رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد شعير يكتب: 7 محطات لنجاح العملية (حسام حسن) !

بقلم: محمد شعير

قبل أن تقرأ ما سأكتبه عن (حسام حسن)، لك عندي ملاحظتان وسؤال؟، الملاحظة الأولى: ليس كل كتابة في كرة القدم هي عن كرة القدم وحدها. الكرة عالم خاص كبير مثير، لكنه دالٌّ دوما على العالم الكبير.

والثانية؛ أنني لن أكتب هنا خطوات أو خطة تضمن نجاح مهمة المدير الفني الجديد لمنتخب مصر، النجم (حسام حسن)، إن هو التزم بها، إنما هى محطاتي الشخصية نحو الاقتناع إلى حد كبير بإمكانية نجاح (العملية) وتحقيق إنجازات تاريخية على غرار عصر النجم الكبير (حسن شحاتة) مع منتخب مصر.

انتهت الملاحظتان، وطالت المقدمة، فليبقَ السؤال إذًا ضمن السطور المقبلة، لكنه – على سبيل الجذب والتشويق- سؤال سياسي محض، لا كروي، فليس كل كتابة في الكرة هي عن الكرة وحدها!.

المحطة الأولى: (الأفغاني): يوم 6 سبتمبر 2021، قبل يوم واحد من إعلان التعاقد مع البرتغالي كارلوس كيروش لتدريب منتخب مصر، كتبت على صفحتي في فيسبوك مع صورة لـ (حسام حسن): (هو أنت أفغانستاني يا عم؟!..

ما ينفعش يبقى لك نصيب أبدا في تدريب منتخب مصر؟!.. فين التوجيه الرسمي بتولي المدربين الوطنيين مسؤولية تدريب المنتخبات؟!.. التوجيهات اتنست؟!.. مستحيل تتنسي.. يبقى اتغيرت!

(حسام حسن) لاعب ومدرب (من خارج المنظومة).. هو منظومة فردية مستقلة.. لعب للأهلي والزمالك.. درّب المصري البورسعيدي والاتحاد السكندري.. الجماهير بمختلف أطيافها تحبه أو تعترف على الأقل بقيمته.

يدخل أي نادٍ فيتجه أول ما يتجه إلى قطاع الناشئين لتدعيم صفوف الفريق الأول.. لا صفقات ضخمة لشراء لاعبين ولا عمولات.. وبالتالي “لا حبيب ولا قريب” ولا داعمين.

أنا مدرب مصري محترف.. لكنني (حسام حسن)!

(حسام حسن).. مدرب محترف

شخصية قوية.. منظومة نفسه.. له بالطبع أخطاؤه.. لكن الخوف المزعوم ليس من اندفاعه وعصبيته.. الخوف من استقلاله وقوته.. الإجابة: أنا مش أفغاني.. أنا مدرب مصري محترف.. لكنني (حسام حسن)!

المحطة الثانية: (مرحلة الواقعية الكيروشية): تحت قيادة المدرب البرتغالي المخضرم (كيروش)، خسر المنتخب المصري كل شيء، حصل على المركز الرابع في البطولة العربية في ديسمبر 2021.

وخلال العام 2022 خسر أمام السنغال مرتين؛ في نهائي البطولة الأفريقية التي ضاع كأسها، وفي المباراة الفاصلة للتأهل إلى كأس العالم في قطر وانهار حلم المونديال.

انتهى عقد كيروش، واشتعلت الجماهير: (إنه الهوااان.. إنها المهاااانة.. والاستهاااانة.. محمد صلاح ضيعنا لما أضاع ضربة الجزاء)!، وانقسمت كالعادة:

(كيروش فاشل.. كيروش أوصلنا إلى نهائي أفريقيا واكتشف لاعبين جدد)، وتأرجح اتحاد الكرة – المتأرجح أصلا- مع أصوات الجماهير، وحاول إعادة كيروش الذي رفض وأطلق تصريحاته الشهيرة متهما لاعبي مصر بأنهم لا يجيدون المهارات الأساسية في الكرة، مثل التسليم والتسلم!.

أستطيع أن أفهم (الواقعية الكروية)، بأن تلعب وفق إمكاناتك، أن تدافع ولا تندفع، ألا تهاجم كثيرا وتفتح خطوطك فتخسر مثلا بستة أهداف في مرماك.

