رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

العزيمة .. البداية الحقيقة للفيلم الواقعي

بقلم : سامي فريد

لعلها المرة الأولى التي تتجه فيها السينما المصرية إلى الفيلم الواقعي وتحديدا ما يدور في الطبقة الشعبية في الحارة بأحلام البسطاء ومعاناتهم وأيضا صراعاتهم. لكن المشاهد لا تخلو بالطبع من الأخيار من الناس إلى جوار الأشرار.

في الحارة ينتظر محمد حنفي (حسين صدقي) نتيجة الدبلوم (كلية التجارة) ونراه من الناجحين بتفوق مما يثير غيظ زملائه من الطبقة الارستقراطية الذين يسخرون منه لأنه ابن المزين (حلاق الحارة) وكان منهم صديقه وزميله عدلي (أنور وجدي) وقد رسب في الامتحان لكن ذلك شيء لم يكن يهمه فهو ابن الباشا الذي يريده شابا مكافخا مثل زميله محمد حنفي، ويلجأ عدلي إلى محمد حنفي ليتوسط للصلح بينه وبين والده الذي يرى محمد حنفي نموذجا شريفا للشباب المكافح وتتم المصالحة عند الباشا بعد أن كان إحدي الراقصات قد فضحته أمام الباشا بعد أن خذلها وهجرها.

ينجح محمد حنفي وتفرح له فاطمة (فاطمة رشدي) التي تحبه فتقوم بتوزيع الشربات وتنقل خبر نجاحه إلى كل من يحبونه فتبدأ الأحقاد والمكائد فالمعلم العتر (عبدالعزيز خليل) جزار الحارة يريد فاطمة زوجة له ويسخر من محمد حنفي وشهادته فمكسبه من الجزارة يفوق ما سوف يجنيه محمد حنفي من العمل بالحكومة.

ويقترح محمد حنفي على الباشا أن يشترك هو وعدلي في مكتب تجاري للأوراق المالية يساهم فيه هو وعدلي بالتمويل ويوافق الباشا الذي يسافر للخارج على أمل أن يعود ليرى ابنه رجل أعمال مع زميله المكافح، لكنه يعود فلا يجد شيئا قد تم فيرسل سيارته الي الحارة يطلب محمد حنفي ليعرف منه لماذا لم يتم المشروع وترى الحارة كلها السيارة التي تثير حسد الحاسدين وفرحة المحبين وتوافق أسرة المعلم عاشور الفران (حسن كامل) على زواج فاطمة من محمد حنفي وقد استعدتهم علاقته بالباشا، لكن عدلي يتهرب من المشروع لاهيا مع شلة في رحلات الصيد والسهر وارتياد الكباريهات ونرى أزمة الوظائف ولافتات لا توجد وظائف خالية إلا لأصحاب الوساطات والمحسوبيات، ويتجه بنا الفيلم إلى فكرة العمل الحر للشباب الذي يريد صنع مستقبله بيده.

ويدخل الباشا للتوصية على محمد حنفي في إحدى شركات المقاولات التي يملكها صديق له فيرحب به سكرتير الشركة الذي كان طرده من قبل، ويصبح محمد حنفي موظفا في الشركة ويتم زواجه من فاطمة التي تصبح زوجة موظف الحكومة مما يثير حسد كل جاراتها وفي زحمة العمل ومراوغات الموظفين لتهربهم من العمل تضيع إحدى الوثائق المهمة من محمد حنفي الأمر الذي يؤدي به إلى فصله من العمل، لكن أحد زملائه المتعاطفين معه يسعون فيجدوا له عملا بسيطا في إحدى محلات بيع الأقمشة كعامل تسليم المشتروات ويرتدي زي العمال، لكن المعلم العتر يراه مصادفة فيسرع إلى أم فاطمة (ماري منيب) ليحكي لها ما رآه وينتقل الخبر كالنار في الحارة فتدير بعض نساء الحارة مؤامرة لكشف ما حدث لمن تفخر في الحارة بأنها زوجة (الموظف)، وتطلب فاطمة في مواجهتها مع محمد حنفي الطلاق لأنه خدعها ويدافع عن نفسه بأنه لم يقصد إلا تجنب صدمتها بما صار إليه في مجتمع ليس يه مكان في وظائف الحكومة إلا لأصحاب الوساطات..

