رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

جدارة (محمد رجب) في وداع أمه بـ (ضربة معلم)

كتب : مروان محمد

رغم ضعف القصة التي شابها عيوب كثيرة في ظل حوار أضعف، فقد جاء أداء فريق عمل مسلسل (ضربة معلم) جيدا في بداية العشرين حلقة الأولى، ما جعله يحتل تريند البحث عبر موقع جوجل، بعد عرض أولى حلقاته على شاشة  CBC، ولعلبه يبدو ملحوظا براعة كل من (محمد رجب، إنعام سالوسة، محمد نجاتي، رانيا فريد شوقي، محمد عز، محسن منصور، مها عثمان، مصطفى حشيش، محمد الصاوي)، في تجسيد أدوارهم على نحو يشير إلى خبرة كبيرة تتوفر لديهم جميعا في لعب أدوار اجتماعية تشبه حال كثير من المصريين في الحارات الشعبية.

والحقيقة أن المسلسل الذي كتبه المؤلف أحمد عبد الفتاح، ومن إخراج إسماعيل فاروق، رغم أنه ينتمى إلى لون الدراما الاجتماعية الغارقة في الشعبية، إلا أن المؤلف فشل إلى حد ما في معالجة القصة على نحو يبعث على الإثارة والتشويق، وعلى سبيل المثال فقد أطال كثيرا قبل أن يصل إلى منتصف الحلقات، وكان يمكن أن يختصر العشرين حلقة الأولى في حلقتين أو ثلاثة على الأكثر، بحيث يتم تكثف الأحداث المملة دون تطور درامي يبعث على الشغف والمتابعة بحماس أكبر، فالخطوط الدرامية لم تشهد أي نوع من التطور أو الجدية في المعالجة طوال تلك الحلقات، ورما كان ذلك سببا في تراخي أداء (رجب ونجاتي ورانيا) بعض الشيئ، جراء عدم سخونة الفعل الدرامي بتطور الأحداث في السياق الطبيعي الذي يمكن أن يغزي الحماس بشكل أكبر لدى ممثلين مشهود لهم بالكفاءة، عدا (مي سليم) التي لجأت لأسلوب الافتعال والاندفاع الذي لا يناسب طبيعة الدور.

على أية حال ورغم التشابه الكبير بين أداء (محمد رجب) في هذا المسلسل ومسلسله السابق (الأخ الكبير)، إلا أنه يحسب له اجتهاده في تقمص شخصية (جابر) باحترافية شديدة على مستوى التفاصيل ومن حيث الشكل والمضمون، كما بدا لنا في ألزام نفسه بمسحة حزن جراء فقره الذي يبعث على الشقاء والشجن المحبب لقلوب المصريين، مع لمسات كوميدية خففت كثيرا من حدة التراجيديا عبر خلال حركات وسكنات معبرة للغاية، لتؤكد نضجه كممثل مهم في قلب الدراما التليفزيونية، ومن ثم تجد تميزا واضحا وبريقا آخاذا في لعبه أدوارا مختلفة على الشاشة الصغيرة، فمحمد رجب الذي جسد (أدهم الشرقاوي) قبل مايزيد على 10 سنوات غير (رجب) في (علامة استفهام)، ورغم تشابة شخصيته في ضربة معلم مع شخصية (حربي) في (الأخ الكبير)، فإنك حتما تقف أمام ممثل متمكن من أدواته بشكل غاية في الروعة.

ورغم القصور الشديد من جانب المؤلف وهنات الإخراج – التي يمكن أن تحتمل – إلا أن مشهد (رجب) في وداع (أمه) في غرفة العمليات شكل تحديا كبير له في إبداء تعابير وأحاسيس تعكس تعلقة الشديد بأمه التي جسدتها (إنعام سالوسة) في أداء يتسم بخفة الدم وحرفية الممثلة القديرة في اللعب على أوتار ومشاعر الأم المصرية التي تسكن الحارة الشعبية، ولهذا أرى أن هذا المشهد هو (الماستر سين) لكل حلقات (ضربة معلم)، وذلك بفضل جدارة أداء (رجب وسالوسة) والذي جاء على النحو التالي:

جابر يقف باكيا في اللحظات الأخيرة لمحاولة إنقاذ أمه
أم جابر في غرفة العمليات قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة

يقف (جابر) من خلف الستارة الشفافة باكيا في حالة ذهول وهو يراقب عن كثب محاولات الطاقم الطبي لإنقاذ أمه في اللحظات الأخيرة، ويتعرض بطريقة (الفلاش باك) لتلك المواقف والمفارقات الطريفة التي عاشها مع أمه التي كانت تعاني من مرض (الزهايمر)، ويظهر وجه (أم جابر) صامتا بعلامات سكينة تدل على الطيبة والشفافية في لحظة الوداع، ودون جدوى باءت محاولات الأطباء بالفشل في إنقاذ حياتها حتى جانت لحظة قول لجابر أحدهم (البقية في حياتك).

