رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود حسونة يكتب: (الحريفة).. انقلاب سينمائي بقيادة (نور النبوي) وفنانين مغمورين!

بقلم: محمود حسونة

انقلاب فني قاده الممثل الشاب (نور النبوي) ومجموعة ممثلين من الشباب المغمورين الذين أصبحوا حديث عشاق السينما في المنازل والمقاهي وصالات السينما بعد عرض فيلمهم (الحريفة)، والذي كانوا فيه حريفة تمثيل أمام الكاميرا وحريفة كرة في مشاهد الفيلم، الذي تفوق على أفلام المشاهير والنجوم ليقلب معادلة اللعبة السينمائية.

لكل زمن نجومه الذين يخرجون من بين أبنائه، يعيشون ظروفهم، يتأثرون معهم بنفس المؤثرات، يتلقون مثلهم تعليماً متقارب الأهداف، حتى لو كان مختلفاً في المسميات والأساليب، يخرجون من بينهم، يشبهونهم ثقافياً، يحلمون معهم، يعبّرون عنهم وعن أنفسهم، يتحدثون بلسانهم، يلعبون ألعابهم، يمارسون طقوسهم.

نادراً ما يتجاوز هذا القانون أحد، باستثناء النجوم العابرين للزمن الذين يتربعون على عرش النجومية سنوات ولا يستطيع أحد من الأجيال الصاعدة زعزعة مكانتهم، ولعل آخر هؤلاء، عادل إمام في التمثيل وعمرو دياب ومحمد منير في الغناء.

 نعيش حالياً مرحلة بزوغ نجوم جدد أحدثوا انقلاباً في خريطة الفن خلال الأسابيع والأشهر الأخيرة، انقلاب أحدث دوياً مكتوماً في الأوساط الفنية بعد أن خالف توقعات المختصين وأفرز أسماءً جديدة هزت عرش أسماء معروفة.

انقلاب سيغير ملامح الخريطة الفنية خلال المرحلة المقبلة، ليعود بعض نجوم الصف الأول خطوات إلى الخلف بإرادة جماهيرية، من أجل أن يتقدم الصفوف أسماء لم تكن معروفة في الماضي القريب.

ولكنها تحمل من الموهبة الكثير الذي يفرضها جماهيرياً ويتوّجها على العرش، بعض هذه الأسماء نالت فرصة وصعدت وأصبحت واقعاً بعد أن خلخلت الخريطة التقليدية وبعضها قد يظهر في أعمال جديدة خلال رمضان المقبل أو خلال الشهور المقبلة

الاسم المعروف نسبياً في أبطال فيلم (الحريفة) هو (نور النبوي)

صناع فيلم (الحريفة)

آخر الأسماء التي أحدثت انقلاباً سينمائياً في مصر هم أبطال وصناع فيلم (الحريفة)، الذي يعرض حالياً في دور السينما ويحقق ايرادات خيالية بالنسبة للأفلام المنافسة والتي تتصدر أفيشاتها أسماء، كانت بالأمس، ثقيلة الوزن عالية المكانة على خريطة الفن.

وأصبحت اليوم في مهب الريح بعد أن استطاع هؤلاء الشباب المجهولين هزيمتهم فنياً بالضربة الجماهيرية القاصمة والفاصلة ما بين زمن مضى بنجومه وزمن آت بنجومه.

فيلم (الحريفة)، تلامس إيراداته 60 مليون جنيه، وهو الذي تكلف أقل القليل بين الأفلام المتنافسة، ولم يتجاوز إيراد بعضها نصف مليون جنيه، وتمت إزاحة البعض منها من دور العرض بعد أسبوع واحد بعد أن خيّبت آمال المنتج والموزع وأصحاب دور العرض.

الاسم المعروف نسبياً في أبطال فيلم (الحريفة) هو (نور النبوي) نجل الفنان (خالد النبوي)، والذي كان قد شارك في عدة أعمال أهمها في رمضان قبل الماضي من خلال مسلسل (راجعين يا هوى).

والذي شارك فيه مع والده ولفت خلاله الأنظار لموهبته الفطرية بتلقائيته وبساطته وخفة ظله ووقتها تنبأ له الكثيرون بمستقبل فني متميز، ولكن لم يتوقع أحد أن يأتي إليه المستقبل مسرعاً، فاتحاً له أبواب النجومية وأحضان الجمهور من خلال السينما وفيلم (الحريفة).

والذي جسد فيه شخصية (ماجد) الطالب في الثانوي ابن الأسرة الأرستقراطية التي تفلس ويبيع والده فيلته الفخمة ويصفي أعماله وتنتقل الأسرة للعيش مع الجدة، وينتقل ماجد من مدرسته الدولية إلى مدرسة حكومية في حي شعبي.

