كتب: أحمد السماحي
نحتفل غدا الأربعاء بعيد ميلاد الساحرة (شريهان) التى ما زالت في أوج عطاءها، وتألقها، كان المفكر الألماني (نيتشه) يصرخ فى الناس أن يقولوا كلمتهم ويتمزقوا دونها.
والفنان الصادق هو الذى يستطيع أن يقول كلمته ثم يتمزق أو يقولها ويمشي في سلام، و(شريهان) شقت طريقها إلى الخلود، لأنها عرفت كيف تقول كلمتها.
و(شريهان) لم تقلها ثم تمزقت ولم تقلها ومشيت، ولكن قالتها وظلت صامدة، رغم أن الظروف التى أحاطت بها منذ فجر حياتها كانت كفيلة أن تطبق شفتيها للأبد!.
إقرأ أيضا : شريهان تستعيد مجدها الاستعراضي في (كوكو شانيل)
حيث تعرضت (شريهان) لمحن مرضية ونفسية وإنسانية، كان يمكن أن تكسرها أو تهزمها، لكن بإراداتها وقفت لها وتخطتها، لأن الحياة علمتها أن من وراء الظلام يسطع الفجر.
وخلف الغيوم تختبئ الشمس الساطعة، وأن اليأس يطفئ شمعة الأمل في الإنسان ويثنيه عن مواصلة المسير.
على مدى مشوارها الفني رفضت (شريهان) أن تهزمها الإحباطات، أو يكسرها الحزن، أو يؤلمها الفشل، فحولت كل لحظة أسى في حياتها إلى فرحة وكل مشهد حزن إلى بهجة، وكل تجربة ألم إلى إبداع.
(شريهان).. الطفلة المعجزة
فى طفولتها درست (شريهان) البالية، والرقص الإيقاعي، إلى جانب دراستها المدرسية، وفى سن العاشرة اكتشف شقيقها عازف الجيتار الشهير عمر خورشيد موهبتها الفنية، فأحاطها برعايته، خاصة بعد أن أثنت على رقصها أم كلثوم صديقة العائلة.
ولكي تحميها والدتها – الجندي المجهول – في حياة (شريهان) من تجربة الأدوار الثالثة والثانية أنتجت لها أول أعمالها الفنية عام 1973.
إقرأ أيضا : غلطة شريهان الكبيرة
وهو مسلسل (المعجزة) سيناريو وحوار فيصل ندا، وإخراج أحمد طنطاوي، بطولة الطفلة المعجزة (شريهان)، وشاركها البطولة عمر الحريري، وليلى طاهر، وصلاح السعدني، ويونس شلبي.
وفي هذا المسلسل ظهر لأول مرة النجم (محمود حميدة) ككمبارس صامت من خلال رقصه في أحد الاستعراضات التى تؤديها (شريهان).
(شريهان).. رحلة هادئة
أثبتت (شريهان) من خلال الاستعراضات التي قدمتها في (المعجزة)، والأداء الدرامي لشخصية الطفلة (عبير) أنها معجزة بالفعل، مما شجع كثير من المخرجين والمنتجين للتعاون معها.
فقدمت فى نهاية السبعينات مسرحية (ربع دستة أشرار) تأليف حسام حازم، إخراج حسن عبدالسلام، وشاركها البطولة (ليلى طاهر، وحيد سيف، جمال إسماعيل).
وفي نفس الفترة قدمت (شريهان) مسلسل (رحلة هادئة) سيناريو وحوار أمينة الصاوي، إخراج رفعت قلدس، وبطولة (أشرف عبدالغفور، ماجدة الخطيب، أسامة عباس، محمد لطفي، عفاف رشاد) وغيرهم.
(شريهان).. سك على بناتك
كما شاركت (شريهان) في بطولات مسرحية مهمة مثل مسرحية (سك على بناتك) عام 1980، تأليف لينين الرملي، بطولة وإخراج فؤاد المهندس، وشاركهما البطولة (سناء يونس، إجلال زكي، أحمد راتب).
نجاحها في أداء شخصية (سوسو) الفتاة الشقية المتمردة، شجع الفنان الكبير (محمد صبحي) لإسناد دور البطولة لها في مسرحية (أنت حر) عام 1981.
إقرأ أيضا : إطلالة مبهرة لـ (شريهان) تعوض غيابها الطويل
وكانت المسرحية تأليف لينين الرملي، وبطولة وإخراج محمد صبحي، وشاركهما البطولة (محمود القلعاوي، نيفين رامز، ناجي سعد، زين نصار) وغيرهم
وناقشت المسرحية مفهوم الحرية، وكيف يستطيع الإنسان استخدام الحرية بشكل صحيح؟، وما هى حدود حرية الإنسان، والنتائج المترتبة عليها من خلال سلسلة من المواقف الكوميدية.
(شريهان).. الخبز المر
النجاح الكبير الذي بدأت تحققه الموهبة الجديدة (شريهان) في عالم الفن شجع والدتها للمجازفة بها مرة أخرى من خلال السينما، حيث أنتجت لها أول أفلامها كبطلة مطلقة من خلال فيلم (الخبز المر).
