رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(روت فاسرمان) ضابطة استخبارات (إسرائيل) متعددة المواهب والعلاقات! (1/2)

(شقراء تل ابيب) التي ذاع صيتها فى ملف الشرق الأوسط والعلاقات الإسرائيلية العربية

أحمد الغريب

بقلم الكاتب الصحفي: أحمد الغريب

أفضى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة فى السابع من أكتوبر 2023، عن حالة سيولة فى وسائل الإعلام (إسرائيل) بمختلف توجهاتها، أظهرت معها العشرات من الشخصيات ذوي الخلفيات الأمنية والاستخباراتية والدبلوماسية.

تجمعهم رواية واحدة ذات أوجه متعددة كل منها تحمل فى طياتها تباينات حالة المخاض التى تعيشها (إسرائيل) نتيجة نجاح المقاومة الفلسطينية فى المساس بأحد اهم الركائز التى استندت عليها منذ تأسيسها عام 1948، الا وهى ركيزة الردع.

قررت الهجرة إلى (إسرائيل) وحدها والتخلي عن أسرتها في جنوب أفريقيا

الهجرة من جنوب افريقيا

(روث فاسرمان لاندا).. لعلها واحدة من نتاج هذا المخاض وتلك السيولة، بل يمكن القول إنها رائدة من رواد المرحلة الراهنة فى إعلام (إسرائيل) بفضل ما تتمتع به من خبرات عسكرية وأمنية واستخباراتية ودبلوماسية وبحثية وتجربة حزبية خاضتها حديثا ضمن ائتلاف (كحول لفان).

فضلا عن امتلاكها مؤسسة استشارات مرموقة، وفوق ذلك كله كونها زوجة أحد الشخصيات البارزة فى مجال المحليات والعمل الأهلي.

هذا الخليط والتنوع كان حافزا لها فى اتخاذ قرار بالركض سريعا نحو تكثيفها من الظهور الإعلامي للدلو بدلوها في الحرب الدائرة على غزة مستغلة ما لديها من خبرات متعددة فضلا عن (جمالها اللافت)، وحداثة عمرها مقارنة بأبطال المشهد الإعلامي الإسرائيلي الحالى.

أدركت (فاسرمان) مع ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية داخل قطاع غزة واشتعال المواجهات في الضفة والقدس، أنه قد آن أوانها لإيجاد نافذة لها يمكن من خلالها الولوج لعالم السياسة والحكم فى (إسرائيل).

ونظرا لأنه سبق لها قضاء سنوات ثلاث من عملها الدبلوماسي فى مصر قررت أن يكون الهجوم على القاهرة وسياستها حيال الحرب الدائرة قاعدة لها وأساس تستند عليه نحو المضي قدما لتحقيق طموحتها ورغباتها.

(فاسرمان) البالغة الآن من عمرها 47 عاما، من مواليد 28 فبراير 1976، ولدت لأبوين مهاجرين من (ليتوانيا)، وفي عام 1985 انتقلت مع عائلتها إلى جنوب أفريقيا.

في عام 1993، قررت الهجرة إلى (إسرائيل) وحدها والتخلي عنهما، لتلتحق بجامعة (بار إيلان)، ومن ثم حصولها في عام 1997 على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية والاتصالات.

تبع ذلك التحاقها بالخدمة بالجيش الاسرائيلي وضمها إلى شعبة الأبحاث بالاستخبارات العسكرية (أمان) حتى عام 2000 لتصل إلي رتبة نقيب، نجحت بعدها في الحصول على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة العبرية في القدس.

وفي يناير 2001، بدأت العمل في وزارة الخارجية الإسرائيلية في منصب مسؤول مكتب الاتصال مع إنجلترا وأيرلندا ودول الشمال، ولعبت في حينه دور هام في متابعة ظاهرة الدعوة للمقاطعة الأكاديمية لإسرائيل وكيفية محاصرتها والحد منها.

وتكثيف الضغط علي تحجيمها في الجامعات البريطانية، ومن ثم انتقلت للخدمة في القسم الاستراتيجي بالوزارة – أحد أذرع الاستخبارات – وتخصصت في مجال الحد من التسلح ومكافحة الإرهاب.

قصة (فاسرمان) مع مصر بدايتها من عام 2003

الوصول للقاهرة

قصة (فاسرمان) مع مصر بدايتها من عام 2003، حينما كانت تبلغ من العمر 28 عامًا، سبقتها بدراسة مكثفة للغة العربية حاولت إتقانها إدراكا منها ان التواجد فى القاهرة يتطلب منها امتلاك بعض الادوات لتمكينها من اثبات قدراتها الدبلوماسية والاستخباراتية.

