رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

نكشف لأول مرة المحذوف من قصيدة (هل تيم البان) لـ (أسمهان) التى اشتهرت بعد رحيلها!

المطرب الحقيقي يمتلك حساً استثنائياً بالكلمة التي يغنيها، فهي لابد أن تتسرب إلى أعماقه، وتذوب في وجدانه، ويجب ألا تكون زائدة، أو مكررة، أو ثقيلة على الأذن، وإلا رفضها على الفور وطلب من الشاعر مؤلف الأغنية تغيير هذه الكلمة أو ذلك المقطع، فى هذا الباب سنتوقف مع بعض الأغنيات التى تم تغيير بعض كلماتها، أوحذفه.

كتب: أحمد السماحي

من الأصوات النادرة في عالم الغناء المطربة (أسمهان)، التى جاءت بعد رحيلها العديد من المطربات اللاتي خرجنا من مدراستها، لكن لم تصل واحدة منهن رغم غزارة ما قدمن لما وصلت إليه (أسمهان) بعدد قليل جدا من الأغنيات الخالدة.

قدمت (أسمهان) العديد من الروائع الغنائية التى ما زالت في ذاكرة عشاق الطرب الأصيل رغم مرور حوالي 80 عاما على تقديم بعضها، ومن القصائد المجهولة لكثير من الجمهور العادي قصيدة (هَل تَيَّمَ البانُ فُؤادَ الحَمام).

الشاعر الكبير أحمد شوقي شاعر (هل تيم البان فؤاد الحمام)
(أسمهان) عنت القصيدة بدلا من أم كلثوم

قصة غناء أسمهان لقصيدة (هل تيم البان)

هذه القصيدة التى كتبها الشاعر الكبير أحمد شوقي، ولحنها بشكل متميز للغاية الموسيقار المتجدد محمد القصبجي، وغنتها (أسمهان)، لها قصة لابد من ذكرها قبل الدخول في تفاصيل المحذوف من أبياتها.

 فقد لحنها الموسيقار محمد القصبجي وهو يتمنى أن تغنيها كوكب الشرق أم كلثوم، لهذا لجأ إلى المدرسة التقليدية في التلحين حتى توافق أم كلثوم على غنائها، حيث كانت كوكب الشرق لا تحب التجديد في تلحين القصائد، وتحب أن تغنيها بشكل تقليدي.

وترى أن التجديد مطلوب وجائز في الأغنيات العاطفية الموضوعه في قالب المونولوج، لكن القصائد لابد أن تكون ذات طابع تقليدي في التلحين.

 لهذا رفضت غناء قصيدة (يا لعينيك ويلي من تسابيح خيالي) التى غنتها (أسمهان)، والتي كانت تحمل روح تجديدية اشتهر بها محمد القصبجي.

وفي هذه الفترة حلم وتمنى القصبجي أن تكون قصيدة (هل تيم البان فؤاد الحمام) ضمن أغنيات وقصائد فيلم (دنانير) الذي كانت أم كلثوم تستعد لتصويره .

لكن أم كلثوم أسندت تلحين القصائد في الفيلم للملحن الكبير زكريا أحمد، وأسندت  للقصبجي ورياض السنباطي تلحين الأغنيات باللهجة العامية، مما شكل صدمة للقصبجي.

 خاصة وأن الشيخ زكريا أحمد كان بارعا أكثر واشتهر في تلحين الأغنيات الموضوعة في قالب المونولوج، ونظرا لحساسية (محمد القصبجي) المفرطة، وحبه وعشقه لعمله، قام بتأجيل لحنه (هل تيم البان فؤاد الحمام) فترة من الزمن.

طلبت إذاعة (BBC) البريطانية من المطربة (أسمهان) تقديم أغنيات خاصة للإذاعة

(BBC) البريطانية تحتكر (هل تيم البان)

في عام 1942، طلبت إذاعة (BBC) البريطانية من المطربة (أسمهان) تقديم أغنيات خاصة للإذاعة مقابل أجر كبير، فطلبت (أسمهان) من القصبجي الذي كانت تعتبره واحدا من المجددين تلحين أغنيات جديدة لها لتقديمها لإذاعة (BBC) .

