رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد شعير يكتب: الصحفي والمشجع.. صفعة حسين الشحات المؤلمة!

بقلم: محمد شعير

حسين الشحات.. هذه قصة حزينة، مؤلمة، لكنها أيضا مهمة، ملهمة، قد تبدو أنها مجرد إحدى حكايات الكرة، لكنها كذلك حكاية مجتمع وحرب، نفوس وأخلاق.

كثيرا ما ترتبط الكتابة بالحالة النفسية للكاتب، ووسط الهزل الحاكم والضجيج المحيط، أصبح نادرا ما يجد الكاتب شيئا يجذبه، يثيره، يحركه، فيكتبه.

مساء الأحد الثالث والعشرين من يوليو، بعد هزال أحاديث الحر في الصباح: (الثورة حلوة.. لأ الملكية كانت أحلى).. جلست أتابع مباراة الأهلي وبيراميدز، أتلهى عن وطأة القلق الجاثم على صدري بسبب إقامة ندوة وحفل توقيع روايتي بعد يومين، وبعد المباراة بدأت تظهر فيديوهات (الصفعة)، صفعة لاعب الأهلي حسين الشحات عقب المباراة للاعب مغربي من بيراميدز اسمه محمد الشيبي.

كإنسان؛ كـ (بني آدم)، جن جنوني.. جرت أصابعي وحدها إلى صفحتي على موقع (فيسبوك) تكتب شيئا، وكتبت بالفعل، كان ينقص فقط ضغط زر النشر. لكنني لم أفعل.. خفت.

نعم.. خفت من جماهير النادي الأهلي، أحتاج في هذين اليومين إلى هدوء نفسي تام، لو أننا نكتب الآن على السوشيال ميديا لكتبتها: (تاااااااام)، كلاعب يحتاج إلى الهدوء والتركيز في معسكر مغلق قبل المباراة/ الندوة، وأنا أعرف أن تعليقات (الأهلاوية) حتى ممن أعرفهم ويعرفونني شخصيا قد لاتتواني عن الخوض في عرضي، دفاعا عن (الانتماء!).

نفس هؤلاء (الأهلاوية) وصفوني كثيرا عندما كتبت مشيدا بنتائج وإنجازات فريقهم بأنني (زملكاوي موضوعي)، في حين هاجمني (الزملكاوية) عندما سخرت كثيرا من أحوال ناديهم: (انت مش ممكن تكون زملكاوي)، والحقيقة أن التعبيرين لايعنيان شيئا لي قيد أنملة؛ (ببصلة) يعني!

التعبير الأول سألني عنه الإعلامي المحترم كريم كوجاك، الذي يقدم البرنامج الصباحي في قناة النادي الأهلي، عندما قال لي ضاحكا في لقاء إذاعي قبل فترة قصيرة على (راديو مصر): (يقولون عنك إنك زملكاوي موضوعي).. ضحكتُ أيضا وقلت: (ما أؤمن به أن تشجيع فريق ما بالنسبة للكاتب ينبغي ألا يخرج عن الليفنج رووم في بيته.. أما الكتابة فهي شيء آخر، وخلال الندوة التي أقلقتني قبلها، سألتني الكاتبة القصصية الدكتورة إيمان سند في معرض شرح فكرة لها خلال مداخلتها: (انت أهلاوي.. مش كده؟).. رددت سريعا وأنا أقلِّب يدي: (يعني!).. وضجت القاعة بالضحك.

حكاية حسين الشحات وحس االمستكاوي

حسن المستكاوي وحسين الشحات

الآن.. دعك مني.. انس قصتي مؤقتا.. فالمهم هو حكاية حسن المستكاوي وحسين الشحات.

