رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد شمروخ يكتب : بدون الرقص لا معنى للأفراح !

بقلم : محمد شمروخ

عش مع الرقص في قمقم  مكيف الهواء واقض حياتك فيما وراء الديكتافون والعين والسحرية ولتجعل اتصالاتك واتساب وطلباتك ديلفرى.. ذل حتى تحاسب على ابنتك، وتحاسب على زوجتك، وتحاسب على أختك، وألا تستجيب لأى دعوة من أى شخص ما دمت ستصحب معك ابنتك لـ الرقص ولو كانت الدعوة من أقرب المقربين، لا خطوبة ولا زفاف ولا أسبوع ولا طهور  ولا حتى عيدميلاد .

إقرأ ك أيضا : خصوصيات الفنانات ومعارك السوشيال ميديا

فقبل عهد الهواتف الذكية المتحالفة مع عصر الإنترنت، لم يكن ما فعلته ياسمين تلك الفتاة ذات الرداء الأزرق يعد فعلاً مشينا ولا حتى مخالفة صريحة، مهما كان من طريقة الرقص عندها، والتى لم تكن إلا تعبيراً عن مشاركتها في فرح صديقتها، حتى لو رأى كثير من الناس أنها بالغت في حركاتها الراقصة على صوت طبلة كانت تحت يد طبال محترف.

وليس بالغريب ولا بالعجيب ولا بالاستثنائي الرقص للبنات في الأفراح، يمكن أن تعترض ويمكن لى أيضا أن أوافقك علي اعتراضك حتى ولو وصل بك إلى حدود الرفض والاستهجان.

لكن قل لى بالله عليك يا من أخذتك الغيرة على الأخلاق او التقاليد أو الدين: هل تستحق ياسمين ذات الرداء الأزرق أن تلقى كل هذا العقاب بأن تصير حديث الناس وتتداول الموبايلات الرقص بكل هذه التعليقات؟!

هل رقصت في كباريه؟!

هل رقصت في بار؟!

هل رقصت في اى مكان موبوء أو مشبوه؟!

ياخى ده حتى الرقص كان في ساحة أو أمام قاعة أفراح وفي حضور العروسين.

 (بس لو جينا للجد.. الطبال المحترف هو سبب كل المصايب).

ياسمين كانت صديقتها ولم تتاجر بالرقص

ياسمين لم تتاجر بـ الرقص

لكن ياسمين لم تتاجر بـ الرقص التى قدمته تحية للعروس وكانت تشاركها فتاة أخرى لكن ياسمين فازت ببؤرة المشهد وحدها، لكن تلك الفتاة التى تنتمى لأسرة عادية مثل أسرتى وأسرتك، هل تتحمل كل هذا العقاب حتى لو لم تكن العروسة صديقة عمرها؟!، فكم من بنات مارسن الرقص في أفراح ولا تكاد تربطهن صلات مباشرة لا بالعروسة ولا العريس، فما الأمر لو كانت العروسة صديقة عمرها؟!

بص: تختلف تتفق تعمل بن لادن.. تعمل جون ترافولتا.. الفرح في كل مكان وزمان يعنى طبل وزمر ورقص وزغاريد وأغانى وميكرفونات وخوتة كبيرة.

وكل ما سبق وخصوصاً الرقص لا معنى له إلا بوجود البنات.. ولو جيت للجد.. ياسمين كبنت مصرية، لم تكسر التقاليد لأن الفرح التقليدي في مصر أو أي مكان في العالم، هو أن ترقص البنات ويتم المقارنة بين رقص البنات حتى كأنه سباق بينهم من سن 6 الى 66.

يا عالم يا هوووووو: ده اسمه فرح يا بشر.. أنت إن كان من حقك أن تمنع بنتك أو مراتك أو أختك من الرقص في فرح ولو كانت العروسة بنت خالتك، من حقك تعترض على رقص البنات تحت أى بند، لكن ليس من حقك أن تهين ياسمين ولا أن تنفرد بحمل أختام الفضيلة على ناصية الطريق.

حقك تعتقد أن ما فعلته مرفوض دينياً ، لكن المرفوض أكثر وأكثر والذي يجاوز حرمة فعل ياسمين، هو أن تلوك سيرتها بلسانك، فما فعلته الفتاة كان على رؤوس الأشهاد ويتقبله العرف في كل الأفراح، في القرية والمدينة والحى الشعبي وقاعات النجوم الخمسة.

لكن ماذا تفعل وبيد كل بنى آدم كاميرا يصور بها بدون رقيب ولا حسيب في أى مكان ثم يبث ما يصوره على صفحات التواصل الاجتماعي بدون أى ضمانات وبخطوات أبسط من جدول الضرب الصغير.

وأى مشهد عادى يمكن حسب طريقة العرض والتقديم مع زاوية التصوير يمكن أن يصير حديث الملايين!

أصبحت الأمور لا تطاق تحت سطوة السوشيال

سطوة السوشيال ميديا

فقد أصبحت الأمور لا تطاق تحت سطوة السوشيال ميديا التى تحرص على دفع قيمة اشتراكها لك ولأولادك وكذلك تقطع من قوتك وقوتهم، كى تشترى لهم الهواتف الغالبة ليضمنوا صورا أكثر نقاء وفيديوهات أشد وضوحاً.

فلابد في النهاية أن تستسلم لعرف السوشيال ميديا كما  سبق أن استسلم الواقعى الضعيف أمام الافتراضي القوى، فلو خفت من كاميرات الموبايلات وتحميلات الفيديوهات، فليس أمامك إلا حل القمقم المكيف الهواء.

