رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

حنان مطاوع .. روعة الأداء بمسلسل (القاهرة كابول)

بقلم : محمد حبوشة

الأمثال الشعبية لها سحرها ومنطقها الخاص، وعادة ما يستخدمها المصريون في مختلف المواقف الحياتية، من بينها (إبن الوز عوام)، يتردد هذا المثل باستمرار عند الحديث على موهبة شخص ما موجودة عند والده لمدح الأم والأب معا، كما أننا دائما ما نستمع إلى جملة (من شابه أباه فما ظلم)، وهى مقولة تدل على أن الولد أو البنت دائما ما يكون أو تكون شبية بأبيها، فهناك من الأبناء من يتشابه مع الآباء في الشكل أو اللون، وهناك من يتشابه في الطباع والتصرفات، ومحاسن الأخلاق أو مساؤها، ويضرب هذا المثل حينما يبدى الابن فعلا جيدا، ويكون أبيه حسن الفعال فيقال في هذا: ابن الوز عوام ، ويقصد بها أن ابن الرجل الناجح ناجح لأبيه .

تتمتع برؤية ثاقبة ووعى تام بمسئولية الفن

وهذا ما ينطبق تماما على ضيفتنا في باب (في دائرة الضوء) هذا الأسبوع النجمة المتألقة دائما (حنان مطاوع)، والتي ورثت جينات الفن من والدها الفنان الكبير الراحل (كرم مطاوع) وأمها القديرة (سهير المرشدي)، ومن ثم ينطبق عليها هذا المثل الشعبى خاصة أنها أثبتت جدارتها في فن التمثيل، حتى يمكننا القول: (إقلب القدرة على فمها تطلع البنت لأمها)، مايؤكد أن الجينات تلعب دورا مهما في تشكيل وعي الأبناء، وبحسب الدراسات ثبت أن القدوة – كما تتخذ حنان مطاوع ذلك من والديها – لا تقل تأثيرا فى تشكيل الأبناء، باعتبارها أداة هامة فى التربية الإيجابية، ويبقى تأثيرها سلبى أو إيجابى حسب استخدامنا لها، وأظن أن تأثيرها إيجابي للغاية في حالة الفنانة المعجونة بالموهوبة (حنان مطاوع).

‎تتمتع النجمة (حنان مطاوع) برؤية ثاقبة ووعى تام بمسئولية الفن، لذا تقول أن الفن الدرامي بنظرها ليس مجرد حكاية نرويها فحسب، بل هو متعة مشاهدة، وترفيه نترقبه ونتابعه بشوق، إلى جانب القيمة الدرامية التي تطرحها الحكاية نفسها – هنا تشير إلى دورها الذي يمثل فاكهة أو طيفا هادرا في مسلسل (القاهرة كابول – وتضيف: (أبطال هذه الحكاية جمعتهم يوما عمارة سكنية واحدة ونشأت بينهم صداقة إضافة إلى حسن الجوار، ولكن نظرا لتبدل الأحداث في حياتهم تمر شخصياتهم بتغييرات وانقلابات جذرية على الرغم من انتمائهم إلى مكانٍ واحد وبيئة واحدة، فباتوا في المحصلة شخصيات شديدة الإختلاف من حيث ارتباطهم بأفكار تصل إلى حدود التناقض.

قلبها يرتجف من تون صوت رمزي الذي اجتر الذكريات

وعلى الرغم من أن العمل الدرامي المكتوب بعناية خاصة من جانب السيناريست المبدع عبد الرحيم كمال، وبراعة المخرج حسام علي، وهو يسلّط الضوء على فترات متعاقبة من تاريخ المنطقة ومصر والعالم بأسره، من ضمنها حقبة التسعينات وما شهدته من أحداث، حيث تبرز دور الأيادي الخارجية التي حاولت تنمية الأفكار المتطرّفة في مجتمعاتنا بهدف النيل منه، إلا أنه في قلب هذا التناقض تبرز شخصية (منال) ابنة (الأستاذ حسن) التي جسدتها (حنان) بفيض من مشاعرها، ورغم تقلبها وميلها إلى حب الإرهابي (رمزي) تبدو زهرة برية حرة راجحة العقل حساسة للغاية في التعبير عن مكنونات شخصية نشأت وتربت في كنف أب مصري يجمع بين العقل والمنطق في كل تصرفات التي تبدو في جوهرها تحمل فلسفة خاصة تعتمد في مجملها على روح الوسطية الدينية وحب الحياة.

