رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

كمال زغلول يكتب: البناء الحسي لشخصية (أوزوريس) في المسرح المصري القديم

بقلم الدكتور: كمال زغلول

المؤلف في المسرح المصري القديم، استطاع إظهار الجوانب الجمالية، في شخصيات المسرح المصري، فلو نظرنا إلي شخصية (أوزوريس)، فقد نقلها المؤلف المصري من الحياة الشعبية المصرية القديمة، إلى الحياة المسرحية.

معتمدا في ذلك على (النقل الحسي) للشخصية التمثيلية ، وشخصية (أوزوريس) ، بها تأثيرات جمالية ، فهو المعلم للشعب المصري، ولذلك تكونت شخصيته الحسية داخل المسرح المصري على الأعمال الخيرة.

ولم يعبر المؤلف المصري فقط عن الجمال، بل عبر أيضا عن (القبح) والشر، من خلال شخصية ست أخو (أوزوريس)، ونجد أن المؤلف المصري القديم عنما قام بتمثيل تلك الشخصية ، نقلها من خلال الوجدان الشعبي.

إذ أن تلك الشخصية في الوجدان الشعبي شخصية كريهة جدا، ولهذا قام المؤلف ببنائها بطريقة تجعل المشاهد ينفر منها تماما، ولا يتعاطف معها أبدا، فقد أسس تلك الشخصية على المبادئ الشريرة القاسية.

إقرأ أيضا : كمال زغلول يكتب: (المؤلف المسرحي) في مصر القديمة

وبدأ يعرض (القبح) على تلك الشخصية بالصراع القائم بينه وبين (أوزوريس) على حكم البلاد، وبينه وبين إيزيس، ثم بينه وبين حورس.

وسوف نلاحظ تلك الصورة التمثيلية المقززة والعنيفة من خلال أمثلة من النصوص المصرية التي صورت تلك الشخصية بكل بشاعة ممكنة ونسوق الأمثلة :

أراد (ست) أن يحقق انتصار على (أوزوريس)

أولا: رجل لا يعرف الرجولة:

أراد (ست) أن يحقق انتصار على (أوزوريس)، فعمل على إبعاد (إيزيس) وهى حامل في حورس عن القصر، وتمكن من إقناع زوجته (نفتيس) بمشاركة (أوزوريس) الفراش، ولكي تفعل ذلك تدثرت بلباس أختها إيزيس وتعطرت بعطرها الخاص.

ثم تسللت بجوار (أوزيريس) أثناء نومه، وبعد أن حملت منه وضعت ابن (أووزريس) أنوبيس، وندمت نفتيس على فعلتها وعفا عنها (ويبدو من تلك القصة أنها كانت محاولة اغتيال لـ (أوزوريس)، ولكنها فشلت وحدث ما حدث)، وكما نوهنا هذا نوع من التمثيل الصامت .

انتصر (أوزويريس) على ست، وقبض عليه هو وأعوانه،

ثانيا: لا يعرف معنى الوفاء

بعد فشل ست في محاولة اغتيال أخيه، قام بعمل ثورة ضده، واشتعلت الحرب في أركان البلاد، واستمرت ما لا يقل عن تسعة وعشرين عاما، وانقسمت البلاد بين الجزء الشرقي وهو تابع لأوزيريس، والغربي الخاص بست.

وانتصر (أوزوريس) على ست، وقبض عليه هو وأعوانه، وطالب الشعب بإعدامه، ولكن (أوزوريس) عفا عنه، ووضع بجانبه خنجر، وأحل مكان ست بعض الثيران والكباش، وقام بذبحهم بدلا منه.

وأيضا فعل الأمر مع أعوان ست، (ومازال هذا الأمر شائع في الصعيد مع عادة الأخذ بالثأر، فعند العفو عن القاتل ،يضعونه وبجواره سكين وكبش، ويذبح الكبس فداء للثأر..

ويصبح الذين قام بالعفو عنه مجرسا بين الرجال لأنه فضل أن يعيش بدل من الموت ، ولربما تعود تلك العادة لأصل هذه القصة ).

