدور الأحداث حول ثلاثة من الفلسطينيين ممن شردهم الاحتلال الإسرائيلي خارج أراضيهم، واتخذت مصائرهم خطوطا متباينة، ويتابع الفيلم قصة أبطاله الثلاثة، وكل على حدة فى ضياعه وتشرده إلى أن يلتقوا ويتفقوا مع سائق شاحنة على تهريبهم إلى الكويت عبر الطريق الصحراوي، لكنهم يموتون دون غايتهم قبيل بلوغ هدفهم.

وعن سبب إخراجه لهذا الفيلم قال صالح لي: شعرت بعد أحداث سبتمبر واستشهاد عبدالناصر أن شحنة الغضب لا تزيلها إلا شحنة أخرى ينفجر بها “رجال تحت الشمس”، الذى قام ببطولته “عبدالرحمن آل رشي، بسام أبوغزالة، صالح خلقي، عدنان بركات، يوسف حنا، ثناء دبسي.

في الحلقة القادمة : نقدم (الظلال على الجانب الآخر) وغيره من أفلام عن فلسطين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.