حنان تألقت منذ الحلقات الأولى التي ظهرت فيها في مشهد رومانسي مع (رمزي) حين بدت خفيفة الظل والروح تداعبه في جرأة فتاة مصرية واعية بعبارات تنم عن حب دفين يحمله قلبها ، بينما هو يبدو متجهما يعاند مشاعره المفضوحة على الشاشة جراء أفكاره الظلامية التي تدور رحاها في عقله الذي انحرف نحو المجهول، وتتألق (حنان) أكثر فأكثر في مشهدين هما الأبرز في الحلقات الثلاثة الأولى، وهى تتحدث أولا مع رمزي في مفاجأة غير متوقعة بلهفة في التليفون القادم من بعيد، بينما يبدو وجهها يحمل علامات استفهام وخوف من عواقب ذلك العالم الخفي الذي لحق به حبيب الصبا والشباب، وهى تجتر معه الذكريات والأيام الجميلة وحديث عن الأهل الذين تركهم في مصر نهبا للحيرة والقلق.

اللغة العربية تشكل حضارتنا وثقافتنا وهويتنا

أما المشهد الثاني فهو ذلك الذي برعت في أدائه (حنان مطاوع ) ويحمل في طياته رسائل غاية في السمو، حيث تلقن فيه تلاميذها درسا بليغا ومهما ببساطة وتلقائية، كتب بلغة حوار غاية في الروعة تقول فيه بحماس: اللغة العربية لغة حية فيها موسيقى وكلها تيمبو وإيقاع وبفخر تعبر عن اللغة العربية باعتبارها جزء من حضارتنا، ثقافتنا، جذورنا، اللغة العربية لغة مقدسة، لغة الشعر، لغة الصلاة، لغة القرآن، اللغة العربية، ثم تتفاعل بحس راقي قائلة: هى روحي .. بلاقي فيها روحي، وفي بلاغة تمثيلية تقول: اللغة العربية دي أنا .. أي والله أنا .. أصل أنا حاعبر عن نفسي إزاي باللغة، ومفيش أكتر من اللغة العربية أعبر بها عن نفسي .. اللي ماعندوش طريقة يعبر بها عن نفسه مش موجود، واللي عنده بيبقى حد مميز ومختلف .. إذن اللغة العربية هى تعبير حي عن الهوية، كما أراد عبد الرحيم كمال.

تألقت (حنان مطاوع) في السنوات الأخيرة، حيث برز أداءها في أكثر من شخصية تبدو فيها في قمة النضج والتألق، ومع كل دور تثبت أنها صاحبة موهبة حقيقية، بحيث تبهرك بأدائها، ببساطة وسلاسة من خلال التقمص الذي يصل معها إلى حد التوحد مع الشخصية، وربما كان هذا جواز مرورها إلى قلب المشاهدين، من خلال عدة أدوار برعت خلالها في تقديم الأداء الراقى، والانفعالات الصادقة دون تكلف، وانتقاء أدوار تمثل إليها إضافة، وليست مجرد (دور عابر).

وهكذا كانت الفنانة حنان مطاوع عبر مسيرتها الفنية منذ البداية، ولهذا حافظت دوما على مكانتها في وجدان الجمهور، من خلال صدق الإحساس وانتقاء الشخصيات وتقمص الأدوار على نحو احترافي؛ فهى دوما لا تقدم على أداء شخصية ما في عمل فنى دون أن تصدقها، بحكم أنه منتمية جدا للشارع المصرى بكل طبقاته، وتذوب في تراب بلدها حبا، وترى أن المعدن المصرى أعظم معدن في الوجود وحقيقى لذا تعشقه.

