رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

حجاج أدول يكتب : شباب امرأة البديع فيه سم قاتل

بقلم الأديب الكبير : حجاج أدول

ومن هنا أعود لـ شباب امرأة الفيلم سيبقى مهما قيل أن صلاح أبو سيف قال أنه قسى على شخصية (شفاعات)، وأنها لم تكن تستحق تلك النهاية المهينة سيبقى شباب امرأة مهما كتبت أنا ضده مبينا ما أراه سلبيا ومهما كتب غيري، لأن كتاباتنا تقريرية وإن كان أظنها فكرية وستصل لمئات، ربما ألوف، لكن الفيلم الممتاز يصل للملايين بدون مبالغة، وعليه ستبقى شباب امرأة لأنه فيلم سينمائي مرموق.

إقرأ أيضا : شباب امرأة .. إغراء سيدة تودع شبابها!

لما أخرج الفنان العظيم صلاح أبو سيف شباب امرأة هذا الفيلم المعادي للمرأة؟، صلاح أبو سيف المخرج المشهود له فنيا وإنسانيا!، يقال أنه الذي رشح المخرج حسن الإمام لإخراج فيلم (زقاق المدق) وبطلة هذا الفيلم (حميدة/ شادية) اندفعت في مهنة الدعارة، لكن الفيلم بين لنا السبب، وبالطبع (أبو سيف) وإن لم يقرأ السيناريو فعلى الأقل قرأ الرواية، ولذلك رشح للإخراج (حسن الإمام)، و(أبو سيف) في أفلامه العديدة الأخرى ولم يسيء للنساء على حد مشاهداتي، بل هو في فيلم (بين السماء والأرض) أظهر الممثلة الجميلة المغرية (هند رستم) في صورة إنسانية سامية، والمرأة التي كانت متجهة لتمارس الجنس مع الرجل، والرجل ليس زوجها بالطبع، أفاقت لنفسها ولم يفق الرجل وهى ندمت وهو لا،

واجه شباب امرأة اتهامات كثيرة بالإساء للمرأة

إساءة شباب امرأة

وفي فيلمه (البداية) أتى بنماذج من البشر بسلبياتهم وإيجابياتهم، ومنهم المرأة، فلم يدينها في أساسياتها بل مثلها مثل الرجل، فلماذا اندفع (أبو سيف) في الإساءة للمرأة في شباب امرأة؟، نجد فنانا موهوبا أثر في تاريخ الموسيقى والغناء المصريين، قد وقع في هذه الازدواجية، إنه الفنان الكبير، فنان الشعب (سيد درويش)، سيد درويش لحن الأغنية الظلامية (يهون الله) فسيد درويش هو من لحن أغنية (الانتخابات) لنقرأ كلماتها المضيئة:

دا وقتك دا يوم يا بنت اليوم

قومي واصحي من نومك بزياداك نوم

وطالبي بحقوقك واخلصي من النوم

ليه منكونش زي الغربية؟

وان نجاهد في حياتنا بحرية؟

شطارة شاطرين.. أمارة قادرين

مين في خفتنا ودردحتنا مين؟

معانا شهادات ودبلومات

ونعرف بولوتيكا بسبع لغات

ليه ما نكونش يا بيه

زي الرجال ليه؟

قولولنا هو زايد عننا إيه؟

اشمعنى في أوروبا الستات

ليهم صوت في الانتخابات

واحنا كمان لازم نفوقهم

إلخ.

واقرأ أيضا : حجاج أدول يكتب: اغتيال شفاعات في فيلم (شباب امرأة).. (1)

والذي لحن أغنية (أوعى يمينك أو شمالك)، وقال فيها (خبي إيدك غطي رجلك) هو نفسه من لحن (ليه منكونش ليه زي الرجاله ليه)، والفنان (صلاح أبو سيف) الذي أخرج فيلم شباب امرأة هو من أخرج (القاهرة 30، والزوجة الثانية، وريا وسكينة) إلخ، ببساطة إن نظرنا للسجل الفني لكلا منهما نجدهم تنويريون يعطون المرأة حقها، وما فعلاه في أغنية (خبي إيدك غطي رجلك) وشباب امرأة هما استثناء مظلم من سيرة منيرة، هل من هذه الازدواجية نتبين كم هو ثقل الثقافة الذكورية التي تستعمر عقولنا ووجداننا؟، ثقافة ذكورية من شراستها يمكنها أحيانا أن تدير المبدعين الأذكياء التنويريين ليخطوا في خطوة من خطواتهم؟ أظن ذلك.

