رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(نمرة اتنين) .. النجوم كبار والعمل ضئيل

بقلم: محمود حسونة

من حق صناع أو أبطال أي عمل فني أن يصفوه بأنه (استثنائي) قبيل عرضه، سواء كان ذلك الوصف حقيقياً مثل بعض ما شاهدناه في أوقات مختلفة، أو على سبيل الدعاية للعمل أو الترويج للذات أو كليهما معاً، مثل مسلسل (نمرة اتنين) حيث سبق عرضه على منصة (شاهد) حملة ترويجية من صناعه بأنه العمل الذي لا سابق يشبهه، وهو حلقات منفصلة لا يجمع بينها سوى أنها تتناول فكرة نمرة اتنين في الحب وفِي العلاقات الرومانسية، وما عدا ذلك فلكل حلقة حكاية وعنوان وأبطال ومؤلف ومخرج.

ثماني حكايات في ثماني حلقات، تدور أحداثها في أربع مدن عربية وهى القاهرة والجونة وبيروت وجدة، ويتصدى لبطولة كل حلقة أسماء لنجوم كبار، أسماء تتوقع معها أنك ستحصل على المتعة والقيمة والجرعة الإبداعية الكفيلة بتغذية عقلك وتفكيرك، ومن هذا المنطلق تقرر مشاهدته لتنال الصدمة ولا تجد ما كنت تتوقعه، ومع انتهاء كل حلقة تقنع نفسك بأن الأمل في الحلقة التالية، لتأتي لك بلا جديد يحفزك ولا رؤية تشغل تفكيرك، ولأن الأمل بداخلنا لا ولن يموت أبداً فقد جاءت الحلقة الثامنة حاملة لنا بعض ما كنّا ننتظره إخراجاً وتمثيلاً وكتابة، رغم أن النص يدور في الإطار العام للحلقات مجتمعة..

الحلقة الثامنة من (نمرة اتنين) حملت عنوان (ما تقولش لحد) وأدتها بسلاسة وتميز وخفة دم منى زكي وأحمد السعدني وأخرجها السينمائي يسري نصر الله ليضع من خلالها بصمته على الإخراج التليفزيوني من أول تجاربه فيه، ولعلها ستكون انطلاقة إلى أعمال تليفزيونية مهمة تحمل اسمه في المستقبل في ظل الفقر السينمائي المدقع الذي تعاني منه السينما المصرية بل والعالمية بعد انتشار كوفيد ١٩ اللعين بسلالاته التي وضعت البشرية في حالة من الخوف والقلق وانعكست سلباً على الفنون عامة والسينما بشكل خاص.

(ما تقولش لحد) كتبتها مريم نعوم واستوحتها من أزمة العصر كورونا والحظر الذي فرضته في مرحلتها الأولى وتدور أحداثها خلال عدة ساعات من خلال شهد التي نفذ بنزين سيارتها في مكان قصي بطريق الجونة وتصادف مرور حسن جارها وحبيبها السابق، يحل أزمتها ويقرر أن يسير خلفها من الجونة للقاهرة، ولكن ظروف الحظر تفرض عليهما التوقف حتى الصباح كما غيرهما في إحدى محطات البنزين، وتكون فرصة لاسترجاع الذكريات في إطار رومانسي مع الندم على تخليه عنها ومعاتبتها له، لنكتشف أن ما منعه من الارتباط بها هو (مجرد الاختلاف في الدين) على حد تعبيرها.

قضية جوهرية واختلاف قضى على الكثير من الحكايات الرومانسية تمت معالجتها بسلاسة في هذه الحلقة ليتم ذكر الاختلاف الديني بشكل عارض، وليكون الجوهر هو المعاناة التي يعيشها حسن مع زوجته والندم الذي يعانيه نتيجة تخليه عن الحب الحقيقي في حياته.

باقي الحكايات الثمانية أيضاً أخرجها كبار مثل طارق العريان في أول تجاربه التليفزيونية، وهادي الباجوري وتامر محسن وهاني خليفة، وتصدى لها نجوم كبار أيضاً مثل نيللي كريم وعمرو يوسف والأردنية صبا مبارك ومنة شلبي وآسر ياسين وماجد الكدواني واللبناني عادل كرم وأمينة خليل والأردني إياد نصار وأحمد مالك وشيرين رضا وأروى جودة، وجميعهم من الأسماء التي تعد علامات للجودة في صناعة الدراما، ولكنهم في هذا المسلسل كانوا أقل من ذلك، وهو ما يؤكد أن الفنان يشارك أحياناً في أعمال ليست على المستوى المناسب إما للمجاملة أو تحت إغراء المال أو لأسباب أخرى.

الغريب أن معظم الحلقات يغلب عليها الحوار وتفتقد التنويع في المشاهد لتأتي أشبه بالمسلسلات الإذاعية التي لا تكون سوى مكالمات بين أكثر من طرف، ولعل الأعمال الإذاعية تمنح للمستمع حق التخيل الذي صادره هذا المسلسل ليقدم صورة فقيرة، وتأتي المساحة الأكبر من حلقة (اللي بيصير ببيروت) عبارة عن مكالمات بين البطلين نيللي كريم وعادل كرم عبر أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي، بينما جاءت حلقة (آخر الليل) بين أمينة خليل وإياد نصار بمثابة مكالمة تليفونية طويلة.

حلقة (فرق توقيت) بين شيرين رضا وماجد الكدواني دارت أحداثها شبه الكاملة داخل سيارة أوبر في شوارع القاهرة بين صيدلي اضطرته الظروف ليكون سائق أوبر ونجمة مشهورة، ولا تسأل عن الذي جمع الشامي بالمغربي لأنها إرادة صناع المسلسل التي لا بد أن يرضخ لها من ساقهم القدر لمشاهدته.

كارثة هذ المسلسل هى الحلقة التي تحمل اسم (أول امبارح) بين غول التمثيل منة شلبي التي أستغرب قبولها لهذا الدور، وبين الشاب الموهوب جداً أحمد مالك، حيث تدور الأحداث داخل حمام، ولَم يجد صناع المسلسل مكاناً يتخلص فيه البطل من عقدة الخوف من الأماكن المغلقة والبطلة من عقدة الحب الأول سوى الحمام.

ولو تساءلنا عن الهدف من عمل كهذا وقلنا أنه تجميل صورة الحب الثاني الذي يكون متخلصاً من عقد الحب الأول وأكثر تحرراً باعتباره علاقة بلا التزام، سنتهم بأننا لم نستوعب الهدف العظيم الذي يسعى صناع المسلسل لتوصيله للناس، وأياً كان ما يقصدونه سوى تضييع الوقت، فلا أعتقد أنه يمكنك أن تخرج من هذا العمل بشيء مفيد باستثناء حلقته الأخيرة.

[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.