بقلم الكاتب والأديب: محمد عبد الواحد
استمر (أبو السعود الإبياري) في التخطيط لمستقبل (إسماعيل ياسين) الفني إيمانا منه بأن موهبته مهدرة، وأنها ستتآكل مع الفقر وعدم قدرته على الوصول الى الطرق الصحيحة لخطواته، ولا للكتاب والمنتجين المناسبين كشركاء لرحلته.
بلغ عدد الأفلام التي كتبها (أبو السعود الإبياري) لإسماعيل على مدار حياته حوالى 150 فيلما بالإضافة الى 62 مسرحية، وما يتضمنه كل عمل من 3 إلى 4 اسكتشات ومونولوجات وأغان.
كانت مرحلة كتابة (أبو السعود الإبياري) لإسماعيل أدوارا ثانوية لسحبه إلى عراك الساحة الفنية قد استنفذت أهدافها بنجاح، فقد أصبح (إسماعيل ياسين) صديقا لكل بطل في كل فيلم سينمائى جديد.
بل أصبح (إسماعيل ياسين) بمثابة التوابل التي تجعل من الفيلم الذى يشارك فيه مقصدا لمرتادي دور السينما التي تعرض أفلاما يشارك فيها دونا عن غيرها من أفلام لأبطال آخرين.
عام 1950 انتقل (أبو السعود الإبياري) في كتابته لإسماعيل ياسين إلى جانب الأدوار الثانية منحه بطولة مطلقة لفيلمين متتالين، أولهما فيلم (البطل) مع (كمال الشناوي وشادية وزينات صدقي وشرفنطح).
ويدور حول شخصية صبى في محل أحذية اسمه (البطل) الذى يحب ابنة صاحب المحل، لكنها تحب شخصا آخر.
يظهر فجأة شريك صاحب المحل (حسن جلدة) الغائب منذ سنوات ليطالب بحقه في المحل فيلجأ صاحب المحل إلى كتابة المحل باسم صبيه (البطل) الذى يعانى من المرض نتيجة حبه الميؤوس منه.
الكل كان يتوقع موت البطل خلال أسابيع قليلة لذلك يزوجه صاحب المحل لابنته أيضا، لكن الجميع يفاجأ بعودة صحة البطل إليه.
إقرأ أيضا : محمد عبد الواحد يكتب: إضحك كركر مع (أبو السعود الإبياري).. (الست بديعة).. (2)
كتب (أبو السعود الإبياري) لإسماعيل عدة أغاني واسكتشات في الفيلم تتوافق و لونه المميز في أدائها مثل (جعان قوى، و كلنا الفراخ)، وغيرها.
أما الفيلم الثاني فهو يعد البداية الحقيقية للنجومية المطلقة لإسماعيل ياسين، فيلم (المليونير)، كتب له (أبو السعود الإبياري) فيه 6 أغنيات ومونولوجات.
شاركه البطولة فيه (كاميليا، سعاد مكاوي، سراج منير، زينات صدقى)، حيث الشاب عاصم الثرى الذى يعيش مع زوجته وشقيقتيه يكتشف أن هناك شابا يعاكس زوجته فيوصى خادمه بقتله ويخرج منفعلا ليقضى سهرته بالكباريه.
(أبو السعود الإبياري) والمنولوجات
يلتقى (عاصم) في الكباريه بشبيهه المنولوجست (جميز) فيعرض عليه أن يحل كلاهما مكان الآخر، ينتهزها جميز فرصة للعيش في العز والفخفخة في بيت عاصم، لكنه هناك يتعرض لمواقف صعبة مع زوجته وأخته وخادمته وعصابة كانت تهدده.