وتدور الأيام.. ويرسل رئيس شركة المقاولات إلى محمد حنفي ليستدعيه للعودة إلى العمل مجدداً في الشركة بعد عثورهم على المستند في الأرشيف، ويكون الذي عثر عليه هو صديقه السابق عدلي ابن الباشا فتعود الصداقة إلى ما كانت عليه ويبدأ الزميلان في التجهيز لمشروعهما السابق الذي ينجح نجاحا باهرا يؤكد من خلاله الفيلم أن العمل في الحكومة والميري ليس هو الأمل، لكن الأمل هو في اعتماد الشباب على أنفسهم في خلق مساحات لمواهبهم وكفاحهم بعيدا عن الحكومة وتراب الميري!

في ذات الوقت يكون العتر قد تقدم رسيما للزواج من فاطمة التي طلقها محمد حنفي، لكنها ترفضه رغم لذلك لأسباب كثيرة منها جهله وعشقه لذاته وأنانيته.

في الفيلم لاينسى المخرج أن يقدم لنا الحارة ليلة المولد وفي سحور رمضان والناس الأصلاء الذين يتعاونون من أجل إظهار الحق والعدل ومحاربة الظلم ولا تترك فاطمة الفرحة تفوتها فتذهب إلى محمد طليقها وشريكه عدلي في مكتب الشركة تعتذر وتطالب منه أن يسامحها لكنه ينصرف عنها، لكن عدلي يقنعه بأن يعود إلى الحارة لتعود فاطمة إلى عصمته وفي الحار يكتشف أن ليلة المولد هى لية زواجها على العتر لكنه يكتشف أن (عدة) مطلقته لم تنته فينطلق ومعه عدلي إلى حيث المأذون (سيد بدير) يستعد لكتابة عقد القرآن فيظهر محمد حنفي قسيمة زواجه من فاطمة وفيها أن قد تبقى يوم على نهايتها فيرفض المأذون توقيع العقد وتبدأ المعركة التي يشترك فيها محمد حنفي وعدلي وباقي أصدقاء محمد حنفي المعلم روحي (مختار عثمان) حانوتي الحارة وصاحب كل الحارة (مختار حسين) ينتصر فيها أصدقاء محمد حنفي على المعلم العتر وأنصاره بعد أن كان قد قام بخطف فاطمة، وتعرف الحارة كلها أن العتر قد أشاع في المنطقة كلها أنه هو الذي سيدفع قيمة الحجز على الأسطى حنفي المزين والد محمد ويدعي أنه لجأ إليه باكيا لينقذه وهو يقصد بهذا أن يشوه صورة محمد أمام أهل فاطمة.

وينهي البوليس الموقف بالقبض على المعلم العتر ورجاله ليعود الحق إلى أهله وتعود فاطمة إلى حبيبها الذي انتصر بصموده وعمله الخاص ومجهوده فتكون النهاية السعيدة.

القصة والإخراج كانت للعبقري كمال سليم، أما السيناريو والحوار فكان لبديع خيري، ولا يفوتنا هنا أن نذكر أن فيلم (العزيمة) كان بداية صلاح أبو سيف وكان مساعد المخرج في الفيلم، إلا أنه اتجه إلى الأفلام الواقعية بعد ذلك ولعل أهمها كان فيلم شباب امرأة.

انتاج الفيلم كان من نصيب شركة مصر للتمثيل والسينما مع ستوديو مصر، وقد بدا في الفيلم حماس الجميع للفيلم الواقعي الذي يرسم صورة الحارة الشعبية بكل ما فيها من التفاصيل في تلك الفترة من بدايات أربعينات القرن الماضي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.