واستجاب القصبجي لطلب (أسمهان) وأعطاها لحن (هل تيم البان فؤاد الحمام) الذي اقتصر إذاعته على إذاعة (BBC) لهذا لم يصل لعدد كبير من الجمهور، ولم يشعر به أحد، إلى أن رحلت (أسمهان) عام 1949.

وبدأ الجمهور يبحث عن أغنيات جديدة لرائعة الصوت (أسمهان)، فاكتشف بعد سنوات طويلة قصيدة (هل تيم البان)، والتى قامت (أسمهان) بغنائها بقوة وعنفوان، لا تشوبه شائبة الوضوح في النطق والمساحة الواسعة، وقوة التعبير في الصوت والإحساس.

هذه القصيدة تعرضت بعض أبياتها للحذف عندما قام محمد القصبجي بتلحينها، وفي باب (محذوفات الأغنيات) ننشر القصيدة كاملة كما كتبها الشاعر أحمد شوقي، وستجدون الأبيات المحذوفة مكتوبة بالللون الأحمر.

هَل تَيَّمَ البانُ فُؤادَ الحَمام

فَناحَ فَاِستَبكى جُفونَ الغَمام

أَم شَفَّهُ ما شَفَّني فَاِنثَنى

مُبَلبَلَ البالِ شَريدَ المَنام

يَهُزُّهُ الأَيكُ إِلى إِلفِهِ

هَزَّ الفِراشِ المُدنَفَ المُسَتهام

وَتوقِدُ الذِكرى بِأَحشائِهِ جَمراً

مِنَ الشَوقِ حَثيثَ الضِرام

كَذَلِكَ العاشِقُ عِندَ الدُجى

يا لِلهَوى مِمّا يُثيرُ الظلام

لَهُ إِذا هَبَّ الجَوى صَرعَةٌ

مِن دونِها السِحرُ وَفِعلُ المُدام

يا عادِيَ البَينِ كَفى قَسوَةً

رَوَّعتَ حَتّى مُهَجاتِ الحَمام

تِلكَ قُلوبُ الطَيرِ حَمَّلتَها

ما ضَعُفَت عَنهُ قُلوبُ الأَنام

لا ضَرَبَ المَقدورُ أَحبابَنا

وَلا أَعادينا بِهَذا الحُسام

يا زَمَنَ الوَصلِ لَأَنتَ المُنى

وَلِلمُنى عِقدٌ وَأَنتَ النِظام

لِلَّهِ عَيشٌ لي وَعَيشٌ لَها

كُنتَ بِهِ سَمحاً رَخِيَّ الزِمام

وَأُنسُ أَوقاتٍ ظَفِرنا بِها

في غَفلَةِ الأَيّامِ لَو دُمتَ دام

لَكِنَّهُ الدَهرُ قَليلُ الجَدى

مُضَيَّعُ العَهدِ لَئيمُ الذِمام

لَو سامَحَتنا في السَلامِ النَوى

لَطالَ حَتّى الحَشرِ ذاكَ السَلام

وَلَاِنقَضى العُمرانُ في وَقفَةٍ

نَسلو بِها الغُمضَ وَنَسلو الطَعام

قالَت وَقَد كادَ يَميدُ الثَرى

مِن هَدَّةِ الصَبرِ وَهَولِ المَقام

وَغابَتِ الأَعيُنُ في دَمعِها

وَنالَتِ الأَلسُنُ إِلّا الكَلام

يا بَينُ وَلّى جَلَدي فَاِتَّئِد

وَيا زَماني بَعضُ هَذا حَرام

فَقُلتُ وَالصَبرُ يُجاري الأَسى

وَاللُبُّ مَأخوذٌ وَدَمعي اِنسِجام

إِن كانَ لي عِندَكَ هَذا الهَوى

بِأَيِّما قُلتُ كَتَمتُ الغَرام

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.