يكشف جابر وجه أمه قائلا أمه

جابر بعد أن باءت محاولات الأطباء بالفشل يقف أما جسد أمه المسجى على سرير الموت: عشت طول عمري خايف يا امه .. خايف أكون لوحدي.

يتذكر جابر بعض المواقف بينه وبين أمه، ويظهر نائما على رجلها وهى تحكي حلما رأته له قائلة: غمضت عينيا .. شفت الحمام وهو طاير في السما وفرد جناحته وانته متشال على جناحته ووشك بدر منور وإيدك واصلة لطرف السما وحاضن الشمس .. بتبص على الدنيا دي كلها من فوق.

غمضت عينيا .. شفت الحمام وهو طاير في السما
جابر يقبل يد أمه قائلا ربنا يسمعك منك

يقبل جابر يد أمه قائلا: ربنا يسمعك منك .. أنا باحبك قوي يا امه.

أم جابر : وأنا كمان .. هو أنا ليا حد غيرك؟! .. ربنا حايفرجها عليك من وسع، وحيديك خير مش حتعرف تعده.

جابر : أنا باحبك قوي يا امه.

أم جابر : وأنا كمان باحبك قوي ياجابر وباحب ربنا وعارفة كمان انه هو بيحبني.

وأنا كمان باحبك قوي يا جابر وباحب ربنا

جابر : طبعا يا امه بيحبك .. ماكنش قال الجنة تحت أقدام الأمهات.

أم جابر في بكاء وحزن كأنها تشعر بموعد أجلها: طب يلا يا جابر خد بإيدي ووصلني فرشتي .. حد يرفض ندا ربه؟!.

وفي تلك اللحظة يظهر جهاز قياس نبض القلب معلنا صفير النهاية بينما الأطباء يقولون : لا حول ولا قوة إلا بالله .. إن لله وإن إليه راجعون.

الطبيب الذي فصل الأجهزة عن جسد أم جابر على سرير الموت : البقاء لله يا جابر .. شد حيلك.

يقترب جابر من أمه وفي خلفية المشهد موسيقى حزينة تعبر عن الحالة

يقترب جابر من جسد أمه المسجى على السرير، بينما في الخلفية موسيقى حزينة بصوت مطرب يئن ويقول : آآآآآآآآه ، ويرد عليه صوت مطربة أخرى بأنين أكبر : آآآآآآآآآآه.

يكشف جابر وجه أمه قائلا بصوت مجروح : أمه .. يا امه .. أم جابر .. أنا عارف يا امه انك مش حتردي عليا .. بس انتي حاسه بيا وسمعاني.

كنت فرحان يامه لأن كليتي بقت حته منك

يقترب جابر أكثر من وجه أمه قائلا: أقولك على سر يا امه: عارفة ياما وانت بترقصي في الفرح أنا كنت فرحان قوي يا امه .. كنت فرحان قوي .. بس كمان كنت خايف ، كنت فرحان يا امه لأن كليتي بقت حته منك .. بس مش عارف يا امه أنا كنت خايف من إيه .. أول ما وقعتي يا امه .. أول ما وقعتي عرفت ليه .. عرفت ليه أنا كنت خايف .. أتاريني يا امه .. أتاريني يا امه كنت خايف من الوقفة دي .. وفي بكاء حار وصوت مكتوم : لأني مش قدها يا أم جابر .. لأني مش قدها يا امه.

يدخل عليه المعلم شردى ويربت على كتفه قائلا تعالى معايا

ثم يقترب جابر من وجه أمه أكثر ليعيد الحملة بصوت مكتوم من شدة الحزن وباكيا : لأني مش قدها يا امه.

يعتدل جابر بعد أن يقبل وجه أمه ويقف في أسى وحزن مرددا : مش قدها يا امه .. ويردف قائلا : حتسيبني يا أم جابر .. حتسبيني.

يدخل عليه (المعلم شردي) الذي جسده ببراعة الفنان القدير (رياض الخولي) لينهي المشهد قائلا : تعالى معايا .. شيد حيلك يابني كلنا لها ياجابر!!.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.