رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

حسين فوزي: (طلعت باشا حرب) كلف أمي بعمل دعاية بصوتها لمصانع غزل المحلة (1)

* تكريمي في مهرجان الموسيقى العربية جاء متأخرا لكن خيرا من أن لا يأتي!

* نشأت في بيت فني فوالدتي المطربة (سيدة حسن)، ووالدي مؤسس فرقة الموسيقى العربية، مع (عبدالحليم نويرة).

* (جمال الغيطاني) كان زميلي في المدرسة الإعدادية، وبفضل (فؤاد قاعود) كتبت في (صباح الخير)!

* بسبب حبي للسهر وعدم الاستيقاظ مبكرا تم فصلي من معهد الموسيقى العربية!.

* بدأت مشواري من الملاهي الليلية التى أعتبرها معاهد موسيقية!

بنى بيوتا لحنية تحاكي طراز الأشكال التى اخترعها الشعب بفطرته

كتب : أحمد السماحي

حسين فوزي ملحن موهوب تنتسب موهبته إلى عالم أساطين النغم الذين كانت ألحانهم تتسلل بنعومة ورشاقة إلى الوجدان وتجعل المستمع يجهش بالبكاء وتفيض عواطفه، هو صاحب (عوض الله ربيع عوض الله) لمحمد العزبي، و(الليلة عيد) لياسمين الخيام، و(صلينا الفجر فين، أو حرما يا سيدي) لعلي الحجار، (يا بركة رمضان) غناء محمد رشدي، (سألت كل الناس) شفيق جلال، (أيوة يا أمه) نادية مصطفى، وغيرها من عشرات الأغاني التى تغنى بها كبار المطربيين ورددناها معهم.

 موهبته نشأت بشكل قدري محض بمعنى أن القدر هو الذي لعب في حياته دورا عظيما، حيث نشأ في بيئة فنية، مليئة بالغناء والمعرفة الموسيقية، ونشأته في بيئة شعبية جعلته يستشف هذه الروح الشعبية ويستجلبها صورا جديدة في ألحانه حاملة شكل العصر.

ومنذ أن تحرك في قلبه وتر الموسيقى، بنى بيوتا لحنية تحاكي طراز الأشكال التى اخترعها الشعب بفطرته، ولكن على شيئ كثير جدا من التطور والاستنارة، فاللحن عنده ليس مجرد بناء لحني نغمي إنما هو بناء مركب يهدف التعبير عن وجهة نظر معينة رغم تلقائيته الشديدة.

القدر هو الذي لعب في حياته دورا عظيما

منذ شهور قليلة تم تكريمه في مهرجان الموسيقى العربية الأخير في دورته الـ 31، عن هذا التكريم الذي تأخر كثيرا، ونشأته في بيت فني وأهم المؤثرات الفنية التى أثرت في تكوينه اللحني نتوقف في هذه الحلقة، من حوارطويل بيننا وبين الملحن المبدع الجميل (حسين فوزي) فتعالوا بنا نتوقف مع مشوار أحد مظاليم التلحين في مصر المحروسة.

* تم تكريمك في الدورة الأخيرة لمهرجان الموسيقى العربية، ماذا يعني هذا التكريم لك؟

** أعتبر هذا التكريم نتيجة العطاء الفني الممتد منذ حوالي أربعين عاما، قدمت خلالها كثيراً من الأعمال التى تغنى بها كبار المطربيين والمطربات، منهم (كارم محمود، محرم فؤاد، شفيق جلال، محمد رشدي، ماهر العطار، محمد العزبي، هدى زايد، ياسمين الخيام، علي الحجار، محمد الحلو، مدحت صالح، محمد ثروت، طارق فؤاد، نادية مصطفى، أركان فؤاد، خالد سليم) وغيرهم من الأصوات الحلوة المتمكنة من الأداء السليم.

 هذا فضلا عن تقديمي لكثير من الصور الغنائية والأوبريتات الإذاعية، وهذا التكريم، وإن جاء متأخرا لكن خير من أن لا يأتي، ولا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل وعظيم الامتنان إلى القائمين على مهرجان الموسيقى العربية.

يعشق العود الذي تعلمه منذ الصغر

* بعيدا عن التكريم الذي جاء متأخرا، ما رأيك لو عدنا بك بطريقة الفلاش باك إلى الوراء أيام الطفولة ونعرف كيف كانت هذه المرحلة؟

** نشأت في حي الحسين، هذا الحي الثري الذي كان له تأثيرا كبيرا على حتى إنني سميت باسم (حسين) نسبة إلى هذا الحي، وقد نشأت في بيت فني فوالدتي هي مطربة الثلاثينات والأربعينات الشهيرة (سيدة حسن)، ووالدي هو (زكي فوزي) رجل على درجة كبيرة من الفهم والتنوير وأحد عشاق الموسيقى والغناء، وشارك في تأسيس فرقة الموسيقى العربية مع الموسيقار الراحل (عبدالحليم نويرة)، وكان صديقا شخصيا للشيخ (زكريا أحمد).

