* المخرج العالمي مصطفي العقاد كان يجلس على سطح بيته ليسمع صوتي
* تنبأت بكل ما حدث فى فلسطين من خلال قصيدة (يا زائراً مهد عيسى)
* أطالب آمال ماهر بالتركيز على شخصيتها، وعدم الغناء لأم كلثوم مرة ثانية!
* أنغام راقية، وصوت شيرين يدخل القلب، وإمكانات أصالة كبيرة ولكن!
* لطيفة صوت وحضور وكاريزما وسيدة الغناء على المسرح
أجرى الحوار : أحمد السماحي
يحسب للمطربة الراحلة (نجاح سلام) أنها غنت لكل ملحني مصر من مختلف الأجيال بلا استثناء، فضلا عن كثير من ملحني لبنان والعالم العربي.
وكما عشقت (نجاح سلام) مصر والعالم العربي، عشقتها الشعوب العربية، ومنحتها أرفع الأوسمة، إما بمنحها الجنسية كما فعلت مصر، أو بتقليدها الأوسمة ومنها (الإخلاص والشرف) من سورية.
و(جوقة الشرف) من فرنسا، ومفتاح (مدينة نيوجرسي) و(الأوسكار العربي) من أميركا، وشهادة مجمع اللغة العربية – الجامعة العربية في القاهرة (شهادة لم تُمنح لسواها من مطربي ومطربات الوطن العربي).
إقرأ أيضا : (نجاح سلام) التى شقت صدر الشرق برسالة الفن النبيل للوطن
ووسام (الشهيد) من الجزائر وغيرها من دروع التقدير وشهادات الوفاء، أما لبنان، فكرمها عدة مرات حيث نالت وسام الاستحقاق الوطني اللبناني المذهّب.
و(وسام الأَرز اللبناني من رتبة كوموندور)، كما نالت تكريم مهم كانت فخورة به من المعهد الوطني العالي للموسيقى، وغيرها من التكريمات.
اليوم نستكمل الجزء الثالث والأخير من حوارنا مع العملاقة (نجاح سلام) والذي أجريناه منذ عدة سنوات وقمنا بنشرها في جريدة (الأهرام) وقررنا إعادة نشره لأنه يتضمن محطات مهمة من مشوارها كما جاء على لسانها.
(نجاح سلام).. أول زيارة لمصر
* سافرت كثيرا للعديد من الدول العربية، وتم تكريمك فى العديد منها هل تذكرين أول زيارة لك كانت لأي بلد عربي؟
** (نجاح سلام): أول زيارة كانت لمصر بالطبع، وبعدها مباشرة سافرت فلسطين وتنبأت بنوايا الكيان الصهيوني، أو بصورة أدق تنبأ الشاعر (بولس سلامة) بما سيحدث في فلسطين.
فغنيت له قصيدة من ألحان نجيب السراج يقول مطلعها: (يا زائراً مهد عيسى غير مضطرب/ لا تأمنن الدرب، صار الدرب أتونا/ يا قاصد المسجد الأقصي/ أما لمحت عيناك حائط المبكي ثعابينا).
وفيها تحدثت عن أطماع الصهاينة في أرض فلسطين العربية، وقد تحققت النسبة الكبيرة من هذه الأطماع.
إقرأ أيضا : تعرف على الأغنية التى كتبت لنجاح سلام، واشترتها نعيمة عاكف، وغنتها صباح (1/2)
* غنيت العديد من الأغاني الوطنية، والتي ما زالت محفورة في الوجدان حتى الآن، سواء لحضرتك أو لأبناء جيلك، لماذا لم يعد للأغاني الوطنية نفس البريق والنجاح في الفترة الأخيرة؟
** (نجاح سلام): زمننا كان زمن العطاء، ولهذا كان زمن الفن الصادق والنابع من القلب، حيث كان يوجد مستوى وأهداف للكلمة، ولم تكن مجرد رص قواف، كلمتنا ساهمت في إصلاح المجتمع والدولة، وكانت الأغنية الوطنية تذاع اليوم فتجدها ثاني يوم على لسان الشعب المصري كله نظرا لصدقها.
