رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود حسونة يكتب:(نجاة) وعادل إمام وفيروز.. تكريمات تعكس الشخصيات 

بقلم: محمود حسونة

أثارت المطربة الكبيرة (نجاة) بعض الشجن عليها، وفي ذات الوقت أبهرتنا السعودية، فعلت في حفل توزيع جوائز (جوي أوورد) ما لم يفعله سواها من قبل، جمعت كوكبة من أهم نجوم الشرق والغرب.

احتضن مسرح أبو بكر الشدي في الرياض نجوم في الغناء والتمثيل والأزياء والرياضة وفي السوشيال ميديا، نجوم بينهم من يبدأ الرحلة ليجد نفسه بين العمالقة في مكان واحد.

ونجوم نسي بعضنا أنهم لا يزالون أحياءً يعيشون بيننا، ليلة لا تشبه إلا نفسها، تكريم ورقص وغناء ومجاملات وتشكرات، إبهار في الإضاءة والديكور في مسرح تتحكم فيه الدقة.

أزياء أكثر لمعاناً من النجوم، فالتنافس ليس فقط في نيل رضا المنظمين والحصول على جائزة، ولكن أيضاً والأهم في لفت الأنظار شكلاً لكل من كان داخل المسرح وقولاً لمن اعتلى خشبته.

العالم يتغير، وكل يوم هو في شأن، والسعودية اليوم لا تشبه السعودية الأمس، السعودية الجديدة تسعى لمحو صورة السعودية القديمة من الذاكرة الإنسانية، تريد أن تثبت اليوم للعالم أنها دولة منفتحة.

إقرأ أيضا : بهاء الدين يوسف يكتب: تكريم (نجاة) والهروب الكبير لقوة مصر الناعمة!

داعمة الفن وراعية الإبداع ومحررة المرأة ومكرمة الكبار، وترصد من ميزانيتها الكثير والكثير الذي يعجز عنه غيرها حتى تغير الصورة، وحتى تستقطب من لم يستطع سواها استقطابه من قبل.

ولكي تأتي بالكبار إلى أرضك من مختلف أنحاء العالم فعليك أن تقدم المغريات المادية والمحفزات المعنوية، ولكل سعره الذي تحدده قيمته ومكانته، فليس من بين الكبار من يتحرك من مكانه لاجل (لقطة حلوة) أو لأجل عيون منطقة تشتهر في العالم.

إنها منطقة صراعات وحروب، وأهل المملكة أهل كرم، يجودون ويدفعون أكثر من المستحق ويحققون الأحلام لكل من يمكن أن يساهم في تغيير الصورة الذهنية عن المملكة.

أطلت (نجاة) على المسرح، والمتابعين على الشاشات، يفركون عيونهم غير مصدقين

المهم أن يتحقق الهدف الأسمى

المهم أن يتحقق الهدف الأسمى بصرف النظر عن الوسائل، والهدف الأسمى هو أن تصبح المملكة مستقطِبة اقتصادياً وسياحياً وفنياً ومتربعة سياسياً.

المستشار (تركي آل الشيخ) رئيس هيئة الترفيه أثبت أنه الرجل المناسب في المكان المناسب، صانع ترفيه محترف، وصانع مفاجآت لا يكل ولا يمل حتى يحقق أهدافه، وحفل السبت الماضي كان مليئاً بالمفاجآت التي أشرف عليها وهندسها آل الشيخ، وأهمها كان تكريم (أنطوني هوبكنز وكيفن كوستنر وعادل إمام)، ومفاجأة المفاجآت ظهور المطربة (نجاة) الصغيرة على المسرح.

أطلت (نجاة) على المسرح، والكل، سواء الحاضرين هناك أو المتابعين على الشاشات، يفركون عيونهم غير مصدقين أن هذه التي أمامهم هي قيثارة الطرب وأنشودة النغم واللحن الأصيل الباقي حياً (نجاة).

الكل ينظر مشدوهاً إلى المسرح، يبحلق بعينيه غير مستوعب أن (نجاة) المختفية منذ أكثر من عشرين عاماً قد ظهرت، ظهورها استثنائي وضربة معلم تحسب لهيئة الترفيه السعودية التي أخرجت سيدة الاختفاء الأكبر في تاريخ الغناء من قمقمها.