فعلى بسطة السلم كاميرات، وكذلك في الطرقة بينك وبين الشقة المجاورة كاميرات، وفي مدخل العمارة كاميرات، وفي الشوارع كاميرات، وفي النوادى كاميرات، وفي المدارس كاميرات، وعلى المقاهى كاميرات.. يا راجل ده حتى الأسانسيرات بقى فيها كاميرات

وحياتك لبكرة يدخلوا الكاميرات غصب عنك في الحمامات العمومية.. ويمكن بعده في الخصوصية.. فلا خصوصية بعد اليوم، فإن ما يحدث هو قمة العبث، فلا احترام لشخصية ولا حرمة لخصوصية، فقد انتهكت الحرمات وتلاشت الحدود وسقطت الجدران، بسبب تحكم عالم الكاميرات التى لم تعد خفية ونراها وهى تحسب علينا حركاتنا وسكناتنا وأنفاسنا، وصارت منابع لأنهار من الصور والفيديوهات تصب في بحور السوشيال ميديا التي أفلحت في إزاحة أوهام عالمنا الحقيقى فصار الأوهام حقائق وصارت الحقائق أوهاما.

إن شئنا أن نعيش أحرارا كراما نحترم حياتنا الخاصة، فلنحطم كل كاميرات الشوارع والبيوت والمقاهي والقاعات، ثم نستدير لنحرق الموبايلات واللابات والتابات حتى نخرج من هذا الحصار وننعم بحياة هادئة لا تربص فيها ولا ترصد ولا تنمر ولا خرق للخصوصية!.

هل يمكن؟!

هل نستطيع؟!

الإجابة: هههههههههههه

يااااااااه.. ده احنا كنا في نعمة كبيرة!

لكن حقا ماذا كسبنا من كل هذا التقدم الإلكتروني وتطور الاتصالات؟!

فضائح.. انتهاك خصوصية.. عبث بالأسرار.. هتك أعراض.. ابتزازات على قفا من يشيل.. خراب بيوت.. جرائم شرف.

كل منا يحمل في يده سبب دمار حياته أو حياة آخرين بتاتش على الشاشة

تاتش على الشاشة

يا أيها السادة كلنا نعلم ونعي جيدا أن كل منا يحمل في يده سبب دمار حياته أو حياة آخرين قد يعرفهم وقد لا يعرفهن، لا يفصل بينه وبين أي متطفل بالصدفة أو بالهاكر، سوى تاتش على الشاشة، ثم يصبح كل شيء مستباحا وتصبح أنت أسيراً للمبتزين أو حديثاً لمجالس الثرثرة، بعد ذلك ليس أمامك إلا أن ترضخ أو أن تفضح!

ممكن جدا أن يكون الذي قام ببث صور وفيديوهات سببت أزمات كبرى مثل أزمة الرقص مع ياسمين وغيرها من أزمات خاصة أو عامة، لم يكن يقصد بها ما ينتج عنها من كوارث، لكن هناك متربصين لا يفوتون فرصة تحت أى دافع ولو للتسلية ولا يهمهم ما ينتج عنها ولو تفكيك أسر وتدمير مجتكعات وتخريب دول.

وبالأمس كان الترند فلانا وفلانة واليوم كذا ومذا، وحتماً سيأتى غداً من يلهى الناس عما حدث، لكن بحدث آخر وفضائح أخرى، ولكن رغما عن كل ذلك، فنصيحتى أنه لابد لياسمين ابنة السنبلاوين ضحية ترند الرقص الأخير، أن تتعامل مع ما حدث على أنه عبث أطفال ونتاج نفوس مريضة، فما حدث منها كان في حضور جمع من الناس اعتادوا مثل ذلك في الأفراح.

غير أنى لا أدرى لماذا يختلف حكم الناس في الواقع عن أحكامهم، فغاية ما يمكن أن تكون أثارته الفتاة هو بعض الضيق من طريقة الرقص بحماس زائد، لكن ما أثارته أمام شاشات الموبايلات كان مختلفاً ولو كان المشاهد في الحالين هو الشخص نفسه، فيبدو أن ضمير الواقع المعاش غير ضمير الواقع الافتراضي!

أسمع سؤالاً مستفزا صادرا من صوت تجاهلته عمداً منذ بداية المقال يقول:

هل ترضى لابنتك مثل ما فعلته ياسمين؟!

لكنى سوف أجيب بسؤال أكثر استفزازا:

في قاعة فرح أم على يوتيوب؟!

أصلها تفرق كتير مع ضائر مصابة بالانفصام!

واسمحوا لى أعيش دور الأستاذ الروائي الكبير إحسان عبد القدوس وأوجه نداء خاصا إلى ياسمين وإلى كل ياسمين وأقول: (يا ابنتى لا تحيرينى معك.. اذهبى كما تشائين ولبي كل دعوة فرح من صديقاتك وشاركي الفتيات الرقص وتجاهلى كل هذا الهراء الافتراضي ولا تحملى نفسك فوق طاقتها، فلابد للبنات أن يفرحن ويشاركن في أفراح الأقارب والأصدقاء والمعارف والجيران.

لا أكتفى بعبد القدوس، فأزيد فيها وأتجرأ على مقولة الزعيم مصطفى كامل الشهيرة بتعديلها إلى (لا معنى للأفراح من غير رقص ولا معنى للرقص من غير بنات).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.