في بداياتها الفنية

ولدت الممثلة حنان مطاوع في القاهرة، وهى الابنة الوحيدة للفنان كرم مطاوع والفنانة سهير المرشدي، ودرست في المعهد العالي للفنون المسرحية، كانت بداياتها في عالم التمثيل في عام 2001، حين قدمت دورا بسيطا في مسلسل (حديث الصباح والمساء) وقامت فيه بدور مطربة وشاركها في العمل نخبة من نجوم مصر مثل (عبلة كامل وليلى علوي وخالد النبوي)، وغيرهم وكان المسلسل من إخراج أحمد صقر، ثم تنوعت الأعمال الفنية التي قدمتها خلال مسيرتها بين السينما والتلفزيون والمسرح وحتى الإذاعة.

ولم تعتمد (حنان) على اسم أبيها أو أمها فقد اقتحمت عالم التمثيل بثقة في موهبتها وقدراتها الخاصة، ففي عام 2002 شاركت في فيلم (الصباح التالي)، وفي مسلسل (رصاصة العقل)، وهو عبارة عن سهرة تلفزيونية وشاركت أيضاً في مسلسلات (أميرة في عابدين، انظر من حولك وابتسم، والامبراطور)، وفي العام 2003 شاركت في فيلم (أوعى وشك)، وهو فيلم كوميدي للمخرج سعيد حامد، وشاركت في مسلسلات (رجل الأقدار، شمس يوم جديد، وتعالى نحلم ببكره)، ثم في عام2004 شاركت في مجموعة المسلسلات مثل: (محمود المصري، بنت من شبرا، قلبك يناديك)، أما عام 2005 فشاركت في المسلسلات (الحب موتا، أرض الرجال، الست أصيلة، الجانب الآخر من الشاطئ، وسارة).

بدأ نجم (حنان مطاوع يلمع أكثر في عام 2006، حين شاركت في عدة مسلسلات وهى: (أولاد الشوارع، لا أحد ينام في الاسكندرية، هو جرى إيه، أشباح المدينة، دعوة فرح)، و في عام 2007 شاركت في فيلم (قص ولصق) وشاركت في مسلسلين هما (بنت النور، وقيود من نار)، وتوالت مشاركاتها في السينما والدراما التليفزيونية، ففي عام 2008 شاركت في فيلم (الغابة)، ومسلسل (الهاي سكول)، ثم في عام 2009 شاركت في فيلم (صياد اليمام) وفي عدة مسلسلات وهى: (أحلام نبيلة، وكالة عطية، ليالي، وآخر أيام الحب)،

السينما تصنع نجومية أكبر للممثل وتعيش أكثر

في عام 2010 كانت وصلت إلى مرحلة النضج حيث شاركت في فيلمين وهما (الجنس اللطيف، وهليوبوليس)، وشاركت في المسلسلات (أغلى من حياتي،  لحظات حرجة، أزمة سكر)، وفي عام 2011 شاركت في فيلم (نقطة دم) وفي مسلسل (قصص الحيوان في القرآن)، وفي عام 2012 شاركت في فيلم (حفلة منتصف الليل) وفيلم (بعد الطوفان)، وشاركت في الجزء الثالث من مسلسل (لحظات حرجة)،ثم في عام 2013 قدمت عدة أفلام، وهى: (القشاش، الجبروت، قبل الربيع)، وشاركت في مسلسل (البيت).