مفاجأة تضاف إلى رصيد المفاجآت التي اعتاد (تركي آل الشيخ) صناعتها، ولكنها اليوم ليست كغيرها من المفاجآت، ظهور لم يتوقعه أحد، ورغم أنه يحسب لصانع المفاجآت وصانع الترفيه.

فإنه يحسب على (نجاة) التي ارتضت أن تكسر الصورة الجميلة المخزّنة في الذاكرة الجمعية لعشاق صوتها، فالكل يعلم أن (نجاة) على مدار تاريخها كانت تحرص على الامتناع عن الكلام للصحافة وترفض كل مغريات الظهور في الإعلام.

ومن المؤكد أنها قد رفضت الكثير من عروض التكريم، ولكن عروض  هيئة الترفيه لها مفعول السحر، تحرك الساكن وتقلب المعادلات وتغير القناعات.

(نجاة) ارتضت أن تظهر وتقف على المسرح لتحرك شفتاها على تسجيل لكوبليه من أغنيتها الخالدة (عيون القلب سهرانة ما بتنامش)، دقائق أجبرت السيدة الكبيرة سناً وموهبةً نفسها على تحملها للوفاء بالاتفاق.

ولكنها عجزت عن إخفاء معاناتها للوقوف هذه الدقائق، غير قادرة على المشي وحدها أو حتى الوقوف للحظات من غير من يسندها ورافضة للكلام الذي يمكن أن يكشف تغيرات في صوتها الذي يميزه الملايين.

تكريم كانت تستحق نيله (نجاة) في بيتها بذهاب وفد من هيئة الترفيه

تكريم كانت تستحق نيله (نجاة)

الجميع وقف لها تقديراً ورئيس هيئة الترفيه صعد لتسليمها درع التكريم، تصفيق مستحق لمطربة ساهمت أغنياتها في تشكيل الوجدان العربي، وتكريم كان يمكن أن يحدث وهي جالسة معززة مكرمة في الصف الأول تسمع مع الحاضرين مقطوعات من أغنياتها وتتسلم بعدها الدرع.

ولا نقول أنه تكريم كانت تستحق نيله (نجاة) في بيتها بذهاب وفد من هيئة الترفيه إليها مثلما فعل الرئيس الفرنسي (ماكرون) مع السيدة فيروز التي لا تغير قناعاتها الاغراءات.

تكريم (نجاة) أثار جدلاً بين مؤيدين له ورافضين للصورة التي ظهرت بها، والكل على حق في موقفه، فللمملكة كل الشكر على هذا التكريم وغيره من التكريمات التي تخص بها الفن المصري.

وللرافضين الحق في الغيرة على (نجاة) التي لم تغر على مكانتها ولا على تاريخها، ولكن أن يتطور الأمر إلى مهاترات بين الطرفين ويأخذه بعضهم في مسار يسيء لعلاقات الشعبين الشقيقين فهو مرفوض.

ولعله لم يعد خافياً أن بيننا فئات تريد هدم كل بناء وتريد خلق فتنة في المنطقة بعد لفظهم سياسياً ودينياً وفكرياً.

الحياة خيارات، (نجاة) اختارت الذهاب إلى المملكة وإجبار نفسها بالوقوف على المسرح، وفيروز اختارت أن يتم تكريمها في بيتها، وعادل إمام رفض كل المغريات للذهاب قبل هذه الدورة حتى تم تكريمه هذا العام من دون أن يحضر تكريم يليق بمكانته خصته به السعودية دون سواه.

وذلك بمنحه (جائزة زعيم الفن العربي) التي لم ولن تمنح لسواه، فهو وحده الزعيم، والتكريم تلقاه ابناه المخرج رامي إمام والنجم محمد إمام، وسبقه فيلم عنه من أفضل الأفلام التي أعدتها هيئة الترفيه.

ولعل الأسلوب الذي تم تكريم (عادل إمام) به يؤكد أن الهيئة لم تجبر (نجاة) على الحضور، هى فقط عرضت و(نجاة) قبلت، ولعل صناع الفتنة يستوعبون أنهم أعجز عن صناعة أي أزمة بين شعبين شقيقين.

[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.