أفهم كل هذا، لكن هل يعني ذلك ألا تلعب كرة القدم من الأساس؟!. وإذا ما وصل كل الخصوم إلى منطقة جزائك عشرات المرات وأضاعوا هم بأنفسهم الأهداف فهل يعني هذا أن خطتك قد نجحت؟!

وإذا ما وصلت بعد كل هذا إلى المباراة النهائية أو الفاصلة وخسرت فهل يمكن القول عندئذ: (يااااه.. يا خسارة.. كنا خلاص.. لو كان…)؟!

وقتها؛ كنت أفرح بالطبع بكل فوز لمنتخب مصر، لكن شيئا ما كان ينقص لاكتمال الفرح، كانت مكاسب بلا طعم. وفي كل الأحوال سقطت في النهاية كل أسباب الفرح، وفشلنا في كل شيء!

حسام حسن سيلعب بهذا الأسلوب الهجومي

(حسام حسن).. يلعب بالأسلوب الهجومي

المحطة الثالثة: (عصر الضباب الفيتوري): لا شيء يقال في هذه المرحلة، أو عن هذا العصر، الذي يشبهنا كثيرا.

باختصار تم التعاقد مع المدرب البرتغالي روي فيتوريا لتدريب المنتخب في يوليو 2022، وتم إقالته في فبراير 2024، بعد الخروج المذل المهين لمنتخبنا من كأس الأمم الأفريقية الأخيرة.. لا طعم.. لا لون.. لا رائحة.

هذه صفات الماء الذي منه جُعِل كل شيء حي، لكنها عندما تكون صفات المراحل والعصور، يكون الموت، حتى إن بدا البشر أحياء!.

المحطة الرابعة: (عودة فلول كيروش): عندما يرى الناس (الهوااان والمهاااانة والاستهاااانة) الحقيقيين فإنهم يعودون ليذكروا بالخير أياما كانت الأحوال خلالها أقل سوءًا: (يااااه فين أيامك يا أبو كيروووش؟!.. فين لما…؟!).

لن يستطيعوا أن يكملوا. سوف أكمل أنا: (فين صفر الإنجازات؟!). وأتذكر؛ أتذكر ملمحا من الحقيقة، عندما رأيت بعيني منتخب إيران يتلقى ستة أهداف في مرماه من إنجلترا في مونديال قطر مقابل هدفين.

ملحوظة: الكابتن (كيروش) المعزول من قيادة منتخب مصر تولى قيادة منتخب إيران. وقتها حدثت نفسي – بصراحة- بسعادة: لن تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت. لا بد أن هناك حلا لهذا العقم، وذلك الهوااان.

المحطة الخامسة: (الحل أردني): يوم الثلاثاء 6 فبراير الجاري، جلست مع ابني حازم الذي يلعب الكرة وأستفيد من آرائه فيها، نتابع مباراة الأردن وكوريا الجنوبية في دور الأربعة من بطولة كأس آسيا.

الأردن منتخب مجتهد لكنه بلا تاريخ كبير في كرة القدم، وكتيبة كوريا بـ (سون) ورفاقه مقاتلة عتيدة.

بعد خمسة عشر دقيقة من المباراة أمطرت خلالها الأردن كوريا بالهجمات، قلت لحازم: (أنت ترى.. الأردن تهاجم بقوة.. لا تلعب كرة دفاعية.. لا تنحاز للواقعية.

تعال نفكر معًا خلال المشاهدة.. لنحكم على التجربة.. ونرى إن كان مرمى الأردن سيصبح نتيجة لذلك حاضنة أهداف ويخرج الفريق بفضيحة أم يمكن أن تنجح العملية).

نجح الأردن وفاز بهدفين على كوريا ووصل إلى المباراة النهائية للمرة الأولى بخطة هجومية واضحة (3/4/3) لمدربه المغربي حسين عموتة.. دخل الأردن التاريخ واكتسب احترام العالم في البطولة.. حازم قال لي: (بالمناسبة.. حسام حسن سيلعب بهذا الأسلوب الهجومي).

هجوم على (حسام حسن) من زمن قديم

الهجوم على (حسام حسن)

المحطة السادسة: (الهجوم على حسام حسن): في بداية حياتي الصحفية عشت سنوات محررا رياضيا في الحدائق الخلفية للأندية، مراكز المعارضة، مواقع الهمس واللمز، منصات إطلاق الحملات.

