رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(لبنى عبد العزيز).. الجمال والثقافة والشموخ (1/ 3)

* ظهرت (لبني عبد العزيز) في فترة تحول ملحوظة في التاريخ الاجتماعي والسياسي والفني

* نجحت (لبنى عبدالعزيز) في إعطاء صورة الممثلة الجميلة المثقفة صاحبة الموقف في مرحلة ما في تاريخ السينما.

* قبل (لبني عبد العزيز) كانت هناك الجميلات اللاتي يعملن راقصات أو بنات ليل، وأحيانا خادمات، أو بنات فقيرات مكسورات الجناح!

* المنتج (رمسيس نجيب) الذي وقع في غرام الجميلة، وسعي إلى امتلاكها، فتزوج منها بعد أ ن غير عقيدته

محمود قاسم

بقلم الباحث والناقد السينمائي: محمود قاسم

ظهرت (لبنى عبد العزيز) في فترة تحول ملحوظة في التاريخ الاجتماعي والسياسي والفني، فاستطاعت أن تساهم بشكل فعال في هذا التحول.

 ونجحت (لبنى عبدالعزيز) في إعطاء صورة الممثلة الجميلة المثقفة صاحبة الموقف في هذه المرحلة، بدا ذلك في ملامح وجهها، وفي أدوارها العصرية والتاريخية .  أذكر حديثا قديما لها في أحدي المجلات أنها قالت أن كتفيها هما أجمل مافيها كامرأة، وبالتالي فقد نبهت الناس إلى منطقة أخري من الجمال الذي تمتلكه!.

وهو الكتف، وهي منطقة قد لاتشد انتباه الناس كثيرا قياسا إلي القوام، وملامح الوجه، خاصة العينين.

والحقيقة أنها حلوة علي بعضها، سواء في لون البشرة الخمري الجذاب، والعينان، والوجه الطويل نسبيا، والكتفان، والشعر .

ويتوج كل هذا نبرة صوت متميزة، ومفردات لغوية تعبر عن الرقي الاجتماعي، وأيضا عن المستوي التعليمي العالي فهي خريجة الجامعة الأمريكية، وتتقن اللغة الإنجليزية.

وعلي النحو التالي فهي مذيعة، وكاتبة صحفية، وكما أشرنا فقد أنعكس ذلك علي أدوارها.

نحن لانتحدث عن سيرة الفنانة  (لبنى عبد العزيز) في هذه الكتابات، لكننا نفسر الجمال الانثوي

الجمال الأنثوي لـ (لبنى عبد العزيز)

نحن لانتحدث عن سيرة الفنانة  (لبنى عبد العزيز) في هذه الكتابات، لكننا نفسر الجمال الانثوي من خلال وسيلة توظيفه علي الشاشة.

وأعتقد أننا كصغار، حين كنا نقف أمام أفيشات فيلم (الوسادة الخالية) عام 1957،  لم نكن نفهم ماذا يعني الحب ولا الجمال الجذاب.

لكن البروفيل الجانبي للوجه الجديد (لبنى عبد العزيز) كان يعكس الكبرياء الذي يرتسم علي وجهها، وسرعان ماطلت علينا في الشاشة بهذا الجمال الذي أبرزه المصور  بالتركيز علي وجهها.

هى فتاة جميلة كلها رقة، وتتسم بالكبرياء، ما إن حاول حبيبها (صلاح) أن يتحرش بها ردا علي موافقتها أن تكون مخطوبة لغيرة، حتي تصرفت بكبرياء شديد! فلم تنظر ثانية نحو الوراء.

ومنحت كل حبها لزوجها الذي يستحقها، فأخلصت له بكل قوة، ورغم أن الاقدار جعلت حبيبها الأول مريضا ثم صديقا لزوجها الطبيب، فانها لم تهتز بالمرة، ورأينا نهاية مغايرة عم اعتدنا رؤية مصائر بطلات القصص الرومانسية.

قبل (لبني عبد العزيز) كانت هناك الجميلات اللاتي يعملن راقصات أو بنات ليل

نجمات قبل (لبنى عبدالعزيز)

قبل (لبنى عبد العزيز) كانت هناك الجميلات اللاتي يعملن راقصات أو بنات ليل، وأحيانا خادمات، أو بنات فقيرات مكسورات الجناح، حتي فاتن حمامة لم تفلت من هذا النوع من الأدوار الا قليلا.