أبدعت تحية كاريوكا في شباب امرأة

تحية كاريوكا وشباب امرأة

وتحية كاريوكا وهى إنسانة قوية واعية قيل عنها (امرأة جدعة) ووقفت في جانب حق الناس وقفات مشهودة، وأضربت عن الطعام مع الفنانين لإفشال قانون ديكتاتوري يحد من الحريات الفنية، وقبلها تم سجنها لموقفها السياسي فكانت قوة حماية للسجينات مع احترام الرجال!، كيف قبلت (تحية) أن تشارك في فيلم شباب امرأة؟، هل وافقت عقليا ونفسيا لأن المخرج هو المبدع صلاح أبو سيف؟، أي كان الدور فرصة لتشبع عشقها للتمثيل، أو لتقول أنا في الصف الأول مع كبار الممثلات؟، ربما، لكن هناك احتمالات أخرى، أكان على تحية ضغط مادي فرضخت للاحتياج المادي ووافقت؟، لا أظن، هل كان داخلهما هى وأبو سيف اقتناع مخفي للتراث الذكوري الظالم القاسي فظهر فيهما وهما في كهولتهما؟، لا أظن.

إقرأ أيضا : حجاج أدول يكتب : شفاعات صلاح أبو سيف بين ناقدين (5)

فماذا أظن؟ لا أظن أنني أعلم يقينا، لكن أقول أن (تحية) كانت تحت ضغطين، ضغط عقلي يقول لها أن فيلم شباب امرأة ضد كل مبادئك وضد كل حياتك الحافلة بالحرية والبوح الأنثوي رغم الرفض الذكوري البشع، وضغط حدسي يقول لها أن دورها هذا وإن كان ظاهرا هو ضد المرأة وتحقير لها، لكنه في الأساس تبيان لمدى ظلم الرجل في عهده الذكوري الممتد، لذلك انساقت للحدس فكان الحدس أعقل من العقل، فها نحن ندين الذكورية الغبية الباطشة ونميل فنكون في جانب المرأة التي يجب أن تعيش حرة منطلقة مثلها مثل الرجل، عليها ما عليه ولها ما له.

سؤال: لكن طوال هذه السنين فإن المشاهدين رجالا ونساء لم يصلوا لهذا البعد البعيد، نعم.. حتى الآن لم نصل للأغوار، لكن ألم نفكر الآن ونستفهم؟ إذن غدا سندين شباب امرأة وتكون (تحية كاريوكا) قد قدمت للحق عملا يحسب لها كمناضلة إنسانية امرأة، كما يحسب لها كممثلة، الغريب إني بقولي هذا يجب أن أمد الخط على استقامته وأقول أن هذه الحجة كما تنطبق على (تحية كاريوكا)، فهى ستنطبق على صلاح أبو سيف، وبهذا فأنا ظالم له بإدانته، ففي وقت ما سنتبين أن الفيلم وإن كان ذكوريا في سطحه، فهو أنثوي في أغواره ولو بعد حين، أهذا ممكن؟: نعم.. لأنني كما قلت أن حدس تحية تقدم وفرض نفسه، فإن الحدس تقدم وفرض نفسه على صلاح أبو سيف.

شباب امرأة .. يرصد ازدواجية حياتنا الممزقة بين الذكورية الغاشمة والتنويرية المقاومة

ازدواجية شباب امرأة

لكني أعلم أن الفيلم مزدوج العطاء، مثل ازدواجية حياتنا الممزقة بين الذكورية الغاشمة والتنويرية المقاومة مثل ازدواجية تظاهرنا التديني الكاذب، وواقعنا الرافض لهذا التظاهر ويخشى كل فرد من قول هذا، ازدواجية رواية روبرت ستيفنسون (الدكتور جيكل والسيد هايد) فكلاهما شخص واحد، لكن أحدهما طيب والآخر شرير، وهكذا تكون ازدواجية فيلم شباب امرأة فنية عالية وفكر ظلامي، أو كما الجملة الشهيرة التي سمعناها في فيلم (حياة أو موت):

احترس الدواء فين سم قاتل.

وعلى هذا المنوال أقول:

احترسوا فيلم شباب امرأة البديع فيه سم قاتل.

وفي نهاية المقال يجب أن أؤكد أن الفنان المبدع (صلاح أبو سيف)، علامة بارزة في السينما المصرية وينبوع جمال ورقي في حياتنا.. رحمه الله.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.