رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

في ذكرى رحيل السنباطي: ننفرد بنشر تفاصيل ملحمة (محمد علي) التى قام بتلحينها وغنائها

الموسيقار رياض السنباطي في بداياته الموسيقية

كتب : أحمد السماحي

(إنه صوت كالرسول النبي، مدعوم بقوة منطقه السماوي، وبجلال الرسالة التى جاء يبلغك بتعاليمها، صوت طقسي، فيه قوة التعاليم ورهبتها، لكأن المسيح يغني، أو النبي داوود، صوت يغني لك وحدك لبيلغك رسالة وجدانية خاصة، بعيدا عن الزحام، بمعزل عن الصخب، إنه يريد أن يؤثر فيك بالمضمون الغنائي وحده، وليس بجمال الصوت الصداح).. هذا جزء من كلمات أديبنا الكبير الراحل (خيري شلبي) عن واحد من عمالقة الموسيقى وهو الموسيقار (رياض السنباطي) نهر الموسيقى الخالد، الذي قدم لنا كل ما هو جميل وراقي، والذي نحيي اليوم ذكرى رحيله الـ 41 حيث رحل عن حياتنا يوم 10 سبتمبر عام 1981.

وبهذه المناسبة نتوقف عند عمل عبقري قدمه هذا المبدع مع زميله شاعرنا الكبير (محمود بيرم التونسي)، بعنوان (ملحمة محمد علي الكبير) هذا العمل تم تلحينه وكتابة كلماته على مدار عام كامل، لكنه للأسف لم يذاع إلا مرات قليلة نظرا لطول مدته، ومع قيام ثورة يوليو 1952 تم إعدامه، وقد اكتشفت هذا العمل أثناء إشتغالي على كتاب (مصر .. تغني الملك فاروق) المقرر طرحه قريبا، وبمجرد عثوري على دار نشر محترمة.

مؤلف ملحمة (محمد على الكبير) الشاعر بيرم التونسي

من حسن الحظ أن ملحمة (محمد علي الكبير) توجد نسخة منها في الإذاعة التونسية، لكنها توقفت منذ سنوات عن إذاعتها نظرا لطول إذاعة العمل حيث يستغرق حوالي ساعتين.

هذا العمل يتحدث عن تاريخ مصر الحديث منذ قدوم (محمد علي باشا) إليها، مرورا بكل الحوادث الكبرى التى مرت بها مصر، وجاءت فكرة هذه الملحمة من وزارة الشئون الاجتماعية التى عهدت إلى الشاعر الكبير (محمود بيرم التونسي) بكتابة ملحمة زجلية عن تاريخ ( محمد علي الكبير)، بقصد إذاعتها بين أفراد الشعب بمختلف الوسائل حتى يستطيعوا الإلمام بطريقة جميلة مبسطة بصفحات من تاريخ بلادهم المجيد.

 وقد تم الاتفاق عام 1945 على أن يعهد إلى شعراء ومطربي الربابة بإنشادها للشعب المصري، كما وقع الاختيار على الموسيقار الكبير (رياض السنباطي) بتلحينها وغنائها وتسجيلها على شريط خاص لوزارة الشئون الإجتماعية، وبالفعل لحنها (السنباطي) وأذيع أول جزء منه وهو (محمد لما شرفها) في بداية شهر يناير عام 1945، واستكمل (السنباطي) على مدار عام كامل تلحينها، كما أنشدها على الربابة الفنان (السيد فرج السيد)، وأذيعت هذه الملحمة الضخمة التى تحكي تاريخ مصر الحديث كاملا يوم الجمعة 10 حمادى الأولى، الموافق 12 إبريل 1946 .

