صابر وراضي .. بين تهمة الاقتباس وجودة التنفيذ

بقلم : عمر علي

في موسم رأس السنة الماضي تم طرح فيلم (صابر وراضي) من بطولة النجم أحمد آدم، والذي يعد التعاون الثاني على التوالي بينه وبين كاتبي السيناريو محمد نبوي وعلاء حسن بعد أن قدم معهما منذ أربع سنوات فيلم (القرموطي في أرض النار)، كما يعد التعاون الثاني أيضاً بينه وبين النجمة رزان مغربي، بعد أن قدم معها مسلسل (الفوريجي) عام 2010 ويسجل هذا الفيلم التعاون الأول بين أحمد آدم والمخرج أكرم فريد.

تحكي قصة الفيلم حول صابر سائق التاكسي المتهور المندفع الذي يهمل أولاده بعد وفاة زوجته ويتركهم لجدتهم دون أن ينفق عليهم لأنه شخص عديم المسئولية، فجأة تأتي له حماته بوظيفة خادم عند رجل أعمال قعيد يدعى راضي، فيذهب صابر إلى مقابلة العمل وهو غير مقتنع ويطلب منهم ألا يقبلوه بهذه الوظيفة، ولكنه يفاجأ بعكس رغبته، فراضي يقبله في الوظيفة وبمرتب عالي أيضاً، ومن هذه النقطة تنطلق أحداث الفيلم في إطار كوميدي إنساني راقي.

لم ينكر بطل الفيلم أو حتى مؤلفيه أن قصته مستوحاه من الفيلم الفرنسي intoutchables الذي قدم عام 2011 من بطولة (فرانسوا كلوزيه وعمر سي)، وهي نفسي القصة التي أعيدت معالجتها وتقديمها في الفيلم الأمريكي The upside عام 2017، من بطولة (كيفن هارت وبراين كرنستون)، ويدور كلا الفيلمين حول شاب معدم وفقير يتم تعيينه في خدمة رجل قعيد وكلاهما يصبح جزءاً من عالم الآخر.

وما يحسب لمؤلفي الفيلم علاء حسن ومحمد نبوي هو أنهما لم يتقيدا بروح الفيلمين السابقين ونجحوا بمهارة في إيجاد معادل مصري للقصة دون تغيير مضمونها الإنساني. كما تمكن المؤلفين من خلق مواقف وشخصيات لم تكن في كلا الفيلمين السابقين ، كما يحسب لهم كتابة إيفيهات ملائمة لطبيعة المجتمع وملائمة لكون بطل الفيلم واحداً من أهم كوميديانات جيله.

نقطة الضعف الوحيدة في السيناريو هي عدم وجود نقطة ذروة واضحة في الأحداث، ولحظة المواجهة الوحيدة في الفيلم قدمت بشكل سريع وباهت إلى حد ما، فكان يجب أن يتم تعميق بعض الخطوط الثانوية في الحبكة والتي تخص أقارب راضي وبعض العاملين في شركته الذي يستغلون مرضه ويسرقون أمواله في الخفاء والذين يكشفهم صابر لراضي في لحظة الذروة، ولكن تلك الخطوط لم يتم الإهتمام بها بشكل كاف ، ولكن هذا لا يقلل من المضمون الإنساني الراقي التي تريد القصة توصيله.

على مستوى التمثيل فأحمد آدم في هذا الفيلم يقدم واحداً من أفضل أدواره السينمائية على الإطلاق، حيث قدم أداء متوازن يبتعد عن المبالغة التي شابت آخر أفلامه (قرمط بيتمرمط) ، ونجح في تقديم شخصية مختلفة تماماً عن ما قدمه قبلها في كل أعماله وجسدها بكل صراعاتها ورؤيتها الساخرة لكل المواقف التي تمر بها.

مفاجأة الفيلم الكبرى بالنسبة لي كانت النجم الكبير محسن محي الدين الذي يعتبر هذا الدور شهادة ميلاد جديدة له في السينما وعودة موفقة له بعد غياب طويل ، في دور سيحسب له كثيراً، كما يبدو التألق واضحا لسلوى عثمان التي نضجت كثيرا في أدوارها السينمائية إضافة لتألق أكثر وضوحا في الدراما التليفزيونية.