رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

لوحة (حرب غزة) تفضح (الساحرات) من الصهاينة الجدد!

شيطنة الفلسطينيين بين ساسة واشنطن وفلاسفة باريس

أحمد الغريب

بقلم الكاتب الصحفي: أحمد الغريب

يستحضر المشهد الدموى الراهن فى غزة للذاكرة، واقعة انتهاء الرسام الإسباني (فرانثيسكو جويا) فى عام 1820، من رسم مجموعة لوحات مخيفة (14 لوحة) سوداوية تعكس أرواحا من (الساحرات) معذبة وجنا وعفاريت وكلبا ينبح في الفراغ، ورجلا يأكل ابنه.

وينتهي به المطاف لأن يرسم الشيطان في شكل عنزة تتوسط عددا من (الساحرات) في مشهد مرعب، وعرفت تلك اللوحة باسم (سبت الساحرات).

قصة اللوحات الأكثر رعبا في تاريخ الفنون التشكيلية، تحكي أسطورة انتشرت في أوروبا في العصور الوسطى، هى أن (الساحرات) يجتمعن يوم سبتهن في الغابات الخالية البعيدة أو بين الجبال؛ ليمارسن طقوسا معينة يحصلن بموجبها على قدرات سحرية خارقة.

وتلك الطقوس كانت تنطوي على كفر تام وتدنيس للدين المسيحي، حيث تقدم الساحرات الأضاحي للشيطان، الذي يتم استحضاره حتى يتجسد ليلا في عنزة سوداء لها قرنان كبيران.

وكلما زاد عدد الأضاحي بارك الشيطان (الساحرات) بقوى سحرية أكثر، وتتمثل تلك القوى في القدرة على الطيران؛ فالشيطان يُسخر لهن حيوانات ممسوخة تحملهن من الأماكن الحضرية لتلك المناطق المعزولة، وأحيانًا تركب الساحرات الجن والعفاريت أو حتى مكانسهن القشية.

وفقا للأسطورة، فإن (الساحرات) يسحقن الصليب ويعمدن أنفسهن باسم الشيطان وبدماء الأضاحي

لوحات الشيطان

وفقا للأسطورة، فإن (الساحرات) يسحقن الصليب ويعمدن أنفسهن باسم الشيطان وبدماء الأضاحي التي كانت تُذبح أمامه وتقدم له، كما يمارسن أشكالا عدة من السحر الأسود في الليل، بعد غياب الضوء وحتى مطلع الفجر.

أما الأضاحي نفسها فكانت أطفالا صغارا من عمر يوم واحد وحتى عامين، والأقصى ثلاثة، يذبحون كأضحية للشيطان، عند ذلك يتقبل الشيطان الأضحية، وتستمر الطقوس بتلاوة التعاويذ واحتساء الخمر، ثم يكون التعميد بدم الأطفال.

ككل لوحاته في سلسلة (اللوحات السوداء)، فإن (سبت الساحرات) يثير مشاعر كابوسية ومتشائمة إزاء الوجود الإنساني بأسره، ورغم أن السلسلة بالكامل تغرق في العتمة، فإن المشاهد كلها عبارة عن ملامح بشر مشوّهين ومعذبين.

وفي (سبت الساحرات) نجد الشيطان يتوسط ذاك الجمع من (الساحرات) ذوات الوجوه المشوّهة الأشبه بقطع العجين، كما نرى أن هناك عددا من الأطفال الصغار في اللوحة، وهم على وشك أن يُضحى بهم للشيطان.

فنرى على أقصى اليمين ساحرة تعطي الشيطان طفلا صغيرا، وإلى جوارها تجلس ساحرة أخرى تمسك طفلا آخر بين ذراعيها، وستتم التضحية به هو الآخر.

كما نجد على أقصى اليمين عصا طويلة وتتعلق فيها ثلاثة أجنة صغيرة الحجم، وفوق حلقة السحر تلك نجد خفافيش طائرة بين قرني الشيطان والقمر، وتعكس اللوحة كبقية السلسلة، خوف (جويا) الهيستيري من المصير المشؤوم الذي ينتظر الإنسانية جراء الجشع والرغبة في امتلاك القوة.

 حيث كان هناك تغيير اجتماعي وسياسي كبير في إسبانيا في تلك الفترة، وكانت إسبانيا خائفة ومهددة من غزو (نابليون بونابرت)، واللوحة في النهاية ما هى إلا مجاز عن معركة الوجود الوحيدة والحقيقية بين الخير والشر.

