رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

مسلسلات الـ 15 حلقة تنقذ مارثون (رمضان) من السقوط والفشل

كتب: أحمد السماحي

خلال أيام قليلة نودع شهر (رمضان) الكريم، الذي عرض فيه كم كبير جدا من المسلسلات المتنوعة التي تفوق طاقة المتابعة.

ورغم كثرة عدد المسلسلات المصرية هذا العام (33 عملا) لكن كثير منها بحكم متابعتي لم يقدم جديدا، ولم يعبر عن الواقع، ولم يعكسه، وصنع واقعا خاصا به، وسعى إلى تكريسه، وفرضه على المشاهد في (رمضان).

وقدمت أعمال كلها تمثيل في تمثيل، كثير منها مليئ بالأخطاء الإخراجية الفادحة، سواء في التصوير أو التمثيل أو المكياج، بسبب الاستسهلال، والاستعجال!

33 عملا دراميا في (رمضان)، تابعهم، – ومازال يتابعهم – الجمهور، منهم 17 مسلسلات تتكون من 15 حلقة وهى (عتبات البهجة، جودر، كوبرا، رحيل، فراولة، سر إلهية، نعمة الأفوكاتو، صلة رحم، أشغال شقة، مسار إجباري، بابا جه، كامل العدد 2، لحظة غضب، أعلى نسبة مشاهدة، مليحة، خالد نور وولده نور خالد، بدون سابق إنذار).

و16 مسلسل تتكون من 30 حلقة، وهى (الحشاشين، العتاولة، المداح، بيت الرافعي، إمبراطورية ميم، الكبير أوي، صيد العقارب، صدفة، محارب، حق عرب، المعلم، و بـ 100 راجل، قلع الحجر، جري الوحوش)، فضلا عن مسلسل (وبقينا اتنين) الذي يتكون من 20 حلقة، ومسسلسل (لانش بوكس) من 45 حلقة.

ياسين الرفاعي
محارب
عايدة ضرغام

أفكار لاتناسب العصر الحالي

والمتابع الجيد لهذه الأعمال يجد أن كثير منها غلب عليه المبالغة في الأداء، والسقطات الدرامية الصادمة، وتكرار لما سبق وقدم منذ فيلم (أمير الانتقام) الذي قدمه أنور وجدي عام 1950.

وكان كما تعلمون يدور حول (حسن الهلالي) الشاب النبيل الذي يحب فتاة، لكن غريمه في حبها يدبر له مكيدة، فيقبض عليه ليلة زفافه، ويدخل السجن لمدة طويلة من دون محاكمة ولا تهمة.

وفي السجن يتعرف على رجل عجوز طيب القلب، يدله على مكان كنز، ويموت العجوز، ويهرب حسن، ويذهب للعثور على الكنز، بعد أن يجده، يقرر العودة إلى بلدته للانتقام ممن ظلموه، والزواج من حبيبته مرة أخرى!.

نفس هذه الفكرة مع بعض التغييرات والتحويرات القليلة التى تتناسب مع العصر الحالي، شاهدناها خلال موسم (رمضان) الجاري في أكثر من مسلسل.

ولم تكتف هذه المسلسلات بتقديم أفكار مستهلكة عفا عليها الدهر وأكل، ولكنها لتغييب العقل والوعي المصري عند الشباب الحالي تحديدا، امتلأت بنماذج كثيرة منحرفة ومشوهة، تحمل أسماء ملوثة فيها سم قاتل!

فمعظم أبطال مسلسلات (رمضان) خاصة الـ 30 حلقة عبارة عن أبطال خارقة للعادة، سواء البطلات أوالأبطال، وكلهم يركبون هواتف أعدائهم لمعرفة أسرارهم!

والسؤال: هل الشخصيات المقدمة في الدراما المصرية في مارثون (رمضان) الحالي تعبر عن ما يراه المشاهد حوله في الشارع والعمل والمنزل.

أم أنها مجرد حواديت مكررة ومفتعلة عن (ياسين الرفاعي، ومحارب، وعايدة ضرغام، وغالية، وكوبرا) ورحلة هروبهم ومحاولة إثبات براءاتهم بالالتفاف على القانون، وتغليب شريعة الغاب.

وسؤال آخر هل القضايا التي يتم تناولها في الدراما المصرية الحالية تعكس اهتمامات الناس وما يشغل بالهم، في ظل ضغوط الحياة الاقتصادية، وضروب السياسة العبثية للممارسات الإسرائيلية في غزة وباقي مناطق فلسطين ؟!

