رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود حسونة يكتب: ليه لأ؟!.. يخرج عن قضبان التميز بالمحطة 3

بقلم: محمود حسونة

كما يبدو لي في مسلسل ليه لأ؟!.. القضايا المسكوت عنها في مجتمعنا والتي تستحق صرخات وصرخات للبوح بها وكشف مخاطرها كثيرة، والفن من أكثر الوسائل التي يمكنها أن تلعب دوراً فاعلاً في إثارتها وخلق حالة من النقاش والجدل حولها أملاً في أن تتغير المفاهيم المعوجة وينصلح الحال الاجتماعي ونتجاوز الموروثات العفنة والتقاليد البالية والمفاهيم الخاطئة.

إقرأ أيضا : براعة الصمت والحركة والسكون عند نيللي كريم في (ضد الكسر)

مسلسل ليه لأ؟!، من المحاولات الدرامية المشهود لها في إثارة هذه النوعية من القضايا، وقد اختار صناعه الانحياز إلى المرأة وفتح باب الجدل حول موروثات لا تزال تكبلها وتحد من حريتها رغم التشدق دوماً بالحديث عن حقوق المرأة، ولكنه يبدو أنه حديث أجوف، كلمات رنانة ولكن بلا معاني حقيقية، وبلا تنفيذ على الأرض، فحقوق المرأة لا تقتصر على بعض الحقوق المادية والمعنوية عند الدولة، فأول السالبين لحقوقها هو المجتمع نفسه، بل أقرب الناس إليها؛ هذه يسلب حقوقها زوجها وهذه ابنها وتلك والدها والرابعة شقيقها والخامسة جيرانها، والأغرب أن المرأة قد تسلب بمواقفها حقوق امرأة أخرى مثلها، وقد تسلب بنفسها حقوق ذاتها، بعد أن تتمكن من عقلها الموروثات البالية.

من البديهيات أن المرأة هى الأجدر على التعبير عن قضايا المرأة، وهي الأكثر إحساساً بوجعها من الحصار المجتمعي الذي تتعرض له، ولذا جاءت فكرة ليه لأ؟!، من السيناريست مريم نعوم، وكانت أجزاءه الثلاثة التي عرضت على مدار 4 أعوام نتاج ورشة (سرد) التي تشرف عليها نعوم، وهو ليس أول ولن يكون آخر الأعمال التي تقدمها مريم عن المرأة، قدمت العديد من الأعمال التي تكشف قهر المجتمع للمرأة، ومنها (سجن النسا، تحت السيطرة، خلي بالك من زيزي) وغيرها العديد من الأعمال التي تصدرت أفيشاتها نجمات وتمحورت حول شخصيات نسائية وأثارت جدلاً وفضحت عورات مستترة في قمة وقاع المجتمع، كما تولت المرأة إخراج أجزاء ليه لأ؟!، وتولت المرأة أيضاً مسؤولية التصوير، لتخرج للمشاهد رؤية نسائية شبه متكاملة عن بعض قضايا المرأة.

الابن المدلل أضعف ليه لأ؟! 3

ليه لأ؟! 3 الأضعف!

أخرجت الجزءين الأول والثاني من ليه لأ؟! مها أبوعوف، وأخرجت الثالث نادين خان، والذي جاء الأضعف فنياً والأقل منطقية في أحداثه وأقل إبداعاً في تمثيله رغم أن بطلته من الممثلات المشهود لهن في العديد من الأعمال السابقة ومنها مسلسلين لنعوم (سجن النسا، تحت السيطرة)، وهى الفنانة (نيللي كريم) التي بدأت فقدان بعض توهجها في المسلسل الرمضاني (عملة نادرة)، وواصلت السعي في طريق الفقد في ليه لأ؟!، وفيه تجسد شخصية (شيري) المدرسة المطلقة والتي تتفرغ لتربية ابنتها وابنها، وتزيد من تدليل الابن وتجاهل البنت، وعندما يلتحق ابنها بالجامعة تلتقي بطبيب بيطري وتحبه، ولأنها شديدة الجبن والخوف من أن يكتشف ابنها المدلل الأمر، تسجل رقم الطبيب على تليفونها باسم امرأة، وعندما يعلم الابن بحبها ورغبتها في الارتباط يقلب حياتها جحيماً ويهرب إلى والده الذي لم يعره هو وأخته الاهتمام اللازم بعد الطلاق.