محمد علي باشا

والآن نترككم مع كلمات جزء من ملحمة (محمد علي الكبير) التى قام بتلحينها وغنائها الموسيقار (رياض السنباطي) من كلمات الشاعر العبقري محمود بيرم التونسي :

محمد لما شرفها بعينه المبصرة شافها

كنوز بس اللي يعرفها ويعرف ينتفع بيها

بساطها سندسي أخضر، ونيلها بندقي أحمر

وطينها عنبري أسمر، وليه الذل كاسيها

مزارع جواها دافي، وطولها وعرضها وافي

وليه يمشي ابنها حافي، يمد الأيدي ويطويها

محمد لما شرفها بعينه المبصرة شافها

وليه القاضي والوالي يجبهم بابنا العالي

وليه مايكونش طوالي حاكمها من أهاليها

ومين يا مصر يحميكي إذا كانت أهاليكي

بذاتها مفرطة فيكي لأقصيها ودانيها

تبدى النقيب مكرم وقال يا فتى أعلم بأن المصري

هيحطم قيوده اللي تربط فيها

رجالنا فى شدايدهم تبان قوة سواعدهم

ياريتك كنت قايدهم فى نهضتها اللي ترويها

رأينا فى البلاد سيرك وحيد ما يشبهك غيرك

ويسبق صولتك خيرك لعاليها وواطيها

رأيتك فى الصنادقية  بتضرب فى الدلاتيه

وتنهي الانكشرية عن السرقة وأذيها

لنا قواد كتير قدك ولكن مفسدين برضوا

وأنت وسطهم وحدك فروض الله تؤديها

يا أبو إبراهيم ساعدنا وهات إيدك على إيدنا

نخلص مصر يا سيدنا من الردش اللي ماليها

محمد قال له صدقني بموالي اللي خلقني

إذا ساعد ووفقني للرجعها لماضيها.

…………………………………………..

رياض السنباطي في شبابه

وهذه أجزاء أخرى بسيطة مما كتبه الشاعر الكبير (بيرم التونسي) ولحنه بشكل جديد ومختلف وشعبي الموسيقار (رياض السنباطي) فمن يسمع هذه الملحمة وقد سمعت منها جزءا يتأكد أن (السنباطي) غير طريقة تلحينه في هذه الدرة الغنائية.

تحت عنوان (الإسلام في مصر) يقول بيرم ويغني السنباطي:

من بعد حمد الله نصلي على النبي

طه اللي أعلن كلمة التوحيد

طه اللي بشر في المدينة الصحابة

وقال حنفتح مصر بالتأكيد

عزوا كنانة الله وأعطوا لأهلها

عهد الأمان والخير يا أجاويد

دخل لنا إبن العاص فتح مؤيد

بداية الإسلام وبالتشهيد

نبي لذكر الله في مصر العتيقة

جامع إتزينه هيبة العواميد

وبعد عمرو ملوا زانوا عروشهم

كأحمد بن طولون والأخشيد….

…………………………………………..

وتحت عنوان (المماليك) :

شفتي يا مصر ملوك من كل أمه

دخلوا عليكي من قريب وبعيد

ما شفتي كالمماليك يا مصر دولة

يضني المؤرخ ذكرها ويكيد

كانوا شراية مال لكنس المنازل

…………………………………………..

وتتوالي ملحمة (محمد علي الكبير) وكل فصل مدته عشر دقائق فيغني السنباطي تحت (فوضى الحكم العثماني) ثم (مراد بك الكبير)، بعدها (نابليون)، ثم (معركة الأسكندرية، التعبئة العامة، معركة شبرامنت، معركة إمبابة) وغيرها حتى يصل إلى (الملك فاروق).

جدير بالذكر أن الإذاعة المصرية لم تكتف بغناء مطربي الربابة، ولا السنباطي بهذه الملحمة الكبرى، فكلفت المذيع الكبير (عبدالوهاب يوسف) بتقديمها في برنامج بعنوان (محمد علي الكبير) كان يقدمه على مدى أسابيع لمدة دقائق قليلة يوميا، فيقول بصوته العذب في كل يوم فصل من فصول هذه الملحمة، التى نبكي الآن دما لضياعها وعدم وجودها في الإذاعة المصرية!.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.