ليصبح في أول أيامه مادة للسخرية، فكلامه لا يشبه كلام زملائه في المدرسة الجديدة، وملابسه تختلف عن ملابسهم، ولكن بحدسه يدرك أنه ليس أمامه سوى أن يتعلم لغة أبناء الأحياء الشعبية ويكتسب سلوكياتهم ليندمج معهم.

وينجح في تحقيق ذلك لينضم إلى الشلة الأشهر التي  تهوى لعب كرة القدم، أمام فرق من أحياء أخرى، ويحصل الفريق الفائز على مكافأة مادية، وينجح فريق مدرسته بالفوز في العديد من المباريات والحصول على المكافأة لمنحها لزملائهم المتعثرين.

حتى يعلم (ماجد) بمسابقة كروية يحصل فيها الفريق الفائز على مليون جنيه، وتتوالى الأحداث والمفاجآت.

كانت المشهورة جزئياً في فيلم (الحريفة) الفنانة الشابة (نور إيهاب)

أبطال فيلم (الحريفة)

أيضاً كانت المشهورة جزئياً في فيلم (الحريفة) الفنانة الشابة (نور إيهاب) وهى النموذج النسائي الوحيد بين أبطاله، والتي أضافت إلى رصيدها بطولة فيلم سيضعها في مكان آخر مستقبلاً.

باقي الممثلين كانوا بالأمس غير معروفين ولكنهم أصبحوا اليوم نجوماً، يتحدث عنهم الطلبة في مدارسهم وجامعاتهم ويقلدونهم في الملبس ويأخذون من مصطلحاتهم في الفيلم ما يرددونه في الحياة.

وعلى رأس هؤلاء (أحمد غزي) الذي جسد دور (الشيشتاوي) زعيم الشلة الذي يتنازل عن زعامتها لماجد بعد تحقيقه انجازات في الملاعب تسببت في فوز فريقهم في مباريات عدة.

وقد تفوّق أحمد غزي في تجسيده للشخصية في (الحريقة) ورسم ملامحها ليكون أحد شباب الأحياء الشعبية اللافتين للأنظار بين أقرانهم.

أما باقي الممثلين فهم (كزبرة، خالد الذهبي، سليم الترك، عبد الرحمن محمد)؛ وجميعهم تركوا بصمة في الفيلم وكتب  كل منهم اسمه بأحرف من نور على خريطة المستقبل.

حقق فيلم (الحريفة) نجاحاً مدهشاً من دون دعاية، يعود ذلك لعدد من الأسباب، أهمها أنه مصنوع بحرفية عالية وبساطة متناهية تسهل لكل من يشاهدونه الاستمتاع به بصرف النظر عن مستوياتهم الاجتماعية أو الاقتصادية.

مواهب بكر في التمثيل، في أول فيلم تدور أحداثه عن تلاحم الطبقات ويقدم الطبقة الشعبية بصورة ايجابية، حكاية تنثر الأمل وتثير الحلم وتؤكد جدعنة وشهامة ابن البلد المصري، وتنفي عن هذه الطبقة ما ألصقته بها بعض الأفلام من موبقات ليست قصراً عليها، ولكنها موجودة لدى قلة من مختلف الطبقات الاجتماعية.

من أسباب نجاح فيلم (الحريفة) أيضاً المواهب الحقيقية التي يتمتع بها أبطاله والتي كانت تحتاج إلى من يمنحها الفرصة، وهو ما حققه المنتج الواعي الفنان طارق الجنايني، والذي منح الفرصة لهؤلاء الشباب تمثيلاً.

ومنح الفرصة أيضاً للمخرج الموهوب (رؤوف السيد) في أول تجاربه الإخراجية، أما النص والذي كتبه اياد صالح فهو سبب أساسي للنجاح حيث قدم من خلال السيناريو توليفة تشبع عشاق السينما وتشبع عشاق كرة القدم.

ولو بحثنا بين الشباب سنجد أن السينما والكرة أكثر معشوقتين لهم بصرف النظر عن انتماءاتهم الكروية ومستوياتهم التعليمية، لنتابع فيلماً للشباب والكبار، للعائلة وللأفراد، للأغنياء والفقراء، فيلم لكل الناس.

كانت بداية العرض الجماهيري للفيلم هادئة نتيجة دعايته الهادئة ولكنها سرعان ما توسعت حيث أصبح مشاهدوه هم أفضل وسيلة دعائية له.

دعاية شفهية ودعوات للأصدقاء والمعارف والزملاء للذهاب إلى السينما لمشاهدة (الحريفة) جعله من الأفلام الفاصلة سينمائياً، فالخريطة بعده ستكون غيرها قبله، وقد تدفع هذه الحالة بعض المنتجين والمخرجين لتغيير قناعاتهم الفنية.

[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.