ولعل (ماجدة) تعد الاستثناء الثاني في ذلك، والغريب أن (إحسان عبد القدوس) هو الذي ساعد بنصوصه في تغيير صورة المرأة إلى الركن الإيجابي، فهو كاتب قصة فيلم (الله معنا) لأحمد بدرخان 1955.

وفيه تقوم فتاة بمساعدة ضباط ثورة يوليو في مهمتهم الوطنية، وفي العام التالي جسدت (ماجدة) دور فتاة عصرية تتفهم حال المرأة، اسمها (علية) في فيلم (أين عمري) لأحمد ضياء الدين.

 وفي عام 1957 جاء فيلم (الوسادة الخالية) لصلاح أبو سيف الذي قرأ نصوص الكاتب جيدا، واستوعبها، ثم منح هذه الوجوه لممثلتين عبرتا عن هذه المرحلة بقوة هما (فاتن ولبني).

المنتج والمخرج رمسيس نجيب غير ديانته حتى يتزوج لبنى عبدالعزيز copy

(لبنى عبدالعزيز) و(رمسيس نجيب)

(لبنى عبدالعزيز) هى التي جسدت شخصية (أمينة) في فيلم  (أنا حرة) عام 1959، ووقف إلى جانب المخرج في تلك التجارب المنتج (رمسيس نجيب) الذي وقع في غرام الجميلة.

وسعي إلى امتلاكها، فتزوج منها بعد أن غير عقيدته، وأنتج، كما أخرج من أجلها أهم أعمالها.

إذ لايمكن أن نتحدث عن رحلة هذه الجميلة (لبنى عبد العزيز) سينمائيا دون التعرف على مافعله زوجها من أجلها، وما صارت عليه بعد أن انفصل عنها.

لكن هذا أمر قد يبعدنا قليلا في التعرف علي أدوار النجمة (لبنى عبد العزيز) باعتبارها من جميلة الجميلات.

تنتمي لعائلة عريقة هي عائلة (الخاندارة) التي تنحدر من  سلالة محمد علي باشا

(لبنى عبدالعزيز).. أب مصري وأم شركسية

هذا الجمال الخارق الذي تمتعت به (لبنى عبد العزيز)، تري هل له جذور أجنبية مثل الكثير من جميلات السينما الأخريات؟!

حيث أشارت الممثلة في حديث منشور في مجلة (الاذاعة والتلفزيون) في عددها الصادر في 14 يوليو عام 2007 أنها مولودة بحي جاردن سيتي، لأب مصري، وأم من من أصول البانية شركسية.

وتنتمي لعائلة عريقة هي عائلة (الخاندارة) التي تنحدر من  سلالة محمد علي باشا  تقول: (كانت امي امرأة ارستقراطية جذابة المظهر، بيضاء البشر.

 وفارق السن بيني وبينها لم يكن كبيرا، فقد تزوجت أبي قبل أن تكمل عامها الخامس عشر) يعني هذا أن الجمال، والمظهر الارستقراطي، والتعليم الراقي، والثقافة لم تكن سمات مكتسبة.

بل  أصلية في الفتاة الجميلة التي خلبت الألباب، وظهرت دوما بمظهر ابنة الطبقة الراقية الجميلة.

 رغم أنها نجحت في دور الريفية (بهية)، والشحاذة، والخادمة، وأيضا ابنة السائس، وبصرف النظر عن أنها كانت مقنعة أم لا؟! فانها كانت مقبولة بشكل أو آخر، في أغلب أدوارها.

حتي في الفيلم الإيطالي (نار علي الجليد) عام 1963 فقد قامت بدور مرشدة سياحية.

في الكثير من الصور التي تكشف جمال (لبنى عبد العزيز) بدت مهتمة بإبراز رقبتها الطويلة، الأقرب الي الملكة نفرتيتي، وعضمتي الترقوة أسفل وجه تعتني صاحبته بمكياج خفيف يكسبه تلقائية ملحوظة.

