رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

سامي فريد يكتب : غيرت حاجة يا محمد؟.. طبعا غيرت جوَّ !

بقلم الأديب الكبير : سامي فريد

كانت سعادة (العندليب الأسمر) وهو اللقب الذي أطلقه عليه الصحفي الكبير والمؤلف السينمائي أيضا (جليل البنداري).. كانت سعادة العندليب الأسمر كبيرة تكاد لا توصف فهو يستعد لدخول فيلم (حكاية حب).

نحن الآن ندخل العام 1957.. أما ما يشغلنا هنا ونحب أن نحكيه فهو أن عبدالحليم ومنذ بداية البدايات كان يهتم جدا بكلمات أغانيه، بل وقد يهتم أيضا بالألحان وقد يتدخل فيها.

اهتمامه بالفيلم كان راجعا إلى أن قصة الفيلم عاطفية مشحونة بالشجن والأمل والحب.. بل وفيها أيضا شيئا من قصة حياته هو المرض.

تعود إلى الفيلم.. فمن أبطاله ونجومه (مريم فخر الدين) جميلة السينما المصرية وهى التي تلعب دور البطولة أمام العندليب، ثم هناك أيضا عمها الطبيب (محمود المليجي) وما أدراك من هو محمود المليجي؟، وأضف إلى هؤلاء الأم (وهي هنا كفيفة لكنها ترى ابنها عبدالحليم (فردوس محمد).. ثم (عبدالسلام النابلسي) لإضافة سمة من المرح الجميل إلى الفيلم، إذن فقد اكتملت أركان نجاح الفيلم.. إضافة طبعا إلى ما فيه من الأغنيات والألحان لأساتذة الكلمة والتلحين.

والذي يهمنا هنا تحديدا هو أغنية (نار) التي قام بتلحينها (محمد الموجي) فكانت نارا عليه هو أكثر، نعم كانت نارات على مؤديها ومطربها عبدالحليم.

الموجي يؤكد لحليم أن كلمات الأغنية مناسبة تماما

وفي الفيلم غني عبدالحليم عددا من أجمل وأرق أغنياته أكثرها شجنا.. غني (بحلم بيك)، وغنى (في يوم.. في شهر.. في سنة)، وكانت لكل أغنية مناسبتها وموضعها من سيناريو الفيلم.

فكانت أغنية (بحلم بيك) التي غناها عبدالحليم على الناصية مع الإذاعية (آمال فهمي)، كانت هى بداية اهتمام نجمة الفيلم وتعلقها بمعانيها.. ثم أغنية (في يوم.. في شهر.. في سنة) المشحونة شجنا وحزنا والبطل يودع حبه ذاهبا ربما إلى الموت بلا عودة، طبعا فقد أطلقت دموع آلاف المشاهدين عندما رفض عم البطلة أن يزوج ابنة أخيه للفنان المطرب عبدالحليم الذي تقدم لخطبتها عندما سمع الطبيب (محمود المليجي) شكاية المطرب عبدالحليم فاهتم بفحصه ليكتشف أن أيامه في الدنيا معدودة ولهذا يرفض تزويجه من ابنة اخيه.. لكنه لا يستطيع أن يصارح البطلة بالخبر لعلمه بمدى حبها له واهتمامها به.

وفي الفيلم كما يحكي السيناريو يتقدم البطل كمطرب ويلمع نجمه فيقرر السفر للعلاج في الخارج ليقطع الشك باليقين.. ويسافر معه عم البطلة الطبيب الكبير (محمود المليجي).. وهناك تحدث المفاجأة ويعود البطل سليما ليستانف حياته في مفاجأة غير متوقعة حتى للجمهور ذاته.

كل ما يمهنا هنا هو أغنية (نار) التي تكون السبب المباشر لخوف البطلة وعمها وكل من يحب المطرب الشاب إذ يتاكدون من قرب انتهاء حياته خصوصا عندما يسقط على المسرح وهو يؤدي الأغنية أمام أعين البطلة التي تذوب فيه حبا.

لحن (الموجي) الأغنية التي وضع كلماتها (مرسي جميل عزيز) وسار اللحن هينا جميلا حزينا وعاطفيا، كانت الكلمات تقول:

نار.. نار..

حبك نار

بعدك نار

قربك نار

واكتر من نار

ثم يأتي المقطع الثاني أصعب عندما تقول الكلمات:

يا مدوبني في احلى عذاب

بابعت لك بعينا جواب

مش لوم يا حبيبي ولا عتاب

مش أكتر من كلمة آه

يا حبيبي باحبك

ويحس (عبدالحليم) من اللحن أنه يزداد تشابكا وصعوبة.. ويتأكد له ذلك من المقطع الأخير الذي يقول:

آه لو تعرف اللي انا فيه

والشوق اللي غلبت أداريه

كان قلبك يسهر لياليه

مع قلبي ويقول له آه يا حبيبي

باحبك.

عبد الحليم يبتسم بعد مقلب الموجي في تغيير الجو

وأمام المائدة التي يجلس إليها عبدالحليم في بيت الموجي وهو يقطف أوراق الملوخية.. ويوجه عبدالحليم كلامه إلى (أم امين) زوجة الموجي يرجوها أن تكلم الأستاذ ليعيد النظر في المقطعين الآخيرين..

ويندهش الموجي ويسأل وهو في دهشة:

ايه يا حليم.. أغنية ماشية تمام ما فيهاش حاجة.

لكن العندليب يصر قائلا:

صعبة يا محمد.. (تقيلة ومتشبكة كلها في بعضها وبعدين المفروض ان أنا ح أقع مع آخر الغنوة.. يعني مش ح أعرف اغني.. وإلا أقع.. أرجوك يا محمد حاول تبص فيها تاني فكلها ريحيها).

ثم يخرج العندليب من جيبه مفتاح شقته في (سيدي بشر) ويناوله للموجي قائلا: اسمع يا سيدي.. أدي مفتاح الشقة.. روح هناك اقضيلك جمعة.. جمعتين .. شهر.. وروق كده وفك يمكن تعد تغير حاجة.

ووجدها الموجي فرصة فأخذ المفتاح وسافر شهرا إلى الاسكندرية لإعادة النظر في الأغنية ثم عاد بعدها إلى القاهرة.. ليلحق به عبدالحليم وكله لهفة ليسأله:

هيه يا محمد.. غيرت حاجة!!

ويرد لموجي بكل حماس:

غيرت ايه؟!

غيرت جو!

ويضحك الموجي.. يضحك حليم وتثبت الأيام أن لحن الموجي لم يكن ممكنا تغيره.. وقد فاز بإعجاب الجماهير كلها!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.