رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

كمال زغلول يكتب: المعركة (إيزيس) .. حورس .. ست !

بقلم الدكتور: كمال زغلول

بعد أن جعلت (إيزيس) لحور مكانة  بين الآلهة أخذت تعد حورس للمعركة مع ست، التي من خلالها سوف يسترد العرش، ويثأر لأبيه أوزيريس، وبالفعل تقوم (إيزيس) بحث ابنها على  الانتقام، ونرى هذه الصورة المسرحية في المشهد التالي:

(إيزيس): لقد نذرت ثوبا لإلهة المراعي.

وإلى ربات الصيد: تابت وشدت وسوتيس وجايت.

ثبت رجليك ضد هذا الفرس النهري، واقبض عليه بيدك.

وإن كنت قد أصبحت تابعا فلسوف تقضى على هذا الأذى.

وتسئ معاملة الذى أساء معاملتك.

أي حور ولداه.

فلتمضي على الشاطئ في يسر دون أن توقفك عقبات.

ولتعبر الماء دون أن يسوخ الرمل تحت قدميك، ودون أن يجرحهما الشوك.

أو يظهر وحش الماء حتى يحس بقوتك.

وتغيب حربتك في جسده.

أي حور ولداه.

ها أنت على شاطئ لا أعشاب به.

وعلى ضفة نهر لا ينمو فيه العوسج

ستطير سهامك وسط النهر.

كما تطير أوزو وحشية إلى وليدها.

أطلق.. أتوسل إليك.. وسط النيل.

وأغرس حربتك فيه.

أي حور ولداه.

غدا سيشهد الإنسان أعمالك هارويريس على الشطآن.

لا تخش قوته.

لا تتراجع أمام وحش الماء.

خذ حربتك وأقض عليه.

أي حور ولداه.. يا حبي الرقيق.

مشهد تمثيلي رائع أستطاع المسرحي المصري بجدارة ، تصوير الشعور والعواطف التي تكنها (إيزيس)

العواطف التي تكنها (إيزيس)

المشهد السابق هو مشهد تمثيلي رائع أستطاع المسرحي المصري بجدارة ، تصوير الشعور والعواطف التي تكنها (إيزيس) للانتقام من ست، من خلال ابنها حور، وراحت (إيزيس) تبث كلماتها إلى حور.

إقرأ أيضا : كمال زغلول يكتب: أوزوريس في مسرح مصر القديمة (2)

وتخبره بأنه هو سندها الوحيد، وابنها التي تعتمد عليه في الانتقام من ست، ولم تتركه هكذا، بل بدأت تشرح له الخطة الني سوف يتبعها في القضاء على ست.

وراحت تحفزه وتخبره بأن لا يخشى قوته، ولا يتراجع أمامه في المعركة، وبأنه سوف يهوى صريعا أمام سهامه وحرابه.

وأمرته بأخذ الحربة، وتوسلت إليه أن يغرس هذه الحربة في جسده، ويقضى عليه، لقد بثت فيه روح الانتقام لأمه ولا أبيه.

ويصور المسرحي المصري القديم المشهد التالي لذلك المشهد وفيه تظهر (إيزيس) وهي تراقب ابنها في المعركة، وتشجعه وتعطيه الإرشادات، حتى يقضى على ست، ونعرض هذا المشهد الرائع لشخصية (إيزيس) الأم:

(إيزيس): تشجع يا حور، لا تهرب أمام ساكن الماء، ولا تخف قاطن الموج، لا تصغ إذا استعطفك، ولا يهرب من قبضتك، أى حور ولداه.

يلي هذا المشهد، مشهد تمثيلي يصور محاربة حور لست، وهذا المشهد يعد من المشاهد الرائعة التي تصور فكر المسرحي المصري القديم  في الصورة المسرحية المصورة، التي تصور الحرب.

ونلاحظ أن هذا الفكر التمثيلي متقدم جدا، وهو مشهد صامت يصور حور في مواجهة ست وهو كالتالى:

(يحدق الخطر بحور، فقد وقف فرس النهر النهر المصاب بالسهم على قدمية الخلفيتين متأهبا لقلب القارب، وتهرع (إيزيس) إلى جانب المتحاربين، وحور متردد في إرسال الضربى القاضية لأنه لا ينسى أن فرس النهر ليس إلا عمه ست.

ولكن (إيزيس) تخفف عنه عذاب ضميره فيجرح الوحش أخيرا الجرح المميت) 

وينتهي المشهد وحور ينفذ طعنته القاتلة في الوحش ست، ويطعنه طعنته المميتة، وتظهر (إيزيس)، وهى فرحة بنشوة الانتصار، وتحدث حور، وتذكره بما بفعلة عمه به عندما كان في المستنقعات.  

(إيزيس): (تحدث حور)، سقط عدوك تحتك منذ عضضت لحم عنقه،

وقد كان هذا مخيفا   للنساء.

صرخة حزن فى سماء الجنوب.

وشكاية في سماء الشمال.

إنها صرخة حزن أخي ست.

ساعة أمسك به ابني حور.

ولكن هل هو أخ ذلك الذى يكره أخاه الأكبر؟

من يستطيع أن يحبه؟

لسوف يسقط غي في حبال شو.

كحيوان صيد ربة الصيد.

هل تذكرك حين كنا في المستنقع؟

(ويعود حو منتصرا على مقدمة قاربه مصطحبا جثة عدوه المثخنة بالجراح، وتستقبله نساء بوتو بأغنية انتصار:    

لتسعدن يا نساء بوتو.

وأنتم يا سكان شواطئ البحيرات الضحلة.

أقبلوا وانظروا حور على مقدمة قاربه.

كالشمس حين تلمع في الأفق

يرتدى ثيابا خضراء، ويكتسى رداء أحمر متوشحا بحلية.

وبعد ذلك يدخل بنا المسرحي المصري القديم في مشهد راقص.

دعوة (إيزيس) رقصة تحاكى مصرع الوحش ست)

(إيزيس) تحاكى مصرع الوحش

(وينظم أطفال صيادى البلدة بناء على دعوة (إيزيس) رقصة تحاكى مصرع الوحش ست).

وتنتهى المشاهد السابقة بمشهد الختام، ويظهر فيه شخص ويمدح حور لأنه ثأر لوالده أوزيريس.

الشخص: لأطهرن فمي ولأمضغن النطرون.

لأمجد انتصار حور بن (إيزيس).

إن الصبي الجميل الذى خرج من (إيزيس)

هو ابن أوزيريس ذو الحب الرقيق.

إن ذلك الذى كان يريد اضطهاده لقد صرعه.

ما أروع أن يجد الأب.

ابنا يرد له اعتباره.

فليحمد الإله.

وتنتهى المسرحية  بهذا المشهد.

إقرأ أيضا : كمال زغلول يكتب: (المسرح) .. صراع بين قوتين في العرض !

إن المشاهد السابقة هى مشاهد تمثيلية من واحدة من المسرحيات المصرية القديمة، التي لم تصل إلينا كاملة.

ولكن بالرغم من هذا نلاحظ أن الأدب التمثيلي المصري القديم كان أدب متقدم قدما جدا، وأن المسرحي المصري القديم استطاع ببراعة تصوير وإبراز المشاعر في صور الشخصيات التي تظهر على مسرح الأحداث.

هذا بجانب الصراع المتدرج والمتصاعد داخل الأعمال المسرحية المصرية القديمة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.