مطلوب فقط أعمال فيها تفاصيل إنسانية بسيطة ومهمة

المشهيات الدرامية الأخرى

وهل الدراما العربية ما زالت لها القدرة على الاحتفاظ بالمشاهد العربي وحمايته من الاختطاف إلى غيرها، أم يصبح كالأيتام على موائد اللئام عبر المنصات العالمية؟، التي تضرب عرض الحائط بالقيم، وتروج لموبقات المثلية الجنسية وغيرها.

 أم أن القضية لا تتعدى ملء ساعات البث؟!، وفي تقديري أن الدراما المصرية رغم تجربتها العريضة ما زالت تعاني وتدور في دائرة لم تستطع الفكاك منها، وهى فكرة (الأشرار، والطيبين)؟!

 وبجوارهما بعض المشهيات الدرامية الأخرى، وإن اختلفت الصورة فإن الموضوع واحد والحالة كما هى، حتى في الكوميديا السخيفة، والفانتازيا التاريخية غير المنطقية في غالب الأحوال!

وأتحدث هنا عن حالة عامة ومشهد تتغير فيه الشخوص والأدوات، لكن الفكرة ثابته والإبداع ما زال دون الطموح ودون المتاح، باستثناء عمل هنا أو هناك! يمكن أن يعول عليه الجمهور المتعطش للدراما الحقيقية التي تلبي حاجته.

 وأنا لا أقصد أن تكون كل أعمالنا الدرامية في (رمضان) من الواقع مليئة بالمآسي والحروب، ولكن أحلم بأعمال فنية فيها متعة عالية، وضحكة من القلب، ونموذج يحتذى به في تأثير القوى الناعمة في مسيرة وطن مستهدف من الداخل والخارج تحاك حوله المؤامرات.

مطلوب فقط أعمال فيها تفاصيل إنسانية بسيطة ومهمة، تتحدث مثلا عن رب أسرة موظف أو عامل أو فلاح أو صنايعي، يعاني من حالة توحش في غلاء الأسعار من حوله، وتسانده زوجته بكل حب وحنو.

مسار إجباري
أعلى نسبة مشاهدة
صلة رحم

الموضوعات الإنسانية الدافئة

أو قصة حب رومانسية مغزولة بالمشاعر الدافئة التي تحلق بنا في عوالم خيالية يمنكن أن تخفف من معانتنا، أو شخصية رمزية مثل طلعت باشا حرب رائد الاقتصاد المصري نتعلم من كفاحه، أو عالم أو مفكر أفنى حياته من أجل رفعة الإنسانية.

 وغيرها ذلك من الموضوعات الإنسانية الدافئة، التى تحترم عقلية المشاهد في (رمضان)، خاصة من قطاع الشباب الذي أصبح لديه إطلاع على أحدث الإنتاجات العربية والعالمية التي تشبع غريزته الدرامية على جناح الإثارة والتشويق.

وحتى لا يتهمنا أحد بنشر الإحباط، وارتداء النظارة السوداء ويقول أن هناك أعمال جيدة!، نعم هناك أعمال جيدة هذا الموسم احترمناها وأحببناها، لأنها أعمال متعوب عليها، وفيها جهد مبذول من كل فريق العمل، وقريبة منا، وبعضها يناقش قضايا معاصرة بكل حب ود، ودفء.

مثل (أعلى نسبة مشاهدة، مسار إجباري، كامل العدد2 ، صلة رحم، أشغال شقة، لحظة غضب)، و(الأفوكاتو نعمة) مع بعض التحفظات عليه من المبالغة والتحايل على القانون، وحاليا نستمتع بـ (جودر، مليحة، بدون سابق إنذار، خالد نور وولده نور خالد).

وما سبق يؤكد أن كثير من مسلسلات الـ 15 حلقة، تفوق بقوة وبضربة قاضية على مسلسلات الـ 30 حلقة في (رمضان) التى كان 99% منها (هرش مخ)!، بعيدة عن الواقع الذي نعيشه رغم أن غالبيتها تدور في بيئة شعبية.

باستثناء مسلسل (إمبراطورية ميم) الذي بدأ بداية قوية واستمر قويا حتى الحلقة الـ 12، بعدها وقع في براثن المط والتطويل والافتعال، ولو كان قدم في 15 حلقة كان سيكون تحفة هذا الموسم الرمضاني.

وللحديث بقية..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.