بيد أن ما قدمه (جويا) في سلسلة اللوحات السوداء يعكس أن من سينتصر غالبا هو الجنون والدراما واللامعنى. هذا إذا لم ينتصر الشر مثلما نرى في (سبت الساحرات)، حيث تتم التضحية بالأطفال والأجنة بمنتهى النشوة من (الساحرات) للشيطان.

وكان هناك من يرى أن المتفرج لا يستطيع أبدًا أن يفلت من الأثر المؤلم لتلك اللوحة، وأن (جويا) ربما لم يقصد في الواقع أن تُؤخذ اللوحة حرفيًّا على أنها حلقة سحر في حضور الشيطان.

بل ربما أرادها أن تكون انتقادًا للجانب القبيح والمظلم للإنسانية في فترة الحروب النابليونية، لذلك، رسم (جويا) سلسلة أخرى باسم (كوارث الحرب).

قدم فيها أجساد البشر مقطعة وممزقة، بعض اللوحات في تلك السلسلة تعرض مشاهد تعذيب وحشي تعرض له سكان البلاد التي غزاها نابليون.

قوى الصهيونية اينما وجدت ليست بمعزل عن العدوان الإسرائيلي المتواصل

شركاء الدم

بعد اكثر من نحو قرنين من الزمان يجد المتابع للاعلام الاسرائيلي والغربي ان قوى الصهيونية اينما وجدت ليست بمعزل عن العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ نحو 240 يوم حتى الآن على قطاع غزة.

بل هي شريكا أساسي فيه إن لم تكن صانعة له حتي أن الصورة الآن بدت وكأنها صنيعة مجموعة من الرسامين الصهاينة الذين تبروا فيما بينهم على رسم لوحة جديدة كلوحات (جويا) تفوقها رعبا وتجسد كل معانى الشر والموت والعدوان بدماء أهل غزة، اذ بدى صانوعها الجدد وكأنهم الشيطان ذاته.

ليظل السؤال الذى يطرح نفسه وبقوة: كيف لإسرائيل أن تستمر فى عدوانها هذا؟ دون أن يكون هناك تحالف من قوى الشر يحميها ويقف من وراءها ويدعمها ويقدم لها يد العون.

بدعوى كونها تتعرض لحرب وجود.. إن لم تنتصر فيها وأنهت معها أسطورة نجاح المقاومة الفلسطينية فى تفكيك وهم القوة الإسرائيلية، فان النتيجة الحتمية ستكون بداية زوال الحلم الصهيوني وأمانى البقاء الأبدى فوق تراب فلسطين.

بطبيعة الحال يظل الإعلام الإسرائيلي مصدر رئيسي في تحرض وحشد القوى الصهيونية، فعلي سبيل المثال ومنذ بداية العدوان، لا يوجد في التلفزيون الإسرائيلي أي لقطات لقتلى الفلسطينيين.

بل توجد فقط بعض مشاهد الدمار، وفقا لمديري وسائل الإعلام والصحفيين ومحللي وسائل الإعلام والإسرائيليين العاديين.

ويقول العديد من اليهود الإسرائيليين، الذين عادة ما يتابعون الأخبار باللغة العبرية، إنهم نادرا ما يصادفون لقطات صريحة لغزة على هواتفهم الذكية، على الرغم من أنهم يدركون أن هناك دمارًا واسع النطاق وارتفاع عدد القتلى.9

وهو ما وصفه (شوكي توسيج)، رئيس تحرير مجلة (Seventh Eye)، وهى مطبوعة تركز على وسائل الإعلام في إسرائيل، بقوله: (إنك ترى كل شيء عن الحرب على التلفزيون الإسرائيلي باستثناء شعب غزة).

وأضاف: (في الوقت الحالي، لا تستطيع وسائل الإعلام الإسرائيلية التعامل مع واقع معقد.. إنهم يعلمون أن مشاهديهم لا يريدون حقا رؤية صور لأعدائهم وهم يموتون.. لذلك لا يعرضونها).

مؤكدا إنه على عكس الولايات المتحدة وأوروبا، حيث يحصل معظم الناس الآن على معلوماتهم في المقام الأول من وسائل التواصل الاجتماعي، لا يزال التلفزيون يلعب دورا كبيرا في إسرائيل.

وسائل الإعلام الإسرائيلية تتجاهل الفيديوهات التي ينشرها ضباط جيش الاحتلال وجنوده

الإعلام الإسرائيلي يتجاهل الفيديوهات

حيث يقول ثلاثة أرباع الإسرائيليين إنه مصدر رئيسي للمعلومات، مثله (دانييل ليفي)، أستاذ الاقتصاد في جامعة (بار إيلان)، قال: (إنه وزوجته يعتقدان أنهما لا يحصلان على القصة كاملة من وسائل الإعلام الإسرائيلية، ويشاهدان قنوات أخرى أحيانًا باللغة الإنجليزية لرؤية الجانب الآخر).