وكان والدي في طفولتي حريصا على شراء الجرائد خاصة (العربي وجريدة الأهرام)، وكان الشاعر الكبير (بيرم التونسي) يكتب زجل – على ما أعتقد في جريدة الأهرام – فكنت شغوفا بقراءة ما يكتبه هذا الشاعر الكبير.

مع المطرب محمد العزبي

* هل كنت الطفل الوحيد لـ (زكي فوزي وسيدة حسن)؟

** كان لي شقيق يكبرني بـ 8 سنوات، كان ضابطا واستشهد في حرب 1967، ولي أيضا شقيقة لكنها رحلت مبكرا.

* ما الذي كان يميز طفولة حسين فوزي؟

** كنت طفلا هادئا جدا، متعدد الهوايات، ففي المرحلة الإعدادية درست في مدرسة (الحسين الإعدادية) وكان زميلي في هذه المدرسة الكاتب والروائي الكبير جمال الغيطاني الذي كان يسكن في حي (قصر الشوق)، وكنت أشارك بالتمثيل في الحفل السنوي الذي تقيمه المدرسة.

 وبجانب حبي للتمثيل كنت أعشق الموسيقى والغناء، وبحكم نشأتي في بيت فني فكان يسهر في منزلنا يوميا مجموعة من زملاء والدي مثل (الشيخ زكريا أحمد، والشيخ مرسي الحريري، والشيخ محمد الفيومي)، وغيرهم من أساطين الغناء والتلحين، فضلا عن مجموعة من المشايخ الآخرين غير المعروفين مثل (الشيخ فتحي شرف، والشيخ أحمد راضي)، وكل هؤلاء كانوا يتحدثون ويتناقشون في الموسيقى والغناء، وعندما يلحن أحدهم لحنا جديدا لمختارات الإذاعة كان يجدني أردد اللحن بشكل متميز للغاية، فمثلا عندما لحن الملحن الكبير (أحمد صدقي) لحن (وردك على الخدين حلو ياللي ماشي) للمطربة فايزة أحمد، فوجئ أنني أغني المذهب بشكل سليم.

وبجانب التمثيل والغناء كتبت الشعر حيث توطدت علاقتي في هذه الفترة بزميلي الشاعر (فؤاد قاعود) الذي كان يسكن في (اللوكاندة الهندي)، وكنا نتقابل يوميا في قهوة (الفيشاوي) نستمع إلى أشعار بعض، فكان يسمعني أشعاره واسمعه أزجالي، وفيما بعد وبفضل (فؤاد قاعود) نشرت أزجالي في مجلة (صباح الخير)، وظلت هذه الهوايات تتصارع بداخلي حتى انتصرت الموسيقى.

مع المطرب محمد الحلو

* هل درست الموسيقى دراسة متخصصة؟

** تعلمت الموسيقى دون قصد! بحكم نشأتي في بيت المطربة (سيدة حسن) التى كانت تدندن طول الوقت ونحن من ورائها (كورس)، في هذه الفترة وكان سني 12 عاما أحب شقيقي الأكبر (يحيي) تعلم الموسيقى فأحضر له والدي مدرس موسيقى وعازف قانون شهير هو الأستاذ (عبدالخالق)، ظهر مع وردة في فيلم (ألمظ وعبده الحامولي) ليعلمه الموسيقى، فكنت أحضر هذه الدروس.

وبعد أن ينتهي الدرس ويتركنا مدرس الموسيقى، يبدأ شقيقي في مذكرة ما تعلمه، لكن سرعان ما يمل ويزهق ويترك العود فأستغل هذا وأمسك العود وأبدأ عزف ما شرحه الأستاذ (عبدالخالق)، وكانت نتيجة هذه الدروس أنني الذي تعلمت الموسيقى وشقيقي (يحيي) لم يتعلم.

بعد انتهائي من المرحلة الثانوية توفيت والدتي، وقررت تعلم ودراسة الموسيقى، فأحضر لي والدي (الشيخ محمد الفيومي) جارنا في هذه الفترة وحفظني بعض التواشيح والموشحات، كما أحضر لي (الشيخ مرسي الحريري) الذي حفظني دروب الإيقاعات المركبة في الموسيقى الشرقية.

