رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

شباب امرأة .. إغراء سيدة تودع شبابها!

بقلم : سامي فريد

تبيع الأم ستيتة (فرودس محمد) بقرتهم الوحيدة لتدبير مصروفات دراسة ابنها إمام في كلية دار العلوم .. الجيزة وكل الأهل يجتمعون لنصيحته وتحذيره من مصر وبنات مصر ومن اللصوص وينصحونه بالالتفات لدراسته فقط ثم يحملون له الزوادة التي سيسافر بها إلى مصر.

ويسأل إمام (شكري سرحان) سائق الحنطور عن سكن في السيدة زينب أو القلعة يمقيم فيه فيحمله إلى بيت شفاعات (تحية كاريوكا) صاحبة الطاحومة والثروة التي توفي زوجها وتركها وحيدة في خمسينياتها.

وينبهر إمام بالشوارع الواسعة والعمارات والميادين هى إذن صدمة الفتى الريفي بالمدينة بكل خيرها وشرها. ويستقبله عم حسبو (عبدالوارث عسر) ليسكن في إحدى غرف بيت شفاعات بإيجار شهري 150 قرشا يرضى بها إمام. لكن شفاعات لا ترضى بالساكن الذي لم تره ولا تعرفه حتى يسقط عامل المطحن تحت حجر الطاحون فلا يستطيعون إخراجه حتى يخرج إليهم إمام بالصديري والسروال الطويل ليرفع الرجل من تحت الحجر فتلفت فتوته وشبابه أنظار شفاعات التي تشكره وتساله هل هو أحد الجيران فيشير إلى غرفته في بيتها لتفاجأ بأنه الساكن الجديد الذي كانت تريد طرده.. ويسالها حسبو سؤالا خبيثا تكتشف هى بصفاقة يحتملها الرجل وتبدأ في الاهتمام بالوافد الجديد الطالب والتلميذ إمام!

ثم تبدأ العلاقة معه. تدبرها شفاعات باحكام من لحظة أن تصحو على صوت انسياب ماء الوضوء ومذاكرته بصوت مرتفع وهكذا في كل يوم عند ذهابه إلى المسجد لصلاة الفجر.. وتراقبه شفاعات في نومه وتنهبر بشبابه فتبدأ معه مشوار غوايته ويشجعها على الاستمرار ما بدأت تحسه من استجابته لها.

ولكن حسبو لا يعجبه ما يراه من تغيرات ظهرت على إمام الذي أصبح يرتري البدلات التي أمر شفاعات بتفصيلها لإمام. وبانصرافه عن الذهاب إلى الكلية ونسيانه صلاة الفجر ويتضح لنا فيما يحكيه حسبو بنفسه لإمام عن ماضيه مع شفاعات حتى هجر زوجته وأولاده وبيته واضطر إلى اختلاس ليدخل السجن وتكون هذه هى نهايته.

يقاوم حسبو جهد استطاعته ليبعد إمام عن شفاعات لكن شفاعات تهدده فيطيعها بعد أن فقد كل شيء وأصبح خادماً لها.

وتتعدد وتتسع مساحات الغواية أمام الفتى الريفي.. من شكواها من وحدتها ثم الذهاب إلى المطاعم معه.. ثم السينما.. ثم شرب الويسكي والسجائر والرقص أمام حتى يستسلم لها تماما. وينقطع إمام عن الذهاب إلى بيت عمه وبلدياتهم الشرنوبي أفندي إسماعيل (سراج منير) وابنته سلوي (شادية) فيسأل عن إمام في الكلية ويفاجأ بأنه قد انقطع عن الدراسة وأنه مهدد الآن بالفصل فيسرع لإنقاذه فيجده وقد انهارت قوته وينصحه حسبو بأن يأخذه معه بعيدا عن شفاعات وبيتها وغوايتها.

وبالفعل يعود إمام إلى منزل الشرنوبي في العباسية ويبدأ في التعافي والعودة إلى المذاكرة حتى يفاجأ بدخول شفاعات إليه في بيت الشرنوبي وتكتشف سلوي (شادية) العلاقة المربية بين إمام وشفاعات التي تدس قطعا من مصاغها في حقيبة إمام عندما يواجهها برغبته في تركها والنجاة من شرها ويفاجأ الشرنوبي وأسرته بأن إمام أصبح متهما بالسرقة فيذهب إمام إلى شفاعات لتخرجه من هذه الورطة وتبدأ المواجهة بينهما فهي تطلب أن يتزوجها أو يدخل السجن وتغريه هى بأنها ستدفع له المرتب الذي يمكن أن يتقاضاه من الحكومة بعد التخرج لكنه يرفض.

وأمام تهديدها يذهب معها إلى المأذون ليعود إلى بيتها في القلعة ليفاجأ بأمه وبعض أفراد أسرته في بيت شفاعات لكنه لا يستطيع أن يذهب معهم على بيت عمه الشروني. وتواجه شفاعات أسرة إمام وتتحداهم فهو الآن زوجها وعلى الجميع أن يحترموا بيتها وإلا دخل ابنهم السجن!

لكن القدر يتدخل عندمال يحسم عم حسبو الأمر بأن يمنع شفاعات من مواصلة تحديها لأسرة إمام فتسقط شفاعات أثناء دوران الطاحونة ليهرسها الحجر وتموت وتنتهي حكاية شفاعات وشرها ويعود إمام إلى بيت عمه الشرنوبي وإلى دراسته وإلى سلوى التي يرى أنها قد أصبحت كل مستقبله.

والتفاصيل كثيرة وكلها مشحونة بالرموز والايماءات الواضحة التي تؤكد اقتراب إمام من النهاية أمام شفاعات التي أجادت لعب دورها الفنانة الكبيرة تحية كاريوكا..

كذلك كان الفنان شكري سرحان الذي لعب دور الفتى الريفي بكل الإبداع والاقتدار.

وكأن أبطال الفيلم جميعهم يعزفون مقطوعة موسيقية شديدة الشجن عن البراءة في مواجهة الغواية.. أو الخير في صراع مع الشر.. حتى الطفل (في ذلك الوقت) سليمان الجندي (فتحي) فقد أدى دوره في الفيلم بكل الشقاوة وخفة الدم.

الفيلم العبقري من إنتاج وحيد فريد ورمسيس نجيب عن قصة أمين يوسف غراب، وحوار السيد بدير وسيناريو المؤلف بالاشتراك مع المخرج الواقعي صلاح أبو سيف الذي قدم فيلمه كمجموعة من اللوحات التشكيلية البارعة للحي الشعبي ومدينة القاهرة بشوارعها ومبانيها وميادينها لنرى في النهاية عملا سينمائيا كاملا يمكن إدراجه في كلاسيكيات السينما المصرية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.