أما الآن فالأغنية الوطنية مزيفة وخالية من الصدق، ويجب على المطرب الذي يتصدى لغناء اللون الوطني أن يكون على علم وثقافة ووعي بقضايا وطنه.
(نجاح سلام).. غناء بكل اللهجات
* غنيتِ بمختلف اللهجات العربية ونجحتي فيها، ما مواصفات الصوت الذي يمكنه أن يغني بكل اللهجات؟
** (نجاح سلام): يجب أن يكون ذكياً في التقاط لهجة البلد التي سيغني لها، ويكون صادقاً في ما يغنيه، فمثلا توجد أصوات لبنانية لا تصلح إلا للغناء اللبناني فقط، منها صوت (وديع الصافي) الذي على قدر روعته وجماله هو أولاً وأخيراً صوت لبناني، وأيضاً ينطبق هذا الكلام على السيدة العظيمة (فيروز).
* تعاونتي مع ألحان الأخوين الرحباني فى أكثر من أغنية في بداية مشوارهما الفني لماذا انقطعت العلاقة بينكم؟
** (نجاح سلام): لاكتشافهما فيروز التي عبرت بصوتها عن اللون الغربي الذي درساه، وعن اللهجة الإقليمية اللبنانية التي نشأ فيها، وبالمناسبة كنت أول من غنى لهما أغنية وهى (وقف خدني بأتومبيلك)، ثم قدمت لهما بعد ذلك استعراضين هما (بقرة ستي) مع الفنان محمد سلمان، و(شباك الهوا) مع وديع الصافي.
* من الأعمال الجميلة في مشوارك أوبريت “نهر الوفاء” الذى قدمتيه مع وديع الصافي ما هي ذكرياتك مع هذا الأوبريت؟
** (نجاح سلام): في هذا الأوبريت أصر (وديع الصافي) على أن أشاركه التمثيل والغناء، رغم أنني كنت مريضة ويدي مكسورة، وأثناء وقوفنا على المسرح كنا ننسى حالنا ونستحسن غناء بعضنا البعض، ونتبادل عبارات الاستحسان والإعجاب من دون إرادتنا، وبعد انتهاء عرض الأوبريت أشادت الصحف بهذا العمل وكتبت: (أعظم صوتين في لبنان التقيا في نهر الوفاء).
(نجاح سلام) وصباح
* غنيتِ أغنية (زنوبة) بعد أن غنتها صباح لماذا؟
** (نجاح سلام): المطربة (صباح) غنت هذه الأغنية في فيلم، وعندما أرادت شركة (كايروفون) تسجيلها على أسطوانات طلب مني فريد الأطرش ملحن الأغنية أن أغنيها بصوتي، وبالفعل قمت بذلك ونجحت نجاحاً كبيراً،.
ومن المفارقات الغريبة أنه حدثت لي مع صباح حادثة مشابهة، إذ غنيت أنا في أحد أفلامي أغنية (دخل عيونك حاكينا) ثم غنتها (صباح) بعد ذلك على أسطوانة.
* معروف ومشهود عن السيدة العظيمة (نجاح سلام) وقوفها الى جوار الملحنين والشعراء الجدد، هل تعد هذه مغامرة فنية منك أم ذكاء فني؟
** (نجاح سلام): فلتسمها قناعة فنية بالموهبة، سواء في مجال الكلمة أو اللحن، لأنه لا يوجد ملحن أومؤلف ولد مشهوراً، فمثلاً عندما غنيت للموجي في الخمسينات أغاني (المعجباني، ويا أغلى إسم في الوجود) لم يكن مشهوراً، وكذلك مع باقي الفنانين، ومن عادتي ألا أرفض أي كلمات أو ألحان إلا بعد الاستماع إليها.
وإذا وجدت المؤلف أو الملحن سيضيف إلى مشواري الفني، ولديه جديد أقف إلى جانبه على الفور، فمثلا عندما استمعت من الملحن (فتحي حجازي) أغنية (من العصر وأنا متذوقة) في اليوم التالي غنيتها، وهكذا فعلت مع (مهدي سردانة، وعلى عشماوي، أمجد العطافي).