وبالفعل دخلت معهد الموسيقى العربية، وفي هذه الفترة كنت عاشقا للسهر على المقاهي مع مجموعة من الزملاء مثل (الشيخ إمام)، والشاعر (فؤاد قاعود)، وكان الاستيقاظ مبكرا للذهاب إلى المعهد مشكلة كبيرة بالنسبة لي، لهذا لم أكن أذهب إلإ شهر في السنة، وهذا أدى إلى فصلي من الدراسة، وحتى أعفى من الاستيقاظ مبكرا دخلت قسم درسات حرة، وتخرجت من المعهد عام 1966.

المطربة سيدة حسن

* بحكم أنك ابن المطربة (سيدة حسن) ماذا تقول للقارئ عن هذه المطربة الشهيرة؟

** والدتي كانت مطربة شهيرة في الثلاثينات وحتى منتصف الأربعينات، وغنت أغنيات كثيرة من تلحين أستاذها (أحمد شريف) صاحب الأغنية الشهير (وحوي يا وحوي) وغيره من الملحنيين، واتجهت قبل اعتزالها عام 1945 إلى الغناء والتواشيح الدينية، وتوفيت مبكرا وتحديدا بعد انتهائي من المرحلة الثانوية.

 ومن المعلومات التى لا يعرفها الكثيرين أن (طلعت باشا حرب) كلفها بغناء أغنية دعائية لمصانع غزل المحلة، فغنت: (لبسني من صنع بلادي وواهبلك روحي وفؤادي).

وكانت أول مطربة تغني للأطفال، حيث غنت أغنيتي بعنوان (حبوبتي الأمورة) و(السنيورة) وغنتهما بعد ولادتها أختى التى توفيت في سن صغير.

* من المطربين الذين كنت تفضل وتحب سماعهم في فترة الصبا والمراهقة؟

** (أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، وفريد الأطرش، وعبدالحليم حافظ)، هؤلاء أكبر من أبدي رأيي فيهم وفي أصواتهم، كما أن الجميع متفق على حبهم لكني كان لي ذوقا خاصا جدا فكنت أعشق (كارم محمود، محمد قنديل، إبراهيم حموده، عباس البليدي).

وبعيدا عن اسم المطرب من صغري كان يستهويني اللحن، وعندما (يعطل) الراديو الخاص بينا كنت أقف في الشباك أسمع راديو المقهى القريب من منزلنا، وأذكر عام 1954 عندما حاول الإخوان الإرهابيين اغتيال (جمال عبدالناصر) حفظت عن ظهر قلب أغنية (ألف حمد الله ع السلامة) للمطرب (كارم محمود) بلحنها وأدق تفاصيلها اللحنية، وكنت أتناقش مع والدي في اللحن ولماذا بدأ الملحن لحنه من هذا المقام، وانتهى بمقام آخر؟!

ونفس الأمر حدث عام 1956 أثناء العدوان الثلاثي على مصر، حيث كانت الإذاعة تذيع لحن (إلى المعركة) للمطرب إبراهيم حمودة كثيرا فكنا نحلله أنا ووالدي، وكذلك لحن (يا سايق الغليون عدى القنال) لمحمد عبد المطلب.

مع المطربة نادية مصطفى

* تخرجت من معهد الموسيقى العربية عام 1966 ماذا فعلت في هذه الفترة؟

** كنت أغني تراث الشيخ سيد درويش، ونظرا لعدم وجود فلوس معي أعطيها للشاعر الذي يكتب لي كلام ألحنه، لهذا اتجهت إلى دواوين معشوقي الشاعر الكبير (بيرم التونسي) فلحنت له (آه من العيون يا سلام سلم)، و(أم الهرمين) وغيرهما.

وفي هذه الفترة تعرفت على الشاعر (بخيت بيومي) وربطت بيننا صداقة وطيدة، وبدأنا الطريق من الملاهي الليلية، وهذه الملاهي أعتبرها معاهد موسيقية، فهي أماكن مليئة بالفن، فمثلا تجد في ملهى (فتحية محمود) مطربين مثل (محمد العزبي، وشفيق جلال، وأحمد سامي)، وتجد الملحن الكبير (أحمد صبرة) يعزف، وفي ملهى آخر مثل (البوسفور) تجد (زينب عبده، محمد الموجي، سمير محجوب) وغيرهم من الشعراء والملحنيين والمطربيين.

وأذكر بهذه المناسبة أن ملهى (البوسفور) كان سببا في توطيد علاقة الصداقة بين والدي الذي كان يعمل قائدا للفرقة الموسيقية، والملحن محمد الموجي، لهذا عندما فتح (الموجي) مدرستة في شارع الشواربي استعان بوالدي ليحفظ الطلبة أدوار الشيخ (زكريا أحمد).

ومن الملاهي الليلية بدات طريقي الفن وكنت أتقاضى في اللحن (خمسة جنيهات(، وكان بخيت بيومي يحصل على ثلاثة جنيهات.

مع المطرب خالد سليم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.