وبالفعل أُرسلت إلى مصر للعمل كدبلوماسية سياسية، ومن ثم شغلت منصب نائب الملحق الاقتصادي والتجاري، ذلك بالتزامن مع التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة بين إسرائيل ومصر والولايات المتحدة (الكويز).

وفي السنة الثالثة من خدمتها في القاهرة جرى تكليفها بمنصب نائب السفير لتنهي خدمتها فى مصر عام 2006، عائدة لإسرائيل لتشغل في عام 2007 منصب مستشار الرئيس، شيمون بيريز، للشؤون الخارجية والشتات حتى عام 2009.

لكن بالطبع ظلت القاهرة محل اهتمامها ومجال دراساتها الأكاديمية، حيث نجحت فى الحصول على درجة الدكتوراة من جامعة (إكسفورد) البريطانية.

وكان موضوع بحثها (أسباب عدم نجاح التطبيع بين إسرائيل ومصر)، وفي عام 2010، تم تعيينها نائبة لمدير العلاقات الخارجية في مركز الحكم المحلي في (إسرائيل).

عينها ظلت تراقب دوما ما يجرى فى مصر وتلبغه لشيمون بريز

من 25 يناير لـ 30 يونيو

(فاسرمان) ورغما عن انتقالها لمجال العمل المحلى فى (إسرائيل)، إلا أن عينها ظلت تراقب دوما ما يجرى فى مصر وما تشهده من احداث وتفاعلات سياسية بلغت ذروتها باندلاع ثورة 25 يناير 2011.

وما كاد يمر ثلاثة أشهر عليها، حتى وجدت أنه قد آن أوان الاشتباك مع الأحداث وإثبات أنها تمتلك رؤية للاشتباك الإسرائيلي مع التطورات في القاهرة.

وكان ذلك من خلال باكورة أعمالها الصحفية بجريدة (يديعوت أحرنوت) وتحديدا فى الثالث من أبريل 2011، بمقال رأي حمل عنوان (صنع السلام مع 80 مليون مصري).

حاولت من خلاله تمرير جملة من الرسائل الإسرائيلية مفادها: أن تل أبيب تُنشد السلام مع مصر رغم العقبات، والزعم بأن شعب (إسرائيل) يقف إلى جانب الشعب المصري، ويؤمن بالسلام مع المصريين ويريده، مع الادعاء أن هناك ما يجمع بين الشعبين ألا وهو كراهية الإرهاب والتطرف الديني.

 داعية صانع القرار فى (إسرائيل) للبحث سريعا عن فجوات يمكن من خلالها مخاطبة ود الشارع المصري، على اعتبار أن السلام مع مصر  هو السبيل نحو الوصول لعلاقات مع الدول العربية الأخرى.

ومؤكدة على أنها ليست مسألة يسار أو يمين، بل هى مصلحة استراتيجية من الدرجة الأولى لدولة اسرائيل.

لم تكتف (فاسرمان) بذلك، بل راحت تتحدث عن أصدقائها الليبراليين فى مصر ونظرتهم للسلام الصعب مع (إسرائيل) ووعورة طريق التطبيع معها.

وتحدثت كذلك عن الإمكانات المتاحة أمام (إسرائيل) لاستغلال نقطة أن 10% من سكان مصر هم من الأقباط.

داعية لوجوب العمل على تفعيل واستخدام السياحة الدينية كأداة جذب لهذا العدد من خلال الضغط على السلطة الجديدة فى مصر بعد ثورة 25 يناير لصياغة سياسة جديدة أكثر تساهلا مع الاقباط والسماح لهم بزيارة اسرائيل.

كما دعت لنسج علاقة أكثر قوة بين اللوبي القبطي المصري ونظيره اليهودي فى واشنطن، وكذلك فى سائر دول الغرب، معتبرة أنه من تلك الخطوة تطبيع علاقات تل ابيب مع نحو 8 ملايين قبطي مصري.

ومؤكدة على كون ذلك بمثابة نافذة حقيقية يجب النفاذ منها رغم ضيق احتمالاتها، لتنهى طروحاتها بوجوب استغلال الحالة الاقتصادية فى مصر بذاك الوقت داعية لحث أمريكا ودول الغرب على إعادة تأهيل الاقتصاد المصري بمختلف جوانبه.

مع تخصيص الدعوة لرجال الأعمال الإسرائيليين للعمل سريعا على إيجاد السبُل الكفيلة بالاندماج مع الحالة الراهنة فى مصر والتكثيف من استثماراتهم ببلاد النيل.