إقرأ أيضا : “نيللي كريم” تودع النكد بـ “100 وش”

وتعيش حالة من التخبط في القرار والمشاعر في ليه لأ؟!، محاولة كسب رضا ابنها والتضحية بحبيبها وتفشل، وتحاول الضغط على ابنها وحرمانه من المصروف وتفشل، وتقبل بخطوبة حبيبها لها لوضع ابنها أمام الأمر الواقع ولكنها تتراجع وتفسخ الخطوبة، سيدة ممزقة بلا شخصية، شوهت ابنها بتدليلها الزائد له وشوهت ابنتها بالتجاهل الكامل لها، وخسرت حبيبها خوفاً من ابنها وأختها والمجتمع الذي تعيش فيه رغم أنه مجتمع ظاهره متحضر وباطنه متخلّف.

الغريب أن شخصية الابن في مسلسل ليه لأ؟!، هى التي تتغير، وهو الذي يندم على وقوفه في وجه سعادة أمه بعد أن يتخلى عنه الأب ويكاد رفيق السوء أن يسحبه إلى عالم المخدرات، إفاقة غير منطقية، تدفعه للاتفاق مع شقيقته للذهاب إلى حبيب الأم ودعوته للارتباط بها، لتتحول ملامح المسلسل في حلقته الأخيرة وترتبط الأم بحبيبها، كما ترتبط والدة العريس العجوز بعجوز مثلها ويكتشف الابن المدلل حب زميلته له، البعض يتزوج والكل يحب، والأب الذي كان غير معني بشؤون ابنه وابنته أصبح حنوناً وأرسل للابن لابتوب جديد ولابنته سماعات (إيربود)، وكانت في أمس الحاجة إليها ولكنها لم تطلبها، فكيف للأب الغائب منذ سنوات أن يحس فجأة بابنته ويهديها ما تحلم به؟!، المجتمع كله تغير وأصبح مقدِّراً لحق المطلقة في الزواج، والابن العاق أصبح باراً والابنة التائهة عرفت طريقها، وما بين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال مناقض تماماً لأن المؤلفة والمخرجة أرادتا ذلك ولابد لإرادتهما أن تنفذ.

إهمال مشاكل البنت افتقد للمعقول في ليه لأ؟! 3

ليه لأ؟! 3 يفتقد للمعقول

الجزء الثالث من ليه لأ؟!، هو الأضعف تمثيلاً وإخراجاً وهو الأكثر افتقاداً للمعقول، ولذا فقد تم تجاهله إعلامياً ولم يثر من الجدل ما أثاره الجزءين الأول والثاني، الأول الذي لعبت بطولته (أمينة خليل) وناقش حرية المرأة وحقها في اتخاذ القرار في حياتها، ويتساوى في ذلك قرار اختيار شريك الحياة واختيار نمط العيش ومقر الاقامة واختيار المهنة والصحبة وكل شيء.. الجزء الثاني ليس أقل أهمية من الأول ولعبت بطولته (منة شلبي)، وناقش حق الفتاة التي يتأخر زواجها أو تعزف عن الزواج في تبني طفل من أحد دور الأيتام لتكون له أماً بديلة ويكون لها ابناً، وهى القضية التي انتبهت لها وزارة التضامن الاجتماعي واستجابت لما طرحه المسلسل لتزداد حالات تبني آنسات وسيدات لأطفال أيتام أو مجهولي النسب.

[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.