مساء نفس ذلك اليوم، بعد المباراة، جلست أتابع رحى الحرب الدائرة على السوشيال ميديا، أكاد لا أصدق نفسي، لكنني فجأة قرأت:

كتب الناقد الرياضي الكبير، حسن المستكاوي، على صفحته هذه الكلمات: (أعود من إجازة ذهنية استمرت 48 ساعة وتسمي ويك إند.. فما فعله حسين الشحات يستوجب العقاب الشديد له ولكل لاعب في أي فريق يتجاوز في حق منافسيه.. العقاب ليس من الأهلي فقط الذي قرر عقابه وإنما من الرابطة.. يعني إيه لاعب يضرب منافسه بالقلم ويمضي في طريقه كأنه لم يفعل شيئا؟!

ولأن الأستاذ (حسن) يعرف ما ستقوله الجماهير حول وقائع انحراف سابقة في الملاعب لم يُعاقب أصحابها، أضاف: (مهما كان السببب والدافع فهو سلوك غير مقبول لا من حسين الشحات ولا من غيره.. كلامي واضح.. أي لاعب سواء المحمدي أو دونجا أو عمر جابر أو أي لاعب)، ثم وضع يده على أصل البلاء، خاتما: (اسألوا أصحاب القرار.. لماذا زادت الفوضي ولماذا لم يعاقَب من يستحق العقاب في حينه وفورا؟!

هذه الكلمات فحسب، كانت سببا في انطلاق عاصفة الغضب ضد الأستاذ حسن المستكاوي، الذي راح يرد على كثير من التعليقات على صفحته، شارحا أكثر، مفسرا الماء العذب الزلال الذي كتبه بجرعات أكبر من الماء، لعل أحدا يفهم، لعل أحدا يرجع إلى إنسانيته.

ظلت هاصفة حين الشحات تتواصل لأيام، وربما لا تزال، فظهرت في المقابل مقالات تكشف لمن لا يعرف من يكون (حسن المستكاوي) أيقونة النقد الرياضي، مثال الموضوعية، والتحليل الهادئ المتزن، نشر الأستاذ واحدا منها على صفحته، كأنه يستغيث بالعقلاء، يستشهد بهم، وعندئذ؛ أخذت الحكاية منحى آخرا، وجاءه الهجوم من أطراف أخرى، من حيث لا يحتسب.

ولأن الكلام كله منشور بشكل عام على صفحته، فإنني لا أجد غضاضة في نقله هنا بتصرف، لا لتهافت منطق الهجوم فقط، إنما لأستاذية الرد، والدرس.

قال المهاجم، ومن قوله تستطيع فهم انتمائه: (انت بتمسك العصاية من النُص يا أستاذ حسن.. مافيش داعى لاستنساخ جديد من نجيب المستكاوى (الناقد الرياضي الكبير الراحل والد حسن المستكاوي).. نجيب المستكاوى حاجة ثانية لا تُعوض وليس لها مثيل فى الثقافة والأسلوب والمعلومات، أنت أهلاوى ودى معروفة جدا.. إنما محاولة وزن الأمور كى يعتقد الناس بموضوعيتك وحيادك يجعلك فاقد المصداقية.. معلش تقبل كلامى بس أنا عارف إنك حتزعل منه).

الأستاذ حسن المستكاوي، اضطر للرد بتعليق طويل، ربما كان هو السبب في هذا المقال كله، لما فيه من إرساء قواعد، ووضع أسس، وشرح بديهيات، إلا أنها برغم ذلك تبقى.. لم يفهم فقط!.

قال: (للأسف.. التصنيف أصبح ضرورة.. مافيش حاجة اسمها عصا من النُص.. فيه حاجة اسمها مهنة.. وأنا صحفي مش مشجع.. وقد اخترت طريقي من أول يوم وعمرى 22 سنة.. وعرفت من طفولتي قيمة الأهلي والزمالك.. وأبويا كان يذهب يوميا إلى الأهلي وإلى الزمالك.. وأنا أيضا كذلك.. ولم يكن هو ولم أكن أنا ولن أكون ممسكا العصا من الوسط.. ده تعبير مسيء ومرفوض.. كأني لازم أحب الأهلي على حساب الزمالك أو العكس).

