رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

خصوصيات الفنانات ومعارك السوشيال ميديا

بقلم : محمود حسونة

كانت حياة الفنانين الخاصة بالأمس خط أحمر، ممنوع على الجميع الاقتراب منها أو الخوض فيها بما في ذلك الأقربين والمقربين، وكان الفنان بمثابة الحارس الذي لا يسمح لأحد بعبور بوابة الخصوصيات، وإلا استخدم ضده كل وسائل تحقيق الأمان المشروعة وأحياناً غير المشروعة؛ أما اليوم، فقد تبدل الوضع، وفتح الحارس البوابة على مصراعيها، مرحباً بمن يريد، مقدماً لمن يهوى النميمة و”اللوكلوك” خصوصياته على طبق من فضة، فاتحاً المجال لمن يعانون فراغاً لشغل أوقات فراغهم به وبحياته وببيته وبتفاصيله.

بعض المنتمين لعالم الفن، يدركون عجزهم عن تقديم فن جيد، وفي ذات الوقت يعشقون الأضواء ويريدون أن يظلوا في بؤرة نميمة الجمهور، نراهم بشكل شبه يومي يشغلون الناس بصور شخصية لهم على مواقع التواصل الاجتماعي، أما بالنسبة للنساء منهم فحدث ولا حرج بعد أن تحولت صفحات بعضهن إلى صفحات للموضة، فساتين وسيارات وبيوت وطائرات خاصة ورحلات مشرقية ومغربية وحلي وساعات وأكلات ومطاعم، ولم يعد في الجعبة ما يتم إخفاءه، وأصبح التنافس بينهن ليس على عمل نال احترام الجمهور أو أغنية كسرت الدنيا أو جائزة حصلت إحداهن عليها، بل عدد اللايكات والتعليقات، بصرف النظر عن تفوق المنتقدين والشاتمين على المشيدين والمجاملين، أو العكس.

وطبعاً، كلما توافرت لإحداهن القدرات المادية الأكبر، كلما كانت أكثر تفوقاً على غيرها، فالقدرات المادية لمن كانت فنانة بالأمس وأصبحت اليوم مجرد زوجة لرجل الأعمال الملياردير، تتيح لها إبهار الناس بالفساتين والمجوهرات والطائرة الخاصة والدوران أسرع من الأرض حول الشمس، ولأن عديد منهن متزوجات من رجال أعمال، فهناك فرق بين رجل أعمال وآخر، يمكنك أن تدركه بسهولة وبساطة إذا تابعت صفحاتهن على تويتر أو انستجرام أو فيسبوك.

الغريب أن طليقة نفس رجل الأعمال المغنية اللبنانية اشتعلت بداخلها نار الغيرة رغم مرور سنوات على الانفصال، واستحدثت معركة على تويتر مع زوجته الحسناء الحالية، والتي أخذت إجازة مفتوحة من التمثيل لتتفرغ للدوران حول العالم وخلفها كاميرا متفرغة لتصويرها بأحدث خطوط الموضة وفي أفخم المطاعم واليخوت وعلى متن الطائرة الخاصة التي تنقلها إلى المكان الذي تشير إليه على خريطة العالم، وللأسف أن الزوجة الحالية والسابقة لا تدركان أنهما الخاسرتين الوحيدتين في هذه المعركة المستفزة لخلق الله.

من جهة أخرى نجمة الغناء التي اشتهرت بلسانها (الفلتان) ما سبب لها العديد من المشاكل مع الجمهور الغيور على الوطن ومع النقابة، كانت حياتها الزوجية مستباحة خلال الأشهر الماضية من كل من هب ودب، الكل يفتي وينصح ويحرض على أن تترك زوجها الملحن والمغني، بعد تسريب صوتي لوالده يخوض خلاله في أصلها وفصلها وفلوسها ويشكك في علاقتها بابنه وفي مشاعره تجاهها ويعلن عن نواياه الزواج من أخرى، كلام لا ينبغي أن يقال من رجل عن زوجة ابنه، وهو في ذاته كفيل بهدم مؤسسة الزواج، وان كانت منيعة على الهدم فلا بد أن يخلخل قواعدها ويزرع الشك والتوجس بين الزوجين، وكانت النتيجة هجوم شرس من جمهور النجمة على زوجها وهجوم مضاد من جمهور الزوج على النجمة، وأمام هذه العاصفة خرجت النجمة لتكذيب ما جاء في التسريب والتأكيد أنها تعيش في نعيم مع زوجها، وخرج الزوج ليؤكد عشقه لها ويتوعد المسربة التي تقتات على أعراض وخصوصيات الفنانين، وخرج والد الملحن ليعتذر عن (تخريفه بحكم السن)، ثم رد الملحن بإعلان تسامحه مع والده.. مسلسل من حلقات وحكايات ليس مجالها السوشيال ميديا وجمهور يحب أن يدخل نفسه طرفاً ويلقي بالبنزين على النار وأمور تشوه المنظومة كاملة.

 أزمة أخرى، اصطنعتها فنانة اعتزلت ثم عادت ثم اعتزلت، ورغم أنها ابنة بيت فني وتربت على قيم الفن والجمال، ووالدها فنان تشكيلي مشهور صاحب مواقف ومبادئ، وهو من ألد أعداء الإسلام السياسي وكان من المثقفين الأكثر فعالية في اعتصام المثقفين خلال العام الأسود الذي حكم الإخوان فيها مصر، وشقيقتها نجمة تمثيل، إلا أنها خرجت على الناس ببيان عبر مواقع التواصل الاجتماعي ضد الفنان تامر حسني الذي شاركته بطولة فيلمه الأخير، متحدثة عن فتنة الشهرة التي تصيب الفنانين.

هذا الكلام ليس مجاله الانستجرام أو غيره من مواقع التواصل، وكانت نتيجته سلسلة من التصريحات التي فتحت ملف الفن والأصولية على مصراعية، ورغم العلم بأنه ملف لن يغلق إلا أنه هذه المرة تحدث الزوج وتحدث فنانون وتدخلت نقابة الممثلين وقررت شطب الممثلة غيرة على الفن، ووصفها والدها بأنها مخطوفة، وبدلاً من أن تغلق الباب ردت على والدها.

من حق هذه الفنانة وأي فنانة أن تعتزل، ولكن عليها أن تدرك أن أي عمل شاركت فيه بمحض إرادتها ووقعت على تعاقد به نصوص وبنود بشأنه وتقاضت عنه أجراً، لا ينبغي الهجوم عليه فيما بعد، وليت كل معتزلة اليوم وغداً تضع سيرة العظيمة الراحلة شادية أمام عينيها، فقد اعتزلت والتزمت ولم تندم على قرار الاعتزال وكان حجابها صادقاً خالصاً لوجه الله تعالى، ولم تهاجم أحد، ولم تتبرأ من أعمالها أو تحاول التحقير من الفن بل أعلنت في أكثر من مناسبة احترامها له.

خصوصيات الناس، وأولهم المشاهير، ليس مكانها مواقع التواصل الاجتماعي، ومن لا يريد أن يكون مادة للنميمة والقيل والقال، عليه أن يدرك أنه وحده من يتحكم في ذلك، وأن الناس ليسوا سوى رد فعل. الخصوصيات في  العلاقات والمأكل والملبس والمقتنيات لا مكان لها خارج حدود البيت، ومن يطالب الناس باحترام خصوصياته عليه أن يحترم نفسه أولاً.

mahmoudhassouna2020@ Gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.