ليس هذا فحسب، بل إن وسائل الإعلام الإسرائيلية تتجاهل الفيديوهات التي ينشرها ضباط جيش الاحتلال وجنوده على مواقع التواصل الاجتماعي العبرية، وهم يتباهون بتفجير المباني في القطاع وتوثيقهم عمليات التخريب المتعمد للممتلكات الفلسطينية.

في أحيان قليلة تتم الإشارة فقط إلى هذه الفيديوهات بوصفها تسهم في توفير أدلة على إدانة إسرائيل في المحافل الدولية.

وفى هذا الصدد لفتت الصحفية (عميرة هاس) في تحليل نشرته صحيفة (هآرتس) إلى حقيقة أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تتجنب نشر الصور والفيديوهات التي توثق الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال في حربه على قطاع غزة.

فضلاً عن حرصها على عدم تقديم أي معطيات حول نتائج هذه الجرائم، موضحة أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تعتمد تبني الرواية الرسمية من خلال إضفاء مصداقية على البيانات التي يصدرها الناطق بلسان جيش الاحتلال (دانييل هجاري) حول مسار الحرب، على الرغم من أن هذه البيانات تثير الكثير من الشكوك.

وتضيف: (فقط من يعتمد على رواية وسائل الإعلام الإسرائيلية يمكن أن يثق برواية الجيش الإسرائيلي بشأن الهجوم في رفح).

كذلك تنسجم أنماط تغطية الإعلام الإسرائيلي تماماً مع توجهاته القائمة على شيطنة الفلسطينيين وتبرير إبادتهم وعدم تحمل أي مظهر من مظاهر التعاطف مع القتلى من الأطفال والنساء في غزة.

فقبل شهر، شن مقدم البرامج في القناة 12 (داني كشمارو)، هجوماً كاسحاً على المغني الإسرائيلي (أريك كفلتون) لأنه عبّر عن التعاطف مع الأطفال الفلسطينيين الذين يقتلون في قصف جيش الاحتلال.

وافتتح (كشمارو) حلقته بمونولوج طويل هاجم فيه (كفلتون)، معلناً أنه لن يستمع إلى أغانيه بعد اليوم.

ولم تتوقف وسائل الإعلام الإسرائيلية عن شيطنتها للفلسطينيين والتعبير عن حماسها لحرب الإبادة التي يمارسها جيش الاحتلال، انطلاقاً من الافتراض بأن هذا التوجه يلقى استحساناً لدى الرأي العام الإسرائيلي المتعطش للانتقام.

وهذا ما أشارت إليه الكاتبة (أريس لعال) في مقال نشرته (هآرتس)، لفتت فيه إلى (أن الإسرائيليين باتوا على قناعة بأن ما لم يمكن تحقيقه بالقوة يمكن إنجازه بمزيد من القوة والعنف).

نيكي هايلي

اقضوا عليهم

ما يدعم هذا العنف الدموى ويبرره هو ذاك الدعم والتعاطف الواسع من بعض القوى السياسية الامريكية والغربية ذات التوجه الصهيونى الواضح بل تكاد تفوقه فى الشر,

ولعل العبارة التى كتبتها (نيكي هايلي) المرشحة الجمهورية السابقة للرئاسة الأمريكية إحدى أكبر المدافعات عن إسرائيل في إدارة الرئيس الأمريكي السابق،  دونالد ترامب، (اقضوا عليهم)! على قذيفة مدفعية إسرائيلية، أثناء زيارتها في الآونة الأخيرة لإسرائيل، خير مثال ودليل على هذا النهج.

وفي وقت لاحق، كتبت (هايلي) على منصة إكس: (يتعين على إسرائيل فعل كل ما هو ضروري لحماية شعبها من الشر)، مضيفةً أن إسرائيل تقاتل (أعداء) الولايات المتحدة.

والمثير هنا ان الرد على هذا التصرف جاء من وزير المالية اليوناني السابق (يانس فاروفاكس)، منتقداً (هايلي) على منصة إكس: (قدم الرئيس الأمريكي جو بايدن القذائف لإسرائيل، ووقعها الجمهوريون، وأضاف: أن الطبقة السياسية الأمريكية متحدة في تواطؤها مع (الإبادة الجماعية) في غزة.