والشيء الغريب جدا، كما يقول حسن المستكاوي: (إني لما أفرح جدا للأهلي ببطولاته وانتصاراته وفوزه بالدورى وبطولة أفريقيا يكون ذلك معناه أني أهلاوي.. وحين أشيد بأداء الزمالك وفوزه ببطولتي الدورى مرتين ولما يكسب 4 صفر فريق تونسي يبقي أنا زملكاوي أو ماسك العصا من الوسط.. إيه الكلام ده؟.. الكل يعلم علاقتي بالكابتن صالح سليم والكابتن محمود الخطيب، لكن هذا لم يمنعني يوما من نقد الأهلي.. وارجعوا للأهرام لتعرفوا).

ثم يضع الأستاذ حسن المستكاوي القواعد قائلا: (لو عند الصحفي انتماء ما، فلا يجب أن يحركه هذا الانتماء.. وبالمناسبة الكابتن صالح سليم طلب مني رئاسة تحرير مجلة الأهلي عام 1983 وهناك شهود.. لكنني اعتذرت وشرحت أسبابي.. والحوار بيننا كان رائعا لأنه صالح سليم المثقف بجد.. وظللت قريبا منه وصحفيا يثق فيه لأبعد الحدود.. لأنه يدرك أن الصحفي ليس بالضرورة أن يكون مشجعا.. وقد ينتمي لنادٍ لكنه لا يتحيز له في المهنة.. يعني في الكتابة وفي الكلام.. إمساك العصا من الوسط كارثة مهنية.. وإذا انعكس انتماء الصحفي على عمله فهي كارثة أكبر.. أتقبل النقد والخلاف لما يكون على أساس).

حسين الشحات.. قصة مؤلمة

قصة حسين الشحات

الآن انتهى كلام الأستاذ حسن المستكاوي.. ولعلك تسأل: أين إذن قصة حسين الشحات؟!.. ما موقف اللاعب؟!.. الآن – وقت كتابة هذه السطور- انتهيت من ندوتي.. زال عني القلق.. خشيتُ رد فعل الجماهير في لحظة مؤقتة.. فلم أكتب لكنني احتفظت بالمنشور.. كنت أعرف أنني سأرجع له.. متى خفتُ من رد فعل أو جمهور؟!.. مهما يتسبب من أذى للنفس.. الآن؛ أنا أخبرك – كما كتبتُ يومها دون نشر- ماذا كان رد فعل حسين الشحات.

مساء ذلك اليوم، الثالث والعشرين من يوليو، (سواء كانت الثورة حلوة أو الملكية قبلها أحلى)، كتبت، ثم عدَّلت المكتوب قليلا صباح اليوم التالي، بعد ما نشره اللاعب حسين الشحات على صفحته.. قلت: (يعني اللاعب اعتذر النهارده اعتذار محترم على صفحته.. أقر فيه بالخطأ.. وأعلن قبوله العقوبة.. سواء عقوبة ناديه أو عقوبة رابطة الكرة.. ومع ذلك يظل قطاع من جمهور النادي ومنهم للأسف متنورين (متسقفين) يدافع عن القلم اللي انضرب.. ويقلبها كيد أندية ولاعبين.. ما الجديد؟!

الأغلبية تحب الضرب.. تصفق له.. بشرط أن تكون هى الضارب لا المضروب.. لكن من يضمن الغد؟!.. وأين المبدأ؟!.

في موضوع اللاعب حسين الشحات.. لا قديم يعاد أو جديد يُذكر.. إنها الجماهير.. هى الجماهير في كل أرض.. تنفعل ولا تعقل.. تتأثر ولا تفكر.

ملحوظة: احترامي للأهلاوية العقلاء الذين لم يبرروا ما حدث.. وملحوظة أخرى: ولا بتفرق معايا التعليقات.. بتكشف لي بس البشر).

انتهى.. وانتهينا!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.