أبدع (أبو السعود الإبياري) في كتابة منولوجات و اسكتشات عابرة للزمن معبرة عن أحداث الفيلم منها الاسكتش الذى يعبر فيه (جميز) عن فرحته بعيشة العز:
جميز: يا عينى ع العز يا عينى ع العز.. دى عيشته تلز.. يا عينى ع العز
غرقان في حرير وهدوم كشمير.. وخدم و حشم وجوارى
أنا صاحى تمام ولا دى أحلام.. وشرف والدتى ما نا دارى
حظ وهيصة و هليلة.. يا بوغاشة أدوب يا بوغاشة
أنا هستقتل في العيلة.. ماأطلعشى ولا بكماشه
دا أنا صاحب عزة وصاحب عز.. تعالى يا وزة أحب الوز
يا عينى ع العز.. يا عينى ع العز
إقرأ أيضا : اضحك كركر.. مع (أبو السعود الإبياري).. الخلاف مع بديعة (3)
لكنه بعد فترة من المعاناة مع مشاكل (عاصم) بالنيابة عنه ينتهى به الحال إلى محاولة الهرب من هذا الجحيم الذى كان يعتبره نعيما ليعبر (أبو السعود الإبياري) عن حالته تلك في مونولوج (عاوز أروح) لاسماعيل ياسين وسعاد مكاوى:
جميز: عاوز أروح
الخادمة: ماتروحشى
جميز: لأ أنا مروح
الخادمة: ماتروحشى
جميز: لو هستنى هنا راح أتوفى
من الحقن اللى باخدها في جسمى
بعد يومين دمى هايتصفى
واخرج من هنا ميت رسمي
شوفى دراعى يا عينى يا دراعى
50 حقنه من غير داعى
الخادمة: يا عينى يا دراعه.. يا عينى يا دراعه
جميز: لو مش عيب كنت أبكى و أنوح
الخادمة: ماتنوحشى
بل ويفضل (جميز) العيش في مستشفى المجانين عن هذه العيشة بين العقلاء ليرسم (أبو السعود الإبياري) إحدى روائعه و هو اسكتش (عنبر العقلاء):
مجنون:وسعوا من وش العقلاء
المجانين: ماء.. ماء
مجنون: اركن فرمل يا سواق
المجانين: واء.. واء
مجنون: خشى يا نحله من البلكون
مجنون: و اربط يا غراب البابيون
مجنون: لحسن أهو جه نابليون
مجنون: نابليووون
المجانين: يا بو العيون السود.. يا نابليون يا زين
ليلتك حظ و فرى جود.. هنلاقى زيك فين.. يا نابليون يا زين
ليحكى نابليون أسراره الخطيرة:
نابليون: شفت الأرنب ويا القطة
راكبين تاكسى بيقول هاو
هو يقولها حطه يا بطة
وهى تقول له نو ونو
جميز: وعدى يا وعدى على الأسرار
آسفاه على عقلى الذى طار
(أبو السعود الإبياري) أستاذا التوليفات
كان (أبو السعود الإبياري) بالفعل أستاذا في صياغة التوليفات المبهجة التي تجعلك سعيدا بالحزن، وبالفقر، سعيدا حتى بالمآسي.
كان مبعثا للكوميديا في (المليونير) التناقض بين شخصية (جميز) المنولجيست الفقير طيب القلب خفيف الظل و بين (عاصم) المليونير قاسى القلب العبوس دائما.
و كأدوار ثانية فقد كتب (أبو السعود الإبياري) لإسماعيل ياسين دوره كصديق الشاب وحيد (محمد فوزى) الثرى بالوراثة و المزواج، تزوج ستة وطلقهن لعدم إنجابهن.
وفي إجازته في فندق بالإسكندرية مع صديقه (إسماعيل ياسين) يعجب بسميحة (مارى كوين )، ينصحه اسماعيل باستغلال الضائقة المالية لوالدها المسؤول الكبير سابقا وأن يتقدم وحيد له لخطبة سميحة بعد أن يغريه بتسديد كل ديونه.
إقرأ أيضا : اضحك كركر.. مع (أبو السعود الإبياري) والسعادة (4)
وبالفعل يوافق الوالد ويأخذهما وحيد إلى عزبته لقضاء الإجازة، وهناك تكتشف سميحة بعد عقد قرانها على وحيد انه متزوج من قبلها ست زوجات و قد أخفى عنها ذلك.
تقرر (سميحة) تأديبه فتمنع نفسها عنه رغم كل حيله المتكررة، بل وأرسلت له رسالة باسم مجهول أنها على علاقة بحبيب تقابله، واستغلت صديقة إسماعيل لإيهام وحيد انه حبيبها الخفى لكن إسماعيل يفلت من هذه المصيدة.
ويكتشف أن (سميحة) هي من تكتب جوابات المجهول فاعل الخير، تلجأ سميحة إلى خادمتها وتجعلها تتنكر في شكل رجل ليراهما وحيد في وضع عاطفى، ليكتشف (وحيد) في النهاية أن الحبيب هو الخادمة متنكرة.
في النهاية يعود (وحيد) إلى (سميحة) متعهدا بأنه حتى لو لم تنجب له العمر فسيحافظ عليها إلى الآبد وبالفعل تنجب له (سميحة) العديد من الأولاد و البنات.
وقد أعاد (أبو السعود الإبياري) كتابة قصته نفسها في فيلم (الزوجة الـ 13) لشادية ورشدى أباظة عام 1964 كإحدى أيقونات الأفلام الكوميدية الخفيفة.