رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

إمبراطورية الإعلانات.. هل اقتربت النهاية؟!

بقلم : محمد شمروخ

فيما يبدو أننا سنشهد بأعيينا قريبا نهاية عهد الإعلانات التلفزيونية بعد فترات زهو سيطرت فيها شركات الإعلانات حتى كادت تتحكم أو تحكمت بالفعل في عالم الدراما وامتدت سطوتها إلى برامج التوك شو التى تم إنتاجها خصيصا لإحداث ضجيج يجذب المشاهدين إلى فواصل الإعلانات.

فقد كنا نظن أن الصحافة الورقية وحدها هى التى كتب علينا أن نرى نهايتها، فإذا بإمبراطورية الإعلانات هى التى توشك على الرحيل وقد تسبقها إلى نهاية درامية مفاجئة لم يحسب لها الحسبان، حيث انشغل عنها الأباطرة بإحصاء المليارات ومنافسة ممالك هذه الامبراطورية التى دهمتها الشيخوخة فجأة لنتذاكر قريبا أننا كنا نعيش هذا العصر بكل ما فيه من هيلمان ولمعان.. هوذا قد صار في خبر كان!

فقد أخنى عليها ما أناخ على التليفون أبو قرص وكبائن ميناتل.

لكن هذه هى الحياة فبعد كل زهوة كبوة، فقد خرجت المنصات الإليكترونية لتقلم أظافر التحكم الإعلانى وتنهى غروره في ضربة قاضية ولا لكمة محمد على كلاى، ذلك لأن الناس قد ضجت وملت وتضجرت وتأففت وأتى بكل منكر أمام الفواصل التى تجبرهم على الانتظار للعودة والإعلانات على عنادها وغرورها وفجاجتها لا يهمها شيء حتى جاءتها المنصات من حيث لا تحتسب!.

فهيهات أن تتحكم مافيا الإعلانات في مزاج المشاهد الذي يبدو كالماء غير قابل للضغط حسب قوانين السوائل الفيزيائية بتاعة إعدادى، فما أن تضغط من جهة حتى تهرب إلى جهة أخرى وإلا انفجرت في وجه الضاغط وهو ما حدث بالهجر من الفواصل ومتابعة أعمال أخرى حتى ينتهى الفاصل.

 * هو المسلسل رجع يا بت؟!

** لسه فيه فاصل ياخالتى؟!

* يووووووه.. قطيعة تقطع الإعلانات واليوم اللى عملوها فيه.

حوار يحدث لحظيا في كل بيت وكأن الدعوة لاقت استجابة في ساعة قبول، فلقد ضغطت الإعلانات علينا لتتحكم في مزاجاتنا فجاءت المنصات لتجعلنا نتحكم نحن في الإعلانات.

فيا أيتها الشركة الإعلانية ويا أيها المعلنون: زمانكم خلاص بح.. وممكن تغنوا مع بعض (طلعت فوق السطوح أنده على طيري).

وكذلك لا تظنوا أن عشوائية الفواصل بين القنوات الفضائية جعلت المشاهد يرضخ ويرى ما تعرضون، فجهاز الريموت كنترول في يدى أتحكم فيه كيف أشاء، فإذا زهقت فأنا والإنترنت على موعد.

وما يعجبنى في (يوتيوب) مثلا أنه يستأذنى بأن الإعلانات سوف تنتهى خلال 3 ثوانى لو رغبت، فيمكننى بتتشاية واحدة بس أن أتخطاها، أما بقية المنصات الإليكترونية، فوحياتك عندى لم أكن أعرف عنها شيئا حتى رمضان المنصرم منذ أيام معدودة، حيث لمحت لهجة سخرية من بعض الأصدقاء من شكواي في مقال الأسبوع الماضي من كثرة الفواصل التى أهدرت فرص متابعة مسلسلات رمضان ولخبطتها في بعضها فهجرتها ولم أتعب نفسي، فقد نصحنى البعض باللجوء إلى منصات كذا وكذا لمتابعة المسلسلات بدون أى فواصل، وكانت المفاجأة أننى اكتشفت أننى المشاهد الوحيد تقريبا الذي كان على العهد التلفزيوني، فقد أهدرت الكثير من الليالى وأتلفت أعصابي هدرا في متابعة الشاشة على الحائط بينما الحل في متناول يدى حيث اللابتوب والموبايل

وأنا أقول ليه يا خويا الناس مكفية على تليفوناتها وتابلاتها حتى وهم يجلسون في مكان واحد لمتابعة حلقة واحدة في مسلسل واحد على شاشة التلفزيون، فإذا ما دهمهم فاصل هرعوا إلى موبايلاتهم لا يلوون على شيء ولا يرفعون أعينهم إلا بعد نهاية الحلقة بلا فواصل.

يا فرج الله.. أتارى الدنيا اتطورت يا ولاد!!

لكن ما مصير الإعلانات مع هذا التطور الذي سيجعل المشاهد يضربها ميتين صرمة، ربما يكتفى بمشاهدة الإعلان مرة أو مرتين حبا للاستطلاع ثم يعود لمنصته حرا مستقلا.

فماذا ستفعل (مافيا الإعلانات) تجاه هذا التطور الخطير؟، هل ستقوم بتوزيع فيروسات تهدد بحرق الموبايلات والتابلات واللابات في أيدى مستخدميها؟!

أم ستضغط على الشركات النتجة للموبايلات وكافة أشكال الكمبيوتر لتجبر المستخدم بمشاهدة الإعلانات إن جبرا أو اختيارا؟!

أم  أن الإعلان سيتطور ليظهر في مستطيل صغير على جانب شاشة الموبايل بعيدا عن قطع العمل بموجة إعلانية مباغتة وساعتها لن يجدى كثيرا وسيعتبر نوعا من الانكماش التدريجى نحو التلاشي؟!

ربما يلجأ المعلنون إلى ما هو أخطر وهو إنتاج أعمال درامية وإعلامية تتخللها حوارات ومواقف وخلفيات للإعلانات غير المباشرة كما يحدث على استحياء في الأعمال الدرامية منذ زمن بعيد وهى حيل طريفة وغير مخلة وجدناها في كثير من الأعمال القديمة والحديثة ولكنها لا تؤدى الغرض الذي يسعى إليه المعلنن في سرعة الانتشار والذيوع الذي تحققه الإعلانات القصيرة المتكررة.

لكن المشكلة في هذه المليارات التى تنتظر سوق الإعلانات بعدما تزول غمة كورونا بإذن واحد أحد، كيف سيتم استثمارها وكيف سيجد المعلنون بديلا يعيد المشاهد (الحر) إلى متابعة إعلاناتهم.

إجابات كثيرة تنتظر ولكن هل ستكون مجدية؟ .. لعل ويجوز وإذ ربما ولكن مصير التيلفون أبو قرص مازال يترصد بأكبر امبراطورية تجارية في العالم المعاصر فعلت به ما لا يمكن تصوره في جميع المجالات وعلى كل الأصعدة بما قد لا يخطر على بال أحد، ففن الإعلان يتجاوز بكثير الدعاية المباشرة إلى ما لايمكن تصوره.. فماذا سيفعلون؟!.. إحنا هنزهق روحنا ليه، ما يولعوا.. أدينا قاعدين نتفرج لحد ما يلاقوا حل وإياك ما يلاقوا في يومهم اللي مش فايت.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.