مع التركيز علي عقص الشعر حتي يبدو الوجه البيضاوي واضحا، وهو الذي  سيظهر علي الشاشة منذ اللحظة الأولي بالغ الحسن، والجاذبية.

هكذا طلعت علينا (سميحة/ لبنى عبد العزيز) في (الوسادة الخالية)

(لبنى عبدالعزيز) والوسادة الخالية

هكذا طلعت علينا (سميحة/ لبنى عبد العزيز) في (الوسادة الخالية) لصلاح أبو سيف عام 1957، ابنة مصر الجديدة ( هوليوبوليس) التي تشارك في الأسواق الخيرية.

والتي تقيمها الطبقة الأرستقراطية، في الأماكن العامة، (سميحة) هذه تتعرف علي الطالب صلاح، وتخرج معه، وهي وحيدة أمها.

وتبدو فتاة مختلفة تماما، فهي تتعامل مع صلاح برقة شديدة ولا تجرؤ علي أن تضع سماعة التليفون في وجهه.

 وتطلب منه أن يقفل كل منهما سماعته بعد أن يقوما بالعد حتي ثلاثة، هى بالغة البساطة والرقي في ملابسها في كافة مراحلها، وهي فتاة تحب صلاح، وتذهب معه الي أطراف صحراء مصر الجديدة

وبعد أن تتزوج من طبيب شاب تقدم لها بالطريقة التقليدية، ترتدي ملابس سهرة بالغة الأناقة والبساطة، عندما تخرج مع خطيبها، ثم زوجها.

 وهى رابطة الجأش تماما ازاء ماتتعرض له من مواقف، ويمكنها أن تتغلب علي الصعاب التي يمثلها صلاح، الذي يتعلق بها دوما.

 وتساعد زوجة (صلاح) في محنة الميلاد، وقد ساعدت نبرة صوتها علي أن تعطي المتفرج تعاطفا، وهي المذيعة التي تعرف كيف تضع نبرات صوت محببة في ما تقوله.

هذه الطلة الأولي لـ (لبنى عبد العزيز) في فيلمها،  ولد الحب من النظرة الأولي بينها وبين المتفرج.

استعان بها المخرج نفسه صلاح أبو سيف في فيلمه (هذا هو الحب)

(لبنى عبدالعزيز) .. هذا هو الحب

لذا سرعان ما استعان بها المخرج نفسه صلاح أبو سيف في فيلمه التالي في العام نفسه بـ (لبنى عبد العزيز) من خلال  رواية (هذا هو الحب)  التي ألفها محمد كامل حسن المحامي لتبدو (شريفة) ابنة الحارة الشعبية.

وهى لاتختلف كثيرا عن (سميحة) في صفاتها العامة، فهى مليئة بالحياء، وتؤدي فروض الصلاة في مواعيدها، وهي أيضا وحيدة والديها، وقد بلغت سن الزواج.

وليس لديها أي خيار في اختيار العريس الساكن في البيت المقابل، والذي يتلهف عليها ويتزوجها زواجا تقليديا ليكشف عن أنياب رجل شرقي غيور بشدة في أيام العسل الأولي بالفيوم.

 حين يقوم صديق لأخيها بتحيتها فيعود بها عريسها إلي القاهرة، ويقوم بتطليقها، دون شاهد ملموس.

(شريفة) هى ضحية تصرف وفكر الرجل الشرقي، لاتملك أن تعترض أو توافق، وتتقبل قدرها بالزواج والطلاق، كما أنها تقبل عريسا جديدا غير مناسب بالمرة لها لمجرد أن أباها اختاره لها.

ثم في لحظة مراجعة تذهب بنفسها، وبملابس العرس إلى شقة طليقها، وتعود إليه في مشهد ساذج كأنها تعبر عن ارادتها للمرة الأولي.

وهي تفعل ذلك تجاه رجل أراه (جلنف) لايستحقها، ليست لديه أي أسباب فيما فعل، ولاشك أنه بعد التجربة فإن مثل هذا الرجل لن يتخلي قط عن وساوسه، وسيكون دوما سيئا، لكن السينما تقول أن هذا  هو الحب بقوانينه ونواميسه!.

…………………………………………………………………………………………

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة نستكمل المشوار السينمائي للجميلة المثقفة لبنى عبدالعزيز

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.