بعد قيامها بدور صغير كطفلة في فيلم (قطة على نار) مع بوسي ونور الشريف، وكان فيلم (الخبز المر) قصة وسيناريو عبدالحي أديب، حوار بهجت قمر، إخراج أشرف فهمي.
وشارك (شريهان) البطولة (فريد شوقي، ومحمود عبدالعزيز، شويكار، سعيد صالح) وغيرهم.
وتوالت الأعمال السينمائية والدرامية منها مسلسلات (سر الغريبة، أرزاق، وعادت الحياة، دعوني أعيش)، وفي السينما قدمت أفلام (المتشردان) و(ريا وسكينة).
(شريهان).. العذراء والشعر الأبيض
كانت نقطة إنطلاق (شريهان) من خلال فيلمها (العذراء والشعر الأبيض) حيث جسدت دور بثينة الشابة التى تبنتها زوجة تعشق زوجها لكنها تعجز عن الإنجاب، فتقوم بتبني طفلة صغيرة لكي تملأ البيت الحزين سعادة وحبا وحنانا.
ولكن هذه الطفلة عندما تكبر وتبدو عليها مظاهر الأنوثة تسترعي انتباه الزوج الذي يقع في حبها ويقيم علاقة آثمة معها تكتشفها الأم وهى في حالة ذهول!
إقرأ أيضا : عرق البلح .. رائعة “شريهان” التى لا تنسى
وقد أزالت السينما هذه العلاقة تماما، وحولتها إلى نوع من التعلق المجنون بالرجل الذي وصل إلى خريف العمر، ويمد ذراعيه لاقتطاف زهر الربيع الذي ينمو أمامه..
والصراع الذي تعانيه الزوجة وهى تحس بإحساس الأنثى تعلق زوجها بالفتاة التى أصبحت وكأنها ابنتها الحقيقية بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
كانت (شريهان) في هذا الدور في أوج فتوتها وشبابها، وحلقت بالدور في السماء، وقد انطلقت بعده في سماء الفن كالصاروخ.
(شريهان).. الطوق والإسورة
بعد فيلم (العذراء والشعر الأبيض) قدمت (شريهان) مجموعة من الأعمال الفنية التى كتبت اسمها بحروف من نور، فمن منا ينسى لها (الطوق والأسورة، قفص الحريم، كريستال، يوم حار جدا، ميت فل، شارع السد، عرق البلح).
بعد تألقها في السينما والمسرح، منحها المخرج الكبير فهمي عبدالحميد الفرصة الحقيقية التى أثبتت من خلالها موهبتها الأستعراضية والدرامية من خلال الفوازير.
وأيضا رائعة (ألف ليلة وليلة) التى قدمتها على مدى ثلاث سنوات، وكتبت لنفسها الخلود الفني بهذا العمل الممتع الخالد الذي أصبح أيقونة من أيقونات التليفزيون المصري.
ومن خلاله أصبحت (شريهان) ليست فقط عروس البحور، ولكنها عروس الأحلام لجيل من الشباب، و(موضة) للفتيات عندما خرجت من (ألف ليلة وليلة).
(شريهان).. كوكو شانيل
لأن المسرح عشقها الأبدي فقدمت من خلاله المتعة والفكر والإبهار، وكتبت من خلال ذاكرة المسرح فصل خاص باسمها وحده بعنوان (المسرح الاستعراضي)، فقبلها لم يعرف المسرح هذا النوع من الفن الإستعراضي.
وتجلى هذا الإبداع من خلال مسرحيات (علشان خاطر عيونك، شارع محمد علي) وأخيرا كوكو شانيل).
(شريهان).. المسكونة بالموهبة
(شريهان) المسكونة بالموهبة والألم، أيقونة الاستعراض، منحتها الحياة كل البريق والمجد والانتصار والانكسار والدموع والحب، ومنحتنا هى الحلم والمتعة والإبهاروالاستعراض والغناء.
ورغم بخلها الفني مازالت شريهان تمثل ولا زالت تقدم أوجها جديدة لم نعرفها عنها، ولا زالت تبحث عن أسلوب وطريقة أخرى تجدد فيها حضورها وتأثيرها..
كان آخرها مسرحية (كوكو شانيل) التي عرضت عبر منصة (شاهد vip) عام 2021.
وخلال الفترة القادمة ستعود للدراما التليفزيونية على جناح شركة (العدل جروب) من خلال مسلسل درامي ضخم يكتبه هذه الفترة الكاتب والسيناريست والشاعر مدحت العدل.
الكلمات السابقة ليست إلا وردة حمراء تلتمع أوراقها بنهري المحبة والإعجاب لنجمة تسير رافعة الرأس، ومليئة بالكبرياء، حافظت على مدى مشوارها على توهجها الذي لم يخفت لحظة طوال غيابها عن الساحة الفنية، ومازالنا ننتظر طلة (شريهان) الساحرة.