ومع ثورة 30 يونيو 2013، عادت (فاسرمان) لواجهة الأحداث مجددا لتحل ضيفة على قنوات التلفزيون الإسرائيلي للحديث عن تطورات الموقف في القاهرة وآمال صنع السلام والتطبيع بعد زوال حكم الإخوان.

لكن اللافت في حينه أن تحليلاتها كانت مثار سخرية البعض فى (إسرائيل) خصوصا عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة كونها كانت تنفى دوما إمكانية قيام الجيش بخطوة للإطاحة بحكم الإخوان، تجنبا لحدوث أزمة بين القاهرة وواشنطن، وبالطبع خاب ظنها وذهبت توقعاتها أدراج الرياح.

لم تتراجع (فاسرمان) عن حب الظهور الإعلامي

الصعود الإعلامي والحزبي

لم تتراجع (فاسرمان) عن حب الظهور الإعلامي، وإن كانت الحياة السياسية والعمل المحلى قد شغلها حينا، لتظهر مجددا فى وسائل الإعلام الاسرائيلية بوصفها خبيرة فى الشؤون العربية.

ومن ثم علا نجمها وذاع صيتها فى ملف الشرق الأوسط والعلاقات الإسرائيلية العربية واتجاهات المجتمع العربي في إسرائيل، لتصبح ضيف دائم على القنوات التلفزيونية المختلفة باللغات العبرية والإنجليزية والعربية.

وفى عام 2019، بدأت بكتابة مقال رأي منتظم في صحيفة (معاريف)، بالإضافة إلى استكتابها في صحيفتي (جيروزاليم بوست، وجيروزاليم ريبورت).

في فبراير 2019، انضمت (فاسرمان) إلى قائمة (الصمود من أجل إسرائيل) قبيل انتخابات الكنيست الحادية والعشرين، وحصلت على المركز 24.

وبعد الاتحاد مع حزب (يش عتيد) احتلت المركز 43 في قائمة (أزرق أبيض)، وقد تم وضعها مرة أخرى في نفس المكان في انتخابات الكنيست الثانية والعشرين والثالثة والعشرين.

وقبيل انتخابات الكنيست الخامسة والعشرين، 2022 تم تصنيفها في المرتبة 22 على قائمة معسكر الدولة عن قائمة (أزرق أبيض) في القائمة الموحدة، وفى العام ذاته وصفتها وسائل الاعلام الاسرائيلية (بالشقراء الشابة).

مع سرد لتجربتها فى القاهرة محاطة بعيون رجال الأمن المصريين قبل أن تتزوج من المحامي (أفيف فاسرمان)، نائب رئيس بلدية (اللد) الأسبق، وكيف تعلمت رقصة (الصلصا) مع مدرس مصري في فندق هيلتون، تحت سمع وبصر أجهزة الأمن.

وبالتزامن مع توقيع اسرائيل اتفاقية سلام مع دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكتي البحرين والمغرب، وفى أكتوبر 2021، تحديدا تم تكليف (فسرمان) برئاسة (معهد السلام لاتفاقيات إبراهيم)، للبحث عن الإمكانات الاقتصادية والسياحية، وتعميق العلاقات مع دول المنطقة، وإمكانية إبرام اتفاقيات جديدة مع دول أخرى.

قبل هذا وجدت (فسرمان) نفسها داخل دائرة الضوء لتصبح في حينه إحدى أدوات الترويج الإسرائيلية لمفاهيم السلام الجديد مع العالم العربي، لتسقط مجددا فى دائرة التحليلات الخاطئة التي تثبت معها دوما زيف الرواية الإسرائيلية وضعفها.

خاصة ما يتعلق منها بمدى مركزية القضية الفلسطينية، وكونها أساس ثابت في مدى إقبال الدول العربية على خوض غمار تطبيع العلاقات مع اسرائيل من عدمه.

كان ذلك تحديدا في 24 يونيو 2019، حينما اعتبرت ان انعقاد ورشة البحرين الاقتصادية دليل جديد على ابتعاد الدول العربية عن القضية الفلسطينيةومشيرة إلى أن استمرار الرفض الفلسطيني لمبادرة الرئيس (دونالد ترامب) قد تتسبب بزيادة غضب الزعامات العربية عليهم.

لأنها تخشى من تسبب الموقف الفلسطيني الرافض بإثارة الأوضاع في عواصمها الداخلية، في الوقت الذي لا تريد هذه الدول الدخول في أزمة مع الولايات المتحدة، وقولها (إن الموقف الأمريكي المعادي لإيران يجعل تلك الدول العربية أكثر براغماتية تجاه مبادرات واشنطن في المنطقة).

في الحلقة القادمة: قصة اقتراب (روت فاسرمان) من اليمن، والهجوم الشرس على مصر، وارتباطها بالنخبة العسكرية!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.