رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

الطريق إلى 30 .. ( 12 ) .. تزوير فى زيارة رسمية

بقلم المخرج المسرحي الكبير : عصام السيد

فى نهاية حوار منشور باليوم السابع مع الدكتور أحمد مجاهد – بعد إبعاده عن منصبه – سأله الصحفى بلال رمضان قائلا : هل تعتقد أن الإخوان يسعون للسيطرة على دار الكتب والوثائق القومية لما بها من وثائق عن تاريخهم ؟ و كانت إجابة مجاهد : أعتقد ، وسيكونون حريصين على أن يكون فى دار الوثائق من يسمح لهم بالاطلاع على الوثائق التى يريدونها ، ولهذا أنا أنتظر إعفاء وعدم التجديد للدكتور عبد الناصر حسن ( رئيس دار الكتب والوثائق القومية فى ذلك الوقت ) لأننى أثق أنه لن يوافق على هذا.

و بعد أيام من نشر هذا الحوار كتبت جريدة (الحرية والعدالة) أن مصادر مقربة من الوزير كشفت عن اتجاهه لإصدار قرار بإنهاء ندب الدكتور عبد الناصر ، و بررت ذلك بالشكاوى المتكررة التي تلقاها الوزير من العاملين بالدار في مكتبه وخلال جولته الميدانية في الدار (!!) ، و فى اليوم التالى نشرت ( اليوم السابع ) ، أن وزير الثقافة لم يوافق على تجديد انتداب الدكتور عبد الناصر حسن ، و قالت أن الوزير سيصدر قرارًا بتكليف الدكتور جمال التلاوى – الذى حل محل الدكتور مجاهد فى رئاسة هيئة الكتاب – بالإشراف على الوثائق القومية لحين اختيار رئيس لها.  و هو ما حدث بالفعل !!

و هكذا تم إخراج واقعة عدم تجديد ندب الدكتور عبد الناصر حسن و كأنها بسبب (شكاوى) كما يبدو من واقع التصريحات الصحفية ، و ليس فقط كما صرح  وزير الثقافة لجريدة (الحرية و العدالة): أن التغييرات الجارية حاليا في مختلف قطاعات الوزارة هدفها الأول ضخ دماء ورؤى جديدة لإحداث حراك ثقافي يعبر عن ثورة 25 يناير، مضيفا بأن هناك هدفًا آخر من هذه التغييرات هو سرعة تفعيل كافة قطاعات الثقافة المصرية وعملها بأقصى إمكاناتها . 

فكيف بدأت الوقائع داخل دار الكتب ؟

فى يوم الثلاثاء 20 مايو قام الدكتور علاء عبد العزيز، بزيارة إلى مقر دار الكتب والوثائق القومية وذلك بعدما قام بزيارة مفاجئة للهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور جمال التلاوى، وعقد خلال زيارته للهيئة مؤتمرًا مع العاملين ووعدهم بتحقيق مطالبهم الخاصة بالعدالة الاجتماعية . و لمن لا يعلم فإن عمال هيئة الكتاب – فى ذلك الوقت – كان يسيطر عليهم تنظيم الاخوان عن طريق بعض أفراده المؤثرين ، فكلنا يذكر حوادث حذف جمل أو سطور من كتب طبعت فى الهيئة نتاج لاعتراض العمال المتأسلمون عليها . لكن الملفت و المثير أن موظفى الهيئة هم أول من وقف ضد الوزير عندما أنهى ندب رئيس الهيئة الدكتور أحمد مجاهد ، بل قطع بعض العمال طريق الكورنيش أمام الهيئة ، فكيف إذن ؟

فى اعتقادى أن الوزير بدأ بالدكتور مجاهد استنادا إلى تنظيم الإخوان داخل الهيئة و الذى اصطدم به مجاهد عدة مرات ، و لم يكن فى حساب الإخوان أو الوزير أن يأتى رد الفعل من بقية العاملين بالهيئة هكذا ، و لكن بعد فترة قصيرة ، و بجهود التنظيم و بعد تطميناته توجه الوزير فى زيارة الى الهيئة قالوا عنها ( مفاجئة ) ، و عندما بدأت الهتافات خارج المكتب حولها التنظيم الى هتافات عامة تطالب بحقوق فئوية و مالية ، لذا عقد الوزير مؤتمرًا مع العاملين ووعدهم بتحقيق العدالة الاجتماعية ومطالبهم ( هكذا ) ، بالإضافة إلى توزيع مكافأة على جميع العاملين قدرها 350 جنيها اشترى بها سكوتهم .