أخذ ست يطارد (أوزويريس)، حتى قام بقتله

ثالثا: قتل أخيه أوزويريس:

بعد كل هذا أخذ ست يطارد (أوزوريس)، حتى قام بقتله، بطريقة بشعة جدا، وبعد موته توجد رواية أنه ثنى جسده على شكل بيضة، واستعان بجلود ثورين اسمهما (منفى وأبيس).

وأخذ جلد الأول وصنع منه المركب الجنائزي، وجلد الثاني أخفى به جثه (أوزوريس)، وفي رواية أخرى لم تأخذ شهرتها إلا في الدولة الحديثة قام بتقطيع جسد (أوزوريس)، تقريبا بعد إحيائه في المرة الأولي إلى أربعة عشرة قطعة، وهذا ما فعله بأخيه.

لم يكتفي ست بكل جرائمه ولم يكتفي بحكم البلاد، ولكنه قام بمحاولة القضاء على إيزيس

رابعا: محاولته القضاء على إيزيس

لم يكتفي ست بكل جرائمه ولم يكتفي بحكم البلاد، ولكنه قام بمحاولة القضاء على إيزيس ، وهى حامل في حورس، عندما علم بأنها على وشك الوضع، وأمر قرناءه باختطاف إيزيس.

ووضعوها في منطقة الدلتا فوق جزيرة مقفرة غير مأهولة، تحوطها التماسيح من كل جانب، ولكن إيزيس، قامت بالتخفي في منطقة أحراش البردي، حتى استطاعت أن تلد وترضع وليدها، وترضعه ثلاث سنوات، واستطاعت ان تربيه بعيده عن ست.

كانت إيزيس تعد حورس لقتل ست، وعندما كبر دفعت به في معركة لقتل ست

خامسا: مقتله على يد حورس

كانت إيزيس تعد حورس لقتل ست، وعندما كبر دفعت به في معركة لقتل ست، ونرى حوارها لابنها، تحثه على هذا الأمر، وتبث في كلامها لابنها، معبرة عن تلك الشخصية وقبحها، ونجد قولها يعبر عن هذا: 

إيزيس: لقد نذرت ثوبا لإلهة المراعي.

وإلى ربات الصيد : تابت وشدت وسوتيس وجايت

ثبت رجليك ضد هذا الفرس النهري ، واقبض عليه بيدك

وإن كنت قد اصبحت تابعا فلسوف تقضى على هذا الأذى

وتسئ معاملة الذى أساء معاملتك

أي حور ولداه:

فلتمضي على الشاطئ في يسر دون أن توقفك عقبات..

ولتعبر الماء دون أن يسوخ الرمل تحت قدميك ، و دون أن يجرحهما الشوك

أو يظهر وحش الماء حتى يحس بقوتك..

وتغيب حربتك في جسده..

أي حور ولداه:

ها أنت على شاطئ لا أعشاب به..

وعلى ضفة نهر لا ينمو فيه العوسج..

ستطير سهامك وسط النهر..

كما تطير أوزة وحشية إلى وليدها..

أطلق.. أتوسل إليك.. وسط النيل..

وأغرس حربتك فيه..

أي حور ولداه:

غدا سيشهد الإنسان أعمالك هارويريس على الشطآن..

لا تخش قوته..

لا تتراجع أمام وحش الماء..

خذ حربتك وأقض عليه..

أي حور ولداه:

يا حبي الرقيق

إقرأ أيضا : كمال زعلول يكتب: (إيزيس) .. والانتصار على ست !

وهذا الكلام السابق لإيزيس لحور لحثه على قتل ست ، يخلص نقل الشخصية الحسي التمثيلي، الذي قام به المؤلف المصري القديم، ليبين  قبح تلك الشخصية وشرها.

وهكذا نرى أن المؤلف المصري القديم استطاع عمل بناء جمالي لشخصية (أوزوريس)، قام بعمل بناء تأثيري  قبيح لشخصية ست، هذا البناء التأثيري، جعل المشاهد ينفر ويتقزز من تلك الشخصية.

وهذا يحسب للمؤلف المصري القديم في تصويرة للشخصية القبيحة ويجعل لها تأثير مقزز ، وبهذا نعرف أن المؤلف في مصر القيمة كان يعلم ، كيفية بناء شخصياته.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.