وكان لحنان مطاوع إنطلاقة قوية وجديدة بمشاركتها عام 2014 في مسلسل (دهشة) مع الفنان القدير (يحيى الفخراني) وفي عام 2015 شاركت في مسلسلات (سندباد، حب لا يموت، خليل الله”، وعاودت مشاركة الفخراني في عام 2016 في (ونوس)، فضلا عن مشاركتها في مشلسل (جراب حواء)، وقدمت في عام 2017 أدورا مختلفة ومتميزة للغاية تنم عن نضج موهبتها في المسلسلات (هذا المساء، حلاوة الدنيا، طاقة نور، نصيبي وقسمتي2، ثم في عام 2018 شاركت في مسلسلات (طلعت روحي، ضد مجهول، الرحلة” وفي عام 2919 قدمت مسلسل واحد فقط هو (لمس أكتاف).

أثبتت جدارتها في فن التمثيل

أما في عام 2020 الذي يمثل لها أكبر إنطلاقة نحو النجومية حيث قامت ببطولة مسلسل (بنت القبائل) كبطولة مطلقة وشاركها فيه البطولة كل من (محمد رياض ومنة فضالي وعمرو عبد الجليل، مفيد عاشور، أشرف عبد الغفور)، وغيرهم ، وبلغت قمة التألق في عام 2021، في حكاية (أمل حياتي)، ومسلسل (ضربة معلم) والآن تتألق أكثر وأكثر في مسلسل (القاهرة كابول)، وكان من المفترض أن يعرض لها مسلسل من بطولتها بعنوان (ورد) في مارثون رمضان الحالي لكنه تأجل.

الثقافة عنصر مهم في مكونات شخصيتها

أشهر أقوال حنان مطاوع:

** السينما تصنع نجومية أكبر للممثل وتعيش أكثر، لكن في عصرنا الحالي الكثير من التغييرات العالمية، منها دخول (نتفلكس)، وإقبال نجوم العالم على تقديم أعمال تلفزيونية بتقنية السينما، وهو ما يجعلني أعتقد في اختلاف المعادلة عن زمان، التليفزيون بات يلعب دوراً أكبر في وجود حميمية بين الممثل والمشاهد، وأصبح بخطورة السينما وأكثر.

** الشخصيات الأكثر بساطة هى الأكثر صعوبة، لأنك لا تمتلك انفعالات عالية كثيرا، ولكنك تتحرك كالنسمة داخل المشاهدين، فعندما تشاهد لوحة تجد الألوان التي تخطف الأنظار هي الألوان (الفاقعة) فالأدوار الشريرة والمنحرفة والقاسية، مثلًا، كاللون الأحمر أو الأصفر أو الأزرق، أما الأدوار الأخرى الطيبة فتكون كاللون البيج أو البينك ألوان هادئة، ولكنها تستطيع أن تترك أثرا كبيرا في النفس إذا تم تصديقها.

** عندما تكون هناك مشاهد تحتوى على الكثير من المشاعر، أطلب من المخرج أن يبدأ من المساحة الضيقة، لأننى لا أستطيع إعادة تلك المشاهد، لأننى أتعب كثيرًا في أدائها، وكذلك مهندس الصوت أطلب منه ذلك، لأن المايك الذي يلتقط الصوت يكون مخفيًّا، وهو يلتقط ضربات القلب، وضربات قلبى تكون سريعة جدًّا، وأكون صادقة جدًّا ومنهارة في تلك المشاعر.

** لا أشعر بأن هناك تنافسًا أثناء التمثيل، فتكون هناك مشكلة إذا شعر أحدنا بذلك، نحن بداخل المشهد نكون فريقًا واحدا، أحدنا يمرر الكرة للآخر حتى نحرز جميعنا الهدف، فهناك تكامل أكثر منه تنافسا، فإذا كنت أمثل أننى وشخص نحب أو نكره بعضنا، فيجب أن نكون نحن الاثنين مصدقين تلك اللحظة، فأنا لا أدخل المشهد لكى أقهره أو يقهرنى.. تحية تقدير واحترام لإبداع حنان مطاوع في قلب الدراما المصرية، مع أطيب المنى لها في قادم الأيام لتقدم لنا روائع في فن الأداء الصعب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.