و بما أن هيئة الكتاب و دار الكتب متلاصقتين فى مبنى واحد فلقد سارع موظفى دار الكتب للتجمهر . وعقد الوزير اجتماعاً طارئاً – كما قالت الصحف – بموظفى دار الكتب والوثائق القومية ، بحضور رئيسها دكتور عبد الناصر حسن لبحث أوضاع العاملين ، و استمع خلال الاجتماع  لشكاوى الموظفين التى تعددت ما بين التفاوت فى الأجور، والانتدابات التى تحجم فرص الكفاءات وتلتهم الميزانية دون عائد ، والجزاءات الجزافية والمواصفات الفنية الرديئة المشبوهة فى التسليم والتسلم من الشركات الإنشائية والمنفذة التى تسببت فى حريق قاعة للمخطوطات والموسيقى مرتين لتحترق وتختفى وثائق مهمة، واستيراد 8 أجهزة لترميم الوثائق ، مازالت بصناديقها منذ أكثر من 8 سنوات دون استخدامها رغم الحاجة إليها.  وتحدث مندوب عن المكفوفين الذين يزيد عددهم على 220 كفيفا.. لافتا إلى أن هناك قاعة تنشأ للمكفوفين بالدار لم ينته العمل بها منذ عام 1994 حتى ذلك الوقت رغم اعتماد ميزانيتها .

وقد وقعت مشادة بين الموظفين والدكتور عبد الناصر، حول بعض المشكلات التى أنكرها د.عبد الناصر، إلا أن وزير الثقافة أصدر خلال الاجتماع عدد من القرارات منها تفعيل أجهزة الميكروفيلم فى أماكنها، بعدما كانت غير مستخدمة منذ شرائها عام 2006م، وأمر بإحالة الشخص المتسبب فى ذلك إلى التحقيق أيا من  كان. 

وأصدر قراراً بتشكيل لجنة محايدة من خارج دار الكتب والوثائق لبحث مشكلة العقوبات التى كانت تقع على الموظفين ، ورفعها عنهم . كما طلب من الدكتور عبد الناصر حسن تقريرا فوريا عن مشروعى الميكنة وفورد الخاصين بتصوير الوثائق ونشرها على الإنترنت، لتسهيل الدراسة على الباحثين، ثم عقد لجنة للتحقيق فى تفاصيل الفساد الذى حدث بهذه المشاريع .

وبخصوص مشكلة القيادات المنتدبة من خارج الدار، أمر الوزير بعقد لجنة لتقييم أدائهم . كما أصدر قراراً بإحالة جميع شكاوى الموظفين الخاصة بالتأمينات إلى التحقيق ، وأكد وزير الثقافة أن الأجور لن تستمر فى التفاوت وستكون هناك لائحة عادلة للجميع وأوصى الوزير بضرورة اتخاذ بعض الإجراءات التى من شأنها تنظيم العمل فى بعض الإدارات من حيث المطالبات الفئوية والسعى لتحقيق نوع من العدالة بينهم، ودراسة بعض الأمور التى تحتاج إلى معالجة تخدم العاملين ماديا كلما أمكن ذلك.

ومن جانبه ، ناقش رئيس الدار بعض الموضوعات التى طرحها العاملون، واستمع إلى مقترحاتهم، حيث وافق على بعضها واختلف معهم فى البعض الآخر، مشيرا إلى أنه سيقدم تقريرا لوزير الثقافة بما انتهى إليه هذا الاجتماع، ووعد الوزير بحل بعض المشكلات التى تعيق العمل .

نلاحظ فيما كتبته الصحف أن معظم ما قاله الموظفون هو مطالب فئوية ، أما اتهامات الفساد فمكانها الحقيقى هو جهات التحقيق و ليس الاجتماعات ، فبعض ما أثاره العاملون تم قبل تولى الدكتور عبد الناصر ، و لكن الوزير لم ينتظر نتائج التحقيقات و سارع برفض التجديد للدكتور عبد الناصر كما أنهى ندب كل من رئيس الإدارة المركزية للوثائق و رئيس دار الكتب و أصبحت دار الوثائق مفتوحة الأبواب أمام الإخوان .