ألن غريش

رواية لا تجد من يكذبها

من واشنطن لباريس نجد حالة من التطابق فى الدعم لاسرائيل، فبحسب ما كتب مؤسس ومدير موقع  Orient XXI، الصحفي الفرنسي (ألان غريش)، في مقال نشره في (لوموند ديبلوماتيك).

فإن تغيطة صحيفة (لو باريزيان) للعداون على غزة لم تكن متوازنة بالمطلق، بل منحازة بشكل كامل للسردية الإسرائيلية، حيث نقلت الصحيفة وجهة نظر واحدة فقط: نظرة الحكومة الإسرائيلية لغزة والنظرة التي تريد تصديرها لبقية العالم.

خلال أكثر من شهرين، لم يُنشر وجه مدني فلسطيني واحد على الصفحة الأولى من صحيفة (لو باريزيان) ولا واحد!

ويرى (ألان غريش): أن إسرائيل تتمتع بميزة لا تتمتع بها الدول الأخرى، (المسؤولون ووسائل الإعلام الغربية يعتقدون، بداهة، أن إسرائيل تقول الحقيقة).

وما يقوله (غريش) يظهر بشكل فاقع، لمن يتابع الإعلام الفرنسي، أن الرواية الإسرائيلية نادراً من تجد من يكذّبها، حتى قبل السابع من أكتوبر.

ولنأخذ على سبيل المثال الحروب الأخيرة على غزة، تلك التي سبقت (طوفان الأقصى)، أو اغتيال الصحفية الفلسطينية (شيرين أبو عاقلة) في هذه الجريمة تحديداً.

كانت الرواية الأولى في الإعلام الفرنسي هى بيان جيش الاحتلال الذي نفى أن يكون هو من قتل (أبو عاقلة)، ثمّ بعد أيام عاد وتراجع، لكن هذا التراجع لم يجد طريقه للصفحات الأولى.

ميشال أونفري

فلاسفة الصهيونية

من الاعلام للفلسفة حيث (ميشال أونفري)، الذي أطلق على نفسه لقب (فيلسوف) والثابت لديه هو الدفاع عن الصهيونية، وشيطنة الإسلام والمسلمين يُمرّر مواقف سياسية تخدم أجندته الصهيونية، والرجل في حقيقته صناعة من إنتاج الميديا.

وهو لا يترك منبراً أو قناة تلفزيونية، أو قضية إلّا ويكون حاضراً فيها، ولكنه يقضي وقته في تل أبيب، ويكتب أنّه صهيوني.

وأوجد نظرية جديدة يقول فيها: (لقد دخلنا المرحلة الثالثة من معاداة السامية اليوم جاء وقت صيغتها الجديدة وهي معاداة الصهيونية التي تسمح بدعوة كراهية شعب إسرائيل منذ عام 1948، هذه الفكرة التقطها ماكرون، وظلّ يكررها).

ويقول (أونفري) في أحد تصريحاته التلفزيونية إنّه لابدّ من التخلّص الفيزيائي من أعداء إسرائيل، مبرّراً بذلك عملية التطهير العرقي في غزّة، وكلُّ خطاب الرجل دفاع عن الصهيونية مغلّفٌ بلغة فلسفية.

وهو في هذا استمرارٌ لمن يُسمّون أنفسهم (الفلاسفة الجدد)، مثله مثل (برنار هنري ليفي)، وقد عملا لفترة معاً، وكذلك (آلان فينكلكروت)، الذي يدافع على الكيان الصهيوني ويدعو إلى قتل الفلسطينيّين مثل ميشال أونفري ولوك فيري، يُشهّر بالمسلمين ويأخذ على “حماس” كرهها إسرائيل.

مما يعني أنّ على (حماس) أن تُحبّ إسرائيل، جيش كامل من جنود الخفاء يخدمون الصهيونية بغطاء فلسفي.

حتما لن تكون النهاية لوحة من لوحات (جويا)

لوحة الانتصار

الوقائع والشواهد كثيرة وسردها كاملة ربما يحتاج الأمر لمجلدات لرصدها والجميع يعلم حالة التماهى اللامنتهية بين صهاينة تل أبيب وأشقائهم فى الغرب في مسعاهم لترويج السردية الاسرائيلية العدوانية للحرب على غزة وشعبها.

لكن حتما لن تكون النهاية لوحة من لوحات (جويا) بل وخلافا عنها لوحة مختلفة تماما ينتصر فيها الخير على الشر ترسمها غزة بدماءها ودماء شهدائها للخلاص من هذا المحتل.. وغدا لنظره لقريب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.