(نجاح سلام): راضبة عن كل أفلامي
* قدمت للسينما المصرية واللبنانية 16 فيلماً غنائياً، ما مدى رضائك عنها؟
** (نجاح سلام): راضية كل الرضا عن أفلامي السينمائية، لأن بها كمية كبيرة من الصدق، رغم التقنية البسيطة المصنوعة بها تلك الأفلام، لكن الصدق وخفة الدم والتلقائية جعلتها قائمة بيننا وباقية حتى الآن.
* من اللافت للنظر أنك غنيت أغنية عناوين فيلم (عمر المختار) للمخرج مصطفى العقاد، فكيف حدث اللقاء بينكما؟
** (نجاح سلام): كانت تربطني بالمخرج مصطفى العقاد صداقة وطيدة، منذ كان يجلس فوق سطح بيتهم المجاور لنا ليستمع إلى صوتي القادم من نادي الضباط بحلب.
وفي إحدى زياراتي للندن قابلته، وكان في حيرة لعدم عثوره على الصوت الصادق الذي يغني أغنية عناوين الفيلم، فاقترح الموجي إسمي فرحب العقاد على الفور.
إقرأ أيضا : ” عايز جواباتك”.. أيقونة “نجاح سلام” الخالدة
وبالفعل غنيت الأغنية مرتين، كانت الأولى حماسية، لكن العقاد خشي من ثورة الجماهير، فطلب مني إعادتها مرة أخرى بصورة بسيطة، فغنيتها كما ظهرت في الفيلم على صورة موال، الكلام الذي كتبه الشاعر الكبير الراحل عبدالرحمن الأبنودي كان رائعاً حين يقول:
(يا أمة العرب شيء من الغضب يا أمة العرب هل متِ؟ هل هنتِ؟!
أرض العرب بتغتصب فين العروبة والرجولة والرجال
فين الخطاوي اللي هتعبر المحال وتجاوب السؤال).
نجاح سلام: هؤلاء تعجبني أصواتهم
* من يعجبك الآن من المطربات الموجودات على الساحة؟
** (نجاح سلام): بصراحة فيه أصوات كثيرة جميلة، لكن المشكلة ليست في الأصوات، ولكن في الألحان، والكلمات، وبعد إلحاح مني لمعرفة الأصوات التى تحبها قالت: آمال ماهر ممتازة، وصوتها جميل، ونشأت ونمت على صوت أم كلثوم، لكن أنصحها بعد نجاحها في اللون الخاص بها عدم الغناء مجددا لكوكب الشرق، وعليها أن تتفرغ لبناء شخصيتها الفنية، وتقديم أغنياتها الخاصة.
كما تعجبني (أنغام) جدا، لأنها صوت رقيق، ومثقف، وراقي، وصادق في كل حرف تغنيه، وشيك في طريقة الأداء.
و(شيرين عبدالوهاب) صوتها يدخل القلب، لكن أتمنى أن تعود للون الغنائي الشعبي الذى بدأت به.
أما (أصالة) فلها أسلوب خاص في غنائها، فرغم إمكانات صوتها الممتازة، لكن طريقتها في الغناء تزعجنى، والمثل يقول (وشوشنى وأنعشنى)، فاستعراض الإمكانات يبعد السلطنة عن الغناء، لأن الغناء ليس (فرد عضلات!).
وتعجبني جدا (لطيفة)، صوت وحضور، وكاريزما، وسيدة الغناء على المسرح، فالمسرح مملكتها، كما أن لديها مواقف محترمة خاصة بالشعوب العربية.
كما يعجبني أيضا من لبنان (وائل كفوري، وائل جسار، وملحم زين) ومن تونس بحب صوت (صابر الرباعي) جدا جدا.
* كثير من المطربيين يغنون بعض أغنياتك هل تفرحين بهذا الاحتفاء؟
** (نجاح سلام): الحقيقة لا أفرح ولا أحب أن يغنون لي، لأن كثير منهم لا يكون على قدر اللحن والكلمة والأداء، وبالتالي يشوهون الأغنية، من يريد أن يغني أغنياتي يكون على قدر المسئولية، فمثلا عندما غنيت لأم كلثوم حافظت على اللحن والكلمة والأداء وكنت على قدر تلك المسئولية الجسيمة.