لكن ما لايجب أن يفوتنا هنا ما قالته الكاتبة عواطف الشربينى مدير عام العلاقات العامة بدار الكتب والوثائق القومية، فى تصريح لـ ( اليوم السابع ) عن لقائها مع وزير الثقافة برفقة عدد من العاملين بالهيئة فى نهاية مايو ، إن اللقاء كان : ( بهدف إيصال وجهة نظر محددة وموقف واضح وشهادة حق لوجه الله تعالى فيما يتعلق بكم الاتهامات التى تطلق دون ضابط أو رابط على بعض الشخصيات فى دار الكتب سواء من الموظفين أو من القيادات. هذه الاتهامات التى لا يملك أصحابها سوى الصوت المرتفع بعبارات التطهير والمصلحة العامة والحديث المتكرر عن وقائع الفساد بالشبهة والظن والبحث عن كافة الوسائل للنقد والتجريح والذى أصبح يطلق جزافاً خاصة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة ، وكأنما جاءت الثورة التى انتظرناها طويلاً للنيل من كل ما كنّا جميعا جزءاً منه ويقع هذا تحت مسمى الثورة والتغيير والتطهير) .

وأضافت عواطف الشربينى، عضو لجنة ثقافة الطفل بالمجلس الأعلى للثقافة أنها حرصت على أن توضح أن دار الكتب بها شخصيات كثيرة متميزة وأصحاب مشاريع فكرية وعلمية يعملون فى صمت دون النظر للآخرين ، ودون البحث عن أخطاء من خلال الشك والظن والاتهام . وتلك الرؤيا تأتى من خلال موقعها الوظيفى الذى يزيد عن ثلاثين عامًا ترقيت بها بدار الكتب حتى أصبحت مديرًا عامًا للعلاقات العامة .

وأكدت عواطف : ( لقد حرصت فى هذه الزيارة على إعطاء كل ذى حق حقه فى هذا السياق المتشابك والذى اختلط فيه الحق بالباطل وعلى ألا يكون هناك حكمًا قاطعًا إلا بالمستندات والأدلة القاطعة ، وهذا ما أكّد عليه الوزير ووعدنا به. فهى شهادة حق على مرحلة كانت ومرحلة نعيشها ونأمل فى تجاوز عقباتها نحو غد أفضل ).

اعتقد فيما قالته هذه السيدة رد على كثير من الاتهامات التى كيلت للدكتور عبد الناصر حسن ، و لكن ( يموت الزمار و اصبعه يلعب ) فالزيارة التى أريد بها شهادة حق تحولت الى شيئ آخر على يد الوزير كعادة كل الكائنات الإخوانية .

و تضيف السيدة عواطف : ( الغريب أنه بعد هذه الزيارة وجدت أن عددًا من المواقع الإخبارية والصحف الإلكترونية ، تناولت خبراً مشفوعاً بالصور لزيارتى وعددا من موظفى وقيادات دار الكتب لوزير الثقافة ، وهى زيارة حقيقية لكن مضمونها الذى تناولته المواقع الإخبارية لم يكن صحيحاً وجاء بالافتراءات التى لا صحة لها على الإطلاق . فقد تناولت الصفحة الرسمية لحزب الحرية والعدالة وموقع  – إخوان أون لاين – الزيارة بوصفها تأييداً للوزير وقراراته الأخيرة وهو ما يتنافى مع رؤيتى فى ظل هذه الطريقة التى تُعامل بها قيادات وزارة الثقافة والمثقفون والمبدعون ، ومن هنا كان لزامًا علىَّ أن أوضح الموقف ).

يذكر أن البيان الصحفى لوزارة الثقافة ادعى أن الزيارة كانت من (وفد مفوض) عن دار الكتب والوثائق القومية ، ليعرب عن ثقته الكاملة فى الدكتور علاء عبد العزيز فى تحقيق كل طموحات ومطالب العاملين بالوزارة ، مؤكدين على دعمهم الكامل لتصورات الوزير إزاء محاربة أوجه الفساد داخل قطاعات وهيئات الوزارة المتعددة.

و لا تعليق !!! و لكن للحديث بقية ..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.