وأعرف تماما معنى اختيار مدرب مصري وليس أجنبيا لنادٍ فما بالك بالمنتخب!. نحن نحب الخير بشدة، لكن لأنفسنا وليس للآخرين!.

لذلك؛ لم تفاجئني حملات الهجوم على (حسام حسن) في مواقع التواصل الاجتماعي. والحقيقة إنني لم أعد أهتم بآراء الجماهير، أسترشد بها بالطبع لكن دون تأثر كبير.

للمرة العشرين بعد الألف أستشهد بـ (جوستاف لوبون) وكتابه المُعلم (سيكولوجية الجماهير)، وأقول: الجماهير تنفعل ولا تعقل.. تتأثر ولا تفكر.. وهي أيضا لا تدرك من يوجهها لغرض أو مصلحة.. إنما تنساق فحسب.. فتشكل تروسا دوارة، فعالة، في منظومة العبث.

وأنت الآن يا من تقرأ.. لا تغضب.. إنما حاول ألا تكون جزءًا من جمهور.. حاول أن تكون فردا يفكر باستقلال.. ربما تجد عندئذ ما يلي: من حق (حسام حسن) أن يخوض التجربة.. ومن حقنا أن نقيِّمها في النهاية.

وهو حر.. هو مسؤول عن سلوكه الذي سوف يتحمل نتائجه.. إن كان خيرا فخير وإن كان شرا فشر.. ولا يقولن الآن لي أحد: (أنجرب في المنتخب؟!.

وماذا عن سمعة مصر إن انفعل (حسام حسن) أو تجاوز بعصبية في مباراة رسمية؟!).

في الحقيقة لا أجد ردا سوى.. الطيب أحسن.. أقول: نعم نجرب.. لأننا لم يعد لدينا ما نخسره.. أما عن سمعة مصر فتحضرني هنا مقولة (مصري سيد العربي) الشخصية التي أداها الفنان (أحمد حلمي) في فيلم (عسل أسود): (أنا اتمرمنط قوي يا راضي.. أنا اتمرمنط)!

هل هذا هو عصر (حسام حسن)؟

عصر (حسام حسن)

المحطة السابعة: (عصر حسام حسن): بالطبع ليس هناك ما يضمن نجاح التجربة، وليس هناك شيء مضمون أصلا في الدنيا. لكنني متفائل. لماذا؟!.

(المجتمعات المتخلفة يا عبدالجبار ما تعرفش حاجة اسمها العلم.

وأي محاولة لتغيير حركتها بقوانين علمية تعتبر محاولة غير علمية في حد ذاتها)، هذه المقولة الشهيرة التي أطلقها (الأستاذ حسن سبانخ المحامي)، الفنان الكبير عادل إمام، في فيلم (الأفوكاتو) للمخرج رأفت الميهي،.م

ما زلت أرفضها وأعارض منطقها رغم أنني فكرت فيها كثيرا، لكننا قد نأخذ منها في هذا السياق فقط – مؤقتا- فكرة واحدة.

الفكرة هى أنه إذا كان إصلاح منظومة فاسدة مهترئة مهللة، مثل المنظومة المصرية في الكرة، أمرا شبه مستحيل في الوقت الحالي، ويحتاج سنوات طوال من العمل العلمي المنظم الدقيق على قواعد الناشئين بالتحديد، فإن الحل (الثوري)، متمثلا في (العملية حسام حسن).

قد يكون صحيحا حاليا، وقد نحلم ونقول إن نجاح تجربته قد يقود إلى (عصر حسام حسن) كبداية للعمل على الناشئين الذين يهتم هو بهم دوما. لماذا لا؟!

لكن سؤالي الأخير – نعم نعم، ذاك المؤجل منذ مقدمة المقال – هو: المنظومات الفاشلة لا تُصلح نفسها بنفسها، ولا تأتي إلا برجالها.

و(حسام حسن) رجل مستقل، تنصيبه يحتاج إلى قرار سيادي؛ قرار يأمر المنظومة كلها ولا يستشيرها، لذا.. عندي فضول صحفي كبير لمعرفة إجابة السؤال: من فعلها؟!.. مَن همس باسم حسام عبر الهاتف؟!

لا يمكنني هنا – كما السوشيال ميديا – أن أضع إيموجي غمزة العين!.. افعلها أنت إن أردت.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.